بـ«الورقة الكردية».. السعودية تضغط على الجرح التركي

الخميس 29 يونيو 2017 06:06 ص

«الورقة الكردية».. جرح تاريخي مفتوح منذ عقود طويلة، وعادة ما يكون الضغط عليه الخيار الأول لأي يد راغبة في إيلام تركيا.

هذا بالتحديد ما سارعت إليه السعودية لمعاقبة تركيا على وقوفها إلى جانب قطر في الأزمة الخليجية الحالية.

إذ أصبح رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي في سوريا (ب ي د)، «صالح مسلم»، خلال الأيام الأخيرة، زبوناً دائماً على وسائل الإعلام السعودية، المقربة من الدولة، حسب صحيفة «القدس العربي» اللندنية.

فبعد أيام من حوار أول نشرته صحيفة «الرياض» وخصص لتوجيه اتهامات وشتائم وإهانات لتركيا، أجرت صحيفة «الشرق الأوسط» حواراً جديداً مع «مسلم» الذي كال الاتهامات إلى تركيا وقطر، وأبدى تأييده لخطوات «دول الحصار» اتجاه قطر، وحرض على اتخاذ خطوات مباشرة ضد تركيا.

وتحدث «مسلم»، الذي تعتبره أنقرة «زعيم منظمة إرهابية»، في حواره «الشرق الأوسط» عن ما وصفه بـ«الأحلام العثمانية وكراهية الأتراك للعرب»، متهماً تركيا وقطر بدعم تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو الاتهام الذي ينفيه البدين بشدة.

واعتبر أن تركيا لا يحق لها تأسيس قاعدة عسكرية في قطر وأن «أردوغان» «جلب المصائب للشرق الأوسط»، وفق ادعاءاته.

إلى جانب ذلك، استضافت الصحف ووسائل الإعلام السعودية، طوال الأيام الماضية، شخصيات كردية معادية لأنقرة في توجه لافت.

وجاء كل ذلك بالتزامن مع حملات منظمة جرى العمل عليها على مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب من خلالها مغردون خليجيون بالرد على الموقف التركي من الأزمة من خلال تقديم الدعم إلى الأكراد في سوريا وتركيا، ودعم تكوين دولة للأكراد في تركيا.

هذا الدعم قالت وسائل إعلام تركية إنه بدأ بالفعل؛ حيث نشرت قبل أيام صحيفة «يني شفق» المقربة من الحزب «العدالة والتنمية» الحاكم تقريراً قالت فيه إن اجتماعاً جرى في مدينة الحسكة السورية بين شخصيات أمريكية وسعودية وإماراتية لدعم توجهات ما تسمى «الإدارة الذاتية» في شمالي سوريا.

وفي هذا الصدد، قال مصدر تركي مقرب من الحكومة التركية رفض الكشف عن اسمه قال لـ«القدس العربي»: «مما لا شك فيه ومن الواضح جداً أن السعودية تحاول إيصال رسالة إلى تركيا مفادها أن بإمكانها اللجوء إلى إبراز الورقة الكردية في وجه تركيا إذا واصلت أنقرة الوقوف إلى جانب قطر».

هذا التوجه من قبل السعودية ضد تركيا حذر منه الكاتب «إسماعيل جمال»، في صحيفة «القدس العربي».

وقال في مقال له: «يُعتبر تقديم الدعم السياسي أو العسكري إلى المتمردين الأكراد في تركيا أو الوحدات الكردية في سوريا من أكثر الملفات حساسية في السياسية التركية، وتصنفه أنقرة على أنه ملف يتعلق بأمنها القومي، وبذلك فإن أي مؤشرات أكيدة على وجود دعم سعودي رسمي للأكراد من شأنه أن يُدخل العلاقات بين البلدين في نفق مظلم، وأن تبدأ مرحلة الصدام المباشر كما هو الحال مع واشنطن التي يتهمها أردوغان بدعم الإرهاب بسبب تقديمها الأسلحة للوحدات الكردية في سوريا».

وتعتبر تركيا «ب ي د» الذراع السوري لـ«حزب العمال الكردستاني» (بي كا كا) المصنف «تنظيماً إرهابيا» من قبل أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي.

ولا تخفي أنقرة خشتيها من استغلال الأكراد الحرب الحالية في سوريا في تنفيذ مشروعه لقيام دولة كردية في شمال سوريا، على غرار الإقليم الكردي في شمال العراق، وتقلق من أن تشجع هذه الخطوة الأكراد في تركيا على المطالبة بخطوة مماثلة.

وكان الأكراد في سوريا أعلنوا خلال مؤتمر عقد في رميلان بريف الحسكة في 17 مارس/آذار 2016، عن تأسيس نظام فدرالي يضم 3 مناطق تتمتع بالحكم الذاتي أقامتها جماعات كردية قبل عامين.

وأوضح المشاركون في المؤتمر، آنذاك، أن المناطق التي ستنضم إلى النظام الفيدرالي ستسمى «إقليم روج آفا وشمال سوريا»، وسيكون فيه تمثيل لكافة العناصر الاثنية في تلك المناطق.

وتبدو السعودية منزعجة من موقف تركيا من الأزمة الخليجية الراهنة.

ففي 5 يونيو/حزيران الجاري، أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها وإغلاق موانيها وأجوائها ومعابرها البرية في وجه الدوحة بادعاء تقديم الأخيرة «الدعم للإرهاب»؛ وهو الاتهام الذي نفته قطر بشدة، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.

ومنذ الساعات الأولى لاندلاع تلك الأزمة، تبذل تركيا مساعٍ لنزع فتيلها، لكنها في الوقت تظهر دعمها الواضح لقطر؛ إذ صادق برلمانها ورئيسها سريعاً على قانون يسمح لأنقرة بنشر المزيد من القوات في قاعدتها العسكرية في قطر، وتم إنشاء جسر جوي ينقل المواد الغذائية من تركيا لقطر، فيما شدد الرئيس «رجب طيب أردوغان» على رفضه للقرارات الخليجية ضد قطر، وعدها «غير صائبة».

وفي تحليل لها، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، نقلاً عن خبراء سياسيين، إن تركيا، بعد محاولة أولية للبقاء على الحياد في الأزمة الخليجية الراهنة، اضطرت إلى إظهار دعمها الواضح لقطر؛ لأنها لا تريد أن تفقد أصدق حلفائها في المنطقة، والذي يشاطرها نفس المواقف إزاء ملفات عدة في المنطقة.

كما تشعر تركيا بقلق بالغ من أنه في حال استلمت قطر لضغوط جيرانها، فإن الدوحة ستعيد تقييم علاقاتها مع أنقرة، كما سيعني ذلك أن دور تركيا في المنطقة سيتعرض للمزيد من القيود.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا الورقة الكردية ب ي د الأزمة الخيلجية العلاقات السعودية الكردية

5 رحلات بضائع يوميا بين تركيا وقطر منذ الأزمة الخليجية

تركيا: نتعرض لضغوط بسبب دعمنا لقطر