حلفاء لـ«السيسي» ينقلبون عليه قبل الماراثون الرئاسي 2018

الأربعاء 19 يوليو 2017 04:07 ص

ثمة تحولات لافتة في الجبهة المؤيدة للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، الذي يستعد للترشح للرئاسة مجددا منتصف العام المقبل، وسط رفض من أقرب حلفائه.

ورغم أن «السيسي» لم يعلن بعد ما إذا كان سيخوض الانتخابات المقررة في يونيو/ حزيران المقبل، فقد أبدى شخصان فقط إمكانية منافسته في الانتخابات. لكنهما قالا إن «السيسي» سيفوز على الأرجح مدعوما بحملة آخذة في التصاعد ضد خصومه.

ومن التأييد الكاسح لسياسات الجنرال الذي أطاح بحكم جماعة «الإخوان» بعد عام واحد فقط من وصولها للسلطة عبر انتخابات نزيهة، بات الرفض التام لاستمرار الرجل في منصبه، بل والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

انتقادات قاسية يوجهها عدد من أقوى حلفاء «السيسي» السابقين بشأن تعامله مع ملفات الاقتصاد والأمن والحريات وقضية تعيين الحدود، وتورطه في أزمات خارجية أثقلت أعباء القاهرة على صعد عدة.

الناشط السياسي «حازم عبد العظيم»، وهو شخصية بارزة في حملة «السيسي» الانتخابية عام 2014، يقول:«لازم يمشي. مكنش صادق. محترمش الدستور أو القانون وفرط في الأرض وغرق البلد في ديون».

وأضاف «عبدالعظيم»، «أنا (كنت) محروق جدا... احنا بنتكلم علي أرض بتضيع».  

وتابع، إنه فقد الثقة في «السيسي» تدريجيا بسبب وعوده الاقتصادية الفاشلة وسياساته القمعية التي يقول إنها أسوأ من حكم الرئيس المخلوع «حسني مبارك».

ويرفض حلفاء «السيسي» الاتهامات الموجهة له بانتهاك الحقوق، ويقولون إن الإجراءات التي يتخذها ضرورية من أجل الأمن في مواجهة هجمات يشنها متشددون.

واعتبر العديد من المصريين اتفاقية تعيين الحدود البحرية التي أبرمها «السيسي» مع السعودية العام الماضي، وتضمنت نقل السيادة على جزيرتي «تيران وصنافير» بالبحر الأحمر إلى المملكة إهانة للسيادة الوطنية.

وتسببت الاتفاقية في اندلاع احتجاجات نادرة ولا تزال محلا للتنازع في ساحات القضاء.

انهيار وتراجع

وفيما يتعلق بالأوضاع الداخلية، يعاني المصريون من ارتفاع معدلات التضخم، وانهيار حاد في قيمة العملة المحلية، وارتفاعا جنونيا في الأسعار وفواتير المياه والكهرباء والغاز.

وفاز «السيسي» بانتخابات الرئاسة التي أجريت عام 2014 باكتساح وذلك بعد عام من الانقلاب العسكري، 3 يوليو/تموز 2013، والذي عزل بموجبه الرئيس «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في البلاد، ووقتها تعهد «السيسي» بتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار، الأمر الذي لم يتحقق إلى الآن، رغم مرور 3 سنوات من فترته الرئاسية الأولى.

ولا يزال يخشى معظم سكان مصر البالغ عددهم 92 مليونا من تحدي الوضع القائم بعد أن مروا خلال السنوات الماضية بتجارب مختلفة منها انتفاضة تطالب بالديمقراطية والعيش في ظل مجلس عسكري حاكم وحالة طوارئ طويلة.

وخلال عهد «السيسي»، سُجن آلاف المعارضين وأغلقت الحكومة وسائل إعلام مستقلة وفرضت الكثير من القيود على إجراء استطلاعات للرأي.

وحذرت الحكومة المواطنين من المشاركة في استطلاعات الرأي بعد مرور شهر على إعلان المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) المؤيد للحكومة تراجع شعبية «السيسي» بنسبة 14٪ العام الماضي.

وقالت «نور الهدى زكي»، وهي كاتبة صحفية معروفة وكانت يوما ما أحد أبرز الشخصيات في حملة «السيسي»، إن فكرة تخلي مصر عن الجزيرتين كانت أشبه بصفعة على وجهها. وقالت «أنا حسيت أن في إهانة للقسم اللي الرئيس حلف عليه».

وبعد الانقلاب العسكري عام 2013، نال «السيسي» قائد الجيش إعجاب شريحة واسعة من الجماهير بزيه العسكري ونظارته الشمسية الداكنة وخطاباته البليغة. وكانت المحال تبيع حلوى مزينة بصورته.

