«ناشيونال إنترست»: لماذا لا تستطيع واشنطن التخلي عن قطر؟

الثلاثاء 25 يوليو 2017 12:07 م

كان الصحافيون في وسائل الإعلام في الشرق الأوسط يشاركون في عمليات قاسية لطمس الحقيقة منذ أن قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين (دول الحصار) العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر في يونيو/حزيران بسبب دعم الدوحة المزعوم للجماعات الإسلامية المتطرفة مثل تنظيم والقاعدة والميليشيات المدعومة من إيران في العديد من الدول العربية. وعلى الرغم من أنّ البعض يؤكد أنّ هذا التحرك طال انتظاره، إلا أنّ البعض الآخر يقول أنّ السعودية، التي تقود هذا الاتهام، قد عززت التطرف العنيف في العالم الإسلامي.

واستنادًا إلى كلمات وأعمال المؤسسة الدبلوماسية الأمريكية والبنتاغون منذ اندلاع أزمة قطر، من الواضح أنّ واشنطن تعتزم مواصلة العمل عن كثب مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي في الكفاح ضد الإرهاب. ومع ذلك، أظهرت الرسائل المختلطة للحكومة الأمريكية حول أزمة قطر الطبيعة متعددة الأوجه والمعقدة للادعاءات المشتركة ضد الإمارة العربية الغنية بالغاز.

وقد أشار مسؤولون رفيعو المستوى من كلا الحزبين في واشنطن إلى الدوحة و/أو الرياض، واعتبروهما جزءًا من المشكلة. وخلال رئاسة «باراك أوباما»، أثارت علاقات قطر مع حماس والفصائل الإسلامية السنية الأخرى إدانة قوية من المشرعين الأمريكيين مثل «جون كيري»، الذي قال، عام 2009، أنّ «قطر لا يمكن أن تكون حليفًا لأمريكا يوم الاثنين، في الوقت الذي ترسل فيه الأموال إلى حماس يوم الثلاثاء».

ولكن في وقتٍ سابقٍ من شهر يوليو/تموز، ردًا على مطالب دول الحصار الأربعة كشرط للمصالحة مع الدوحة، أكد مستشار وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون»، أنّه «طريقٌ ذو اتجاهين وأنّه "لا توجد أيادي نظيفة». وفي 12 يوليو/تموز، قال السيناتور الأمريكي بوب كوركر، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أنّ «حجم الدعم للإرهاب من قبل السعودية يقزم ما تفعله قطر». وفي العام الماضي، تجاوز المشرعون الأمريكيون حق النقض للرئيس (أوباما) ضد قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)، مما يعني ضمنًا أنّ الحكومة السعودية لها يد في هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية. وقد دافع «ترامب» عن التشريع، وكذلك فعلت «هيلاري كلينتون»، منافسته الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية، على الرغم من أنّ مستقبل جاستا يبدو الآن غير مؤكد.

وفي أعقاب دبلوماسية تيلرسون المكوكية في دول مجلس التعاون الخليجي، التي قال فيها أنّ رد الدوحة على مطالب دول الحصار كان «معقولًا جدًا»، فمن الواضح أنّ المؤسسة الدبلوماسية في واشنطن لا تزال تقدر قطر كحليفٍ أمريكيٍ وثيق. وعلاوةً على ذلك، وقّعت الولايات المتحدة وقطر اتفاقًا لمكافحة الإرهاب، عندما كان تيلرسون في الدوحة يوم 11 يوليو/تموز، والذي أعقب إتمام البلدين صفقة طائرات مقاتلة بقيمة 12 مليار دولار في يونيو/حزيران. وفي اليوم التالي، قال «ترامب» في مقابلة مع شبكة سي بي إن نيوز: «سنحظى بعلاقاتٍ جيدة مع قطر، ولن نواجه مشكلة مع القاعدة العسكرية». ومن الواضح أنّه على الرغم من تغريدات «ترامب»، فإنّ واشنطن والدوحة يعتزمان الحفاظ على علاقاتٍ وثيقة.

فهل ستحول اتفاقية مكافحة الإرهاب هذا التركيز نحو الرياض وعواصم دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي اتهمت الدوحة بالتطرف؟ يبدو ذلك. والآن، يمكن للقطريين أن يزعموا امتثالهم لمعايير واشنطن لمكافحة الإرهاب. وستتعرض الآن كتلة الدول التي تقودها السعودية والإمارات لضغوطٍ لتوقيع اتفاقاتٍ مماثلة، أو أن تشرح الأسباب الكامنة وراء رفضها القيام بذلك. وعلى أي حال، سيقوض توقيع واشنطن والدوحة على هذا الاتفاق جهود دول الحصار الأربعة لإقناع الولايات المتحدة برؤية قطر من منظورها.

وبالنسبة لجميع التحديات التي تواجه البيت الأبيض، فإنّ الحكومة الأمريكية ملتزمة بتعزيز تعاون واشنطن في مكافحة الإرهاب مع كل من السعودية وقطر، وتعتزم دفع الرياض والدوحة نحو المصالحة. وهدف «تيلرسون» هو تعزيز موقف الولايات المتحدة وحلفائها العرب السنة في مواجهة تنظيم الدولة وغيره من القوى الجهادية المتشددة، فضلًا عن إيران. وإذا ما ثبت أنّ الجهود الدبلوماسية للتوسط قد لا تنجح لحل أزمة قطر، بطريقة تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف، فإنّ إدارة «ترامب» ستواجه بيئة أكثر تحديًا في الشرق الأوسط. وهذا سيحد من مدى قدرة البيت الأبيض على تحقيق أهدافه في المنطقة.

  كلمات مفتاحية

قطر حصار قطر الإمارات السعودية ترامب