«إيكونوميست»: «الصديق الوفي» لترامب يواصل قمع معارضيه في مصر

الأربعاء 14 يونيو 2017 07:06 ص

يقوم «عبد الفتاح السيسي» بضوء أخضر من الرئيس الأميركي، بسحق معارضيه.

كان سقوط «خالد علي» سريعا كما كان سخيفا أيضا. ففي العام الماضي رفع السيد علي دعوى قضائية ضد الحكومة المصرية بشأن خططها لمنح جزيرتين إلى المملكة العربية السعودية. الصفقة، التي رآها الكثير من المصريين باعتبارها مقايضة مخزية (الأرض مقابل النقد)، أدت إلى احتجاجات نادرة ضد الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، ولذلك عندما منعت المحكمة العليا في البلاد نقل الجزر في يناير /كانون الثاني، احتفل السيد علي وأنصاره وصاحوا خارج المحكمة.

في 23 مايو/أيار اتهمت الدولة السيد علي بعمل حركة غير لائقة بيده خلال ذلك الاحتفال، وبعد خمسة أشهر من الواقعة، ألقت القبض عليه. وهو واحد من عشرات من الشخصيات المعارضة المعتقلين في الشهرين الماضيين بتهم مضحكة مماثلة. وقد منعت الحكومة أيضا بعض المواقع، وداهمت المنازل وقامت بعرقلة عمل بعض المنظمات غير الحكومية. وحتى قبل هذا كله، كان قمع «السيسي» غير مسبوق. ولكن مع احتجاج قليل من أمريكا أو أوروبا، ومع الانتخابات القادمة في العام المقبل، فإن الرئيس لديه توجه نحو تكثيف قمع المعارضة.

وتقول الحكومة أنها تتصرف باسم الأمن. ففي 26 مايو/أيار قتل مسلحون 29 من الأقباط في هجوم على حافلة جنوب القاهرة، وكان ذلك هو الأحدث في سلسلة من الهجمات. ولكن القمع موجه ضد المنتقدين، وليس ضد الإرهابيين. فقد استهدفت السلطات الأحزاب السياسية الديمقراطية، مثل حزب العيش والحرية، الذي يديره السيد «علي».

إن وجود عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في السجون هو الوضع الطبيعي في مصر ومع هذا العدد الكبير فإن الدولة ستقوم ببناء 16 سجنا جديدا. ومع ذلك لا يزال هناك خوف من الصحافة، حيث منعت الحكومة عدة مواقع إخبارية مستقلة الشهر الماضي.

وشدد «السيسي» ذلك أيضا مع قانون جديد بشأن المنظمات غير الحكومية يعطي الحكومة القول الفصل حول ما يفعلونه، وكيفية تمويلهم. وكانت السلطات تستخدم بالفعل حظر السفر وتجميد الأصول والملاحقات القضائية لإغلاق المجموعات التي تعتبر مزعجة. ويقول نشطاء: «لا أحد يعمل مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان». ويقول «محمد زارع» من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. أنه نفسه وجهت إليه تهمة أخذ الأموال الأجنبية ويمكن أن يواجه عقوبة السجن المؤبد.

وتعد صيغ القوانين المصرية غامضة وهي بالفعل بنيت لغرض القمع. ولهذا تجد المنظمات غير الحكومية أن عليها تجنب مثل هذه الجرائم باسم «الوحدة الوطنية وعدم زعزعة الاستقرار». واتهم السيد علي بـ «انتهاك الآداب العامة» في حين أن البعض الآخر من المتهمين المقبوض عليهم مؤخرا متهم بـ«إساءة استخدام منصات وسائل الإعلام الاجتماعي». ويريد بعض أعضاء البرلمان أن يجعل الأمور أسوأ عن طريق إجبار تسجيل مستخدمي فيسبوك وتويتر مع تجريم إهانة الحكومة على هذه المنصات.

تهدف حملة القمع إلى إفساح المجال أمام «السيسي» للفوز في انتخابات العام المقبل. وقال السيد «علي»، المرشح الرئاسي السابق، أنه يدرس ترشيح نفسه مرة أخرى. وإذا أدين، فإنه سيكون غير مؤهل. ولديه فرصة ضئيلة للفوز على أي حال، ولكن هذا قد يثير مسائل خطيرة في حملته، مثل نقل الجزر، الذي يريد «السيسي» تجنبها. كما يظهر الرئيس عرضة للانتقادات بشأن الاقتصاد على وجه الخصوص. وقد انتزع قرضا من صندوق النقد الدولي العام الماضي، وفرضت الحكومة ضرائب جديدة، رفعت أسعار الوقود وطرحت الجنيه المصري، وهو ما تسبب في ارتفاع التضخم.

الشيء الذي يمكن للسيسي الاعتماد عليه هو دعم الرئيس الأميركي «دونالد ترامب»، الذي استضافه في البيت الأبيض وأشاد بالطريقة التي «سيطر بها على مصر». في المقابل، قال «السيسي» أن «ترامب شخصية فريدة من نوعها قادرة على القيام بالمستحيل». ومظاهر الإعجاب المتبادل هذه تثير وتستفز النشطاء المصريين. وكما يقول معارض مصري «هذه كارثة.. السيسي يشعر أن لديه ضوء أخضر من ترامب».

لقد اتضح عدم اكتراث السيد «ترامب» بمجال حقوق الإنسان، خلال القمة في السعودية الشهر الماضي، حيث انعكست آثار ذلك في أماكن أخرى في المنطقة. في 23 مايو/أيار قامت السلطات في البحرين، بقتل خمسة أشخاص واعتقال 286 آخرين في غارة على منزل رجل دين شيعي بارز. كما يقول «نيكولاس مكيهان» من هيومن رايتس ووتش، أن «توقيت هذه العملية، جاء بعد يومين من اجتماع الملك حمد مع الرئيس ترامب، وهذا لا يكاد يكون من قبيل المصادفة». وبعد أسبوع حظرت الحكومة أكبر جماعة علمانية معارضة في البلاد.

قد لا يكون للمستبدين الذين يستمدون جرأتهم من دعم السيد «ترامب» مطلق الحرية تماما. حيث انتظر «السيسي» أشهر قبل توقيع قانون المنظمات غير الحكومية، ويرجع ذلك جزئيا لضغوط من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي مثل «جون ماكين» و«ليندسي غراهام». إنهم يأملون في جعل المساعدات الأمريكية لمصر مشروطة بإدخال تحسينات في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية.

  كلمات مفتاحية

السيسي قمع الحريات مصر خالد علي قانون الجمعيات

«ستراتفور»: أزمة الاقتصاد المصري تتفاقم.. والإصلاحات المقترحة لا تحظى بشعبية