وساطة «دحلان» بين مصر و«حماس» تثير حفيظة «عباس»

الخميس 6 يوليو 2017 03:07 ص

تتجه بوصلة المشاورات الجارية مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، إلى إحداث تقارب حقيقي بين مصر والحركة، عبر تقديم القاهرة، عددا من التنازلات، مقابل مكاسب مستقبلية ينتظرها الجانب المصري.

وخلال الشهر الماضي اجتمع رئيس المكتب السياسي الجديد لـ«حماس» في غزة «يحيى السنوار»،الذي كان ذات يوم عضوا بالجناح المسلح للحركة، مع مسؤولين مصريين بينهم مدير المخابرات.

ويعتقد أن المسؤول الفتحاوي المفصول «محمد دحلان» (55 عاما) هو الذي قام بتسهيل اجتماعات القاهرة.       

و«دحلان» أصلا من قطاع غزة ويعد الآن خصما قويا لرئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس» زعيم حركة فتح.

وتشير سلسلة اجتماعات بين «حماس» ومسؤولين كبار في القاهرة في الأسابيع القليلة الماضية إلى تحسن العلاقات بين مصر والحركة الإسلامية الفلسطينية مع ما لذلك من تداعيات على غزة والسياسات الفلسطينية والمنطقة.

وانضمت مصر معظم فترات العقد الماضي إلى (إسرائيل) في فرض حصار بري وبحري وجوي على قطاع غزة لمعاقبة حماس وجناحها المسلح الذي استولى على القطاع في 2007 وما زال يسيطر عليه منذ ذلك الحين.

وتدهور الموقف خلال الشهر المنصرم بعد أن قطعت (إسرائيل)، بناء على طلب السلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية، الكهرباء عن غزة ليبقى القطاع بلا كهرباء باستثناء نحو أربع ساعات تقريبا كل يوم.

وتأتي العقوبات في إطار جهود تبذلها السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح منذ سنوات لإرغام «حماس» على التخلي عن السلطة في غزة والانضمام إلى حكومة موحدة.

وأثر انقطاع الكهرباء على المستشفيات ومحطات معالجة المياه مما سبب ضغطا على سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة وسط موجة شديدة الحرارة.

وإحساسا بالحاجة إلى التحرك والقلق من فقدان التأييد الشعبي، سعت «حماس» لإصلاح العلاقات مع مصر التي تسيطر على أحد معابرها الحدودية ويعتريها قلق كبير تحت قيادة الرئيس «عبد الفتاح السيسي» من الصلة بين حماس وجماعة الإخوان المسلمين التي أزاحها «السيسي» من السلطة، عبر انقلاب عسكري منتصف العام 2013.

«دحلان» وراء التقارب

وصعد نجم «دحلان» الذي يقضي معظم وقته في الإمارات والمقرب لمصر كصانع قرار سياسي في المنطقة عاقدا العزم على إنهاء الخلافات بين «حماس» والقاهرة واحتمال منافسة «عباس» على الزعامة.

وفي هذا الصدد يقول محللون إقليميون إن توثيق عرى العلاقات بين «حماس» والقاهرة يمثل تهديدا خطيرا لـ«عباس» ليس فقط لأنها تساعد في تعزيز مصداقية «حماس» في المنطقة، بل لأنها تقوي أيضا موقف «دحلان» وتقوض قدرة السلطة الفلسطينية على تقديم نفسها بوصفها الهيئة السياسية المهيمنة للفلسطينيين.

وبعد جولة الاجتماعات الأخيرة في القاهرة قامت «حماس» بتطهير الأراضي على جانبها من الحدود، وأقامت منطقة عازلة تضم أبراج مراقبة وكاميرات وسياجا من الأسلاك الشائكة، في محاولة لاسترضاء لمصر التي تولي قضية الأمن اهتماما كبيرا.

وقال «توفيق أبو نعيم» رئيس أجهزة الأمن الفلسطيني التابعة لسلطة «حماس» في غزة،:«هذه الإجراءات هي رسالة طمأنة للجانب المصري بأن الأمن القومي المصري هو أمن قومي فلسطيني».

