لقاء «حجازي» و«حفتر» المفاجئ.. القاهرة تحاول إنقاذ حليفها في ليبيا

الخميس 18 مايو 2017 05:05 ص

في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، حملت زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق «محمود حجازي» إلى مطار بنينا في مدينة «بنغازي» شرقي ليبيا، أمس الأربعاء، العديد من علامات الاستفهام، والغموض.

الزيارة المفاجئة تعد أول زيارة رسمية من نوعها لمسؤول كبير في الجيش المصري إلى ليبيا، منذ سقوط نظام العقيد الراحل «معمر القذافي»عام 2011، غداة احتفال عسكري كبير أُقيم هناك بمناسبة مرور ثلاث سنوات على انطلاق ما يسمى بـ«عملية الكرامة».

ووصل الفريق «حجازي» الذي يتولى أيضاً رئاسة اللجنة المصرية الرسمية المعنية بالأزمة الليبية، على رأس وفد مصري رفيع المستوى إلى مطار بنينا الدولي، قبل أن يلتقي المشير «خليفة حفتر» بمقره في منطقة الرجمة شرق بنغازي.

ولم يصدر أي بيان رسمي مصري حول الزيارة، لكن وكالة الأنباء الليبية الموالية للسلطات في شرق ليبيا، قالت في المقابل إن الوفد الذي ضم أيضاً مدير المخابرات الحربية اللواء «محمد الشحات»، جاء «لتقديم التهنئة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة الكرامة التي انطلقت لتحرير البلاد من قبضة الجماعات الإرهابية المتطرفة».

ويبدو أن القاهرة، تحاول تعزيز قدرات حليفها في ليبيا، الذي يشن حربا ضد الإسلاميين، ويحاول السيطرة على العاصمة طرابلس، فضلا عن دعمه على الأرض، وتقييم وضعه الميداني.

وتحاول مصر، وقف نزيف الخسائر الذي لحق بقوات «حفتر» على يد «ثوار بنغازي»، وفقدانه خلال الأسابيع الأخيرة مواقع نفطية هامة، بالإضافة إلى تعزيز موقفه بين القبائل الليبية، والتي التقاها «حجازي» خلال الزيارة.

ويعاني «حفتر» من حظر السلاح المفروض عليه دوليا، ويبحث مع القاهرة سبل تجاوز ذلك الحظر، لتعزيز قدراته عسكريا في مواجهة الفصائل التي تفوقت عليه في معارك عدة.

وكان «حفتر» قد زار مصر قبل أيام والتقى بالرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» الذي أكد أهمية رفع القيود المفروضة على توريد السلاح للجيش الليبي باعتباره الركيزة الأساسية للقضاء على الإرهاب في ليبيا.

وفي الفترة الأخيرة، بدا «حفتر» أكثر انفتاحاً على الحوار، والتقى بـ«السراج» في أبوظبي. لكن تعليقات تالية للاجتماع لوزير الخارجية في طرابلس، أوضحت أن قبول «حفتر» قائداً للجيش أثار رد فعل غاضباً بين الفصائل في غرب ليبيا.

وكان «حفتر»، المدعوم من قبل مصر والإمارات، قد اعتبر أن قواته صمدت في وجه مشكلات جمة. وقال في كلمة ألقاها خلال هبوط مظليين ثبتوا بأقدامهم أعلام ليبيا لدى الاحتفال بمرور 3 أعوام على عملية تحرير بنغازي: «فرضوا علينا حظر التسليح ودعموا الإرهابيين وأسقطوا صواريخ وأطلقوا الرصاص وقطعوا رؤوس الرجال وأوقفوا تصدير النفط واشتروا المناصب، وكل ذلك من أجل أن نركع ولكننا أبداً لن نركع إلا لله».

وجدد تعهده بالمساعدة في توطيد الاستقرار بالعاصمة طرابلس، قائلاً إن الجيش لكل الليبيين، وقال: «لن نترك طرابلس عاصمتنا العزيزة الغالية معقلاً للإرهابيين ووكراً للمجرمين ومرتعاً للعابثين، ولن تهنأ بنغازي ولا الشعب الليبي حتى تعود طرابلس إلى حضن الوطن، عامرة بأهلها، آمنة مطمئنة».

وأضاف «حفتر» في كلمته التي استغرقت نحو ربع ساعة تقريباً، وأُذيعَت عبر قناة تلفزيونية محلية: «سنواصل نضالنا معاً، حتى نستعد الوطن بأكمله، فكل حبة تراب من أرضنا هي عرضنا وشرفنا، وكل شهيد من صفوفنا هو رمز لفخرنا وعزتنا وكرامتنا».

وشهد حفتر عرضاً عسكرياً كبيراً، أول من أمس، شارك فيه الآلاف من قوات الجيش في منطقة توكرة الواقعة على بعد 65 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من بنغازي، بحضور قادة آخرين بالجيش الوطني الليبي وساسة بارزين من حكومة وبرلمان شرق ليبيا.

وشاركت في العرض دبابات وراجمات صواريخ «غراد» وطائرات هليكوبتر ومقاتلات، في حدث وُصِف بأنه الأكبر من نوعه منذ عام 2011، وأعاد إلى الأذهان عروضاً مشابهة إبان حكم «القذافي».

وأصبح الجيش الوطني الليبي الذي يقوده «حفتر» القوة المسيطرة على شرق ليبيا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لكنه لا يزال يواجه مقاومة مسلحة في بنغازي وغيرها من المناطق ويتكبد خسائر فادحة.

والجيش متحالف مع الحكومة والبرلمان المتمركزين في الشرق، ويرفضان حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، برئاسة «فائز السراج».

وكانت مصادر ليبية رفيعة المستوى، كشفت عن أزمة مكتومة، بين مصر، والجنرال الليبي المنشق «خليفة حفتر»، بدأت في الظهور للعلن، عقب رفض مصري لإقامة مؤتمر صحفي لقادته العسكريين في القاهرة.

وتسلل التوتر إلى العلاقات بين الجانبين، خاصة بعد توالي خسائر «حفتر» في المواجهات مع «سرايا الدفاع عن بنغازي» في معارك الهلال النفطي، وتداول تقارير عن تورط الجنرال الليبي المدعوم من مصر والإمارات، في تعاون سري مع «تنظيم الدولة»، الذي يشن هجمات دامية ضد الجيش المصري في سيناء.

وقالت مصادر عسكرية ليبية، إن مصر تراجعت خلال الأسابيع الأخيرة، عن موافقتها السماح للقوات الموالية لـ«حفتر»  بأن يكون لها مكتب بالقاهرة، تقام من خلاله المؤتمرات الصحفية اليومية حول التطورات الميدانية في ليبيا.

وتشهد مدينة «بنغازي» معارك مسلحة منذ أكثر من عامين بين قوات جيش مجلس النواب (طبرق) بقيادة «خليفة حفتر» من جهة، وبين تنظيم «أنصار الشريعة» و«مجلس شورى الثوار».

ولا تزال ليبيا تعيش مرحلة من الانقسام السياسي والتوتر العسكري، تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا ومدينتي طبرق والبيضاء شرقا.

ورغم توقيع اتفاق الصخيرات برعاية أممية وانبثاق حكومة وحدة وطنية عنه باشرت مهامها من طرابلس أواخر مارس/آذار الماضي، فإن هذه الحكومة لا تزال تواجه رفضا من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان في شرق البلاد.      

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري خليفة حفتر ليبيا