استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السياسة الخارجية السعودية الجديدة

السبت 27 مايو 2017 04:05 ص

نجحت السياسة الخارجية السعودية مؤخراً في لعب دور مهم في السياسة الإقليمية، خاصةً في مواجهة التحديات الإيرانية في المنطقة، وما تقوم به إيران من استعداء لشعوب المنطقة وقادتها، والتبجّح بأنها أصبحت تتحكم في مصير أربع دول عربية مشرقية. ولقد كانت السياسة السعودية الخارجية تاريخياً سياسة تعتمد رد الفعل، وليس الفعل.

أما بعد التمدد الإيراني وتشجيع القيادة الإيرانية للجماعات الإرهابية المتطرفة، سنيّة كانت أم شيعية، فقد بات على زعماء دول المنطقة، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، أن يقفوا ويتّحدوا معاً وبمعونة عربية وإسلامية وأميركية، لكي يحدّوا من قدرة إيران على التوسّع وبثّ بذور الفرقة بين المسلمين على أسس طائفية.

هذا هو لُبّ اجتماعات القمة التي عُقدت في الرياض، وحضرها زعماء خمس وخمسين دولة، اتفقوا على تأسيس تحالف جديد في المنطقة، سُمِّي بتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، الذي يتّخذ من مدينة الرياض مقراً له.

وهناك ملامح أساسية لهذا التحالف، الملمح الأول يرى أنّ إيران وأذنابها في المنطقة يمثّلون خطراً استراتيجياً على جميع دول المنطقة، ما يدعو هذه الدول، وعدداً من الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لكي تقف بحزم ضد هذه التوسّعات والحروب غير النظامية التي يؤججها حلفاء طهران في المنطقة.

استخدمت التحالفات تاريخياً لدرء خطر إقليمي محتدم، ورفع سقف التكاليف أمام القوة المواجهة كي تتراجع عن سياساتها وخططها التوسّعية. وقد جرّب حلف «الناتو» مثل هذه السياسة في مواجهة تحديات الحرب الباردة، وسياسات التوسّع التي كان يرغب فيها زعماء الكرملين ضد الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية. والتحالف لا يعني بالضرورة الحرب، بل الحدّ من احتمالات حدوث الحرب ومنعها. 

فالتحالف الأوروبي- الأميركي في الحلف الأطلسي لم يقد إلى مواجهة عسكرية بين موسكو وواشنطن، أو بين حلفائها الأوروبيين من جهة وحلف وارسو من جهة ثانية. وهكذا، فإن التحالف الجديد للدول العربية والإسلامية لن يكون إيذاناً لبدء حرب جديدة مع طهران، بقدر ما هو محاولة لمنعها من ذلك عبر سياسة ردع دفاعية.

أما الملمح الثاني لهذا التحالف، فهو تمكين قوة احتياط عسكرية مكونة من 34 ألف جندي، سيكون من مهامها الرئيسية منع حدوث ما وقع قبل ثلاث سنوات في العراق، من استيلاء «داعش» على أجزاء واسعة من إقليم الموصل، وكذلك التصدّي لمحاولات إيران التعرّض للملاحة البحرية في مضيق هرمز، ومحاولة الحوثيين التأثير على حرية الملاحة في مضيق باب المندب.

ومثل هذه التصرفات الرعناء لا تؤثر فقط على الدول الإقليمية، بل تؤثر أيضاً على حرية التجارة في المضائق البحرية، وهو مطلب تشترك فيه جميع الدول، في منطقة تشهد يومياً عبور العشرات من السفن المحملة بالنفط إلى أرجاء العالم المختلفة.

وإذا كانت السياسة الخارجية السعودية تلعب دوراً مهماً في المجال الدبلوماسي، فهي تلعب أيضاً دوراً موازياً في المجال الاقتصادي، بالتنسيق مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون، وكذلك مع روسيا، لخفض إنتاج النفط إلى مستوى يتناسب مع حجم الطلب حتى منتصف العام المقبل 2018، للمحافظة على أسعار نفط متوازنة فوق مستوى الخمسين دولاراً للبرميل الواحد.

وهكذا فإن السياسة الخارجية السعودية تعتمد مسارين متوازيين أحدهما سياسي ودبلوماسي مع دول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية وبالتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية، والآخر اقتصادي مع دول منظمة «أوبك» ومع الدول المنتجة للنفط من خارج «أوبك»، وفي مقدمتها الاتحاد الروسي.

وتمثّل هذه المرونة دوراً مهماً في سياسة المملكة الخارجية، ويتطلب ذلك من المملكة أن تواصل تنسيق سياساتها مع شقيقاتها من دول المجلس، وأن تحرص كل الحرص على أن لا يتم شرخ هذا الاتحاد من قِبل قوى إقليمية أو خارجية تحاول إحداث شرخ في العلاقات الثنائية أو الجماعية بين أعضاء دول المجلس، أو بين الدول الأعضاء الشقيقة في التحالف العربي- الإسلامي الأوسع.

ولاشكّ أنّ أي تحالف سياسياً كان أم اقتصادياً يحتاج إلى إدارة مرنة قادرة على التأقلم السريع مع متطلبات العمل المشترك. وتتطلب التحالفات عادةً تكاليف مالية يحاول المخططون لها إيجاد آلية معينة لتوزيع أعباء المشاركة فيها بين الدول الأعضاء.

وإذا كان الهدف الرئيسي لهذا التحالف الواسع هو احتواء الأعداء المحتملين وردعهم عن شنّ حروب مباشرة أو بالوكالة، فإنّ الهدف الرئيس لسياسة الردع هذه هو إحلال السلم في المنطقة وتجنيب أبنائها وشعوبها ويلات الحرب. والسلام مثله مثل الحرب، يحتاج كذلك إلى ميزانيات لحفظ أركانه وإرساء قواعده. 

ومثلما شاركت المملكة في الماضي بأعباء حرب الخليج وتحمّلت جزءاً كبيراً من تكاليفها، وكذلك تحمّلت وتحمّل أشقاؤها في دول المجلس تكاليف عملية الحزم وإعادة الأمل ومحاولة تمكين الحكومة الشرعية في اليمن من استعادة سلطتها الكاملة على أراضيها، فإنّ التحالف الجديد ضد الإرهاب وضد القوى التي تغذّيه في إيران ينبغي أن يُبنى أيضاً على أساس المشاركة الكاملة بين الدول الأعضاء فيه.

فدول مجلس التعاون وكذلك الدول العربية والإسلامية في قاربٍ واحد يحاول الأعداء تخريبه والعبث فيه، ولكنهم لن ينجحوا في ذلك بعون الله وقوّته.

* د. صالح عبد الرحمن المانع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود. 

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

السياسة الخارجية السعودية الولايات المتحدة قمم الرياض إيران ترامب السياسة الإقليمية الإرهاب