«جاويش أوغلو»: زيارات «أردوغان» إلى أفريقيا ساهمت في تطوير العلاقات الاقتصادية مع دولها

السبت 27 مايو 2017 11:05 ص

أشار وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو»، إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول القارة الأفريقية، مبينا أن هذا الاهتمام ظهر جليا في الزيارات المتعددة التي قام بها إلى دول القارة، ودعوته للعديد من نظرائه لزيارة تركيا.

جاء ذلك في مقال كتبه «جاويش أوغلو» لصحيفة ديلي صباح التركية الناطقة بالانجليزية، بمناسبة يوم أفريقيا الذي يصادف 25 مايو/أيار من كل عام.

وأوضح «جاويش أوغلو» في مقاله تحت عنوان العلاقات التركية الأفريقية في ظل الشراكة الدائمة، أن أردوغان لم يكتف بزيارة دول أفريقيا ودعوة نظرائه لزيارة تركيا، بل شجع على تعزيز العلاقات بين الشعوب والجامعات ومراكز الأبحاث، والمنظمات المدنية.

وأضاف أن «أردوغان» أجرى أكثر من 30 زيارة رسمية إلى 23 دولة أفريقية خلال السنوات العشرة الماضية، وأن هذه الزيارات ساهمت في تعزيز وتطوير علاقات الجانبين في العديد من المجالات.

وقال «جاويش أوغلو»، إن أنقرة تبحث عن علاقات دائمة ومتينة مع دول القارة الأفريقية، تستند إلى مبدأ الربح المتبادل ومراعاة القيم الإنسانية، لا سيما وأن القارة الأفريقية تشهد تحولا إيجابيا عظيما في العديد من المجالات.

وأعرب «جاويش أوغلو» عن ثقته التامة بالمستقبل المشرق لدول أفريقيا، وذلك نظراً لكثرة العوامل والمقومات التي تشير إلى أن مستقبل هذه الدول سيكون مشرقا، مشيرا إلى أن الازدهار سيكون مصير تلك البلدان، لأن المجتمعات الأفريقية بكافة شرائحها عازمة على إنهاء الفقر في بلدانها.

وتابع قائلا: «عندما ننظر إلى علاقات بلادنا مع دول القارة الأفريقية، فإننا نلاحظ أن تركيا مصممة أكثر من أي وقت مضى على توطيد علاقاتها معها، وهذا الإصرار سيساعدنا على تأسيس أرضية صلبة نبني عليها علاقات طويلة الأمد».

وأضاف «جاويش أوغلو»«التاريخ يشهد لنا بأنّنا لسنا كباقي الدول التي استغلت ثروات القارة الأفريقية، فنحن نبني علاقاتنا مع هذه الدول استنادًا إلى مبدأ الربح المتبادل، آخذين نُصب أعيننا عدم التفريط بالقيم الإنسانية».

وأشار إلى الروابط التاريخية والثقافية التي تربط بين الشعب التركي وشعوب أفريقيا، منذ العهد العثماني، لافتا أن وصول الخطوط الجوية التركية إلى 51 مطارا أفريقيا، يدل على متانة روابط الأخوة القائمة بين الطرفين.

وعن الاستثمارات التركية في مختلف البلدان الأفريقية، قال «جاويش أوغلو»، إن قيمة هذه الاستثمارات تجاوزت 6 مليار دولار، وإن تلك الاستثمارات تساهم في تقوية البنية التحتية لدول القارة، وتدعم الاقتصادات المحلية.

وأشاد «جاويش أوغلو» بالنمو الكبير الحاصل في مجال التبادل التجاري بين تركيا ودول القارة السمراء، مبينا أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين، بلغ 16.8 مليار دولار مع نهاية عام 2016.

وأردف الوزير التركي في هذا الخصوص قائلا: «نحاول من خلال المؤتمرات والمنتديات والمعارض المشتركة، جمع رجال أعمال الطرفين وتحقيق مزيد من التعاون بينهما، ونساعد الاتحاد الإفريقي على تحقيق أهدافه الاقتصادية لعام 2063.

زيارة رئيس الصومال

وفي شهر أبريل/نيسان الماضي، استقبل الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» الرئيس الصومالي «محمد عبد الله فرماجو»، في العاصمة التركية أنقرة.

واعتبر مراقبون، أن «فرماجو» يعتبر رئيس أهم دولة في القارة السمراء بالنسبة لأنقرة، حيث اعتبروا أن مقديشو تعد البوابة الاستراتيجية لتركيا إلى عمق القارة، كما أنها ستكون بمثابة الذراع العسكري لها أيضا في أفريقيا بالقريب العاجل.

ولا شك أن أهمية الصومال بالنسبة لتركيا تعود لما تحظى به تلك الدولة التي تعاني من حروب أهلية منذ التسعينيات، من موقع استراتيجي على البحر الأحمر ومضيق باب المندب وكونه ممرا رئيسا للطاقة والتجارة الدولية وكذلك تجاور الصومال إثيوبيا الحبيسة ذات الأهمية الكبيرة خاصة فيما يتعلق بالمياه ومنابع نهر النيل ولهذا اهتمت تركيا كثيرا بالصومال حيث كان أردوغان أول رئيس وزراء تركي يزور الصومال خلال عقدين وكان ذلك في 2011 وعاد ليزورها في يناير/كانون ثان 2015.

