الأزمة الخليجية.. لماذا التضاد بين «ترامب» وكبار معاونيه؟

الثلاثاء 25 يوليو 2017 04:07 ص

المفارقة في الموقف الأمريكي من الأزمة الخليجية، التضاد ما بين الرئيس «دونالد ترامب»، الذي لم يخف انحيازه للسعودية وحلفائها على حساب قطر، ووزيري الخارجية «ريكس تيلرسون»، والدفاع «جيمس ماتيس»، اللذان يسعيان لموازنة موقف بلادهما، حول أزمة تهدد المصالح الأمريكية، في منطقة مضطربة أصلا.

وبينما كان جدول أعمال «تيلرسون» و«ماتيس» مكتظا بالرحلات والاتصالات المتواترة مع قادة المنطقة لتسوية الأزمة، لم يكف «ترامب» عن مهاجمة قطر من خلال تغريدات عبر حسابه على «تويتر».

وغداة إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطع العلاقات مع الدوحة، في 5 يونيو/حزيران الماضي، بحجة «دعم الإرهاب»، التي تُكذّبها جارتهم، أعلن «ترامب» انحيازه لمعسكر المقاطعة، بينما كان وزير خارجيته يحض على الصلح.

فقد بدا مفاجئا للأوساط السياسية، بما في ذلك نخبة واشنطن، تغريدة الرئيس الأمريكي، التي قال فيها «خلال زيارتي الأخيرة للشرق الأوسط، ذكرت بأنه لا يجب أن يكون هنالك تمويل للعقائد المتشددة، فأشار القادة إلى قطر»، وذلك في إشارة إلى اجتماعاته مع زعماء المنطقتين العربية والإسلامية، خلال زيارته الرياض، في مايو/أيار الماضي.

ولم يتوقف «ترامب» عند ذلك، بل تابع في تغريدة أخرى، أن زيارته إلى السعودية قد «أتت أُكلها مقدما»، قبل أن يستفيض، في تغريدة ثالثة بالقول: «لقد أخبروني (قادة الدول الإسلامية) أنهم سيتخذون موقفا مشددا من تمويل التطرف، وكل الإشارات كانت موجهة إلى قطر، ربما سيكون هذا بداية النهاية لرعب الإرهاب».

انعدام الخبرة

وبالنسبة للسفير الأمريكي الأسبق لدى الإمارات، «ديفيد ماك»، فإن هذا التباين بين هياكل الإدارة الأمريكية «يعكس بشكل كبير إنعدام الخبرة، والعنجهية التي يتسم بها الرئيس ترامب، من حين لآخر، والذي يخفق في دعم الجهود الدبلوماسية لكبار مستشاريه الأمنيين».

و«ماك»، عمل سفيرا في الإمارات، ما بين 1986 – 1989، ومساعدا لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ما بين 1990 – 1993، وقائما مؤقتا بأعمال سفارة بلاده في الرياض، ما بين 1993 – 1994.

ورأى الدبلوماسي الأمريكي أن «إدارة ترامب لم يتجاوز عمرها 6 أشهر، وما يزال عليها تنظيم نفسها في العديد من المجالات».

ويعتقد الرجل الذي لعب دورا في تسوية ما بات يعرف لاحقا بأزمة «الخفوس»، ذلك الصراع الحدودي بين السعودية وقطر في 1992، أن الخلاف بين الجارتين ليس جديدا، لكن ما استجد هذه المرة هو «خروجه إلى العلن».

والطريق الأمثل للإدارة الأمريكية، لحل هذه الأزمة، يبدأ بخطوتين؛ الأولى ، كما يقول «ماك»، الأول: التوصل لاتفاق، على أعلى المستويات، حول استراتيجية الولايات المتحدة.

والخطوة الثانية، دعم الرئيس لكبار معاونيه، مثل وزيري الخارجية والدفاع، وكبار القادة العسكريين والدبلوماسيين، المفوضين من قبل الوزراء، لقيادة الدور الأمريكي في هذه الأزمة.