والآن تتزايد التحديات. فمصر تواجه جماعة متشددة موالية لتنظيم «الدولة الإسلامية»، وتنشط في شمال شبه جزيرة سيناء.

وركزت الجماعة، التي كانت تعرف باسم «أنصار بيت المقدس» قبل أن تغير اسمها إلى «ولاية سيناء» عام 2014، هجماتها في الشهور الأخيرة على المسيحيين في مناطق متفرقة من مصر وقتلت نحو 100 مسيحي منذ ديسمبر كانون الأول الماضي. وكان المسيحيون من أبرز المؤيدين للانقلاب العسكري على الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان.

وتقول جماعات لحقوق الإنسان إن الأمن يُستخدم ذريعة لحملة حكومية متصاعدة لإسكات المنتقدين. ومنذ 24 مايو/ آيار، الماضي، قامت الحكومة المصرية بإغلاق 122 موقعا إخباريا على الأقل وفقا لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، وهي منظمة غير حكومية تتابع المواقع المستهدفة.

وشهدت تكاليف المعيشة ارتفاعا صاروخيا بالنسبة لمعظم المصريين بعد سنوات من الاضطراب السياسي، فضلا عن انخفاض قيمة الجنيه المصري وزيادة الضرائب وخفض الدعم الذي تقدمه الحكومة تطبيقا لبنود اتفاق قرض من صندوق النقد الدولي.

وكانت «نور الهدى زكي» واحدة من أبرز المتطوعين في حملة السيسي الرئاسية. وسافرت إلى معظم محافظات مصر لتروج له وظهرت في برامج حوارية وشاركت في مسيرات وهي تلوح بعلم مصر وتهتف قائلة «الله أكبر.. السيسي جاي» وكان المئات يرددون ورائها، وفق «رويترز».  

لكنها الآن لا ترى اختلافا بين «السيسي» و«مبارك» الذي خرجت ضده في انتفاضة 2011. وقالت «النظام اللي احنا ثرنا ضده في يناير رجع... أدوات القمع أسوأ من مبارك».

الخيارات والبدائل

لا يعني تنامي الاستياء بالضرورة تغيير القيادة. يقول «محمد أنور عصمت السادات»، ابن شقيق الرئيس المصري الراحل «أنور السادات»، إنه يفكر في الترشح للرئاسة لكنه يعلم أن الفوز لن يكون حليفه. وكان «السادات» من مؤيدي السيسي في السابق وأسقط البرلمان عضويته في وقت سابق هذا العام.

وقال «السادات»، إن الترشح للرئاسة سيتيح له فرصة للتحدث عن المظالم. وأضاف أنه ليس أمامه حل آخر سوى الترشح كي يتمكن من الحديث وإبداء الاختلاف في الرأي.

وقال المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق «خالد علي» (45 عاما)، وهو أبرز المحامين الذين يختصمون الحكومة أمام المحاكم لمنع نقل السيادة على جزيرتي «تيران وصنافير» إلى السعودية، إنه يفكر في الترشح ضد «السيسي». لكنه ينتظر معرفة ما إذا كان سينتهي به الحال إلى السجن.

وبدأت محاكمة المحامي الشهير بخوض القضايا الحقوقية والعمالية الشهر الماضي بتهمة «القيام بفعل فاضح خادش للحياء العام». ونسب لـ«علي» توجيه إشارة بذيئة بيديه خلال احتفال بصدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا يوم 16 يناير/ كانون الثاني الماضي، ببطلان توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية. لكنه ينفي ذلك.

وتصل عقوبة هذا الاتهام إلى السجن لمدة سنتين. وإذا أدين في القضية سيحرم من الترشح حتى ولو تم تغريمه فقط.

ويقول بعض المحللين إن انقلاب بعض حلفاء «السيسي» السابقين عليه يشير إلى خيبة أمل واسعة النطاق.

وقال «تيموثي كالداس»، وهو زميل غير مقيم في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط «الافتقار إلى الشعبية سيؤثر دائما على الاستقرار... لكن مبارك لم يحظ بشعبية لأكثر من عقد من الزمان وبقي في السلطة ولم يواجه سوى تحد بسيط حتى عام 2011».

«السيسي» في مأزق خلال العام المتبقي من ولايته الرئاسية الأولى، عبر عن ذلك حينما طالب المصريين في مؤتمر الشباب في مدينة «الإسماعيلية»، شمال شرق القاهرة، أبريل/نيسان الماضي، بالصبر، قائلا: «استحملوا سنة كمان، وبعدين في انتخابات بصراحة كدة، اختاروا ما شئتم وربنا يعين ويوفق اللي يجي».

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية

مصر انتخابات الرئاسة عبدالفتاح السيسي خالد علي حازم عبدالعظيم