كريستيان ساينس مونيتور: كيف أخفت التحيزات الثقافية دور المرأة في «الدولة الإسلامية»؟

الاثنين 5 يونيو 2017 04:06 ص

كشفت فتاة تونسية أبعاد اتخاذها لقرار جرىء بترك حياتها وأسرتها، واتجاهها إلى ليبيا للانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة، حيث قامت هناك بما وصفته بـ«الدفاع عن المسلمين». لتسلط صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الضوء على قرار العديد من النساء، بالتوجّه إلى الانضمام للتنظيم، لا لشيء كالاستغلال أو التجنيد الذي غالبًا ما يتم اعتباره سبب انضمامهن، ولكن بسبب قناعة كاملة وإيمان بضرورة وأهمية مشاركتهن ضمن صفوف المقاتلين.

وبحسب صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»، فإن هناك أمر واحد دفع خريجة الجامعة «إمنا» للتخلي عن حياتها في الطبقة المتوسطة بتونس، وحمل ما يسمى بـ«راية تنظيم الدولة في ليبيا المجاورة التي مزقتها الحرب».

وقالت «إمنا» إنها لم تتأثر ببعض الجهاديين اللبقين، كما تقول إنها لا تهرب من وطن محطم، ولا حياة مضطربة أو فقر، ولكنها انضمت لسبب واحد بسيط. حيث قالت «أردت أن أدافع عن المسلمين السنة»، وذلك باستخدام اسمها المستعار، عبر سكايب من تونس.

وعلى عكس ما يقدر بنحو 200 من المجندين الذكور في التنظيم، والذين عادوا إلى تونس من ساحات القتال الخارجية، لم تواجه الشابة البالغة من العمر 24 عامًا السجن.

وتشير الصحيفة أنه على مدار ما يقرب من ثلاث سنوات، تم تهميش دور المرأة في تنظيم الدولة و ابتذاله من قِبل الصحافة و الإعلام والجمهور.

ففي وسائل الإعلام الغربية والعربية، كثيرًا ما تُصور النساء على أنهن «ضحايا» للرجال، وأنهن تعرضن «لغسل دماغ من قِبل الرجال ذوي السلطة عليهن». وتلفت «كريستيان ساينس مونيتور» إلى أن هناك «مزيد من المزاعم الفاضحة، وخاصة في الصحافة العربية، تتمثل في أن العديد من النساء ينضممن إلى التنظيم للزواج والعلاقات الجنسية مع المقاتلين، فيما يسمى بجهاد النكاح، أو الجهاد الجنسي».

ووفقًا للخبراء الذي استعانت بهم الصحيفة الدولية، يقولون إن السبب الحقيقي وراء ولاء المرأة لتنظيم الدولة هو «أبسط بكثير وأكثر قتامة، وهو أنهن يؤمن حقًا بقضية التنظيم». محذّرين من أنه «إن لم تتغلب الدول في الغرب والعالم العربي على التحيز الثقافي، الذي كثيرًا ما يعفو عن المرأة ويتجاهل حقوقها السياسية، فالانحياز الذي يشنه تنظيم الدولة، والذي يعتمد بشكل متزايد على النساء، وربما يستغلهن عمدًا، قد يجعلهن يواجهن قريبًا تهديدات أمنية وشيكة».

 

استعداد المقاتلين

وتشير الصحيفة العالمية إلى أنه لا توجد أرقام دقيقة لعدد النساء اللاتي انضممن إلى تنظيم الدولة. ولكن بحسب تقديرات مختلفة، يُرجَّح انضمام حوالي 10% من المجندين الغربيين من النساء، بينما انضم الآلاف إلى المجموعة من الدول العربية، مثل السعودية، تونس، الأردن، سوريا والعراق.

وتضيف «كريستيان ساينس مونيتور»: «في حين أن المنافس الجهادي للمجموعة هو تنظيم القاعدة، والذي أدى فرع منه إلى صعود تنظيم الدولة، فغالبًا ما قاموا بتنحية النساء لتنشئة "الجيل القادم" من الأطفال الجهاديين، إلا أن تنظيم الدولة وضع النساء في الجبهة والمركز، وقاموا بالاعتماد عليهن للدعاية والأمور اللوجستية والتجنيد في الشرطة، بل والقيام بهجمات».

