«بلومبيرغ»: حرب السعودية ضد الإخوان.. تركيا ستأتي بعد قطر

الثلاثاء 4 يوليو 2017 11:07 ص

كان خطاب «دونالد ترامب» في الرياض واضحًا، حين كان يقسم المنطقة إلى فئتين، أخيار وأشرار. وحينها كان المعسكران الواضحان للعيان هما معسكر أصدقاء الولايات المتحدة على رأسهم السعودية، ومعسكر أعداء الولايات المتحدة وعلى رأسهم إيران. لكن بعد أسابيع قليلة من مغادرته الرياض، اتضح معسكر الشر الذي كان يقصده «ترامب». فقد اجتمعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر على عزل قطر وحصارها اقتصاديًا، وهي الدولة التي تستضيف أكبر قاعدة أمريكية عسكرية في المنطقة. والآن، تلتف السعودية وحلفاؤها باتجاه معاداة دولة جديدة، وهي تركيا، وهي الأخرى عضو في حلف الناتو وحليف مفترض للولايات المتحدة، والعامل المشترك بين الدولتين، دعمهما لجماعة الإخوان المسلمين.

كانت الجماعة الإسلامية المستمرة منذ 90 عامًا، في مرمى نيران السعودية ودول الخليج منذ ثورات الربيع العربي. حيث يعتبرها حكام الخليج، بحكم كونها الجماعة السياسية المنظمة الوحيدة التي تقدم نموذجًا وطنيًا سياسيًا بديلًا قابل للتطبيق، تهديدًا وجوديًا.

عدم احترام

واتضح من مطالب دول الحصار المقدمة إلى قطر، الدولة الصغيرة الغنية بالغاز، عدم احترام هذه الدول لقطر. وجاء في المطالب دعوات بتخفيض علاقاتها مع إيران، وإيقاف دعم الإرهاب المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية. وطالبتها أيضًا بإغلاق قناة الجزيرة الإعلامية القوية والمستقلة والمساندة لجماعة الإخوان، وقطع دعمها عن حماس وجماعة الإخوان المسلمين، وطرد القوات التركية من أراضيها.

وقد رفضت قطر هذه المطالب وقدمت ردها يوم الاثنين إلى أمير الكويت، الذي يتوسط المفاوضات، ولم تنتظر مهلة اليومين التي مددتها دول الحصار لدراسة الرد على الطلب.

وكانت تركيا قد أعلنت مساندتها للإمارة الصغيرة ووقعت معها اتفاقية نشر عسكري على أراضيها. وأعلن الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» أنّ هذه المطالب تمثل إهانة لتركيا واعتداء على سيادة قطر.

ويقول «عمرو دراج»، وزير التخطيط في حكومة الإخوان التي أطيح بها في انقلابٍ عسكريٍ عام 2013، والذي غادر قطر إلى تركيا عام 2014 حين كانت هناك أزمة مشابهة لكن بدرجة أقل، أنّه قد تلقى ترحيبًا حارًا من حكومة تركيا، التي تعتبر جماعة الإخوان المسلمين تمثل «الديمقراطية الإسلامية المعتدلة»، وأنّ تركيا تعتقد أنّه لو استسلمت قطر وخضعت لمطالب دول الحصار، ستصبح تركيا ضعيفة.

المكان التالي؟

بطبيعة الحال، لا يتفق السعوديون مع تركيا على أنّ الإخوان المسلمين معتدلون. وقد وصفهم وزير داخلية المملكة بأنّها «مصدر كل شر». وتعرض العديد من أعضائها في الإمارات للسجن والاعتقال بتهم محاولة تغيير النظام والاستيلاء على السلطة.

وفي الأسابيع الأولى لإدارة «ترامب»، فإنها سعت إلى اتباع خطى السعودية والإمارات وتصنيف الجماعة كجماعة إرهابية. لكنّها لم تفعل. وعلى النقي تحدث عنها وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وقال أنّها «جماعة شاركت في الحكم في بعض الدول، وذلك بتخليها عن العنف».

