معركة «السيسي» الفاشلة.. النظام يقتل معارضيه ويغذي «التطرف» من أجل البقاء

الجمعة 2 يونيو 2017 11:06 ص

قتل يوم الجمعة 28 من المسيحيين الأقباط، بينهم العديد من الأطفال، بينما كانوا في طريقهم إلى ديرٍ بالقرب من مدينة المنيا في صعيد مصر، والتي تضم عددًا كبيرًا من المسيحيين. ويعد الهجوم الذي أصيب فيه أيضًا 24 شخصًا آخرون ضمن سلسلةٍ من الهجمات التي تستهدف أكبر أقلية في مصر.

 وفي عام 2017 وحده، استهدف 34 هجومًا المسيحيين الأقباط في مصر، مما أسفر عن مقتل 90 شخصًا. ووقعت ستة من هذه الهجمات في المنيا، حيث جرد الغوغاء العام الماضي امرأةً عجوز مسيحية وتم سحلها في الشوارع عاريةً بسبب شائعاتٍ عن علاقة بين ابنها وامرأةٍ مسلمة. ووقع الهجوم الأخير في الوقت الذي أعلنت فيه مصر حالة الطوارئ في شهر أبريل/نيسان، وذلك بعد أن أسفرت تفجيراتٌ وقعت في كنيستين عن مقتل 44 شخصًا على الأقل.

وبالنسبة للنظام المصري، يبدو أنّ حالة الطوارئ تنطبق فقط على معارضيه وليس المتطرفين العنيفين الذين يمارسون أعمالهم بشكلٍ أفضل من المعتاد. وفي الشهر الماضي، اعتقل الأمن المصري عشرات الناشطين الشباب وأعضاء الأحزاب السياسية في جميع أنحاء البلاد في حملة قمعٍ مستمرة. وتفاوتت الاتهامات بين إهانة الرئيس وتوجيه الانتقادات للنظام على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصةً فيسبوك. واستدعت السلطات «خالد علي»، وهو محامٍ بارزٌ في مجال الحقوق ومرشحٌ سابقٌ للرئاسة، ولكن أفرج عنه بكفالة.  والمحامي «خالد علي» هو الذي تحدى الحكومة المصرية وفاز بحكم إبطال التنازل عن نقل جزيرتين مصريتين إلى السعودية. كما أنّه مرشحٌ محتملٌ للانتخابات الرئاسية عام 2018.

وكجزءٍ عاديٍ من حملته، أغلق النظام المصري 21 موقعًا إخباريًا، مدعيًا أنّها تدعم الإرهاب وتنشر «أخبارًا مفبركة». وفي الوقت نفسه، يقوم الجيش بقتل سكان شمال سيناء بشكل عشوائي. وسواء كانوا إرهابيين أم لا، يتم قتل الناس الذين يتم القبض عليهم، ويشاع أنّهم قد قتلوا في تبادلٍ لإطلاق النار. تم هدم المنازل، ودمرت المدن، ووصل قتل المدنيين بداعي الحرب على الإرهاب إلى ذروته. وأظهر مقطع فيديو مسرب الجيش المصري وهو يقتل رجالًا غير مسلحين كانوا معصوبي العينين، وقام بإطلاق النار على رؤوسهم. وأصدر الجيش صورًا تبين هؤلاء الرجال أنفسهم وادعى أنّهم قد قتلوا في معركةٍ مسلحةٍ مع الجيش.

النجاح على طريقة السيسي

ولأنّ الإرهاب قد تجاوز حدود شمال سيناء ووصل إلى عدة مدنٍ في البر الرئيسي المصري بما في ذلك القاهرة، بدأ الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» يتحدث عن نجاح عملياته العسكرية لمكافحة الإرهاب في سيناء، مدعيًا أنّ هذا النجاح دفع الإرهابيين إلى الفرار من سيناء . لكنّ أولئك الذين فروا من سيناء هم في الواقع المسيحيون. وفرت أكثر من مائة عائلة من شمال سيناء بعد قيام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بقتل المسيحيين. وفي فبراير/شباط، أصدر فرع تنظيم الدولة الإسلامية في مصر مقطع فيديو يحث أتباعه على قتل المسيحيين في جميع أنحاء البلاد، وكان أتباعه يفعلون ذلك تمامًا. ولا يوجد أحد يمنعهم، لأنّ فهم النظام المصري للأمن يقتصر على أمنه، وعلى احتجاز وتعذيب المعارضين وإخفائهم قسريًا، وقتل دعاة الديمقراطية وأعضاء الأحزاب السياسية خارج نطاق القضاء.

بيد أنّ الهجمات الإرهابية تطغى على جميع انتهاكات حقوق الإنسان والقمع ضد دعاة الديمقراطية. وهو بالضبط ما يريده السيسي، أن يقود بلدًا يعاني من الإرهاب، الأمر الذي يتيح له اتخاذ التدابير التي تشتد الحاجة إليها حتى لو غضب شعبه. وتعطي هذه الهجمات «السيسي» ذريعةً للقضاء بشكلٍ أوسع على المعارضة، دائمًا تحت ستار المعركة التي لا نهاية لها ضد الإرهاب. وفي كلمةٍ ألقاها أمام المصريين وقدم فيها تعازيه، ذكر السيسي أنّه دعا «فخامة الرئيس ترامب» إلى دعمه في مكافحة الإرهاب، وأعلن «ثقته المطلقة» في الرئيس الأمريكي. ومن جانبه، أصدر ترامب بيانًا يدين الهجوم ويعلن أنّ «أمريكا تقف مع الرئيس السيسي».

وقد يعتقد الرئيس «ترامب» أنّ «السيسي يقوم بعملٍ رائع»، وأنّ واشنطن تدعم قائدًا حاسمًا في مكافحة الإرهاب. لكنّ «السيسي» قد فشل في القيام بذلك. وهو مشغولٌ بتأمين رئاسته وتجنب ثورة أخرى أو ظهور مرشحٍ رئاسيٍ محترمٍ ضده قد يهدد مكانته. ولا تعد القمة التي عقدت في الرياض مشؤومةٌ فقط بسبب المشهد الخيالي «لمس الكرة المضيئة»، ولكن لأنّ أولئك المكلفين بمكافحة الإرهاب يتسببون في التمكين له على أرض الواقع.

ويخلق «السيسي»، مع ديكتاتوريته الوحشية، الكراهية والفراغ الذي يمكّن للمجموعات المتطرفة التلاعب به بسهولة لتجنيد المزيد والمزيد من المصريين. وسجل المملكة العربية السعودية المخجل في انتهاكات حقوق الإنسان، وقطع رؤوس الزعماء الشيعة، وقتل اليمنيين، وتمويل المؤسسات والجماعات الدينية المتطرفة، معروفٌ للجميع، ولا يمكن لها أن تصبح بلدًا العنف والتطرف. و«ترامب»، مع سياسات الاستبعاد والانقسام والتمييز، لن يساعد سوى في ظهور الأيديولوجيات المتطرفة.

وفي الماضي، كان من الممكن لدعاة الديمقراطية أن يدعون الولايات المتحدة لدعمهم ومساندتهم، لكن الآن أصبحت الولايات المتحدة مؤيدًا رئيسيًا للوحشية والقمعية، وفي حالة «السيسي»، الزعماء الفاشلين.

المصدر | لوب لوج

  كلمات مفتاحية

السيسي أقباط مصر ولاية سيناء خالد علي الحملة على المعارضة