انزعاج إسرائيلى رغم الصمت الرسمي من تسريب «ترامب» معلومات حساسة لروسيا

الخميس 18 مايو 2017 04:05 ص

حالة من الانزعاج، انتابت السلطات الإسرائيلية، عقب الكشف عن تسريب الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، ترامب لوزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف»، معلومات حول خطط تنظيم «الدولة الإسلامية» المرتقبة.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد كشفت أن المعلومات التي كشفها «ترامب» لـ«لافروف»، تتلخص في محاولة التنظيم تفجير طائرات من خلال حواسيب محمولة، وهي ما قد تتسبب بتهديد حياة جاسوس إسرائيلي ناشط في صفوف التنظيم.

وبعد أحاديث عن أن الأردن كان مصدر المعلومة الاستخباراتية، اتضح أن (إسرائيل) هي الدولة التي أبلغت الولايات المتحدة بتفاصيل تهديدات التنظيم، تنفيذ عمليات إرهابية جديدة.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن «ترامب» خلال اجتماعه مع لافروف خرج عن النص، وبدأ مفاخرا في وصف تفاصيل عن خطر يمثله تنظيم «الدولة الإسلامية»، يتعلق باستخدام أجهزة الحواسيب المحمولة على متن طائرة مدنية.

وبحسب الصحيفة، اشترطت (إسرائيل) على الإدارة الأمريكية عدم تحويل المعلومات إلى طرف ثالث، لاسيما أنها تعلقت بتهديدات خاصة بالولايات المتحدة بحيث أن «الدولة الإسلامية» خطط لاستعمال حاسوب ملغوم وإدخاله لطائرة ركاب وتفجيرها.

واكتفى وزير الأمن «أفيغدور ليبرمان» بالقول من خلال «تويتر» إن «العلاقات مع الولايات المتحدة غير مسبوقة من ناحية حجمها ومساهمتها لقوة (إسرائيل)».

وتابع «ليبرمان» بالعبرية والإنجليزية: «علاقاتنا مع حليفتنا الأكبر عميقة وجوهرية، هكذا كانت وستبقى». 

غضب إسرائيلي

في المقابل حملت جهات إسرائيلية غير رسمية، وبعضها مصادر استخباراتية محجوبة الهوية، على ما قام به «ترامب».

ونقلت إذاعة جيش الاحتلال، عن ضابط كبير في هيئة الاستخبارات الإسرائيلية تأكيده أن (إسرائيل) هي الدولة التي نقلت المعلومات إلى الإدارة الأمريكية، قبل أن يسربها «ترامب» إلى روسيا.

وبحسب ضابط الاستخبارات، فإن (إسرائيل) نقلت معلومات استخباراتية حساسة وصلتها عبر جاسوس.

ونقلت الإذاعة عن ضابط الاستخبارات الإسرائيلي الذي بقي محجوب الهوية، قوله إن هناك تفاهمات خاصة بكل ما يتعلق بالتنسيق والتعاون الأمني، وإن التعاون بين الطرفين صار مكثفا جدا منذ عام 2000، إلا أن نقل معلومات سرية لطرف ثالث دون تنسيق مسبق «يشكل مخاوف».

وترجح الإذاعة أن يبادر رئيس الحكومة الإسرائيلية «بنيامين نتنياهو» لاستغلال ذلك من أجل ممارسة ضغوط على «ترامب» لتحقيق إنجازات سياسية ودبلوماسية.

ويقدر ضابط آخر محجوب الهوية للإذاعة العامة، أن تسريبات «ترامب» بصرف النظر عن دوافعها، تهدد جدا مصادر وطرق عمل استخابراتية إسرائيلية استغرق تطويرها سنين طويلة. ودعا لإعادة تقييم طرق التعاون الاستخباراتي بين (إسرائيل) وبين حليفتها الأمريكية التي تتقاسم معها أكواما من المواد السرية جدا، مطالبا بوقف نقل «درر التاج الاستخباراتية» لواشنطن قبل التثبت من أن الطريق آمن.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن خبراء أمنيين إسرائيليين قولهم في جلسات مغلقة، أنهم قلقون جدا حيال تسريب «ترامب» لمعلومات استخباراتية حول سوريا وتنظيم «الدولة الإسلامية» فيها.

