لماذا يتم تشويه قطر؟

الاثنين 12 يونيو 2017 06:06 ص

تتعرض قطر، أغنى دولة في العالم اليوم من حيث نصيب الفرد من الدخل، للحصار من قبل جيرانها العرب الخليجيين برًا وبحرًا وجوًا.

وقطعت السعودية والإمارات ومصر واليمن علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وطلبت من مواطنيها مغادرة البلاد خلال 14 يومًا. لكنّ هذه الإجراءات ما كانت تؤدي إلى الكثير بشأن الاتهام المزعوم لقطر بـ «تمويل الجماعات الإرهابية»، وبدا بشكلٍ أكبر كرغبة في وضعها تحت الحصار من أجل فرض تغييرٍ في مواقف سياستها الخارجية المستقلة.

وتعتبر السياسة الخارجية لدولة قطر تهديدًا للملكية الخليجية، ليس فقط لعلاقات قطر الجيدة مع إيران، والتي تعتبر عدوًا للممالك العربية الخليجية السنية، بل لأنّها دعمت الشعوب في الشرق الأوسط، للوصول إلى السلطة على حساب الأنظمة.

وتعد واحدة من أكبر التهديدات الوجودية التي تواجهها دول الخليج هي شعبية جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، والتي تعتبر واحدة من أكبر المنظمات المدنية في العالم الإسلامي. وبينما كانت قطر تدعم تاريخيًا جماعة الإخوان، فقد حظرتها السعودية والإمارات وحاولت سحق نفوذها.

ولم يعد بإمكان الملكيات الخليجية أن تتسامح مع هذا الصوت النشاز بين صفوفها، في الوقت الذي لدى العديد منهم علاقة ضعيفة مع رعاياهم، وأقليات شيعية كبيرة لا تهدأ (وفي حالة البحرين أغلبية 60%)، ومطالبات متزايدة في الشارع العربي للديمقراطية ومساءلة الحكومات. كما اتُهمت قطر بدعم المسلحين الشيعة في شرق السعودية والبحرين.

ومن أجل الحفاظ على سيطرتها على السلطة، تحتاج الأسر المالكة في الخليج إما إلى كبح جماح حكام قطر أو الشروع في قلب النظام.

وتهدف الخطة «أ» إلى تشويه صورة القيادة القطرية، ورسمها كراعٍ للإرهاب، وإعاقة اقتصادها، ما لم تلبِّ مطالبها الجماعية. لكنّ مطالبهم لا علاقة لها بقضية الإرهاب، لكنّها تهدف إلى إضعاف نفوذ قطر في المنطقة.

وكان أحد هذه المطالب هو إغلاق قناة الجزيرة، التي تعتبر أداة السياسة الخارجية للأمير القطري. لكن قد لا يستطيعون التأكيد على أنّ تقارير الجزيرة قد دعمت الشبكات الإرهابية. وقد منعت السعودية بث الجزيرة، وأغلقت مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية القطرية، وأغلقت حدودها البرية مع قطر. وتأتي 40% من واردات قطر الغذائية من السعودية، لكنّ إيران وعدت بملء الفراغ.

وكان هناك طلبٌ آخر من دول مجلس التعاون الخليجي لقطر، وهو طرد القيادة السياسية لحماس التي كانت في الدوحة. وإذا فشل الضغط في دفع قطر لتغيير مسارها، فهناك دائمًا خطة «ب»، وهي خيار تغيير النظام. وبالنسبة لأولئك الذين ظنّوا أنّه خيارٌ غير وارد، نذكرهم بما أدلى به رئيس لجنة العلاقات العامة السعودية الأمريكية، «سلمان الأنصاري»، الذي كتب على تويتر: « إلى أمير قطر، بشأن مواءمتك مع الحكومة المتطرفة في إيران، وإساءتك لخادم الحرمين الشريفين، أود أن أذكرك بأنّ محمد مرسي قد فعل نفس الشيء تمامًا، ثم تم إسقاطه وسجنه».

وكانت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تنضم إلى جوقة الإدانة ضد القيادة القطرية هي الكويت، التي تحاول التوسط في النزاع الذي يمزق مجلس التعاون الخليجي. ولقد برزت الكويت تاريخيًا من بين حلفائها الخليجيين، حيث كانت أول دول الخليج التي يكون لديها برلمانًا، وتجري انتخابات بشكلٍ منتظم، وهي عمومًا مجتمعٌ أكثر انفتاحًا وتسامحًا.

وإذا سأل أحدهم، «من المستفيد» من الصراع المتصاعد، يمكن للمرء أن ينظر إلى ما وراء دول الخليج إلى حلفائها. وينبئ الموقف الرسمي للحكومتين الأمريكية والإسرائيلية بالكثير، فقد أشادتا بحماس بالحملة المناهضة لقطر. وكتب الرئيس «دونالد ترامب» على موقع تويتر أنّ زيارته السعودية تؤتي ثمارها لأنّها بدأت باتخاذ خطٍ متشددٍ ضد تمويل التطرف، و«كلها تشير إلى قطر».

وبالمثل، أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي «أفيغدور ليبرمان» بالتدابير المناهضة لقطر. ولا تنظر الولايات المتحدة و(إسرائيل) إلى التطورات على أنّها تضعف محور المقاومة ضد إيران من خلال الضغط على البلد الذي يوفر الحماية لحماس، لكنّ العداء بين البلدان الإسلامية في المنطقة يناسب أيضًا مصالحها من حيث الانقسام والحكم.

والسؤال المتبقي هو: لماذا الآن؟ كل شيء يشير إلى أنّ هذه كانت حملة محسوبة بعناية، مدفوعة من عواصم السعودية والإمارات والولايات المتحدة.

وقد بدأ الهجوم سابقًا باختراق وكالة الأنباء القطرية (قنا) في 24 مايو/أيار، والذي وضع أخبارًا مزيفة لإحراج أمير قطر. وفي غضون دقائق وفي منتصف الليل، كانت قناة العربية السعودية، و قناة "سكاي نيوز العربية" الإماراتية تنقلان الأخبار المزيفة وتعيد بثها. وفي غضون أقل من ثلاث ساعات، أجرت القناتان مقابلاتٍ مع ما لا يقل عن 11 سياسيًا حول ردود أفعالهم على التصريحات قبل أن يستيقظ القطريون.

وقبل تطورات هذا الأسبوع، كان هناك 14 مقالًا في الصحافة الأمريكية حول الخطر الذي تمثله قطر على الاستقرار الإقليمي. وكشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة من حساب السفير الإماراتي في الولايات المتحدة أيضًا عن التعاون الواسع بين منظمةٍ غير حكومية محافظة موالية لـ (إسرائيل) في واشنطن والإمارات، في وضع استراتيجية لكيفية تشويه سمعة قطر وتقليص نفوذها في المنطقة.

كما أنّ محاولة التأثير على مصير ثاني أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، والتي تستضيفها قطر، قد يكون أحد الدوافع أيضًا. ولدى الولايات المتحدة 10 آلاف من جنودها هناك، وتعتمد عليها في الطلعات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية وإلى أفغانستان.

وفي حسابات «ترامب»، فهو لا يرى شيئًا يخسره. وقد أعطت رحلته في الشرق الأوسط الضوء الأخضر إلى دول الخليج على نحوٍ فعالٍ لكي تأخذ المبادرة لاحتواء إيران وأصدقائها. ويبدو أنّهم لم يضيعوا أي وقتٍ للبدء.

المصدر | إندبندنت أون لاين

  كلمات مفتاحية

قطر الإمارات السعودية الجزيرة الربيع العربي