قاعدة عسكرية

وجاءت الزيارة في وقت تستعد فيه تركيا لافتتاح ثاني قواعدها العسكرية في الخارج والأكبر في أفريقيا وذلك بالعاصمة مقديشو، بغرض تدريب الجيش الصومالي مساهمة منها في تقوية الأمن وتعزيز الاستقرار في هذا البلد الأفريقي.

وستشرف قوات تركية على تدريب الجيش الصومالي وقوات أخرى من عدة دول أفريقية، في القاعدة العسكرية التركية الجديدة التي كلف إنشاؤها قرابة 50 مليون دولار في مساحة 400 دونم، وتضم ثلاثة مدارس عسكرية.

وقبل نحو شهر، أعلن الرئيس الصومالي، عبر حسابه على «تويتر» أن القاعدة العسكرية ستفتتح في وقت قريب، حيث قال: «أكبر قاعدة عسكرية تركية في العالم شبه جاهزة، وقريباً سيعود الجيش الصومالي قوياً من جديد».

وشرعت تركيا في بناء القاعدة العسكرية في مارس/آذار 2015؛ إذ تم الاتفاق عليها خلال زيارة قام بها «أردوغان» إلى الصومال، ضمن جولة أفريقية.

ووفقًا لتصريحات سابقة للرئاسة التركية، فإن القاعدة العسكرية المرتقب افتتاحها، ستوفر الخدمات التدريبية لما يقرب من 10 آلاف و500 جندي صومالي، وستحتضن 200 جندي تركي يتولون الفعاليات التدريبة وأنشطة الأمن الخاصة بالقاعدة.

وبافتتاح هذه القاعدة، ستُصبح تركيا الدولة الخامسة من حيث الدول التي لها قواعد عسكرية في القارة السوداء، بعد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واليابان.

ووفق مراقبين، فإن هناك دوافع عدة للتواجد التركي في الصومال أبرزها مزاحمة النفوذ الإيراني المتزايد هناك عبر ستار الأنشطة الخيرية والثقافية، فضلاً عن إدراك أنقرة للأهمية الاستراتيجية لمقديشو المتأتية من موقعها الجغرافي حيث تعتبر بوابة الدخول إلى القارة الأفريقية.

كانت صحيفة «يني شفق» قالت، في تقرير سابق لها، إن سبب إقدام تركيا على بناء هذه القواعد العسكرية الخارجية وإرسال حملات عسكرية يعود إلى التطور الملموس الذي شهده قطاع الصناعات العسكرية التركي والذي يحتاج إلى أسواق لترويجها، فضلا عن سعي تركيا إلى إظهار نفسها على أنها دولة قوية إقليمية تستطيع لعب دور مهم تدريب قوات دور الجوار والإقليم.

أيضاً، لفتت الصحيفة إلى أنه لا يمكن إغفال تنامي الإرهاب حول العالم، والذي تعاني منه تركيا أيضًا، وترى ضرورة محاربته أينما كان، لوصفها الإرهاب بالداء المُعدي؛ حيث يمكن أن يصيب الدول كلها، ما لم يتم القضاء عليه في مصدره الرئيسي.

وللقاعدة أهدف أخرى أيضا، منها رغبة تركيا في حماية مصالحها الاقتصادية في أفريقيا، حيث بلغ حجم التجارة التركية الأفريقية نحو 20 مليار دولار عام 2015، ومن المخطط أن يصل إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2023، كما يبلغ حجم استثماراتها المباشرة في إفريقيا 6 مليارات دولار بنهاية 2014، منها 100 مليون دولار في الصومال.

وبحسب دراسة لمركز «المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة»، نشرها أوائل الشهر الجاري، فقد أثار الإعلان التركي عن القاعدة العسكرية في الصومال كثيرا من التساؤلات بشأن أبعاد الدور التركي في أفريقيا بوجه عام، وفي الصومال بصفة خاصة، والأهداف المتوخاة من إنشاء هذه القاعدة، والموقف الصومالي منها، وأثر ذلك على المصالح الوطنية للقوى الدولية والإقليمية الأخرى.

ووفق الدراسة، فإنه مع وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة في تركيا عام 2002 تبنى الحزب خطة للانفتاح على القارة الأفريقية، بعد سلسلة من الإخفاقات في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وكان الحزب يستهدف من ذلك البحث عن دور فاعل على المستويين الإقليمي والدولي، والاستفادة من مميزات السوق الأفريقية الواسعة، واكتساب التأييد الأفريقي للقضايا التركية في المحافل الدولية، وموازنة أدوار القوى الإقليمية في أفريقيا.

في هذا السياق، أعدت تركيا استراتيجية لتطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية عام 2003، وأعلنت عام 2005 كعام لأفريقيا في تركيا، وهو نفس العام الذي حصلت فيه أنقرة على صفة مراقب بالاتحاد الأفريقي، قبل أن تحصل على صفة الشريك الاستراتيجي للاتحاد في يناير /كانون ثان 2008، كما حصلت أيضًا على عضوية بنك التنمية الأفريقي في مايو/أيار من العام ذاته.

المصدر | الخليج الجديد + ترك برس

  كلمات مفتاحية

تركيا أفريقيا العلاقات التركية الأفريقية