يشار الى أن الصحيفة ذاتها كانت قد كشفت في يناير/ كانون الثاني الماضي، أن الأجهزة الأمنية في (إسرائيل)، حذرت مستواها السياسي من مثل هذا السيناريو الذي تحقق مع تسريبات «ترامب».

وتوضح أن هذه الأجهزة لا تعرف كم من المعلومات السرية كشف «ترامب» للجانب الروسي، مرجحة أنه فعل ذلك من أجل توبيخ «لافروف»، منبهة هي الأخرى الى أن المشكلة ليست بالمعلومات بقدر ما هي بالمصادر الحساسة جدا التي توفر هذه المعلومات، في إشارة لوجود جاسوس إسرائيلي في صفوف التنظيم.

وتابعت نقلا عن مصدر أمني: «الروس ليسوا حمقى وسيفهمون من أين جاءت معلومات ترامب، وهم أو حلفاؤهم من أعداء (إسرائيل) سيتخذون خطوات مناسبة». 

تحذير مسبق

أكثر من ذلك، كشفت الصحيفة أن جهات استخباراتية أمريكية حذرت (إسرائيل) قبيل استلام «ترامب» للحكم من مثل هذا السيناريو، ودعت لعدم الكشف عن مصادر استخباراتية حساسة أمام البيت الأبيض قبل أن تتضح حقيقة العلاقات المشبوهة بين «ترامب» وبين جهات روسية.

وبحسب صحيفة «القدس العربي»، فإن المدير السابق لمركز مكافحة الإرهاب في واشنطن «مات أولسين»، يرى أن المخاطر الحقيقية لا تتعلق بمصدر المعلومات فحسب، بل بإمكانية استمرار التعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات في المستقبل.

وخلافا لموقف البيت الأبيض المعلن والمدافع عن ترامب، تعتقد مصادر رفيعة المستوى في أجهزة الاستخبارات الأمريكية، أن الرئيس الأمريكي أخطأ في تبادل المعلومات حيال نشاط «الدولة الإسلامية» ونقلها إلى روسيا التي لا تعتبر شريكة في التحالف الدولي المشارك في مكافحة التنظيم.

وأبدى موقفا مطابقا السفير الأمريكي السابق في (تل أبيب) «دان شابيرو»، الذي وصف نهج «ترامب» وما قام به من نقل معلومات استخباراتية بـ «غير المسؤول».

وقال إن تصرف «ترامب» يعكس ضحالة معلوماته بكل ما يتعلق بضرورة الحفاظ على معلومات استخباراتية بالغة الحساسية.

صمت إسرائيلي

في المقابل، التزمت (إسرائيل) رسميا الصمت، ولم يصدر عنها أي تعقيب رسمي حيال القضية.

يشار الى أن صحيفة «هآرتس» سبق وكشفت النقاب عن وثيقة مخابراتية مسربة تؤكد تكثيف التعاون الاستراتيجي بين المخابرات الأمريكية والإسرائيلية حول مصر أثناء حكم الرئيس الأسبق «محمد مرسي».

وأوضحت الصحيفة أن وكالة الأمن الوطني الأمريكي أشارت في وثيقة سرية تم تحريرها في أبريل/ نيسان 2013 إلى أن «جيمس كلابر» مدير المخابرات الوطنية الأمريكية، وافق على تكليف الوحدة 8200 المخابراتية في الجيش الإسرائيلي بـمهمة جمع معلومات حول قضايا استراتيجية مختارة، وبالتحديد ما يتعلق بالعناصر الإرهابية في سيناء.

كما أشارت المصادر إلى قيام المخابرات الإسرائيلية بزرع عملاء لها في جميع التنظيمات الدينية والإسلامية وتحمل شعارات دينية، لمعرفة خطط العمليات السرية لهذه التنظيمات، التي لم تنفذ أي عملية داخل (إسرائيل).

ونوهت المصادر إلى ما تم الكشف عنه عقب حادث سقوط طائرة الركاب الروسية في سيناء، وإعلان تنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليته عن العمل الإرهابي، وما تلى ذلك من الكشف عن معرفة المخابرات البريطانية بالعملية، عن طريق عملائها داخل التنظيم، والتزامها الصمت حتى وقعت الكارثة.

 

  كلمات مفتاحية

إسرائيل ترامب الدولة الإسلامية الإدارة الأمريكية سيرغي لافروف

«ترامب» يشكو من تعرضه لأكبر «حملة اضطهاد» في التاريخ الأمريكي