رسائل عتاب وتحذير على طاولة «شكري» و«غندور»

الأربعاء 2 أغسطس 2017 08:08 ص

ساعات قصيرة قضاها وزير الخارجية المصري «سامح شكري»، في العاصمة السودانية، الأربعاء، لرئاسة اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، المنوط بها بحث العلاقات المشتركة، لكنها حملت إشارات بتفاقم التوتر بين القاهرة والخرطوم.

الزيارة التي تمت على عجل، اليوم، جرى تأجيلها أكثر من مرة، على خلفية قضايا الخلاف التي أخذت في التصاعد خلال الفترة الماضية، وتأتي على رأسها قضيتا النزاع حول السيادة على مثلث «حلايب وشلاتين وأبورماد»، إلى جانب ملف سد النهضة الإثيوبي.

جاءت التأجيلات المتتالية على خلفية فصل جديد من التوتر بين البلدين حول ملف حصة مصر من مياه النيل إثر تصريحات أدلى بها «أحمد بلال»، وزير الإعلام السوداني، أثناء وجوده في القاهرة للمشاركة في اجتماع وزراء الإعلام العرب، في 10 يوليو/تموز الماضي، أعرب خلالها عن تضامن السودان مع المطالبات المصرية المتعلقة بحصة المياه من نهر النيل. وهي التصريحات التي عرضت «بلال» لتوبيخ رسمي في الخرطوم، بحسب مصدر بالخارجية المصرية، لأنها بدت بعيدة عن موقف السودان الداعم في الأغلب لموقف إثيوبيا وعدد غير قليل من دول حوض النيل بتقليص الحصة التاريخية لمصر، وهو التوبيخ الذي أثار استياء القاهرة بشدة خاصة أنه تجاوز الدوائر الرسمية للدوائر الإعلامية، بحسب موقع «مدى مصر».

ويقول دبلوماسي مصري رفيع المستوى يعمل بالقاهرة، إن زيارة «شكري» للسودان تهدف إلى تحييد الخرطوم في الخلاف الدائر حاليًا بين القاهرة وأديس أبابا ومعظم دول حوض النيل، بما يخفف من الضغوط التي تواجهها مصر من إثيوبيا وبقية دول منبع النيل بشأن ملف سد النهضة.

وأضاف، الدبلوماسي الذي لم يكشف عن هويته، أن «القاهرة لا يمكن أن تتجاوز ما حدث في الاجتماع الأخير لدول حوض النيل، والذي استضافته أوغندا في شهر يونيو/حزيران عندما توافقت السودان مع دول الحوض في رفض المقترح المصري باستضافة القمة القادمة لدول حوض النيل».

كانت القاهرة قد حصلت مؤخرا على معلومات حول إجراء إثيوبيا والسودان نقاشا بشأن حزمة من المشروعات المائية التي سيجري تنفيذها في السودان، والتي ستساهم على المدى الطويل في تقليل جودة المياه التي تصل إلى مصر.

ووفق المصدر، فإن «شكري» حمل «رسالة حاسمة» إلى الخرطوم، اليوم، بأن مصر ستقف بقوة ضد أي محاولات لتدويل ملف السيادة على المثلث الحدودي الجنوبي، والذي يضم «حلايب وشلاتين وأبو رماد».

كانت الحكومة المصرية برئاسة «شريف إسماعيل» قد أعلنت عن نيتها اتخاذ خطوات للتأكيد على مصرية المثلث الحدودي سواء من خلال نشاطات تنموية مثل توسيع حجم التواجد السكاني المصري به أو زيادة التحركات الأمنية عبر تواجد المزيد من الدوريات الأمنية هناك.

فيما قال مصدر آخر في الخارجية المصرية، إن القاهرة سيكون عليها إبداء رسالة واضحة للخرطوم حول ضرورة وقف ما وصفه بـ «الخروقات السيادية» التي تقوم بها القوات السودانية داخل مثلث «حلايب»، مع التأكيد على أن مصر لن تقف ساكنة أمام أي تحركات دبلوماسية تقوم بها السودان، بما في ذلك تحركات قد بدأت بالفعل بالأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حول سودانية «حلايب وشلاتين وأبو رماد».

فيما قال دبلوماسي سوداني رفيع المستوى يعمل بالقاهرة، إن «السودان لا تريد اختلاق مشاكل مع مصر فيما يخص حلايب وشلاتين، ونحن لدينا ما يؤكد سودانية هذه المنطقة وإذا سألتم الأهالي بها سيقولون أنهم سودانيون. وعلى كل حال نحن مستعدون للذهاب للتحكيم الدولي وسنقبل بما تأتي به نتائج هذا التحكيم، ولكن مصر هي التي ترفض، بل تسعى لبسط سيطرتها علي المنطقة في إطار فرض أمر واقع».

