العلاقات بين الجزائر ودول الخليج.. اختلاف دائم وصداقة هادئة

الخميس 15 يونيو 2017 09:06 ص

قررت الجزائر الوقوف على الحياد في الأزمة الخليجية الراهنة واكتفت بالدعوة إلى الحوار واحترام سياسة حسن الجوار رغم دعوات من أحزاب محلية أغلبها إسلامية للوساطة في القضية بحكم علاقاتها الجيدة مع مختلف دول المنطقة.

ويقول خبراء جزائريون أن علاقات الجزائر مع دول «مجلس التعاون الخليجي» بصفة عامة ظلت تتسم باختلاف كبير في المواقف من قضايا المنطقة العربية لكنها بقيت هادئة وودية ويعكس ذلك تبادل الزيارات على أعلى مستوى بين الجانبين.

وجاء في بيان للخارجية الجزائرية بعد قطع دول خليجية وعربية علاقاتها مع قطر أنها تتابع بانشغال تطورات الوضع وتدعو جميع الدول المعنية إلى اعتماد الحوار كسبيل لتسوية وتجاوز الخلافات التي يمكن أن تنشأ بشكل طبيعي بين الدول.

وأضاف: «كما تدعو الجزائر إلى ضرورة التحلي بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السيادة الوطنية للدول».

ومنذ الساعات الأولى للازمة بين قطر والسعودية والإمارات كان الموقف الجزائري متوقعا وواضحا، وهو عدم الانجرار خلف أي إجراء عقابي ضد دولة قطر والدعوة للحوار وهو نفسه الموقف الرسمي للخارجية الجزائرية .

وقال دبلوماسي جزائري لـ«الأناضول» إن الجزائر لديها مصداقية لدى طرفي الأزمة الحالية ويمكنها تقريب وجهات النظر بين الطرفين، لكن قبل هذا يبدو إن القيادة السياسية في الجزائر تنتظر ما ستسفر عنه الوساطة الكويتية الجارية حاليا وتحركات دولية أخرى بين قطر والإمارات والسعودية.

ويقول الدكتور «محمد الصغير» أستاذ الإعلام من جامعة قاصدي مرباح، جنوبي الجزائر، لـ«الأناضول»: «أعتقد أن الجزائر تعيش أجواء حرب باردة، مع دول الخليج، فالمراقب للعلاقة بين الجزائر ودول الخليج يخرج بقناعة بأن الجزائر تنتمي للمعسكر المناهض للسياسة الخارجية لدول الخليج في المنطقة العربية ورغم هذا فإن الجزائر تتبادل الزيارات باستمرار مع دول الخليج، وتحتضن استثمارات خليجية أهمها من الإمارات العربية المتحدة».

ويقول «بن عانو ياسين» (ملحق دبلوماسي جزائري متقاعد عمل في عدة سفارات عربية): «عند الحديث عن الأزمة الحالية بين قطر والسعودية والإمارات وموقف الجزائر منها، يجب أن نشير إلى أن مواقف الجزائر من الأزمات والحروب التي شهتها الدول العربية كانت دائما مختلفة عن مواقف دول الخليج».

وأوضح لـ«الأناضول»: «السبب هو طبيعة تركيبة السلطة في الجزائر، وطبيعة النظام السياسي الذي جاء نتيجة لحرب تحرير ثورية تواصلت 8 سنوات (1954/1962) لذلك يساند حركات التحرر في العالم ويرفض التبعية لأي محور لهذا تتعارض مواقف الجزائر من الأزمات الدولية مع دول الخليج العربي».

و أضاف المتحدث: «السبب الثاني للخلاف الجزائري الخليجي من الأزمات التي تعيشها المنطقة العربية هو أن السياسة الخارجية للجزائر مبنية على مجموعة من المبادئ الثابتة التي لم تتغير منذ عقود من الزمن، بل إنني أجزم أنه إذا ما توقعنا أزمة أو حربا ما بين دولتين في المستقبل فإنني قادر على تقديم موقف الجزائر من هذه الأزمة أو الحرب حتى قبل وقوعها».

