شركات الضغط المتعاقدة مع الرياض توظف عشرات من قدامى المحاربين الأمريكيين ضد قانون «جاستا»

الخميس 11 مايو 2017 12:05 م

بعد أن أصدر الكونغرس قانونا جديدا يسمح لأسر ضحايا 11 سبتمبر/أيلول بمقاضاة السعودية في المحاكم الأمريكية، قام المعارضون بحملة سياسية مكلفة، بما في ذلك الدفع لقدامى المحاربين العسكريين الأمريكيين لزيارة الكونغرس وتحذير المشرعين مما قالوا أنه يمكن أن يكون له عواقب وخيمة غير مقصودة.

ولم يكن الكثير من الناس يعرفون، بما في ذلك بعض المحاربين القدامى أنفسهم، هو أن حكومة السعودية كانت تدفع لهذه الجهود التي تقدر بمئات الآلاف من الدولارات. وعلى الرغم من صدور قانون أمريكي في حقبة الحرب العالمية الثانية يطلب من جماعات الضغط الكشف فورا عن أي مدفوعات من حكومات أجنبية أو أحزاب سياسية، فإن بعض منظمي الحملة لم يقوموا بإخطار وزارة العدل بدور السعودية حتى بعد أشهر من ذلك، دون أي عواقب قانونية.

وحتى الآن، فإن بعض المعارضين لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، لا يزال يخفي حجم وجهات الأموال التي تلقوها للتأثير على الدولة والمسؤولين المنتخبين نيابة عن السعودية، ويدخل في هذا تعطيل المعرفة العامة حول حجم النفوذ الأجنبي من أجل إلغاء التشريع.

وقال المسؤول جماعات الضغط من أجل السفارة السعودية فى واشنطن أنه شجع المتعاقدين من الباطن على أن يكونوا أكثر شفافية قدر الإمكان. لكن الحملة والادعاءات المحيطة بها تظهر الكثير من الغموض. ويسلط ذلك الضوء على قصور تنفيذ القوانين الاتحادية التي تحكم الإفصاح عن النفوذ الأجنبي في السياسة الأميركية.

وقال «ستيفن فلاديك» أستاذ القانون وخبير قانون الأمن القومي في جامعة تكساس: «إذا كان الغرض الأساسي من النظام هو إصدار سجل عام حول كيفية إنفاق الأجانب المال للتأثير على سياسة الولايات المتحدة، فإنه من غير الواضح كيف سيعزز التطبيق المتراخي للقانون من هذا الهدف».

وقد صوت الكونغرس بأغلبية ساحقة على القانون في سبتمبر/أيلول، متجاوزا حق النقض الذي استخدمه الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» في الأسابيع الأخيرة من منصبه. ويتيح القانون المعروف باسم «جاستا» لعائلات الضحايا الحق في مقاضاة أي بلد أجنبي يثبت تأييده لهجوم إرهابي يقتل فيه مواطنون أمريكيون على أرض أمريكية. ويحذر منتقدوه من أن القانون يفتح على القوات الأمريكية والدبلوماسيين والمتعاقدين دعاوى قضائية لا يمكن تقديمها بموجب شروط الحصانة السيادية، وهى مبدأ قانوني يحمي الحكومات وموظفيها.

وفي حين أن مشروع القانون لم يذكر أي بلد، فإن مؤيديه اعترفوا بأن هدفه المباشر كان المملكة العربية السعودية. وكان خمسة عشر من الخاطفين في 11 أحداث سبتمبر/أيلول من السعوديين.

وقال التقرير النهائي للجنة 11 سبتمبر/أيلول أنه لم يعثر على أى دليل على أن الحكومة السعودية أو المسؤولين مولوا تنظيم القاعدة. إلا أنه قال أن التنظيم عثر على «أرض خصبة لجمع التبرعات فى السعودية حيث تنتشر وجهات النظر الدينية المتشددة وحيث يتعرض الإنفاق الخيري لرقابة محدودة للغاية».

وقد نفى الحكام السعوديون، الذين قاتلوا التمرد الدموي للقاعدة في السنوات التي تلت 11 سبتمبر/أيول، والذين يواجهون الآن جماعة أخرى من تنظيم الدولة الإسلامية، قيامهم بتمويل «المتطرفين». وبعد أن أصبح «جاستا» قانونا، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن أملها في أن «تسود الحكمة وأن يتخذ الكونغرس الخطوات اللازمة لتصحيح هذا التشريع من أجل تجنب العواقب الخطيرة التي قد تترتب على ذلك».

ومن المقرر أن يزور الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» السعودية في وقت لاحق من هذا الشهر.

ضغط مبكر

وقد بدأت جهود قدامى المحاربين في غضون شهر بعد التصويت. وفي وقت قريب، سيتم تحديد نحو 70 متعاقدا من قبل شركة «كورفيس جروب»، وهي شركة للضغط والعلاقات العامة ومقرها واشنطن و تمثل المملكة العربية السعودية،وذلك وفقا لإيداعات وزارة العدل التي فحصتها وكالة أسوشيتد برس. وركزت الشركة جميع جهودها على جاستا تقريبا كهدف رئيسي، بهدف تحفيز المشرعين وغيرهم على عدم مواجهة «المسئولية القانونية المحتملة التي تنشأ عن محاكمة العسكريين الأمريكيين ووكلاء المخابرات والموظفين الدبلوماسيين».

