«فايننشال تايمز»: السعوديون يخشون فقدان أرامكو «البقرة الحلوب»

الخميس 11 مايو 2017 08:05 ص

أبرزت صحيفة «فايننشال تايمز»، غبر تقرير لها، المخاوف المتصاعدة في الشارع السعودي إزاء خطط ولي ولي العهد «محمد بن سلمان» خصخصة حصة 5% من شركة «أرامكو السعودية»، عملاق النفط العالمي.

وفي تقرير لها بعنوان «خطط بيع أرامكو السعودية تثير مخاوف من خسارة البقرة الحلوب»، قالت الصحيفة البريطانية المتخصصة في المال والأعمال، إن «السعوديين يحبون أرامكو، شركة النفط الوطنية، وينظرون اليها بأنها الدجاجة التي تبيض لهم ذهباً أو البقرة السمينة»، ومن ثم تتصاعد مخاوفهم من أي مخطط لخصخصتها.

ولفتت إلى أنه «يُنظر إلى البترول في السعودية على أنه ضامن أساسي لمستقبل البلاد».

وأشارت الصحيفة إلى أن «شركة أرامكو لطالما اعتبرت حجر أساس الاقتصاد السعودي، ومصدر للرخاء الذي تعود عليه الشعب السعودي لعقود مضت».

وأردفت: «هناك قلق على مستقبل هذا المصدر جراء خطة الأمير محمد بن سلمان بطرح 5 في المئة من حصة الشركة للاكتتاب».

وفي سياق ذلك القلق، حظى وسم «محمد باع الدجاجة» على موقع «تويتر» بتفاعل واسع من قبل السعوديين. (طالع المزيد)

إذ قال أحد المغردين، عبره، إن «الشركة التي أمطرتنا بالغني والأموال، ستباع؟».

بينما قال آخر: «ما الذي بقي لنا من الأشياء المجهولة أيها الأمير؟»، مضيفا أن «المجهول هو مستقبلنا».

واختتمت «فايننشال تايمز» تقريريها بالقول إن «الانتقادات التي يتلقاها الأمير السعودي، تكشف التحديات التي تنتظر القائد الشاب الذي يحاول الدفع ببعض الإصلاحات على اقتصاد البلاد الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط».

تخوفات متصاعدة وجدل لا يتوقف

كانت «الخليج الجديد» نشرت تحليلاً تناول التخوفات في السعودية من خطوة خصخصة «أرامكو »، والجدل الذي لم يتوقف في المملكة بشأن مدى رجاحة تلك الخطوة، وهل تصب في صالح المملكة من عدمه. (طالع المزيد)

إذ أنه رغم سيل الإشادات بالخطوة، والتي تأتي في الغالب من مسؤولين سعوديين لا يملكون دون شك رأيا مخالفاً، إلا أن الأمر لا يخلو من انتقادات عديدة وصلت إلى حد اعتبار الخطوة «خيانة» و«تفريطا» في مقدرات الوطن، وعملية تمنح الشركات الأجنبية الفرصة لاستعادة السيطرة على النفط السعودي بعد كفاح لتحرير تلك الصناعة من سطوة المستثمر الأجنبي، تكلل بالنجاح مطلع ثمانينات القرن الماضي.

والتخوفات من خطوة خصخصة «أرامكو السعودية» لا تقتصر فقط على المشاعر الوطنية فقط، وإنما تمتد أيضاً إلى التشكيك في مدى رجاحة الفكرة في حد ذاتها.

فوفق هؤلاء، وُضعت سياسات خصخصة «أرامكو السعودية» على أساس أهواء أمير شاب (31 عاماً) ليس لديه خبرة اقتصادية كافية، وفيلق من المستشارين الغربيين ومضاربي الاستثمار.

أيضاً تتصاعد التخوفات من أن مساعي الأمير الشاب نحو عرش المملكة خلفاً لوالدة الملك «سلمان بن عبد العزيز» (81 عاماً) قد تدفعه إلى مزيد من التنازل للقوى الكبرى في العالم، وخاصة للحليف الأمريكي الذي لا يخفي رئيسه الجديد (دونالد ترامب) علناً طمعه في ثروات الخليج، عن المزيد من خصص «أرامكو السعودية». وهناك تقارير تحدثت عن رغبة «بن سلمان» في رفع نسبة الخصخصة في «أرامكو السعودية» إلى 49% خلال 10 سنوات.

كما أن التجارب المحلية الدولية السابقة تعزز، كذلك، التخوفات من خطوة خصخصة «أرامكو السعودية».

والنموذج العراقي خير مثال؛ فقد كان العراق في مقدمة الدول التي أممت نفطها في القرن الماضي، قبل أن يفتح الباب على مصراعيه أمام الشركات الأمريكية والبريطانية بعد حرب الخليج الثانية التي أطاحت بنظام «صدام حسين»، وها هو الآن يعاني مالياً بشدة، ويتسول الدعم المالي من دول العالم.

أيضاً، يقول البعض إن الزمن الحالي ليس زمن الخصخصة؛ فحتى الدول الأوروبية تراجعت عن شركات وبنوك كانت قد خصخصتها وأعادت تملكها، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008.

ومحلياً، لا يخفى اقتصاديون سعوديون قلقا بشأن نجاح هذه الخطوة؛ إذ يرون أن المملكة تفتقر لتجربة خصخصة ناجحة يمكن اتخاذها نموذجا يحتذى به، ويخشون تكرار تجربة خصخصة قطاع الكهرباء التي مرّ عليها 12 عاما، وما زالت تعاني الفشل.

ويزداد قلق الاقتصاديين بشكل خاص حول «أرامكو السعودية» نظرا لضخامتها وتعدد نشاطاتها؛ فهي بشكل عام تشرف على عشرات من الأنشطة العملاقة مثل الاستكشاف والتنقيب عن النفط وإنتاجه.

أيضاً، يعتبر البعض أن الظروف السياسية العالمية وأحوال سوق الخام في الوقت الراهن، حسب مراقبين، قد لا تبدو كذلك ملائمة للمضي قدماً في خطوة خصخصة «أرامكو السعودية». 

فسوق الخام يعاني تراجعا كبيرا في أسعاره؛ حيث تجاوز سعر برميل النفط في صيف العام 2014 حاجز الـ120 دولاراً، بينما تراجع في الوقت الراهن إلى سعر يدور حول 50 دولاراً للبرميل، وهذا يعني أن تقدير قيمة الشركة إذا بيعت حاليا فإنه سيكون أقل بنحو 60% عن سعرها إذا كان البيع قد تم في صيف العام 2014.

وبخلاف التأثيرات الأخرى لقرار الخصخصة والذي قد يوثر على الوظائف في شركة تشغل مئات الآلاف من المواطنين، يصف محللون هذا القرار بأنه المسمار الأخير في نعش منظمة «أوبك»، أحد أهم عناصر القوى الناعمة للمملكة.

فالسعودية صاحبة الكلمة العليا في تلك المنظمة العالمية ربما لن تتمكن - بعد إتمام خطوة الخصخصة - من السيادة الكاملة على سياساتها النفطية دون الرجوع للمستثمرين الأجانب – الشركاء المستقبليين في «أرامكو السعودية» - وهؤلاء لن يكون موقفهم بالتأكيد مثل موقف المملكة الذي يكون دافعه في كثير من الأحيان سياسيا وليس اقتصاديا.

  كلمات مفتاحية

السعودية خصخصة أرامكو محمد بن سلمان النفط السعودي اكتتاب أرامكو