استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قـطـر.. ماذا بعـد كسـر الحـصار؟

الاثنين 19 يونيو 2017 01:06 ص

ليس السؤال المطروح الآن داخل قطر هو: كيف نكسر الحصار البري والبحري والجوي المفروض من قبل محور السعودية والإمارات والبحرين، أو طرح سؤال آخر عن الخطوات السريعة والأكثر فاعلية لكسر الحصار الاقتصادي الظالم وتقليص خسائره، سواء على المواطن أو الاقتصاد.

لكنّ السؤال الذي يشغل الجميع هو: ماذا بعد كسر الحصار؟، أو بمعنى آخر: ماذا نحن فاعلون في الفترة المقبلة، ماذا عن مرحلة الاكتفاء الذاتي من السلع الرئيسية، ما هي خطط الحكومة لتقليص الاستيراد، وتحديداً المواد الغذائية؟ أين خطط تنويع مصادر إيرادات الدولة، وعدم الاعتماد فقط على الغاز والنفط مصدرين رئيسيين للموازنة العامة؟ كيف نتفادى ما جرى مستقبلا؟

يتساوى في طرح السؤال السابق كل من صانع القرار السياسي والاقتصادي الذي نجح في احتواء أزمة الحصار بأقل الخسائر، بل وبدون خسائر في بعض الأوقات، والمقيمين في قطر سواء المواطن الذي تابع ما حدث لحظة بلحظة، أو الوافد الذي يهمه استقرار هذا البلد الخليجي.

فالجميع لاحظ توافر كل أنواع السلع، وبلا استثناء منذ اندلاع الأزمة، والجميع اعترف بعدم حدوث أية ارتفاعات حتى في أسعار السلع المستوردة، كما وجد كل هؤلاء استقرارا ملحوظا في القطاع المالي والمصرفي وأسواق السلع والصرف والعملات والمال وغيرها.

 

إذن، نجحت قطر في كسر الحصار الاقتصادي المفروض عليها من السعودية والإمارات في أقل من أسبوعين، كما نجحت في التغلب على تداعيات أكبر حصار بري وبحري وجوي شهدته المنطقة في السنوات الأخيرة، والأهم أنها حولت المحنة المفاجئة التي حلت بها وباقتصادها وبأسواقها إلى منحة يمكن أن تجني منها ثمرات كثيرة إذا ما أحسنت استغلالها.

وبسهولة يمكننا رصد هذا النجاح في العديد من المؤشرات التي لا تخطئها عين محايد متابع للأحداث على مدى الأسبوعين الماضيين، ومن بين هذه المؤشرات:

الأسواق:

 

نجحت قطر خلال الأسبوعين الماضيين في تلبية احتياجات الأسواق خاصة من السلع الغذائية، وخلال فترة وجيزة في عمر الشعوب نجحت الحكومة في جذب موردين دوليين جدد، بخاصة من تركيا واليونان والهند وسلطنة عمان والكويت وإيران والعراق وغيرها.

 

كما تدفقت الحاويات الضخمة على ميناء حمد الدولي محملة بكل البضائع والسلع، ونجح أسطول من الطيران القطري في تكوين جسر جوي لنقل كل السلع المطلوبة إلى السوق المحلي بما فيها الماشية والأبقار.

العملة:

رغم حالة القلق الشديد التي ثارت بين المستثمرين الأجانب في الأيام الأولى للحصار، بسبب زيادة المخاطر السياسية، الا أن الريال القطري شهد استقرارا ملحوظا مقابل الدولار والعملات الرئيسية، ولم يشهد تراجعا رغم ضغط السحب النقدي في بداية الأزمة والمزاعم التي أطلقها إعلام دول المحور من حدوث انهيار في قيمة العملة القطرية.

 

دعم هذا الاستقرار توافر سيولة نقدية تجاوزت 200 مليار دولار، إضافة إلى السيولة المتوافرة لدى الصندوق السيادي والبالغة 335 مليار دولار، واحتياطي من النقد الأجنبي تجاوز 42 مليار دولار.

