هل انسحب «حزب الله» من الحدود اللبنانية-السورية؟

الأحد 14 مايو 2017 06:05 ص

«إن المهمة أنجزت وتم إنهاء أي تواجد للمسلحين في تلك المناطق ولم يعد أي داع لتواجدنا هناك»، هذه الجملة التي شكلت إعلانا على لسان قائد مليشيات حزب الله اللبناني (حسن نصر الله) بإنهاء تواجد قواته في السلسلة الجبلية الشرقية للحدود بين لبنان وسوريا، وتسليم الحدود اللبنانية_السورية إلى الجيش اللبناني، لم تكن مقنعة للسوريين لا شعبًا ولا معارضة.

فـ«نصر الله» الذي قال في ذات الخطاب أن «تلك المنطقة ستبقى عيوننا عليها بطريقتنا لمنع أي اختراق أو تواجد مسلح فيها يتحرك باتجاه لبنان»، يحظى بإجماع على أن إعلانه ذاك مجرد دعاية لخدمة أهداف للحزب وحلفائه.

الانسحاب بدأ ولكن

موقع «عنب بلدي» كتب تقريرا عن حقيقة انسحاب حزب الله من الحدود اللبنانية، جاء فيه أنه مع صباح يوم الجمعة، بدأت ميلشيات حزب الله بتسليم الجيش اللبناني المواقع العسكرية الواقعة غرب بلدة «الطفيل وجرود بريتال وحام ومعربون» في السلسلة الشرقية للبنان والمتاخمة للحدود السورية.

لفت التقرير إلى أنه ورغم هذه التحركات، إلا أن الكثير من المراقبين يصفونها بأنها غير جدية، ويقرؤون عدة دوافع للإعلان عنها، كالخوف من قيام إسرائيل بشن ضربات جوية عنيفة على جرود سلسلة جبال لبنان الشرقية، إذ أراد (حسن نصر الله) أن يؤكد أن منطقة الحدود الشرقية مع سوريا من الجهة اللبنانية «أصبحت آمنة بدرجة كبيرة، وباتت الآن مسؤولية الدولة حيث لا داعي لوجود الحزب هناك» كما زعم.

وأشار إلى أنه أيضًا يأخذ في الحسبان الوضع اللبناني الداخلي، فويلات تدخل ميليشيات حزب الله في سوريا منذ العام 2013 تلقي بثقلها على الأوضاع المتوترة في بيئة الحزب الداخلية، وتتضاعف مع توقع ضرب مفاصل الميليشيا من قبل الإدارة الأميركية الجديدة، إذ تصر هذه الإدارة على فرض تموضعات سياسية تهدف في المحصلة إلى تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، وقد أكد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» لوزير الخارجية الروسي، «سيرجي لافروف»، على ضرورة أن «تكبح روسيا جماح نظام الأسد وإيران ووكلائها»، ويعد هذا الدافع، مقنع للمعارضة السورية في القلمون التي ترى أن حزب الله أراد الانسحاب من بعض المواقع وتغيير مواقعه خشية ضربة أميركية مرتقبة.

استراتيجية طهران تحول دون الانسحاب

إن تعدد المؤشرات المتعلقة بحركية حزب الله في سوريا كانت تشير إلى انتقاله إلى مستويات تداخلية أكثر استراتيجية تعيد طبيعة انتشاره في المشهد العسكري السوري، خاصة بعد التطويع الروسي لمعادلات الميدان لصالح النظام.

