«روبرت فيسك»: حصار قطر لا يتعلق بـ«الجزيرة» ولكن بسوريا

الخميس 13 يوليو 2017 03:07 ص

«هم مجرد أطفال فقط».. قالها رجل من قدامى العاملين في الجزيرة في نهاية الأسبوع الماضي حول دول الخليج، ويمكنني أن أفهم غضبه. حتى الشيخ «تميم آل ثاني»، أمير قطر الحالي، لم يكن لديه الكثير من الحب للقناة الفضائية، التي كانت لعبة والده «حمد». في الواقع، عندما قام «حمد» بزيارة رسمية إلى قناة الجزيرة، ظل «تميم» باقيا عند الباب الخارجي. الآن، وبطبيعة الحال، وبفضل السعودية، أصبحت الجزيرة رمزا للسيادة الوطنية لدولة قطر.

هكذا استهل الكاتب البريطاني «روبرت فيسك» مقاله الأخير في صحيفة «الإندبندنت»  والذي بدأه بالهجوم على قناة الجزيرة التي وصفها أنها لم تكن محايدة في تغطية الشأن القطري والخليجي. مؤكدا أن قناة الجزيرة العربية دعمت علنا جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكانت قاسية جدا في إدانتها للرئيس «عبد الفتاح السيسي». وبعد انقلاب «السيسي»، أصبح معظم مصوري القناة في مصر من المنتمين لجماعة الإخوان. ولكن «فيسك» يؤكد أن كل ذلك لم يكن الموطن الرئيسي للخلاف.

ترويض قطر

ويضيف الكاتب أن «أزمة» قطر، وعلامات التنصيص ضرورية على حد قوله هنا لأن هذه أزمة مزيفة مثل المطالب التي صاحبتها، هي ترويض للدولة الخليجية الوحيدة التي لديها القدرة على تخطي السعودية في إملاء نتائج سوريا. وقد ينتهي هذا الأمر إلى تدمير مجلس التعاون الخليجي، وهو تحالف يضم ستة دول عربية، تم الحفاظ عليه من قبل الولايات المتحدة وسط أزمتين سابقتين وحقيقيتين جدا: الغزو السوفيتي لأفغانستان، الثورة الإيرانية. ويؤكد «فيسك» أنه سيكون مثيرا للسخرية أن تأتي نهاية المجلس بسبب خطاب الرئيس الأمريكي «المجنون» في الرياض الشهر الماضي.

كان وعد «ترامب» المفاجئ بالكثير من الأسلحة «الجميلة» لقطر تاليا لمنشوره على تويتر الذي أدان قطر فيه لدعم الإرهاب، وهذا مجرد جزء من العرض الكوميدي للأميركيين حول جنون قائدهم. ولكن بالنسبة للرئيس المحارب الجديد للسعودية، وزير الدفاع، والآن ولي العهد «محمد بن سلمان»، فقد توفرت له سلطة قيادة مجلس التعاون الخليجي لتقديم رؤاه.

وأشار «فيسك» أن «ترامب» والسعوديين يتشاركون كراهية الإعلام الحر، رغم أن العاهل السعودي الراحل الملك «فهد» ربما كان أحد المسؤولين عن قوة الجزيرة عندما تراجع عن مشروعه لبث قناة بالمشاركة مع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي ما تسبب في هجرة الإعلاميين إلى قناة الجزيرة الناشئة.

ويؤكد «فيسك» أن الجزيرة قامت بتغطيات مؤثرة عن الانتفاضات الفلسطينية، والعرب الذين مزقهم القصف الأمريكي والبريطاني و خطب «أسامة بن لادن»، ودعمت الإخوان المسلمين ، وخاصة في الأردن ومصر وقدمت منبرا لجبهة النصرة في سوريا وهو ما يراه فيسك «النقطة الحرجة» في أزمة الخليج.

النقطة الحرجة

وأشار «فيسك» إلى الحوار الذي أجرته الجزيرة مع زعيم جبهة النصرة «أبو محمد الجولاني» بعد إعلان الجبهة الانفصال عن تنظيم القاعدة. ويرى «فيسك» أن هذا الحوار الذي استمر لساعة واحدة على قناة الجزيرة كان حساسا للغاية لأن الإسلاميين السعوديين كانوا دائما يفضلون تنظيم الدولة على النصرة. وعلاوة على ذلك، تزامن الظهور الجديد للنصرة مع الانهيار التام تقريبا للجيش السوري الحر «الخيالي» الذي كان «أوباما» يدعمه.

وبعبارة أخرى، وفق «فيسك»، لعبت قطر دورا قياديا في الحرب السورية، ووفرت منبرا لمجموعات تعارضها السعودية، وفي الوقت نفسه حافظت على علاقة هادئة مع النظام نفسه، مما ساعد في تحرير الرهائن المحتجزين من قبل النصرة في كل من سوريا ولبنان. وفي الآونة الأخيرة، فتحت قطر علاقات جديدة مع حزب الله اللبناني بعد أن وافقت على إرسال اثنين من كبار المسؤولين في حركة حماس الفلسطينية السنية للتحدث إلى حزب الله.

علاوة على ذلك، أعلنت قطر عن خطتها لرفع طاقة إنتاج الغاز الطبيعي السائل بنسبة 30 في المئة، وزيادة الإنتاج من حقل الشمال الذي تتشاركه مع إيران. وبهذا قد يواجه منتجو الغاز الأمريكيون صعوبة في المنافسة. وتبدو إيران، مستعدة لزيادة الإنتاج على جانبها من حقل الشمال. ولا عجب أن هذا يغضب السعوديين، وربما قريبا، الأميركيين. والأكثر من ذلك إذا سمحت سوريا بعد الحرب لقطر بتشغيل خط أنابيب عبر أراضيها إلى البحر المتوسط وإلى أوروبا ، فسوف يكون احتياج قطر إلى إيران أكثر من احتياجها إلى السعودية.

بالنسبة إلى السعوديين والإماراتيين والبحرينيين والمصريين كان هذا يعني أن قطر أصبحت أكثر خطورة. فكيف يمكن لـ«بن سلمان» الحفاظ على الصراع مع الشيعة في الشرق الأوسط - وخاصة في اليمن - إذا كانت قطر تتعاون مع الإيرانيين وإذا تمت مساعدة قطر من قبل «المفاوضين» الكويتيين الذين ليسوا أعداء للإيرانيين ومن العمانيين الذين يرسلون الطعام إلى قطر والذين شاركوا في مناورات بحرية مع الإيرانيين قبل ثلاثة أشهر فقط؟

ويرى «فيسك» أنه بالنسبة لبقية العالم، فإن «أزمة» الخليج تضر العرب فقط. يجب على الإسرائيليين التصفيق -على الرغم من أنهم يدعمون السعوديين- والفلسطينيون قد تم نسيانهم (كالعادة) والحرب مستمرة في سوريا (والعراق) كالمعتاد، ونحن جميعا انشغلنا بالمشاحنات القبلية لبعض أغنى البشر على وجه الأرض.

المصدر | الإندبندنت

  كلمات مفتاحية

حصار قطر الجزيرة سوريا جبهة النصرة