تركيا تبدأ بإزالة المصطلحات الأجنبية من معالم الدولة على وقع تغيير المناهج الدراسية

الأربعاء 31 مايو 2017 10:05 ص

يستعد الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» للبدء عمليا في تدريس المناهج التركية الجديدة المعدل الذي يلقى جدلا واسعا في البلاد، وذلك بالتزامن مع بدء إزالة المصطلحات الأجنبية من معالم الدولة وإعادتها للغة التركية.

ومنذ وصول حزب «العدالة والتنمية» إلى الحكم في تركيا عام 2002، سعى الحزب بقيادة «أردوغان» إلى القيام بعمليات تغيير واسعة في مناهج التعليم الأساسي التركي لكن الحزب لم يتمكن إلا من إجراء تغيير طفيف عام 2007، وواصل مساعيه التي جرى تكثيفها خلال السنوات الأخيرة وصولا للبدء بتطبيق أول تغيير جوهري في المناهج مع بداية العام الدراسي المقبل، وذلك وفق مصادر تركية لم تؤكدها الحكومة بشكل نهائي.

وقال «أردوغان»، الأحد الماضي، إنهم بدؤوا بتغيير المناهج الدراسية بالبلاد في مسعى منهم لردم الهوة بين الشعب من جهة وتاريخه وثقافته من جهة أخرى.

وأضاف: «مازال هناك نقص في طرق إعداد الأجيال للمستقبل وهو مطلب شعبي وحاجة وطنية»، متابعا: «بدأنا منذ وقت قصير بتغيير المناهج الدراسية التي وضعت من قبل للتنفير من لغتنا وتاريخنا وأجدادنا».

تعزيز حضور الدين الإسلامي

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أكد «أردوغان» أيضا أنه يعتزم إجراء تعديلات على المناهج الدراسية في بلاده؛ مرجعا الأمر إلى رغبتهم في تعزيز الكتب والمناهج بتاريخ تركيا المشرف.

من جهتها، ذكرت الحكومة أن هذا التغيير يهدف بالدرجة الأولى إلى رفع مستوى التعليم وجودته وجعله عصريا أكبر ويتلاءم مع متطلبات المرحلة والتطور العالمي، كما يهدف إلى تصحيح بعض الأخطاء التاريخية وتعزيز صلة الطلاب بثقافتهم وتاريخهم ودينهم.

في المقابل، ترى المعارضة أنه محاولة لتغيير أيديولوجي واسع في التعليم ويهدف إلى التقليل من الطابع العلماني للمناهج القديمة على حساب تعزيز حضور الدين الإسلامي في هذه المناهج، بالإضافة إلى تقليل حضور رموز العلمانية وعلى رأسهم «مصطفى كمال أتاتورك» مؤسس الجمهورية.

وبحسب التسريبات وما تنشره وسائل الإعلام التابعة للمعارضة، فإن المناهج الجديدة تقلص من الدروس التي تتحدث عن سيرة وقيم مؤسس الجمهورية التركية «مصطفى كمال أتاتورك»، إلى جانب إضافة دروس تتعلق بتعريف الجهاد وأخرى تتعلق بانتصارات الجيش العثماني، وتركز بالمجمل على إضعاف علمانية المجتمع وإضفاء الصبغة الإسلامية عليه.

من جانبها، تقول الحكومة إن من أهداف التغيير حذف الحشو غير اللازم، فيما أكدت المعارضة أن حذف الحشو طال، المواضيع التي تتحدث عن حياة وتاريخ وبطولات «أتاتورك» الذي يأخذ حيزا واسعا من مناهج التعليم خاصة في المراحل الابتدائية الأساسية ويعتبر المساس بقيمه بمثابة خط أحمر للمعارضة العلمانية التي أسسها.

وإلى جانب ذلك، حذفت من المناهج التعليمية الجديدة الدروس المتعلقة بنظرية التطور للبريطاني «تشارلز دارون» بعد جدل طويل حول واقعيتها ومدى توافقها مع العلم، بالإضافة إلى اعتبارات أخرى تقول إنها تتعارض مع الدين الإسلامي، وهو ما عارضه العلمانيون.

تاريخ الدولة العثمانية

وتمت إضافة دروس تتحدث عن انتصارات الدولة العثمانية، لا سيما معركة «كوت العمارة» التي جرت بين الجيش العثماني والإنجليزي في العراق في الحرب العالمية الأولى وانتصر فيها العثمانيون بعد حصار طويل استسلم في نهايته الجيش البريطاني.

وأعيد الاحتفال بهذه المناسبة في المدارس بعد أن تم إلغاؤها منذ عشرات السنوات بضغط من وتركز المناهج الجديدة أيضا على شرح محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في 15 يوليو/تموز الماضي، ويتم شرح المحاولة من باب الدفاع عن الديمقراطية في البلاد.

وبحسب تصريح سابق لـ«أردوغان»، فإنه جرى إدراج تدريس اللغة التركية العثمانية في مناهج المرحلة المتوسطة في البلاد للحفاظ عليها، كما جرى إدخال دروس اختيارية لدراسة اللغة العربية.

كما يعمل «وقف المعارف» التابع لرئاسة الوزراء التركية، على تغيير المناهج في المدارس التي كانت تديرها منظمة «فتح الله كولن» في 50 دولة، حيث يخوض «أردوغان» جهودا دبلوماسية مكثفة جدا لتحويل ملكية مدارس «كولن المنتشرة حول العالم إلى هيئة تتبع للحكومة التركية.

وفي سياق متصل، دعا «أردوغان»، الأحد الماضي، المواطنين الأتراك إلى المحافظة على اللغة التركية، واستخدامها في كافة مناحي الحياة، وتجنب استخدام الكلمات والمصطلحات الأجنبية، مؤكدا أنهم يعملون على نشر هذه الثقافة عبر البلديات المختلفة.

وعمل «أردوغان» خلال السنوات الأخيرة على إعادة إحياء ودعم وتوسيع ما يعرف بـ«مدارس إمام خطيب» الدينية والتي درس فيها خلال طفولته بمدينة طرابزون على البحر الأسود.

وبعد أن تقلص عدد طلاب هذه المدارس إلى عشرات الآلاف نتيجة التضييق في السابق، تمكن «أردوغان» من رفع عدد طلابها مجددا إلى أكثر من مليون طالب.

وبينما يرى مراقبون أن هذه الإجراءات تساهم في إضعاف قدسية «أتاتورك» في المجتمع ولدى الأجيال الجديدة، يرفض «أردوغان» وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في البلاد منذ 14 عاما الاتهامات لهم بالسعي لـ«أسلمة المجتمع» بالقول إن 99% من الشعب التركي هو مسلم ولا يصح إطلاق هذا الوصف على مجتمع غالبيته المطلقة هي من المسلمين بالأصل.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان العدالة والتنمية الدولة العثمانية الإسلام أتاتورك العلمانية المناهج