استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عـندما يصبـح أمـراء الحـرب ضامنين للسـلام

السبت 20 مايو 2017 05:05 ص

سابقة لعلها الأولى التي تحدث في عوالم النزاعات، وهي أن يصبح الخصم المحارب ضامن سلام، بل يواصل حربه ومجازره اليومية في الصباح، ثم يرتدي بدلة أنيقة ويجلس مساء إلى طاولة المفاوضات، تحت مسمى «ضامن للسلم» 

في أستانة وجنيف..

كل شي ممكن، فهناك تكون إيران وروسيا، رعاة اتفاق سلمي بين المعارضة السورية والنظام وحلفائه، أي هم أنفسهم، جيشهم وقواتهم  تساند النظام في معاركه ضد المعارضة، ثم يجلس سياسيوهم كدبلوماسيين محايدين.

لا ينبع هذا التناقض من خلل في السياقات الدبلوماسية في حل النزاعات فقط، بل هو خلل كبير في التوازنات داخل سوريا، صب لصالح معسكر النظام وحلفائه الايرانيين والروس، مقابل ضمور لحلفاء المعارضة والقوى الدولية الغربية، وعلى رأسها امريكا، التي راهنت عليها المعارضة «المعتدلة» طويلا، عسكريا وسياسيا، ولم تجن سوى المزيد من التراجع سياسيا وعسكريا.

أستانة ببساطة هي مفاوضات استسلام، وإعادة تأهيل النظام، وهي الجناح الدبلوماسي للتحالف العسكري الايراني الروسي في سوريا، وكل مخططاتها واتفاقاتها وأهدافها، التي لم يطبق منها حرف واحد، بدءا من وقف إطلاق النار إلى إطلاق المعتقلين، ليست سوى ثرثرات لا قيمة لها على الارض، بل إن قيمتها الحقيقية استراتيجيا هي، تهيئة الظروف والتفاهمات المحلية لإنجاز المزيد من التقدم العسكري.

فتنشط قاعدة حميحم من اجل هدف واضح محدد وهو، اتمام سيطرة النظام على المناطق الخارجة عن ادارته، إن كان بالقوة أو بالمصالحات. وأهم ما فعلته الأستانة هو، تجميد بعض الجبهات، وأمان جانب بعض الفصائل الصغيرة، ليتمكن النظام من سحب قواته وتحشيدها في جبهات أخرى لمواجهة الفصائل الكبيرة الوازنة، وهذا ما حصل في كل جولة منذ العام الماضي.

في كل جولة وقف للنار، تصب النار على مناطق محدده وتسقط بيد النظام، أو يتم تهجيرها، ابتداء من حلب حتى بردى إلى الزبداني لريف حماة الشمالي واليوم القابون وبرزة، وغيرها.

وفي أستانة ارض العجائب، يحدث أيضا أغرب عرض لفريق مفاوضات معارض، يمثل قوى معارضة لم يدخل رموزها لمناطق المعارضة منذ سنوات، ويكاد تمثيلهم العسكري والسياسي، يقتصر على عدة قرى قرب الحدود التركية، ويراد منهم أن يكونوا ممثلين للقوى المسلحة المعارضة للنظام، بينما تعتبرهم أكبر تلك القوى الموجودة في سوريا، إضافة  لتنظيم «الدولة»، وهم «تحرير الشام» تعتبرهم خونة.

الهدف من هذا الوفد أن يوقع باسم معارضة لا يمثلها، تم تنصيبه عليها من قبل اصدقاء سوريا، الذين حاولوا احتكار ثورتها لصالح اجنداتهم، وفد يوقع باسمها ما يمليه عليها من هم في النهاية حلفاء النظام، لذلك تم اختيارهم بعناية، كوفد لا يعرف ألف باء، أي علم من علوم الاتصال أو السياسة، أو الامن القومي، أو الجدوى المصلحية من التسويات، وهو بالحقيقة لم يتم جلبه بمذكره الاستدعاء هذه للاستانة، إلا لأنه لا يعرف سوى دور الديكور، بل إنه حتى في إتقان الديكور لم يكن مقنعا لجماهيره. 

هذا الوفد الذي لا نريد الحديث عنه أكثر مما يستحق وزنه ودوره الحقيقي في الأزمة، ينسحب صباحا ويعود مساء، يعلن اتفاقا عن شمول مناطق بالهدنة، كإدلب وبردى، ثم يعود ليقول معترفا بسذاجة «لقد خدعونا وأعطونا نسخة مترجمة بشكل خاطئ»، يتحدث في المؤتمرات الصحافية بعقلية ناشطين متحمسين على السكايب في سنة أولى ثورة، وكأنه يعرف أن لا احد يكترث بما سيقول، إلا جمهوره المحبط الذي يبحث عن أي شحنة أمل مهدئة مؤقتة. 

لذلك فإن الأستانة في حقيقتها، ليست مفاوضات بين المعارضة والنظام، بل هي اجتماع للتشاور بين الدول الحليفة للنظام، اللاعبة بشكل رئيسي بالملف السوري، ولأن هذه الدول المتنفذة بشكل أساسي هي ايران وروسيا، اصبح استانة اجتماعا لحلفاء النظام عمليا، للنظر بآخر الجهود الدبلوماسية اللازمة لتهيئة مزيد من الهيمنة لهم على ما تبقى من جيوب المعارضة..

أما المعارضة الشكلية الموجودة حاليا فالفضل بحضورها هو فقط استمرار سيطرة تنظيمي «الدولة» و«النصرة» على أبرز المناطق الخارجة عن هيمنة النظام، ولولاهم لما كان هناك ذكر للمعارضة، أو وفودها اصلا..

وبمجرد الانتهاء من تلك الجيوب الكبيرة كدير الزور وإدلب، وهي معارك مع الجهاديين الذين لا تمثلهم أي معارضة، وتتوقع ان تستمر هذه المعارك لاشهر طويلة، سيكون النظام قد حصل على تفويض دولي رسمي، ولن يعود أحد للحديث عن مستقبل النظام، ولو بالتلميح كما يحدث الان، بل إن الملف السوري لن يعود ملفا ساخنا.      

الأمر الذي يغيب عن أذهان الكثيرين من المتابعين بجدية لمسرحية أستانة، أن الخاسر في الحرب لا يمكن أن ينتصر في المفاوضات، وأن أي مفاوضات أو تسويات سياسية لحرب أهلية، أو نزاع مسلح هي محصلة لتوازنات القوى العسكرية القائمة، وليس العكس. 

* وائل عصام كاتب فلسطيني

  كلمات مفتاحية

سوريا إيران روسيا نظام الأسد المعارضة السورية وقف إطلاق النار اجتماعات أستانة