«القدس العربي»: التأشيرة المصرية للقطريين .. من يعاقب من؟

الخميس 20 يوليو 2017 07:07 ص

في إعلان جديد عن محاولات النظام المصري التعبير عن كونه جزءا مؤسسا وفاعلا في حلف «دول الحصار» (وليس مجرّد وكيل أو تابع للسعودية او الإمارات) أعلنت السلطات المصرية عن فرضها تأشيرة مسبقة على دخول مواطني قطر إليها، وبرر الناطق باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد ذلك بأنه «ليس من المعقول الاستمرار في منح مزايا واستثناءات لقطر في ظل مواقفها الحالية» مضيفا أن على المواطنين القطريين من الآن فصاعدا التقدم للحصول على تأشيرة لدخول مصر.

الناطق باسم الخارجية المصرية تفضّل أيضاً على القطريين الراغبين في زيارة مصر باستثناء بعضهم من ذوي «الحالات ذات الطبيعة الإنسانية» من هذا القرار، وهو أمر يحسب للسلطات المصرية في سجلّ حسناتها الكبيرة على الإنسانية.

لكن يبدو أن الاستثناء «الإنساني» لدى السلطات المصرية يحتمل استثناء له بشكل يجعل الشعب المصري «خارج التغطية» الإنسانية، حين يتعلّق الأمر بأكثر من 300 ألف مصري يقيمون في قطر لم يضعهم الناطق باسم الخارجية المصرية في حسبانه.

السؤال المزعج الذي يخطر في البال هو: هل يعقل أن يصدر نظام يستند إلى تاريخ يعود لآلاف السنين من الخبرة البيروقراطية قراراً يمكن أن يزعج مئات القطريين، وهم، على الأغلب، إما مستثمرون يُفترض في مصر أن تجتذبهم، أو سياح تحتاج البلاد لهم أكثر مما يحتاجون إليها (فأرض الله واسعة للسياح والمستثمرين)، وألا يضع في حسابه إمكان أن يؤثر ذلك، لو أن السلطات القطرية أرادت، في أرزاق وحيوات مئات آلاف المصريين؟

والحال أن الجواب على السؤال بسيط لمن يعرف طبيعة الأنظمة العسكرية ـ الأمنية، كما هو شأن النظام المصري منذ استلام الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في مثل هذا الشهر قبل سنوات ثلاث.

حينها كان الجيش المصريّ الذي يتربع السيسي على رأسه قادراً، على سبيل المثال، على استخدام مكامن نفوذه الكبيرة، وطواعية النخبة السياسية المصرية له، وبعض أشكال الغضب الشعبي المبرمج، وسيطرته الواضحة على الإعلام، لتأمين إزاحة سلسة وسلمية للإخوان المسلمين، لكنه فضّل الحلّ الانقلابي الدمويّ الذي ادخل البلاد في أزمة مفتوحة لم يخرج منها حتى الآن.

وذلك، ببساطة، لأن طبقة العسكر تفضل أن تتعامل مع العالم بأساليب الغلبة والقهر والأوامر والطاعة وتكره المفاوضات والتسويات والحلول الوسط وتحتقر الأحزاب والنقابات وطرق العمل المدني، كما تفترض أنها بقمعها الوحشيّ للاحتجاجات المدنية عليها ستمنع أي إمكانية لتكرار سيناريو ثورة 25 يناير أو لتفكير المصريين بقابليتهم للحكم المدني الديمقراطي.

وإذا كان العسكر يعتقدون أنهم قادرون على قمع الحياة السياسية المصرية بالرصاص والسجون ويعتبرون، في باطنهم، أن جمهور الشعب هو عدوّهم الأول فهل نتوقع منهم أن يفكروا بمئات آلاف المصريين العاملين في قطر إلا كجزء من هذا العدوّ الذي عليهم مجابهته؟

ولعلّ العقول الأمنية التي تسيّر شؤون الدولة المصرية تفترض أنه، لو قامت الدولة القطرية، لا سمح الله، بالتعامل مع المصريين، كما يتعامل نظامهم معهم، وطردت عشرات الآلاف منهم، فإن ذلك سيدخل في رصيد إنجازات النظام المصريّ لأنه سيجيّش هؤلاء الآلاف ضد قطر، أو إذا انداروا باللوم على سلطات القاهرة، أو انتظموا سياسيا ضدّها، فإن هذا سيثبت أن قطر «تموّل الإرهاب»، باعتبار أن تعريف الإرهاب، في العقلية الأمنية المصرية، هو أن ترفض الإساءة لحقوقك وكرامتك ومصالحك وأن تقول لسلطات بلادك لا.

غير أن الإضافة التي أنجزها عسكريو السيسي، الذين يديرون جزءاً كبيراً من الاقتصاد، إلى تعاملهم مع الشعب بالقهر والتغلّب والكسر، ومع الدول الأقوى منها بالطاعة والالتزام بالأوامر، هي خلط العقلية العسكرية بعقليّة المقاول والتاجر المستعدّ لبيع السيادة الوطنية والأرض مع سكّانها، كما يحصل في قضية جزيرة «الورّاق» التي سلّمت لاستثمار إماراتي على عين أهلها الذين انتفضوا فكان مصير الكثيرين منهم الاعتقال.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

التأشيرة المصرية للقطريين النظام المصري حلف «دول الحصار» السعودية الإمارات قطر «الحالات ذات الطبيعة الإنسانية» الشعب المصري «خارج التغطية» الإنسانية