وقد كانت نفقات المحاربين القدامى الذين تحدثوا إلى المشرعين بما فيها رحلاتهم وإقامتهم مدفوعة بأموال سعودية موزعة من قبل المقاولين من الباطن، وذلك وفقا للإيداعات. وقد بقى بعضهم في فندق «ترامب إنترناشيونال» في واشنطن. وقد تم الإبلاغ عن مشاركة المملكة العربية السعودية لأول مرة من قبل صحيفة ديلي كالر، وهي موقع متحفظ على شبكة الإنترنت. وقد كانت المدفوعات تتراوح بين 12 ألف دولار و100 ألف دولار للخبراء والمحاربين القدامى.

وقال أحد المحاربين القدامى ويدعى «جونز» في مكالمة هاتفية أن جميع المعنيين بشكل واضح قالوا أن السعودية هي التي تقوم بتمويل هذا الجهد. كما اعترف المنظمون بأن المحاربين القدامى كانوا يرتدون ميدالياتهم خلال اجتماعهم مع الكونغرس. وليس سرا أن الناس تولي اهتماما بهذا، خاصة عندما تظهر أنك كنت مخضرم قتاليا.

لكن «دان» و«تيم كورد» وهما اثنان آخران من المحاربين القدامى قالا إنه يتعين عليهم التحدث عن أنفسهم وليس باسم «ملك السعودية». وقد تحدثوا في وقت لاحق عن مخاوفهم على وسائل الإعلام الاجتماعية.

وقال «ديفيد كاسلر»، وهو ضابط رقيب سابق في المارينز في الولايات المتحدة شارك في إحدى الفعاليات: «كان من الواضح جدا أنهم لم يخبرونا الحقيقة كلها. لقد كذبوا علينا في اليوم الأول عندما قالوا أن هذا لا تدفعه الحكومة السعودية».

وهذه ليست وجهة نظر «تشاك تاكر»، الجنرال المتقاعد في القوات الجوية الأمريكية الذي شارك في مؤتمر «جونز» مؤتمر حيث قال إنه من الواضح أن الأموال السعودية هي من تمول الحملة.

وقال «تاكر»: «نحن نأخذ المال من شخص هو صديقنا وحليفنا ويقوم بمساعدتنا في جميع أنحاء العالم».

شركات متعددة

كما كشفت شركات الضغط الأخرى عن قيامها بأعمال نيابة عن السعودية بعد تصويت «جاستا» دون ذكر جهود محددة. من بينها مجموعة غلوفر بارك، التي أسسها مسؤولون سابقون في الحملة الانتخابية في البيت الأبيض، والتي تعاقدت من الباطن لمدة ثلاثة أشهر مقابل 60 ألف دولار. وكان هناك المزيد من العمل لمجموعة ماكيون مقابل مبلغ لم يكشف عنه، وذلك وفقا لإيداعات وزارة العدل. وقد رفضت غلوفر بارك التعليق.

وذكرت شركة «ويلر»، أنها تلقت 36365 ألف دولار من السفارة السعودية في ثلاث دفعات مقابل زيارات المحاربين القدامى لواشنطن وأظهرت ادعاءات وزارة العدل إن شركة ويلر «احتفظت بتنظيم الإشراف والمرافقة» للمحاربين القدامى، وتلقت 30000 دولار للرحلة الواحدة كرسوم إدارية وخدمات. وحسب الإيداع فإن الشركة دفعت 3000 دولار لتغطية نفقات مجموعة من 25-35 محاربا في ثلاث رحلات، قائلة إنها يمكن أن تقدم الأسماء إذا طلب ذلك.

وبموجب القانون الاتحادي، يتعين على أي شخص يعمل نيابة عن حكومة أجنبية أن يسجل ذلك في غضون 10 أيام من التعاقد وقبل بدء أي عمل. ولكن في قضية ويلر، قدم المحامي أوراقه في 31 مارس/أذار لثلاث رحلات وذلك بعد شهور من التعاقد. ورفضت ويلر الإجابة عن أي أسئلة حول أعمالها في مجال الضغط.

وقال «مات ج. لوير»، وهو نائب الرئيس التنفيذي لشركة كورفيس غروب، أن منظمته قالت لجميع المتعاقدين معها من الباطن امتثالا لقواعد الضغط الفيدرالية. وقال أن منظمته لديها تاريخ طويل فى تقديم تقارير كاملة للسلطات حول نشاطاتها في مجال الضغط الأجنبي.

وقد وضعت هذه المبادئ التوجيهية لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب، لأول مرة بناء على مخاوف بشأن العناصر النازية العاملة في الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الثانية. وفي الفترة من 1966 إلى 2015، لم تقدم وزارة العدل سوى سبع قضايا جنائية مرتبطة بهذا الفعل، ووفقا لتقرير المفتش العام الذي صدر في سبتمبر/أيلول، أوصى التقرير شعبة الأمن القومي بوزارة العدل، التي تشرف على التسجيلات، بتحسين رقابتها، بما في ذلك التأكد من إيداع الطلبات في الوقت المحدد.

وفي الأشهر الأخيرة، اكتسب القانون مزيدا من الاهتمام بسبب الخلافات المحيطة بالعمل الأجنبي الذي قام به مدير حملة الرئيس «دونالد ترامب»، «بول مانافورت» ومستشاره السابق للأمن القومي «مايكل فلين». وقد قال بعض الخبراء أنه يتعين بذل المزيد من الجهود للتأكد من أن القانون يتم تنفيذه بشكل صحيح. وقال: «النقطة هى أن هذا الضغط الخارجي قانوني تماما، ولكن لدينا الحق فى معرفته».

المصدر | ديلي ميل

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة جاستا جماعات ضغط