شاهد .. تجدد الاحتجاجات بمدن مغربية تضامنا مع حراك الريف ورفضا لاعتقال ناشطيه

الثلاثاء 30 مايو 2017 06:05 ص

تجددت، مساء أمس الاثنين، المظاهرات في عدد من المدن المغربية تضامنًا مع بات يُعرف بـ«الحراك الشعبي» في محافظة الحسيمة، وعدد من مدن منطقة الريف شمال شرقي البلاد، التي تشهد احتجاجات بشان مطالب اجتماعية منذ أزيد من 7 أشهر، (شاهد الفيديو).

المظاهرات، التي شارك فيها الآلاف، خرجت في عدد من مدن الشمال مثل الناظور وأمزورن وطنجة وأتروكوت وآيت حديفة، بحسب «الأناضول».

وهتف المشاركون في هذه المظاهرات، التي دعا إليها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، بشعارات تتضامن مع مطالب «الحراك الشعبي» في الريف، وتطالب بـ«رفع العسكرة» في إشارة إلى التحركات الأمنية المكثفة التي تشهدها مدينة الحسيمة منذ أيام.

كما طالب المحتجون بإطلاق جميع الموقوفين على خلفية الاحتجاجات في منطقة الريف، حسب مقاطع مصورة نشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت.

وما تزال الاحتجاجات متواصلة بعدد من مدن وقرى محافظة الحسيمة بمنطقة الريف شمال شرقي المغرب، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

بداية الاحتجاج واعتقال «الزفزافي»

بداية الاحتجاجات كانت في أكتوبر/تشرين الأول 2016 بمدينة الحسيمة الواقعة في الشمال الشرقي للمغرب، وهي عاصمة الريف الناطق بالأمازيغية، الأمن يصادر بسطة سمك تعود لبائع أسماك بسيط اسمه «محسن فكري» تحت مبرر عدم امتلاكه لرخصة بيع، ويُلقى بالسمك في شاحنة الزبالة أمام عيني البائع الذي لم يتمالك نفسه وهو يرى لقمة عيش أطفاله تُرمى، فألقى بنفسه خلف السمك في شاحنة القمامة، فغضب رجل الأمن وقال كلمة صارت مشهورة عند المغاربة «طحن مُو». وبالفعل اشعل محركات ضغط القمامة وعصر جسد «محسن فكري» حتى قُتل ..

احتج أهالي الحسيمة الذين شاهدوا هذه الجريمة بأعينهم، وخرجت المسيرات في الشوارع، وبعد أيام من الضغط الشعبي تم التضحية بشخص أو اثنين كانا المسؤولين المباشرين عن الجريمة. ولكن الناس لم تتوقف، وأخذت الاحتجاجات تزداد وتتحول إلى حركات مطلبية اقتصادية واجتماعية .. في بداية الاحتجاجات برز شاب عمره ٣٨ عاماً، وكان عاطلاً عن العمل، اسمه «ناصر الزفزافي». قاد ناصر المسيرات وبدأ يخطب في الجموع مرة بفصاحة عربية ملفتة، ومرة بالدارجة المغربية، وبنبرة فيها كثير من العاطفة والقدرة على الحشد .. جد «ناصر» كان اليد اليُمنى لـ«عبدالكريم الخطابي» الزعيم المغربي الكبير والمناضل ضد الاستعمار، لذا يردد «ناصر» دائماً أنه يسير على نهج «الخطابي» في التحرر والوقوف ضد الظلم والدفاع عن المهمشين .. بدأ «ناصر» يتحدث عن تهميش الريف وانعدام التنمية وانتشار البطالة والظلم والفقر وفساد الحكومة، ثم بدأت نبرة خطاباته تزداد، فبدأ يوجه نقده للمخزن والملك مباشرة، بحسب ما ذكر الناشط السعودي «نواف القديمي» في تدوينه له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

