رسائل افتتاح قاعدة «نجيب» العسكرية.. هؤلاء هم الرابحون

الأحد 23 يوليو 2017 09:07 ص

الأرقام المعلنة، بشأن قاعدة «محمد نجيب» العسكرية بمحافظة «مرسى مطروح»، شمال غربي البلاد، والتي تعد أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط وإفريقيا، تميط اللثام عن جانب كبير من أهداف الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، من وراء افتتاح القاعدة، وسط حضور إماراتي بارز، وتواجد خليجي، ومشاركة اللواء الليبي المتقاعد، «خليفة حفتر».

القاعدة تحمل العديد من الرسائل العسكرية والاقتصادية، في بلد يعاني ظروفا اقتصادية صعبة، ويعيش بشكل شبه دائم على القروض والمنح، منذ الانقلاب العسكري، على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في البلاد، يوليو/ تموز 2013.

حتى كتابة هذه السطور، لم تعلن القوات المسلحة المصرية، كلفة إنشاء قاعدة ضخمة تقول إنها الأكبر في إفريقيا والشرق الأوسط، على مسافة 18 ألف كيلو متر مربع، وتشمل 1155 مبنى ومنشأة، و4 بوابات رئيسية و8 بوابات داخلية للوحدات، كما اشتملت على إعادة تمركز فوج لنقل الدبابات يسع نحو 451 ناقلة حديثة لنقل الدبابات الثقيلة، و72 ميدانا متكاملا شمل مجمعا لميادين التدريب التخصصي وميادين رماية الأسلحة الصغيرة، ومجمعا لميادين الرماية التكتيكية الإلكترونية باستخدام أحدث نظم ومقلدات الرماية(فيديو).

كما تضم القاعدة العسكرية قرية رياضية ومخازن للأسلحة والمعدات والاحتياجات الإدارية والفنية لعناصر الدعم من القوات الجوية والدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، فضلا عن أنظمة حديثة للقيادة والسيطرة والتعاون بين الأفرع والأسلحة المختلفة، بالإضافة إلى مدينة سكنية تضم 27 استراحة لكبار القادة، و29 عمارة للضباط والصف، وتطوير مبنيين لإيواء 1000 جندي.

قاعدة «بن زايد» والنفط الليبي

الحضور اللافت لولي عهد أبوظبي، «محمد بن زايد آل نهيان»، بجوار «السيسي» خلال حفل الافتتاح، والإعلان اللافت أيضا من الأخير، أن القاعدة العسكرية ستكون مقرا لإجراء تدريبات عربية مشتركة، أمران يؤكدان حجم الدور الإماراتي في عملية التمويل الضخم لإنشاء قاعدة بهذا الحجم، وبتلك الإمكانيات، وبالتالي فإن «أبوظبي» تتأهب بالطبع لحصد المكاسب من قاعدة سيكون لها نفوذها، شمال شرقي القارة السمراء.

وتعزز القاعدة النفوذ الإماراتي المتزايد في المنطقة، لتنضم «أبوظبي» إلى نادي الدول التي تمتلك قواعد عسكرية خارج حدودها، بداية من القرن الأفريقي في الصومال وإريتريا، ومرورا باليمن، وليس أخيرا مصر.

قاعدة «محمد نجيب» العسكرية، الواقعة بالقرب من الحدود الليبية، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن «بن زايد» و«السيسي» قررا توفير الدعم الكامل على مختلف الصعد لحليفيهما «حفتر»، الذي يقود مشروعا مصريا إماراتيا للسيطرة على مقاليد الحكم في ليبيا، واستنساخ التجربة المصرية العسكرية فيما يتعلق بالقضاء على جماعة «الإخوان» هناك، والتيارات الإسلامية المتغلغلة في الشارع الليبي.

ويوفر الجيش المصري، خدمات التدريب والدعم اللوجستي لقوات «حفتر» المرابطة، شرقي ليبيا، وفي وقت سابق، نفذت تشكيلاته الجوية عمليات قصف لمواقع تتبع معارضيه في «درنة» و«بنغازي»، ما يعني أن قاعدة «نجيب» ستكون فناء خلفيا لقوات الجنرال الليبي «72 ميدانا للتدريب»، مع الأخذ في الاعتبار أن تمتع القاعدة بتمركز فوج لنقل الدبابات يسع نحو 451 ناقلة حديثة لنقل الدبابات الثقيلة، يؤهل الجيش المصري لتنفيذ عمليات برية واسعة داخل الأراضي الليبية؛ تستهدف تعزيز نفوذ «حفتر» على الأرض، وتأمين منطقة الهلال النفطي شرقي ليبيا.