الموقع نقل عن الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية (معن طلّاع) تأكيده على أن مهام الحزب باتت تتعلق بالإشراف العملياتي والتدريبي لمعظم الميليشيات المحلية والأجنبية الممولة من الحرس الثوري الإيراني، والعمل على تكوين ميليشيا تتبع إيديولوجياً وسياسياً للحزب كحزب الله السوري، مضيفًا «بهذا المعنى لا يمكن أن يكون أي تصريح حول انسحابه من أي منطقة ذات جدوى أو معنى، إذ يرتبط تواجد حزب الله في سوريا بشكل مباشر باستراتيجية طهران في المنطقة التي تدعم النظام في دمشق، والعمل على عدم سقوطه ووصول نظام ديمقراطي يعيد سوريا إلى حضنه ومحيطه الحضاري»، وبالتالي –حسب (طلّاع)- فإن انسحاب حزب الله يعني حرمانه من تدفق الأسلحة إلى جيوبه في لبنان واستخدامها كمعادل قوة يبتز بها المجتمع اللبناني المحلي أو الإقليمي.

ويشدد «طلّاع» على أن أي قرار بإعادة انتشار جنود حزب الله أو تخفيف عددهم إنما هو قرار شكلي، ويرتبط برغبة طهران عدم إحراج موسكو التي تريد عدم التشويش بعلاقتها مع (إسرائيل) بالدرجة الأولى، أو تنوي عدم المشاغبة أكثر مع الولايات المتحدة الأمريكية، ويختم بالقول «تعد هذه الخطوة تكتيكاً لتعزيز التوافق مع الإدارة الأمريكية التي تنوي محاصرة طهران».

خدمة «عصابات الأسد»

وكانت الثورة السورية خير شاهد على كذب ميليشيا حزب الله، فلن ينسى السوريون وقت أعلن زعيم هذه الميليشيات (حسن نصر الله) أنه لا يحصل في حمص شيء، وذلك في الوقت الذي كانت تدمر فيه أحياء حمص عن بكرة أبيها ومازال هذا الدمار ماثل للعيان، وقد أعلنوا مرارًا وتكرارًا عدم مشاركتهم في عمليات عسكرية في سوريا، ليتبين لاحقًا أنهم كانوا منخرطين في الاعتداءات على الشعب السوري منذ الأيام الأولى للثورة.

كما نقل عن الكاتب والصحفي السوري «فراس ديبة» قوله إن هذا الانسحاب مجرد انسحاب دعائي إعلاني، لم يؤثر على سير العمليات العسكرية، لأن عناصر مليشيات حزب الله ما زالوا يقاتلون في سوريا تحت راية الميلشيات الطائفية المدعومة إيرانيًا، وحتى سياسيًا لم يقدم ولن يؤخر هذا الإعلان.

ويتطرق «ديبة» إلى أهداف (حزب الله) من هذا الإعلان، فيوضح «هناك هدف يخدم عصابات الأسد التي تعيش أزمة سيادة حاليًا بسبب عدم وجود قوات نظامية تابعة لبشار الأسد تقاتل بأعداد كبيرة، فمثل هذا الإعلان قد يساعد في تقوية حالة السيادة الافتراضية التي يبحث عنها النظام أمام مؤيديه»، مضيفًا «هناك هدف أخر هو هدف داخلي لبناني، فالتجاذبات اللبنانية العالية التي يتمخض عنها اقتراب استحقاق انتخابي في لبنان، دفعت الحزب لهذا الإعلان بغية الخروج من دائرة الاتهام بأنه متسبب في إدخال ما يسمى الإرهاب بسبب مشاركته في الحرب على سوريا، لذلك مثل هذا الخطاب قد يكون مناسبا لجمهور لبناني معين يريد حزب الله كسبه انتخابيًا هو وحلفائه».

ويستبعد «ديبة» أن يكون هذا الانسحاب نتيجة ضغوطات أمريكية، ويقول «لم تحصل أي ضغوطات أمريكية في هذا الاتجاه، قد تكون هناك ضغوطات من أطراف أخرى، لكن بالتأكيد ليس الطرف الأمريكي، قد يكون هذا الانسحاب موجه لإسرائيل كي لا تشن هجمات جوية تستهدف مواقع داخل الأراضي السورية بذريعة ضرب عمليات نقل سلاح لحزب الله».

المصدر | الخليج الجديد+ عنب بلدي

  كلمات مفتاحية

حزب الله الحدود اللبنانية سوريا