في هذا السياق، يقول مصدر حكومي مصري ذو صلة بالملف، إن الرسالة التي بعثت بها الحكومة السودانية لإحدى الإدارات القانونية بالأمم المتحدة تطالب فيها القاهرة بقبول بدء إجراءات التحكيم الدولي حول المثلث الحدودي، لها تأويل سياسي واضح مفاده أن السودان ستتحرك بخطي متصاعدة إزاء هذا الملف، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تأتي تالية لخطوات أخرى قامت بها السودان في هذا الشأن سواء من خلال الاعتراض لدى الأمم المتحدة على الحدود المصرية أو من خلال إرسال أفراد من الشرطة السودانية للقيام بمهام تفتيش داخل المثلث أو من خلال الحديث الحكومي عن سودانية المثلث.

في المقابل، تتهم السودان مصر بالتدخل بشكل مباشر في المناطق التي تشهد توترات مع حكومة الخرطوم. وأوضح الدبلوماسي السوداني أن هذا التدخل يتمثل في سعي مصر لتحريك جوبا ضد الخرطوم في إطار «مسعى لتأجّيج وإثارة مشاكل للسودان بغية الضغط عليها»، مضيفًا أن وزير الخارجية السوداني، «إبراهيم غندور» قدم للقاهرة خلال زيارة يونيو/حزيران الماضي، «أدلة لا يمكن التشكيك بها» حول مختلف أشكال التدخل في الشأن السوداني الداخلي.

وكانت هذه الزيارة قد جاءت بعد إعلان السودان عن وجود تدخل مصري في الأراضي السودانية، وهو الأمر الذي رفضته مصر بشكل قاطع عبر تصريحات سريعة ومباشرة أدلى بها «السيسي»، نهاية شهر مايو/آيار الماضي، قال خلالها إن «مصر تدير سياستها الخارجية بشرف»، على حد قوله.

من ناحية أخرى، أشارت دبلوماسية مصرية تعمل في جامعة الدول العربية إلى أن هناك «عتاب سوداني» إزاء المعاملة غير المنصفة التي يلقاها بعض الدبلوماسيين السودانيين في بعض المنظمات العربية التي تحظى مصر فيها بدور قيادي، حسب تعبيرها. وأوضحت أن ذلك يحدث سواء في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أو منظمة المرأة العربية، مضيفة أنه على الرغم من أن الأمر في الأصل خلافات إدارية، إلا أنه «لا يمكن تصور أن تكون معاملة الدبلوماسي السوداني في الجامعة أو المنظمة مماثلة لما كان سيتعرض له الدبلوماسي السعودي أو الكويتي».

وقالت الدبلوماسية إن السودان يعلم أن مصر كانت تستخدم تواجدها في مجلس الأمن لإزعاجه، وأوضحت: «مصر كانت تتحرك ضد رفع العقوبات عن السودان بدعوى إيواء ودعم إرهابيين. وهذا الأمر يجري النقاش حوله في الرياض».

وشهدت الآونة الأخيرة، توترا بين البلدين في ملفات عدة، ظهر في قرار السودان حظر دخول المنتجات الزراعية المصرية، كما أعادت الخرطوم فرض تأشيرة دخول على المصريين الراغبين بزيارة السودان، بعد أن كانوا معفيين من ذلك قبلا.

وأعادت مصر عددا من الصحفيين السودانيين من مطار القاهرة، في خطوة اعتبرت تصعيدا من القاهرة، فضلا عن حملة إعلامية تشنها وسائل إعلام مصرية ضد الخرطوم.

وفي أبريل/نيسان الماضي، قام التليفزيون المصري للمرة الأولى بنقل شعائر صلاة الجمعة، من منطقة «شلاتين» المتنازع عليها بين البلدين، الأمر الذي أثار استياء سودانيا.

ومنذ أيام، شنت أجهزة الأمن المصري، حملة اعتقالات طالت عشرات السودانيين الموجودين في مدينة «شلاتين»، وطلبت الخرطوم من القاهرة، توضيحا رسميا بشأن حملة الاعتقالات التي استهدفت سودانيين، بذريعة دخولهم بدون تصاريح إقامة، للعمل في أرض محل نزاع غير محسوم حتى الآن.

  كلمات مفتاحية

مصر السودان حلايب وشلاتين سامح شكري إبراهيم غندور

تحول سوداني لافت.. من دعم مصر إلى تأييد إثيوبيا