موسكو والضبعة

غاب الحضور الروسي رسميا عن حفل الافتتاح، لكن من المتوقع أن يحظى الدب الروسي بتواجد عسكري من خلال قاعدة «نجيب»، تحت غطاء مشروع الضبعة النووي، لاسيما وأن تقارير مثيرة للجدل، كشفت في مارس/آذار الماضي، عن نشر روسيا قوات خاصة في قاعدة جوية غرب مصر، تحديدا في مدينة «سيدي براني» الواقعة على بعد نحو 100 كلم شرق الحدود الليبية.

ورغم النفي المصري والروسي وقتها، فإن واشنطن أبدت تمسكها برواية قيام موسكو بنشر قوة عسكرية في أحد القواعد العسكرية غرب مصر، في مؤشر على رغبة الدب الروسي في التدخل في ليبيا المجاورة، وقال مسؤول أمريكي لوكالة «فرانس برس» حينها، إن «الجيش الأمريكي يراقب الوضع عن كثب».

تزامن التأكيد الأمريكي مع ما نشره تلفزيون «روسيا اليوم» حول مفاوضات بين القاهرة وموسكو لاستئجار قاعدة عسكرية، غربي البلاد، في ظل علاقات مصرية روسية تبدو جيدة، في عهد «السيسي».

والشهر الماضي، أعلنت القاهرة أنها أنجزت الصيغة النهائية للعقود الأربعة وملحقاتها مع روسيا حول مشروع بناء وتشغيل أول محطة نووية بتكنولوجيا روسية في منطقة «الضبعة»، على ساحل البحر المتوسط، شمال غربي مصر، بتكلفة 29 مليار دولار.

ووفق العديد من المراقبين، فإن تأمين المشروع النووي يتصدر أولى مهام قاعدة «نجيب»، خاصة وأن موسكو أبدت مخاوف حقيقية بشأن مدى قدرة الجانب المصري على تأمين المشروع، وسط اضطراب أمني يسود حدودها الغربية، وقلق من تسلل عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» لتهديد المشروع، على غرار تفجير الطائرة الروسية، فوق سيناء، أكتوبر/تشرين الأول 2015.

بيزنس الجيش واللاجئين

القاعدة العسكرية التي وصفت بأنها الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، قد تحمل أهدافا أخرى، تتعلق بتوسيع الإمبراطورية الاقتصادية للجيش المصري، وتعزيز بيزنس المؤسسة العسكرية في البلاد.

وتضم القاعدة المخصصة تحديدا لأهداف عسكرية واستراتيجية، العديد من المزارع والمساحات الخضراء بنحو 379 فدانًا بالأشجار المثمرة، وزراعة 1600 فدان بالنباتات الموسمية كالقمح والشعير والفول والخضراوات، فضلا عن سعى المنطقة إلى المساهمة بمشروع طموح لإنتاج اللحوم يهدف في مرحلته الأولى تربية ألف رأس من الماشية، وفق صحف مصرية.

ويصعب حصر إمتدادات الإمبراطورية الاقتصادية المملوكة للجيش المصري، وسط تقديرات تقول إن «الجيش يسيطر على ما يتراوح بين 50 و60% من الاقتصاد».

كما يصعب رصد أرباح المؤسسة العسكرية من أنشطة تجارية تمارسها دون رقابة من الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر، وغيره من الجهات الرقابية، حيث تظل أموال القوات المسلحة التي وصفها جنرال سابق بالمجلس العسكري بـ«عرق الجيش» خارج موازنة الحكومة المصرية.

وأقحم الجيش نفسه في العديد من المشروعات في مجالات متنوعة بعضها يتعلق بإنتاج المواد الغذائية والوجبات المدرسية، واللحوم والألبان، والإسكان والتعمير والكهرباء والحديد والأدوية، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وشركات الأمن والحراسة، والخدمات الفندقية والترفيهية، ومنظومة بطاقات التموين الذكية وبطاقات الخبز.

افتتاح القاعدة العسكرية الجديدة، يحمل رسائل أخرى لإقناع الغرب بأن نظام «السيسي» جاد في مكافحة الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين وعمليات التهريب، وهي هواجس تقلق دول أوروبا، لكن يبقى «بن زايد» و«حفتر» أكثر المستفيدين، من قاعدة «محمد نجيب» أول رئيس لمصر، بالإضافة إلى المؤسسة العسكرية التي تعاظمت بنيتها وامتيازاتها العسكرية في السنوات القلائل الأخيرة، وباتت توظف قدراتها لخدمة توجهات ومصالح قوى خليجية بعينها.

  كلمات مفتاحية

مصر قاعدة محمد نجيب الجيش المصري عبدالفتاح السيسي محمد بن زايد خليفة حفتر

صحيفة لبنانية: «قاعدة محمد نجيب» مركز عمليات دولية

مصر تخطط لبناء قواعد عسكرية في «الأحمر» و«الأبيض»