خلال أسابيع تحول «ناصر الزفزافي» إلى أيقونه نضالية، وصوت احتجاج الريف المهمش والانسان المسحوق .. انتقلت المسيرات والتجمعات إلى كثير من مدن وقرى الريف، وصارت خطابات «ناصر» هي الملهم الأكبر لهذه الاحتجاجات، وبدأت نبرة الاحتجاج السياسي ترتفع

كانت مقاطع «اليوتيوب والفيسبوك» التي تحوي خطب «ناصر» تحصد مئات آلاف المشاهدات، وبحسب موقع «الجزيرة جلب آخر مقطع له الثلاثاء الماضي - وفي أقل من ثلث ساعة - أكثر 350 ألف متابع، و13 ألف مشاركة، و33 ألف تعليق.

قبل أيام، وفي صلاة الجمعة الأخيرة قبل رمضان، وفي المسجد الكبير في الحسيمة كان خطيب الجمعة يتحدث عن الفتنة التي احدثها الحراك ووجوب التوقف عن الاحتجاجات، قاطع «ناصر الخطيب ووقف متحدثاً بحماسته المعهودة عن حق الناس في المطالبة بحقوقها، وأن الفتنة هي الصمت على الظلم، وانتقد شيوخ السلطان الذين يتسربلون بالدين كي يكرسوا الاستبداد .. على اثر ذلك أصدر الوكيل العام للملك أمراً باعتقال «ناصر» بدعوى أنه أساء لأداء شعيرة دينية، وهو أمرٌ يجرمه القانون المغربي، وخلال مداهمة الأمن لبيته تصدى أنصاره لهم. فلم تستطع الشرطة اعتقاله، لكنها اعتقلت عناصر أخرى من قيادات الحراك الشعبي. وبدأت التظاهرات تخرج كل يوم بعد التراويح تطالب بسحب مذكرة الاعتقال وإطلاق سراح المعتقلين الآخرين، والتفاعل الفوري مع مطالب التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

صباح اليوم تم اعتقال «ناصر الزفزافي» .. لكن لا يبدو أن الاحتجاجات ستهدأ ..

مطالب مشروعة واحتقان

كان «مصطفى الخلفي»، الناطق باسم الحكومة المغربية أكد، خلال مؤتمر صحفي قبل أيام، على أن مطالب سكان محافظة الحسيمة، "مشروعة"، لكنه اتهم أطرافا محلية (لم يسمها) بالسعي إلى «خلق حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي» بالمحافظة.

وفي السياق، أعلن «محمد لأقوير»، الوكيل العام (النائب العام) للعاهل المغربي لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، ارتفاع عدد الموقوفين على إثر أحداث الحسيمة إلى 40.

وقال «أقوير»، في بيان، إنه «على إثر الأحداث التي عرفتها مدينة الحسيمة يوم الجمعة الماضي، تم توقيف 40 شخصًا ووضعهم تحت الحراسة النظرية (الحبس الاحتياطي) للتحقيق معهم في ما يشتبه ارتكابه من طرفهم من أفعال تدخل تحت طائلة القانون الجنائي».

كما أصدرت النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالحسيمة، حسب البيان، قرارًا بـ«متابعة 25 شخصًا من بين الموقوفين بتهم جنح إهانة رجال القوة العمومية (الشرطة) أثناء أدائهم لمهامهم، وممارسة العنف في حقهم نتج عنه جروح مع سبق الإصرار، والعصيان المسلح، وتعييب (تخريب) ناقلات وأشياء مخصصة للمنفعة العامة، والتظاهر بدون تصريح مسبق، والتجمهر المسلح في الطرقات العامة».

وأضاف البيان أن «هؤلاء الأشخاص أحيلوا على المحكمة الابتدائية بالحسيمة في حالة اعتقال، وتتم متابعة 7 أشخاص في حالة سراح (غير معتقلين)، كل حسب التهمة الموجهة إليه، كما تم إحالة حدث واحد (قاصر) على قاضي الأحداث طبقاً للقانون».

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

تجدد احتجاجات تضامنا مدن الريف رفضا اعتقال ناشطيه