يقول «حسن أبو هنية»، الخبير الأردني في الحركات الجهادية: «نشهد تحولًا فيما يتعلق بالنساء الجهاديات، من العمل كمصدر دعم ليصبحن أنفسهن مقاتلات نشطات».

لم يكن لأي منهن دور أكبر من لواء الخنساء، وهي القوة التابعة للشرطة النسائية التي تفرض قوانين تنظيم الدولة ومراسيمها في سوريا والعراق، والتي اتُهمت بالتعذيب والاختفاء القسري للنساء. لكن النساء يشاركن في أكثر من مجرد العمل بالشرطة، وفقًا للصحيفة.

مستطردة أن هناك اعتقاد بأن تنظيم الدولة أرسل أول امرأة انتحارية له خلال المعركة ضد القوات الكردية للسيطرة على مدينة كوباني في شمال سوريا أواخر عام 2014. ومنذ ذلك الحين، قام التنظيم بإرسال النساء كمهاجمات انتحاريات في ليبيا وتركيا، في حين أن هناك إناث اشتبه في أنهن انتحاريات تم القبض عليهن في فرنسا والمغرب وإندونيسيا، خلال العام الماضي. مؤكدةً أن المرأة قد اثبتت بالفعل أنها تلعب أدوارًا رئيسية في التخطيط لهجمات التنظيم في باريس والأردن وتركيا.

 

المواقف الثقافية

رغم ذلك، تواجه الأجهزة الأمنية العديد من العوائق اللوجستية والثقافية في رصد النساء كعضوات محتملات في تنظيم الدولة، وتتبعهن والتحقيق بشأنهن.

حيث يتمثل العائق الأول في أن المرأة في المجتمعات الإسلامية المحافظة غالبًا ما تكون «محمية»، و«الاختلاط مع الغرباء من الذكور، حتى رجال الشرطة أو وكلاء الأمن، دون وجود قريب من الذكور، يعتبر من المحرمات، وحتى أنه أمر مخزي»، وفقًا للصحيفة.

وتنقل عن خبراء أمنيين أن «تنظيم الدولة يستغل هذه الحساسيات، ويعتمد بشكل متزايد على النساء؛ بسبب صعوبة تتبعهن لموقفهن الثقافي ومفاهيمهن التقليدية عن "شرف" العائلة، فيكون من الصعب بشكل أكثر ملاحقتهن».

مضيفة بحسب مصدر أمني أردني: «لا نستطيع أن نتوجه فقط إلى الباب ونرفع الحجاب عن كل امرأة أو نراقب جميع المدارس والمقاهي النسائية». أضاف: «ذلك سيتسبب في إثارة أعمال شغب. يجب على المجتمع أن يلعب دورًا كبيرًا في هذا؛ لأنه بإمكانهن الذهاب حيث لا يمكننا أحيانًا».

وتقول مصادر أمنية أخرى إنه في المجتمعات الأكثر تحفظًا مثل المملكة العربية السعودية، حيث يجب على المرأة الحصول على إذن من الأوصياء الذكور للسفر، يشار إلى أنه إذا انضمت امرأة إلى جماعة متطرفة فهذا يعبر عن «انتقاد للأسرة»، وبالتالي تُرفض بشدة.

قال مسؤول في وزارة الداخلية السعودية للصحيفة الدولية – وطلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «نعامل أعضاء التنظيم من النساء بنفس درجة خطورة الرجال، لكن علينا أن نكون حذرين في التعامل مع بعض الحساسيات المعينة».

 

لماذا يقاتلن؟

وتحت عنوان «لماذا يقاتلن؟» تنقل الصحيفة عن خبراء إن الدول، العربية منها والغربية، بحاجة إلى «تغيير مواقفها تجاه المقاتلات من النساء، بعيدًا عن التضحية بهن، حيث يتم تجاهل وإنكار المظالم السياسية الحقيقية، التي تدفع النساء للانضمام إلى الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة».