 

كما دعم استقرار سعر الريال عدم فرض البنك المركزي القطري أية قيود من أي نوع على التحويلات المالية للخارج وتوفير السيولة للمتعاملين، هنا كانت الرسالة واضحة للجميع من قبل صانع السياسة النقدية: لن نتخلى عن عملتنا، ولن نسمح لها بالتراجع، ولن نسمح للمضاربين بالانتصار علينا أو إحداث هزة في سعر الريال يمكن أن تمثل قلقاً للمستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء.

البورصة:

خسرت 10% في الأيام الأولى للتعامل، خصوصاً مع اندفاع المستثمرين نحو بيع ما في حوزتهم تحسباً لتأزم الأزمة وتعقد المشهد السياسي وبالتالي الاقتصادي، الا أن نجاح قطر في كسر الحصار، وإقناع الخارج بوجهة نظرها أعاد المستثمرين الفارين سريعاً إلى البورصة، وهو ما دفعها لمعاودة الارتفاع مرة أخرى.

 

ويكفي أن نقول إن البورصة ربحت 1.3 مليار دولار في تعاملات الأسبوع الماضي، كما عوضت الخسائر التي منيت بها في الأسبوع الأول للأزمة.

 

مشروعات البنية التحتية:

لم تتأثر هذه المشروعات، خصوصاً المتعلقة بكأس العالم 2022 رغم ما قيل في بداية الحصار من أن نقص مواد البناء القادمة من السعودية ستشل حركة هذه المشروعات، لكن عجلة الإنتاج تواصلت في هذه المشروعات البالغ كلفتها الاستثمارية مليارات الدولارات، ودعم ذلك وجود مخزون ضخم من مواد البناء لدى قطر، ومشاركة مصانعها في توفير المواد الرئيسية مثل الحديد وغيره.

الطيران:

 

رغم أن الخطوط الجوية القطرية فقدت ما يقرب من 6% من حصتها السوقية بسبب حظر دخولها دول المحور، إلا أنها استطاعت بسرعة إيجاد وجهات جديدة، كما أبرمت اتفاقيات سريعة مع خطوط إقليمية لنقل الركاب المتعاقدين معها إلى دول العالم.

 

بشكل عام كانت رسالة صانع القرار القطري للجميع واضحة: لا توجد مشاكل هيكلية تواجه الاقتصاد القطري والعملة المحلية والأسواق وحتى البورصة المحلية بسبب الحصار، ولدينا من الإمكانات المالية ما يتيح لنا مواجهة أيه مشكلة ناجمة عن الحصار.

هذا عن الداخل، فماذا عن كسر الحصار خارجياً؟

لقد تحرك كبار المسؤولين القطريين لإبرام اتفاقيات تجارية ومالية واقتصادية مع الشركاء الدوليين، كما بعث صانع القرار في قطر برسالة مفادها أن ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم ملتزم بتنفيذ تعاقداته لتوريد الغاز لكل الدول المتعاقد معها، بما فيها بعض دول المحور التي تحصل على 30% من احتياجاتها من الغاز من قطر، كما أن لدى الدولة السيولة المالية التي تمكنها من مواصلة كسر الحصار الاقتصادي لسنوات مقبلة، ومحاصرة أية خسائر محتملة.

لقد أدارت الدوحة الأزمة اقتصاديا بهدوء شديد، نجحت خلالها في إعادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، على حد سواء بشكل سريع، وعودة ثقة أسواق المال.

هذا عن الوضع الحالي، فماذا عن المستقبل، هل تتحرك الحكومة لاستغلال الأزمة ودعم الصناعة الوطنية، خصوصاً المتعلقة بالسلع الغذائية؟ وهل يمكن أن تسارع في خطط تنويع مصادر الدخل، وتحديداً من قطاعات مثل السياحة والصادرات غير النفطية والزراعة؟

* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر صحفي اقتصادي

  كلمات مفتاحية

قطر دول الحصار حصار قطر الخطوط الجوية القطرية بورصة قطر الريال القطري مونديال 2022