وتابع: «ومن هذه المبادئ الثابتة عدم الانخراط في أحلاف عسكرية خارجية، وعدم اخذ موقف ضد أي دولة في أزمة بين دولتين، وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول، ومبدأ المعاملة بالمثل وهو أن تعامل الجزائر أي دولة بنفس الإجراء الذي تتخذه هذه الدولة، هذه المبادئ هي التي رسمت السياسة الخارجية للجزائر، يضاف إليها مبدأ دعم حركات التحرر في العالم».

وانطلاق من هذه المبادئ يضيف محدثنا رسمت الجزائر سياستها الخارجية في العقود الماضية، هذه السياسة التي تعارضت مع مواقف دول الخليج العربي.

ويقول هنا الدكتور «حافظ سعيدي» أستاذ القانون الدولي في جامعة الجزائر: «يمكننا تلخيص العلاقة الجزائرية الخليجية في عبارة قصيرة هي خلاف دائم وصداقة هادئة».

وأضاف المتحدث لـ«الأناضول»: «بدأت العلاقة بين الجزائر ودول الخليج العربي في السبعينات من القرن الماضي وكانت محصورة تقريبا في إطار منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، إلا أنه ومع بداية ثمانينات القرن الماضي، دخلت العلاقة في أزمة خطيرة، حيث وقفت الجزائر في بداية الحرب بين العراق و إيران ضد العراق، بسبب أن العراق كان هو البادئ بالحرب، ثم رفضت الجزائر طلبات من دول خليجية بمقاطعة إيران أثناء سنوات الحرب بين العراق و إيران».

وأضاف: «وبعدها في حرب الخليج الثانية أو حرب تحرير الكويت ، رفضت الجزائر الاستعانة بالدول الغربية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي».

ووفق هذا الخبير: «خلال هذه الأزمة عاشت العلاقة بين الجزائر ودول الخليج أسوأ مراحل تاريخها بسبب رفض الجزائر تحرير الكويت من قبل القوات الأمريكية، ثم رفضت الجزائر إصرار دول خليجية على مواصلة حصار العراق».

واسترسل: «ثم في أزمة ليبيا (عام 2011) رفضت الجزائر أيضا انخراط دول خليجية في الحرب ضد نظام العقيد معمر القذافي، كما رفضت التدخل الخارجي في الأزمة السورية ورفضت طرد نظام بشار الأسد من الجامعة ومنح مقعد سوريا في الجامعة العربية للمعارضة السورية، ثم رفضت مشروع العربية السعودية لإنشاء قوة تدخل عربية ورفضت المشاركة في حرب اليمن».

ويضيف المتحدث: «هذا الاختلاف بين الجزائر ودول الخليج في كل هذه القضايا دليل على الخلاف العميق بين دول الخليج والجزائر، إلا أن الجزائر حافظت رغم ذلك على علاقة متوازنة مع دول الخليج المختلفة من السعودية إلى قطر والإمارات والكويت».

ويشير المتحدث إلى أن السبب وراء هذا قد يكون الاستقلال المالي حيث تعتمد الجزائر على مواردها الذاتية في التنمية كما أن العمالة الجزائرية في دول الخليج ضعيفة جدا ولا يمكنها أن تشكل وسيلة تضغط بها دول الخليج على الجزائر.

ويقول الصحفي الجزائري «بوعلام فوزي» معلقا على طبيعة العلاقة بين الجزائر ودول الخليج العربي: «عند الحديث عن العلاقات الخارجية لأي دولة ومواقفها من الأزمات يجب أن نضع في حسابنا عدة اعتبارات فدول الخليج لديها هواجس أمنية شديدة ومخاوف من دولة إيران، كما أنها مرتبطة بعلاقات وأحلاف عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا».

ويضيف: «وربما أيضا أحد أسباب الخلاف بين الجزائر ودول الخليج هو أن الجزائر ترى نفسها غير معنية بالنزاعات العربية العربية، وخاصة بالنزاعات التي تشهدها منطقة الخليج العربي».

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

مجلس التعاون الخليجي الجزائر قطر الكويت الأزمة الخليجية القطرية