«ماك» الذي يعتبر، حاليا، أحد أبرز خبراء معهد الشرق الأوسط للدراسات (مستقل) يؤكد على أن الأزمة الخليجية تهدد بإعاقة جهود الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، ومكافحة خطط إيران، لتصبح الأخيرة أكثر نفوذا في منطقة الخليج.

وعدم حل الخلاف الخليجي، كما يشير الخبير الأمريكي، قلل، بكل تأكيد، من التأثير السياسي للولايات المتحدة، وسيصبح من الصعب استعادته، إذا لم يتم نزع فتيل الأزمة.

وحذر من أن المصالح الأمنية لجميع دول مجلس التعاون الخليجي «معرضة لخطر أكبر»، في حال استمر الخلاف بينها.

ثرثار وجاهل

أما الصحفي الأمريكي والخبير في شؤون الشرق الأوسط، «توماس ليبمان»، فلا يتواني عن وصف «ترامب» بأنه «ثرثار، جاهل، لا يعرف عما يتحدث».

وفيما يشير «ليبمان» إلى عدم وجود رؤية واضحة حول اندلاع الأزمة، عقب زيارة «ترامب» إلى الرياض، قال إن أمن الدول الخليجية «على درجة عالية من الأهمية لترتيبات الأمن الأمريكي في المنطقة».

واستطرد: «من الواضح أن تيلرسون وماتيس يرغبان في المحافظة على تناغم هذه الترتيبات، إلا أن الرئيس لا يعلم أي شيء عن هذا الأمر، بل هو يصدق أي شيء يخبره السعوديون به عن وقوف قطر إلى جانب إيران ودعم حزب الله (اللبناني)».

وتتمتع واشنطن بوجود عسكري، في كل دول الخليج العربي، تقريبا، إلا أن أكبر قواعدها حول العالم، هي قاعدة «العديد» الجوية في قطر، والتي تلعب دورا محوريا، في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» بالمنطقة.

وحول قدرة واشنطن على تسوية الخلاف بين حلفائها، يقول الصحفي الأمريكي، المتخصص في الشأن السعودي وحركات الإسلام السياسي: «لست متأكدا مما إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع فعل أي شيء، إلى جانب انتظار أن تعود السعودية إلى رشدها».

وكان وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري «خالد بن محمد العطية»، علق على موقف «ترامب» المتناقض مع الدبلوماسية الأمريكية، بالقول خلال لقاء تليفزيوني مع قناة «روسيا اليوم»: «العلاقات الأمريكية القطرية قديمة ونحن نتعامل كحلفاء، دول الحصار نست أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات وأن تغريدات الرئيس ترامب ليست موقفا رسميا على الدوام».

وأكد «العطية» أن واشنطن لن تجد بديلا عن قاعدة العديد في قطر، وأن صفقات السلاح بين الدوحة والولايات المتحدة الأمريكية كانت أبرمت منذ العام 2014 وصادق عليها «الكونغرس» مؤخرا. 

وتجرى حاليا مناورات عسكرية أمريكية قطرية في المياه الإقليمية الخليجية جنوب العاصمة القطرية الدوحة، في عرض المياه الخليجية التابعة لقطر، بمشاركة أكثر من 9 وحدات عسكرية أمريكية وقطرية.

وهذه المناورات هي الأولى من نوعها منذ بدء الأزمة الخليجية في 5 يونيو/حزيران الماضي، وتشارك فيها سفينتان من قوات البحرية الأمريكية، وقطع بحرية عسكرية من القوات الأميرية القطرية (إحدى أذرع القوات المسلحة).

وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في 5 من يونيو/حزيران الماضي، وأغلقت منافذها الجوية والبحرية والبرية معها، متهمة الدوحة بدعم التطرف والإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة، وهو ما نفته قطر بشدة.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

الأزمة الخليجية قطر الولايات المتحدة دونالد ترامب ريكس تيلرسون جيمس ماتيس