وعاد مسؤولو «حماس» بعد ذلك إلى القاهرة لعقد المزيد من المحادثات.

وتقول مصادر إن «حماس تريد من مصر فتح معبر رفح لمدة أطول وزيادة إمدادات وواردات الطاقة».

وترغب مصر من «حماس» المساعدة في تعقب المتشددين المرتبطين بتنظيم «الدولة الإسلامية» والذين يهاجمون القوات المصرية في شمال سيناء.

وقالت مصادر فلسطينية، إن ثمة اتفاقا كاملا مع مصر على تجهيز المنطقة وحراستها بشكل أفضل على مدار الساعة. وكانت مصر قد طلبت من «حماس» مرارا ضبط الحدود، وعدم السماح بتسلل عناصر متشددة من وإلى سيناء، كما طلبت منع تجارة السلاح ووقف أي عمل للأنفاق المتبقية.

وقال «أكرم عطا الله» المحلل السياسي المستقل في غزة، إن «علاقة حماس بمصر قد شهدت نقلة كبيرة».

وأضاف «لأول مرة ممكن القول أن هناك عملا مشتركا بين الجانين ولأول مرة هناك تعاون بين الجانبين بهذا الشكل لربما منذ انطلاقة حركة حماس قبل 30 عاما».

وفي حين تنامى شعور «عباس» بالإحباط تجاه «حماس» وسعيه لزيادة الضغط على الحركة، فقد عززت الحركة دور «دحلان» كوسيط.

كان «عباس» طرد «دحلان» من حركة فتح في عام 2012 . ومنذ ذلك الحين يعيش «دحلان» في منفى اختياري. ولا يرغب «عباس» في عودة «دحلان» إلى غزة كبطل بموافقة مصرية.

وقال «عطا الله»، إن «دحلان استثمر هذه اللحظة حتى يقدم نفسه كطرف أكثر فاعلية على الساحة الفلسطينية وفي صورة المنقذ لحماس». مشيرا إلى المكاسب التي حققها الجانبان: «دحلان فيما يتعلق بالنفوذ، وحماس كشريك سياسي».

وفي دلالة على أن المحادثات تثير قلق الساسة الفلسطينيين سيزور«عباس» (82 عاما) مصر ويلتقي بالرئيس المصري خلال أيام.

وتشهد علاقات القاهرة و«حماس» تحسنا كبيرا، بعدما فكت الحركة ارتباطها بـ«الإخوان»، في وثيقتها الجديدة، وكثفت من قواتها الأمنية على الحدود، وشنت حربا ضد الجماعات المتشددة المشتبه بعلاقتها مع تنظيم «الدولة الإسلامية».

وتتجه «حماس» أكثر نحو الانفتاح في بناء علاقاتها مع دول العالم وفق رؤية وطنية واسعة لجلب الدعم والمساندة لقضية فلسطين.

ويقول مراقبون إن الحركة ستحافظ على علاقة متوازنة بقطر ولن تشهد أي تراجع مع إمكانية تخفيف تواجد قيادة حماس (في قطر)، لرفع الحرج عن الدوحة، فيما ستشهد علاقتها بطهران تطورًا كبيرًا وأسرع مما يعتقد البعض.

وخلال خطابه، أمس الأربعاء، وجه «إسماعيل هنية» رئيس المكتب السياسي للحركة، شكره للسعودية وتركيا وقطر ومصر وإيران وتركيا، هذه الأخيرة التي أكد أن علاقات حركته معها (مصر) تتطور بشكل جيد.

ودعا «هنيّة»، إلى «حقن الدماء وتعزيز منهجية الحوار للتوافق على حلول مناسبة للقضايا موضع الخلاف والنزاع سواء داخل الأقطار أو فيما بين الدول العربية والإسلامية».

وعبّر عن رغبة حركته في وحدة الأمة، داعياً دول الخليج، إلى «معالجة الخلافات بالحوار وبتغليب عوامل الوحدة التي ميزّتهم»، في إشارة منه إلى الأزمة بين قطر، ودول الحصار.

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية

حماس محمد دحلان غزة قطر مصر محمود عباس إسماعيل هنية