رهان «دول الحصار» على «ترامب» خاطئ.. وموقف تركيا مؤثر

الجمعة 23 يونيو 2017 07:06 ص

قالت ورقة بحثية، إن الدول الأربع التي أعلنت مقاطعة وحصار قطر، راهنت بالخطأ، على علاقات شخصية مع مقربين من إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، وأغفلت حقيقة أن الولايات المتحدة دولة تحكمها مؤسسات تضع المصالح الإستراتيجية فوق كل الاعتبارات.

ولفتت الورقة الصادر عن مركز «الجزيرة للدراسات»، الخميس، إلى أنه «بعد ابتهاج الدول المحاصرة بتغريدات للرئيس الأمريكي ضد قطر، انسحب البيت الأبيض من الأزمة وأوكل متابعتها لوزارتي الدفاع والخارجية، اللتين أكدتا أكثر من مرة عمق العلاقة مع قطر وحيويتها».

وتناولت الورقة الحسابات الخاطئة التي اعتمدت عليها الدول المحاصرة لقطر والعوامل الإقليمية والدولية المؤثرة في الأزمة وآفاق حلها، كما سلطت الضوء على التقديرات غير الصائبة التي انطلقت منها دول الحصار.

وبحسب الورقة: «لم يتغير الموقف الأمريكي فقط من الانحياز للسعودية والإمارات إلى الوقوف على الحياد فحسب، بل خلصت وزارة الخارجية إلى أن عدم تقديم دول الحصار شكاوى ضد قطر يثير الشكوك حول مصداقية الإجراءات، وربما يعكس أن الأزمة تتعلق بمشاكل داخلية لا علاقة لها بمزاعم رعاية الدوحة للإرهاب».

شككت وزارة الخارجية الأمريكية بشدة في الدوافع التي ساقتها السعودية والإمارات العربية المتحدة لإعلان مقاطعتهما لقطر في 5 يونيو/ حزيران الجاري، قائلة إنها «مندهشة من أن الدول الخليجية لم تنشر أسباب شكواها».

وكانت هذه أقوى لهجة استخدمتها واشنطن حتى الآن بشأن الخلاف الذي تفجر بعد أن قطعت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل لعزل قطر، قبل أن تطالب الخارجية الأمريكية أن تكون قائمة المطالب واقعية وقابلة للتنفيذ.

وأشارت الورقة، إلى أن من الحسابات الخاطئة أيضا، «التعويل على اصطفاف عربي ضد قطر، بينما رفضت معظم دول المنطقة الحصار، وطالبت بحل الأزمة عبر اعتماد الحوار».

وفيما عدا نظام الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» المدين لأبوظبي والرياض بدعم انقلابه في 3 يوليو/ تموز 2013، رفضت الدول العربية الوقوف ضد قطر، وجاء الموقف المغربي مخيبا للمحاصرين نظرا لعلاقاته الوطيدة بالسعودية والإمارات.

وخلصت ورقة المركز إلى أنه «من الواضح أن السعودية والإمارات لم تُجريا اتصالات مسبقة لبناء تحالف من الدول يعزِّز موقفهما، وأنها فوجئت برفض العديد من الدول العربية والإقليمية تأييد حصار قطر ومقاطعتها».

موقف تركيا

وأضافت الورقة: «لكن الموقف الأكثر تأثيرا في الأزمة صدر عن تركيا، حيث صادق برلمانها على نشر خمسة آلاف جندي في قاعدة تركية بقطر، وعلى جناح السرعة، مما بعث رسالة واضحة بأن أنقرة ستقف إلى جانب الدوحة إذا اعتدت عليها جاراتها».

وأمس، وصلت، أول قافلة عسكرية تركية إلى قطر، في إطار الاتفاق القائم بين البلدين، لإنشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية، لتعزيز أمن البلاد ومنطقة الخليج بشكل عام.

وتهدف اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين الدوحة وأنقرة إلى زيادة القدرات الدفاعية للقوات المسلحة القطرية، من خلال تدريبات مشتركة، ودعم جهود مكافحة الإرهاب، وحفظ السلم والأمن الدوليين.

وأشارت الورقة إلى أن «ضعف موقف الدول المحاصرة لا يتعلق فقط بالحسابات الخاطئة، إنما أيضا بتهافت مبرراتها من جهة، وعدم استحضارها قدرة الدوحة على الصمود بفعل تحالفاتها الإقليمية والدولية من جهة أخرى».

قائمة الإرهاب

ولفتت الورقة البحثية، إلى أن قائمة الشخصيات والمنظمات الإرهابية التي ادَّعت صلتها بقطر، «وُضعت على عجل، وحملت أدلة على عدم كفاءة من أعدَّها».

وأضافت: «لقد ضمَّت القائمة منظمات خيرية ذات اعتبار دولي، ومستشارًا مقرَّبًا من الرئيس اليمني الذي يُفترض أنه وقف إلى جانب دول الحصار، ومصريًّا معتقلًا في سجون بلاده لم يدخل قطر مطلقًا، وقائد القوة القطرية في الحدِّ السعودي الجنوبي الذي وقف وقواته دفاعًا عن السعودية وأمنها طوال شهور».

وعن إمكانيات قطر، قالت الورقة البحثية إنها تجلت في قدرتها على إيجاد بدائل عن الدول المحاصرة عبر الاستيراد من عمان وإيران وتركيا ومن دول عديدة.

وتابعت: «بينما لم تستطع دول الحصار تبرير موقفها أوروبيا، نجح وزير خارجية قطر في دفع برلين وباريس ولندن لرفض التصعيد في الخليج والدعوة لحل الأزمة عبر الحوار».

الوساطة الكويتية

أما عن أفق الأزمة، فذهبت الورقة البحثية للمركز إلى ترجيح حل الأزمة عبر الوساطة الكويتية بالنظر إلى الرفض الأمريكي والإقليمي للتصعيد.

وأشارت إلى أن أهم مرجحات هذا الطرح رغبة ولي العهد السعودي الجديد «محمد بن سلمان»، في تكريس جهده للداخل وإقناع الأمريكيين بأهليته كلاعب مهم في المنطقة، بعد أن وظف الأزمة في صرف الأنظار عن معركته مع ابن عمه ولي العهد المعزول الأمير «محمد بن نايف».

وفي وقت سابق اليوم، كشفت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، أن السعودية وحلفاءها أمهلوا قطر 10 أيام، كي تستجيب لقائمة مطالب أبرزها قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وإغلاق القاعدة التركية العسكرية في الدوحة، وإغلاق شبكة «الجزيرة».

وفي 5 يونيو/ حزيران الجاري، أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها وإغلاق موانيها وأجوائها ومعابرها البرية في وجه الدوحة بادعاء تقديم الأخيرة «الدعم للإرهاب»؛ وهو الاتهام الذي نفته قطر بشدة، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.

ووفق مراقبين، فإن الدول الأربع منزعجة من وقوف قطر إلى جانب ثورات الربيع العربية، ودعم جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة الانقلاب العسكري في مصر، إلى جانب موقف قطر الداعي للحوار مع إيران لحل الخلافات معها.

كما تشتكي تلك الدول من تغطية شبكة «الجزيرة»، التي تكشف الكثير من مساوئها، ومخططاتها في المنطقة.

  كلمات مفتاحية

الأزمة الخليجية قطر ورقة بحثية الجزيرة للدراسات تركيا السعودية