«نيمي جوريناثان»، الأستاذة في مدرسة كولين باول للقيادة المدنية والقيادة العالمية في نيويورك وخبيرة في شؤون النساء بالجماعات المسلحة، تقول: «من الصعب جدًا قبول فكرة أن تكون النساء عنيفة في هذه المجتمعات، وحتى في المجتمعات الغربية».

وتضيف البروفسورة إنه «يتم النظر إلى النساء اللواتي ينضممن إلى الجماعات المسلحة على أنهن نساء معتلات اجتماعيًا». وتابعت: «يعزز المجتمع فكرة أننا يمكن أن نعيد لها إنسانيتها مرة أخرى بتذكيرها أنها امرأة، وتشجيعها على بدء تكوين أسرة».

صحيفة «كريستيان ساينس» التقت بالعديد من النساء اللواتي من خلال تطبيقات المراسلة والمواقع، وأكدن إن لديهن أسباب مماثلة للانضمام إلى تنظيم الدولة؛ تمثلت في «الدفاع عن المسلمين السنة من النظام السوري، ومحاربة إيران والغرب، وللعيش تحت رعاية ما يسميه تنظيم داعش بأحكام الشريعة».

وقالت الكثيرات إنه «تم دفعهن من خلال أزمات حقيقية في المنطقة، مثل الحرب في سوريا، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والنفوذ المتزايد لإيران، والتي تفاقمت جميعها بسبب عدم قدرتهن على أن يكون لهن صوت سياسي في الداخل». و بدلًا من توظيفهن، سعين إلى تنظيم الدولة كمتحولات أيديولوجيات حقيقياتو بحسب الصحيفة.

الحديث عن النساء بوصفهن «ضحايا» بدلًا من كونهن فاعلين هو دور يحظى بالمناصرة والدفع من قبل أسر النساء اللواتي انضممن إلى التنظيم، حيث يضغطون من أجل عودتهن والعفو عنهن من قبل الدولة.

يقول «محمد إقبال»، من جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، وهي مجموعة مناصرة لأسر الرجال والنساء الذين غادروا للانضمام إلى الجماعات الجهادية: «نرى هؤلاء الشبان والشابات ضحايا، وهم مخدوعون ومغرر بهم».

ووفقًا لبعض الخبراء، فرغم ذلك، اتخذت الدول والمنظمات غير الحكومية «نهجًا خاطئًا لإعادة دمجهن في المجتمع، نتيجة للمفاهيم الخاطئة حول سبب انضمام النساء إلى الجماعات المسلحة مثل تنظيم الدولة».

وتختتم الصحيفة موضحةً أن العديد من الدول العربية تترك الأمر للمجتمعات المحلية؛ لإعادة إدماج النساء المنضمين للتنظيم. بينما تقدم المنظمات غير الحكومية الدولية، التي تنفذ برامج «نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج» وتقديم ماكينات الخياطة والمشاريع المنزلية المدرة للدخل، مما يعزز من «الهوية الأنثوية».

وتقول «جوريناثان»: «بالنسبة للنساء، فالحال كما لو أننا سنأخذهن من عام 2017 ونعيدهن إلى الخمسينيات، حيث إن هذا من شأنه أن يوفر حلًا لأمازتهن السياسية الكامنة بداخلهن».

  كلمات مفتاحية

تنظيم الدولة المرأة سيدات نساء ليبيا تونس كريستيان ساينس مونيتور حكومة

عازفة روك بريطانية تنضم لـ«الدولة الإسلامية» وتهدد بقطع رؤوس المسيحيين

ابنة مسؤول سوداني كبير تنضم لـ«الدولة الإسلامية» في سوريا

نساء استراليات ينضممن إلى تنظيم «الدولة الاسلامية»

منشور منسوب لتنظيم «الدولة الإسلامية» يفتي بجواز اختطاف النساء كـ«سبايا»