وتوجه اتهامات لأفراد من الجماعة باستخدام العنف ضد القوات الأمنية المصرية. لكنّ المدافعون عنها يشيرون إلى أنّ تلك العمليات لم تكن خطة منظمة من قبل الجماعة، لكنّها ردود أفعال على القمع الوحشي والقتل الدموي خارج إطار القانون، الذي استخدمته القوات الأمنية ضد حركات الاحتجاج السلمية. وأنّ الجماعة قد دفعت ثمنًا باهظًا من دماء أفرادها نتيجة الاحتجاج السلمي بالملايين أمام فوهات البنادق من قبل الجيش.

ويرى «أردوغان» ذلك جليًا. وقد حارب منذ تولي حزبه السلطة ضد سلطة وسطوة الجيش. وكان قد تعرض لمحاولة انقلابٍ فاشلة قبل عامٍ واحد. وقد صرح «أردوغان» بعدها: «كنا نفكر، (إذا نجح الانقلاب)، في المجتمع المصري، وكيف أصبح الوضع بعد الانقلاب هناك».

لست من مستواي

لا يعد التعاطف الأيديولوجي هو السبب الوحيد لعلاقة تركيا مع قطر، أغنى دولة في العالم على أساس نصيب الفرد من الدخل. وكانت قطر ثاني أكبر مستثمرٍ أجنبيٍ في تركيا في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، واكتسبت شركاتها حصصًا في قطاعي المصارف والبث والدفاع.

لكن حين يتعلق الأمر بالتجارة، على الرغم من ذلك، تمثل السعودية والإمارات أهمية أكبر، فقد اشتروا 8.6 مليار دولار من الصادرات التركية العام الماضي، أي ما يقرب من 20 ضعف صادرات قطر.

وقال «أنطوني سكينر»، مدير شركة فيريسك مابليكروفت التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، أنّ «الماخطر الاقتصادية آخذة في الارتفاع». وأنّ «أسوأ السيناريوهات التي تتضمن حظرًا محدودًا أو عقوباتٍ انتقائية ضد تركيا، من شأنها أن تقلل من قوة أردوغان الاقتصادية».

ولعل هذا هو السبب في أنّ دعم «أردوغان» لقطر لم يرافقه أي خطابٍ قاسٍ تجاه السعوديين. وقد وجه كلاما قاسيا من قبل لرئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» في ختام لقاءٍ مع نظيره التركي في العراق، حين خاطبه قائلًا: «لا تستطيع حواري، لست من مستواي».

وعلى النقيض من ذلك، حتى عندما انتقد الرئيس التركي معاملة قطر في الأسابيع الأخيرة، أشار باحترام إلى العاهل السعودي سلمان بأنّه «خادم الحرمين الشريفين»، وهي الصفة التي استخدمها الخلفاء العثمانيون لأنفسهم منذ أربعة قرون.

وتعد تركيا مهمة للولايات المتحدة بكل الطرق، بدايةً باستضافة قاعدة جوية رئيسية بالقرب من الحدود السورية، إلى الانضمام إلى بعثات الناتو في أفغانستان وأماكن أخرى. وقد أبدى «أردوغان رغبةً ضئيلة في الانضمام إلى أي كتلة معادية للسعودية. كما أنّه لا يريد أن يغضب المملكة» أو أن يتخلى عن قطر والإخوان.

وعندما أغلق السعوديون الحدود البرية الوحيدة لقطر، وأغلقوا الطريق الرئيسي أمام استيراد المواد الغذائية، كانت تركيا واحدة من دولتين إقليميتين عرضتا التدخل وسارعت بتعويض رفوف السوبر ماركت التي تم ملؤها تمامًا خلال شهر رمضان الماضي. أما الدولة الأخرى فكانت هي إيران.

المصدر | بلومبيرغ

  كلمات مفتاحية

قطر تركيا السعودية حصار قطر الإخوان المسلمين