كيف أجادت تركيا فهم لغز الأزمة الخليجية؟

الاثنين 10 يوليو 2017 07:07 ص

بعد أن قطعت البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع قطر في مطلع يونيو/حزيران، متهمةً إياها بدعم المتطرفين والجماعات الإرهابية والتحالف مع إيران، قدمت لقطر لائحة تضم 13 مطلبًا. ومن بين الطلبات لأجل إعادة العلاقات، إغلاق القاعدة العسكرية القطرية التركية المشتركة في قطر.

وقال الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» أنّ طلب إغلاق القاعدة ينتهك القانون الدولي.

وتعتبر دول الحصار بهذا الطلب أنّ الأتراك يقوضون بشدة جهودهم للضغط على أسرة آل ثاني من أجل الاستسلام.

ولم ترفض تركيا طلب السعودية وحلفائها فحسب، بل قامت أيضًا بإرسال المزيد من القوات إلى قطر. وقد شوهدت الدبابات التركية مؤخرًا في العاصمة الدوحة، الأمر الذي أدى إلى تصاعد التوتر، في ظل التوترات المتصاعدة بالفعل بين الدول الإسلامية السنية في الشرق الأوسط. وتعد تركيا والسعودية وقطر دولًا سنية بشكلٍ رئيسي، لكنّ تركيا وقطر لديهماعلاقاتٍ ودية مع بعض الجماعات الإسلامية السنية مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبرها السعوديون والإمارات ومصر جماعةً إرهابية.

وإذا فشلت الكويت والوسطاء «المحايدون» الآخرون في حل الخلاف، فإنّ استمرار الوجود العسكري التركي في قطر قد يعلي من سخونة الوضع.

ومن المؤكد أنّ الوجود العسكري الأمريكي في قطر يوفر للإمارة ضامنًا لأمنها. ويعد الدرع الرئيسي ضد أي غزوٍ سعودي أو إماراتيٍ لدولة قطر هو القاعدة الأمريكية في العديد. ومما لا شك فيه أنّ دوافع الإمارات لدفع واشنطن إلى نقل المقر الرئيسي للقيادة المركزية الأمريكية وقواتها البالغ عددها 10 آلاف جندي إلى الإمارات تهدف إلى حرمان الدوحة من النفوذ وجعل قطر عرضةً بشكلٍ متزايد للضغط في المستقبل من قبل جيرانها.

ويعرب الدبلوماسيون الغربيون الحاليون والسابقون عن قلقهم إزاء تصاعد الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي واحتمالية الوصول إلى مواجهةٍ عسكرية، الأمر الذي سيخلق معضلةً رئيسيةً أخرى لسياسة تركيا الخارجية في الشرق الأوسط، إضافةً إلى أزماتها في العراق وسوريا. ومن غير الواضح كيف سيؤثر استمرار الوجود العسكري التركي في قطر على توازن القوى الخليجية، إذا استمر هذا الجمود. وبغض النظر عما إذا كانت القوات التركية في الإمارة تملك القوة العسكرية لصد أي غزوٍ محتمل، فإنّ وجودها يقدم دعمًا سياسيًا ومعنويًا لأسرة آل ثاني، ويمثل مخاطرة لأي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي ستضعها في الحسبان قبل اتخاذ إجراءاتٍ قسرية. وجاءت رسالة أنقرة واضحة، وهي أنّه لا يجب ممارسة الضغوط على قطر من قبل جيرانها.

وعلى الرغم من احتجاجات أحزاب المعارضة التركية التي تحذر من أنّ الوجود العسكري لبلدها في قطر وموقفها المؤيد للدوحة خطير، تعتقد أنقرة بوضوح أنّ حماية الإمارة من الضغوط السعودية والإماراتية سوف يعزز المصالح الوطنية لتركيا. وتقدر أنقرة الدوحة لتشاركهما وجهة النظر في مجموعة من الصراعات الإقليمية، في ليبيا وسوريا ومصر وكردستان العراق، مع دعم العاصمتين لنفس الإسلاميين السنة في الشرق الأوسط.

ويريد الأتراك جذب المزيد من الاستثمارات القطرية إلى اقتصادهم. وتسعى شركات البناء الرئيسية في تركيا، التي تدفع النمو الاقتصادي في بلدها، إلى الحصول على عقودٍ أكثر ربحًا من الدوحة. وتعتبر تركيا الإمارة سوقًا رئيسيًا للأسلحة لشركاتها الدفاعية، وترى قطر، وهي أول دولة عربية تقيم فيها تركيا قاعدة عسكرية، كجزءٍ لا يتجزأ من موقفها الاستراتيجي الأوسع في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وبصرف النظر عن كيفية سير الأزمة، يعمل الأتراك على تعزيز علاقاتهم المتنامية مع قطر لتصل إلى آفاقٍ جديدة من خلال الوقوف خلف الدوحة وسط تهديدٍ وجوديٍ وغير مسبوق لسيادة الدولة الخليجية العربية واستقلالها. ومثلما كان أمير قطر أول زعيمٍ أجنبيٍ يدعم «أردوغان» منذ عامٍ تقريبًا وسط محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، والتي اتهم فيها الرئيس التركي، مؤخرًا، بعضًا من العناصر داخل مجلس التعاون الخليجي (وهي ملاحظة لا شك أنّها موجهة إلى الإمارات)، ترى أنقرة الدوحة بصفتها ضحية مؤامرة إقليمية. وببساطة، يرى «أردوغان»، الذي يتعاطف مع قطر، أمن الإمارة مرتبطًا بتركيا إلى حدٍ كبير.

وفي مايو/أيار، أعربت الأصوات التركية التي تعارض إنشاء قاعدة لبلادها في قطر عن مخاوفها من تعريض تركيا جيشها لمخاطر مواجهةٍ عسكريةٍ محتملة بين قطر والسعودية. وبالنظر إلى المستقبل، يثير النظام الجيوسياسي المتغير في شبه الجزيرة العربية الرهانات بالنسبة لتركيا. وما زالت المخاوف المشروعة من أن تجد تركيا نفسها في مرمى صراعٍ آخر يغذيه جزءٌ كبيرٌ من التنافس السعودي الإيراني.

ومع ذلك، فقد وضعت الأزمة الحالية تركيا وإيران على نفس الجانب، حيث دعمت الدولتان قطر ضد السعودية. وقد تساءل «فهيم تاستكين»، الكاتب في «المونيتور»، قبل شهرٍ فقط، ماذا ستفعل تركيا إذا اضطرت أن تدافع عن قطر ضد إيران؟ والسؤال الذي يبدو أكثر أهمية الآن، هو ما إذا كانت تركيا وإيران ستدافعان عن قطر ضد السعودية والإمارات.

المصدر | جورجيو كافييرو - المونيتور

  كلمات مفتاحية

قطر تركيا حصار قطر الإمارات أردوغان انقلاب تركيا