«فاينانشيال تايمز»: «السيسي» يخوض حربا ضد الأزهر

الأربعاء 17 مايو 2017 07:05 ص

بعد أيام من انفجارين انتحاريين استهدفا الكنائس المسيحية هزا مصر، أطلقت وسائل الإعلام في البلاد موجة من الهجوم الحاد غير العادي على الأزهر، وهي المؤسسة التي كانت لقرون منارة التوجيه الديني للمسلمين السنة في جميع أنحاء العالم.

ووجه «عمرو أديب»، المقدم التلفزيوني، كلامه لشيخ الأزهر «أحمد الطيب»، يحثه على الاستقالة، قائلًا:«إذا كنت غير قادر أو متعب جدًا أو سئمت، اترك الوظيفة لشخصٍ آخر. سلبيتك تقتلنا».

ويبدو أنّ هذا النقد الناري يعكس التوترات بين الزعماء السياسيين والدينيين في مصر، حيث تزعم وسائل الإعلام الموالية للنظام أنّ قادة الأزهر فشلوا في مكافحة التطرف وربما هم حتى متورطون في تأجيجه. وازداد الضغط على الأزهر، الذي زاره البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، الشهر الماضي، في أعقاب التفجيرات التي وقعت في كنيسة بطنطا وأخرى بالإسكندرية، في أبريل/نيسان الماضي، والتي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنها، وأسفرت عن مقتل العشرات من المسيحيين.

وقد اتهم مضيفو برامج الحوارات التلفزيونية السيد «الطيب» بصم أذنيه عن دعوات الرئيس «عبد الفتاح السيسي» لـ «ثورة تصحيح ديني» لمكافحة التعصب واللاهوت الراديكالي. وقام «السيسي»، وهو رجلٌ عسكريٌ سابقٌ أطاح بالرئيس الإسلامي المنتخب عام 2013، بالضغط علنًا ​​على رجال الدين «لتجديد الخطاب الديني».

وتوضح التوترات مدى تعقد التحديات التي يواجهها الرئيس في محاولته للتأثير على المجال الديني، في الوقت الذي يقاتل فيه الجهاديين ويسحق المعارضين الآخرين.

ومنذ وصوله إلى السلطة، استطاع «السيسي» سحق جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تحكم قبله، وسجن الآلاف من أعضائها. ويرى بعض المعلقين الهجوم ضد الأزهر كجزء من اتجاهٍ نحو تشديد الرقابة على كل شيء في ظل حكم  «السيسي»، حيث وافق البرلمان على قانون يقيد بشدة المجتمع المدني، وصوت مؤخرًا لصالح تشريعات تمنح الرئيس الحق في اختيار رؤساء المحاكم العليا في مصر.

واقترح «محمد أبو حامد»، وهو عضو في الائتلاف الموالي للنظام، تشريعاتٍ من شأنها أن تحد من استقلال الأزهر وتسمح بإقالة إمامه الأكبر، والذي يحظى بالحماية بموجب الدستور.

وقال «حامد» لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «طلبت الدولة من رجال الدين تحسين الخطاب الديني، لكنّهم تقاعسوا بسبب عدم وجود إلزام. وهذا القانون يجعل ذلك إلزاميًا».

وأشار رئيس البرلمان إلى أنّ قانون السيد «أبو حامد» المقترح لن يُناقش. ومع ذلك، هزت الهجوم الشديد رجال الدين، والأزهريين منهم على وجه الخصوص، بما يرونه تحركاتٍ سياسيةٍ للتعدي على مؤسستهم، التي تدير جامعة والآلاف من المدارس (المعاهد).

وسبق أن تمرد بعض الأزهريين ضد محاولة سابقة للحكومة لإجبار الخطباء على خطبة جمعة موحدة، والتي يتم إعدادها من قبل وزارة الأوقاف. كما رفض مجلس كبار العلماء برئاسة «الطيب»، بالإجماع، طلب «السيسي» إصدار فتوى بإبطال حق الرجل في طلاق زوجته شفهيًا.

والآن، ظهرت علامات جديدة لإحباط الرئيس من المؤسسة عبر النقاد الذين يتهمون الأزهر بتدريس النصوص التي توفر المبررات الدينية للمتطرفين والمتعصبين تجاه المسيحيين. وقد أثار «سالم عبد الجليل»، وهو واعظٌ تلفزيونيٌ من الأزهر، ضجة كبيرة مؤخرًا حين وصف المعتقدات المسيحية في برنامجه بـ «الفاسدة».

لكن ينكر رجال الأزهر الاتهامات الموجهة لهم بتغذية التطرف، قائلين أنّ طلابهم يدرسون المناهج للتمييز بين التعاليم التي تواكب العالم الحديث وتلك التي ليست كذلك. كما نأى كبار علماء الأزهر بأنفسهم عن التعليق على كلمات «عبد الجليل».

وقال «طارق الجوهري»، وهو باحثٌ في الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر وبرنستون، أنّ تقويض الأزهر قد يضر بمكافحة مصر للتطرف، لأنّ شيوخ الأزهر فقط هم من يمتلكون الأدوات الدينية لإقناع الجهاديين بالتخلي عن العنف.

وأضاف أنّه كان «من الخطأ إلقاء المسؤولية عن أمن المصريين على كاهل الأزهر، فهذا ليس دوره».

ويؤكد محللون آخرون أنّ الإصلاح الديني لا يمكن أن يحدث في غياب الحريات السياسية وغيرها من الحريات. لكنّهم يؤكدون على أنّ الدولة يمكنها أن تنجز على المدى القصير خطواتٍ لمعالجة التطرف والتمييز ضد المسيحيين. وتشمل هذه التدابير تحسين حقوق الإنسان، ودعم نظام العدالة، والسماح بحرية التعبير، وتعليم التسامح في المدارس، ووضع عقوبات رادعة للتمييز ضد الأقليات الدينية.

وقال «عمرو عزت»، الباحث في منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: «إذا لم يقبل الأزهر تنوع الآراء، فعلى الدولة والقضاء دعم حرية التعبير. لكن في الواقع، لا تواجه الحكومة التمييز ضد المسيحيين بحزم، ولا تعاقب العنف الطائفي ضدهم».

ويضيف أنّ الحديث عن الإصلاح الديني هو الآن عبارة عن «شعارات ضخمة ومطالب غامضة».

المصدر | فاينانشيال تايمز

  كلمات مفتاحية

السيسي الأزهر المسيحيين في مصر تنظيم الدولة