«إيكونوميست»: طموح «بن سلمان» الشخصي يهدد المملكة

الأحد 25 يونيو 2017 04:06 ص

منذ اللحظة التي عُين فيها وليًا لولي العهد في أبريل/نيسان عام 2015، بدا «محمد بن سلمان» في طريقه لاعتلاء العرش. وقد تسلم ابن الملك «سلمان»، البالغ من العمر 29 عامًا فقط في ذلك الوقت، السيطرة على اقتصاد المملكة، وجُعل مسؤولًا عن محفظة الدفاع. وانتشرت صورة وجه الأمير الشاب في جميع أنحاء المملكة، ولكن كان معه دائمًا، صورة ابن عمه الأكبر، «محمد بن نايف»، الذي كان وليًا للعهد في مكانٍ بين الملك وخليفته المفضل.

لكن لم يعد هذا هو الحال. وفي 21 يونيو/حزيران، أقال الملك «سلمان» ولي العهد وحل محله «محمد بن سلمان»، الذي أنهى مشهد التغيير بقبلة على يد ابن عمه، قبل أن يغادر ولي العهد السابق قصر الصفا في مكة المكرمة. وقال الأمير الجديد: «أتعهد بالولاء لكم في الشدة والرخاء». وتحرص السلطات على إعطاء الانطباع بالانتقال المنظم. وأفادت وسائل الإعلام الحكومية أنّ 31 من أصل 34 من الأمراء المسؤولين عن مسار الخلافة قد وافقوا على التغيير.

لكنّ هذه الخطوة بالتأكيد أغضبت البعض في الأسرة المالكة. والملك «سلمان» هو الابن السادس لملك المملكة العربية السعودية المؤسس. وقد أحدث هزة في الأسرة عام 2015، حين تجاوز إخوته الباقين، وعين «محمد بن نايف»، ابن أخيه، وليًا للعهد. وكان تصعيد ابنه خروجًا أكثر إدهاشًا عن التقاليد. وتتركز السلطة الآن في فرعٍ واحد من شجرة العائلة المالكة. وتكثر المخاوف بشأن جدول أعماله الطموح في الداخل وتدخلاته المتهورة في الخارج.

ويأمل «محمد بن سلمان» أن ينوع الاقتصاد بعيدًا عن النفط ويسد عجزًا كبيرًا في الميزانية. وقد رحب الاقتصاديون بخطته، المعروفة بـ «رؤية 2030». لكنّ تنفيذه للخطة غير مستقر. وفي حين كان يُخطَط لتخفيض أجور موظفي الخدمة المدنية، تراجعت الحكومة في أبريل/نيسان عن هذه الخطوة. كما أعلن الملك إعادة المكافآت والإعانات التي قطعها «محمد بن سلمان». ومن شأن ذلك أن يضيف مليارات إلى عجز الميزانية هذا العام، المتوقع بالفعل أن يصل إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي. وتقول الحكومة أنّ اقتصادها آخذٌ في التحسن، لكنّ رجال الأعمال يتساءلون عن أرقامه وهل تتراجع أسعار النفط مرةً أخرى.

الأمير السعيد

ويخشى المحللون من أنّ الطموح الشخصي لـ «محمد بن سلمان» قد يؤدي لفشل خطته الإصلاحية. وكان من شأن المناورة الاقتصادية التي قام بها مؤخرًا، والتي تضمنت أيضًا وعودًا بالإسكان المجاني، أن تهدف إلى دعمه قبل ترقيته. وبالمثل، بعد أن أخذ المملكة إلى الحرب في اليمن المجاورة عام 2015، كان سعيدًا لفترةٍ من الوقت لظهوره كزعيمٍ عسكريٍ محنك. لكن مع تحول الصراع إلى مستنقع، تراجع عن الأضواء، وقال إن قرار الحرب كان جماعيًا.

ورغم أنّ الحرب قد أضرت بمصداقيته، يبدو أنّه لم يتعلم الكثير منها. وفي 5 يونيو/حزيران، قادت المملكة العربية السعودية دولًا عربيةً أخرى لعزل قطر، زاعمةً أنّ البلد الغني بالغاز يدعم الإرهاب، ويتمتع بعلاقاتٍ دافئة جدًا مع إيران. ولا أحد يعرف ما هي نهاية لعبة «محمد بن سلمان». ويخشى البعض من أنّه في محاولة لتأكيد زعامة المملكة في المنطقة، فإنّه يخاطر بزعزعة استقرارها. ويزعج هذا حتى المستثمرين الأجانب، الذين يحاول «بن سلمان» جذبهم.

وقد يكون الملك قد أراد تمهيد خلافة العرش لصالح ابنه قبل أن تتدهور صحته. ويقول بعض الساخرين أنّ «محمد بن سلمان» قد اشترى ودّ «ترامب» من خلال اتفاقيات شراء أسلحة أمريكية بقيمة 110 مليار دولار خلال زيارة الأخير إلى الرياض.

وقد تغير عددٌ من المواقف الهامة يوم 21 يونيو/حزيران، بل وأكثر من ذلك في الأشهر القليلة الماضية. ويبدو أنّ جميع التحركات الأخيرة تهدف إلى تعزيز سلطة «بن سلمان» من خلال تجميع السلطة في يد المقربين منه. فقد حصل، على سبيل المثال، على ولاء أعمامه من خلال منح أبنائهم مناصب بارزة. وكان شقيقه الأمير «خالد» قد عين سفيرًا لدى الولايات المتحدة في أبريل/نيسان الماضي. وقد عُين أميرٌ شاب غير معروف يدعى «عبد العزيز بن سعود بن نايف» وزيرًا للداخلية، بعد إنهاء قيادة «محمد بن نايف» الطويلة لأمن المملكة. وكانت جهوده في هزيمة الإرهابيين ناجحة عمومًا. ورأى الحلفاء أنّه شريكٌ موثوقٌ به. وربما كانت وزارته هي الأفضل من حيث الأداء الحكومي في المملكة.

ومع ذلك، لم تحقق وزارة الدفاع التي يديرها «بن سلمان» نفس النجاح في حرب اليمن. وبعد تقبيله يد ابن عمه الأكبر سنًا وهو يأخذ مكانه، قال له: «نحن دائمًا في حاجة إلى إرشادك وتوجيهك». ويأمل العديد من السعوديين أنّه كان يعني ذلك حقًا.

  كلمات مفتاحية

السعودية محمد بن سلمان تصعيد بن سلمان رؤية 2030

«سي إن بي سي»: صعود «بن سلمان» يدفع الشرق الأوسط إلى نقطة الغليان