«آري هارو».. من كاتم إلى فاضح أسرار «نتنياهو» (بروفايل)

الاثنين 7 أغسطس 2017 09:08 ص

قنبلة من العيار الثقيل فجرها «آري هارو»، المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، بتوقيعه اتفاقا مع النيابة العامة للشهادة ضد الأخير، مقابل عدم إدخاله السجن.

اتفاق زلزل الأرض تحت أقدام «نتنياهو»، وحول «هارو» إلى ما يسمى بـ«شاهد ملك» (شاهد إثبات)، أي الشاهد الذي يكون جزءا من الجريمة، غير أنه يقبل الشهادة ضد شركائه، مقابل الحصول على امتيازات.

ووفق هيئة البث الإسرائيلية العامة (رسمية)، فإنه من المتوقع أن يدلي «هارو» قريبا وفي إطار هذا الاتفاق بمعلومات في القضيتين المنسوبتين إلى «نتنياهو»، والمعروفة إحداهما بالقضية «1000»، والمتعلقة بهدايا ثمينة تلقاها من رجال أعمال.

أما الملف الثاني، والمعروف بالقضية «2000»، فيشمل اتصالات «نتنياهو» مع «أرنون موزيس»، ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وفيما يلي المسيرة السياسية والذاتية لرجل كان «الصندوق الأسود» لـ«نتنياهو»، فانقلب «شاهد إثبات» ضده.

في جلباب «نتنياهو»

ولد «هارو» العام 1973 بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية، لأب وأم يهوديين متدينين، هاجرا إلى «إسرائيل» عام 1985 بينما كان في الـ12 من عمره.

بدأ حياته السياسية في 2007 مستشارا للشؤون الخارجية لـ«نتنياهو».

غير أن الشاب نجح في صعود السلم المهني بسرعة صاروخية، قادته لأن يصبح من أقرب المقربين لرئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى أن الأخير عينه، في مناسبتين، مديرا لمكتبه حين تولى رئاسة الوزراء.

ويتقلد «نتنياهو» منصبه منذ مارس/آذار 2009، كما أنه سبق وأن حظي بالمنصب نفسه من يونيو/حزيران 1996 حتى يوليو/تموز 1999.

مطلعون على الشأن الإسرائيلي يؤكدون الدور الكبير لـ«هاري» في عودة «نتنياهو» إلى سدة الحكم في 2009، حيث قاد الحملة الانتخابية التي فتحت للأخير أبواب الحكم من جديد في «إسرائيل».

«نتنياهو» من جانبه لم يغفل مكافأة «هاري» على ما سبق، وعينه مديرا لمكتبه، تعبيرا منه عن امتنانه لجهوده في سبيل حصوله على المنصب من جديد.

غير أن «هاري» لم يستمر كثيرا في مهامه، حيث قدم استقالته منها في 2010، لأسباب صحية، ليؤسس شركة استشارية حملت اسم «غلوبال إتش3».

لكن سرعان ما عاد «هاري» إلى منصبه، في 2014، مديرا لطاقم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وبقي فيه حتى استقالته منه العام التالي، للترشح للانتخابات العامة ضمن قائمة حزب «الليكود» الذي يقوده «نتنياهو».

وبترشحه، كان «هاري» ينوي دخول البرلمان الإسرائيلي، غير أن الحظ لم يحالفه في ذلك.

شبهات فساد

انطلاقا من 2015، قفز اسم «هاري» إلى الواجهة الإعلامية من جديد، غير أنه ارتبط هذه المرة بشبهات فساد، وذلك على خلفية تحقيق الشرطة الإسرائيلية معه، بشبهة استخدام علاقاته مع «نتنياهو» من أجل مصالحه الشخصية.

خضع للتحقيق، في المرة الأولى، في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، ثم في يوليو/تموز 2016 بتهمة الرشوة.

وفي فبراير/شباط الماضي، تفجر الملف من جديد، حين أوصت الشرطة بإدانته بالارتشاء وخيانة الأمانة والاحتيال وغسيل الأموال.

ورغم ذلك، لم يصدر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، «أفيخاي ماندلبليت»، حتى الآن، لم يقدم لائحة اتهام ضد المدير السابق لمكتب «نتنياهو».

ولتفادي السجن، يبدو أن «هاري» اختار الحصول على صفة «شاهد ملك» بدل «شريك» في جملة الاتهامات المنسوبة إليه، وهذا ما أكدته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، اليوم، كبقولها إن «هارو» أبلغ مقربين منه، مؤخرا، إنه يفكر جديا في تقديم شهادته ضد «نتنياهو».

تفكير يرجح مراقبون بأنه نتاج لما قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنه مساومة من قبل الشرطة الإسرائيلية، في الأيام الماضية، لـ«هارو» على تقديم معلومات تدين «نتنياهو» مقابل اعتباره شاهد حق عام، ويتفادى بالتالي السجن.

تسلسل يبدو أنه قاد إلى توقيع الاتفاق بين «هارو» والنيابة العامة، بموافقة المستشار القانوني للحكومة «أفيحاي ميندلبليت»، والنائب العام «شاي نيتسان»، يحصل بمقتضاه على صفة «شاهد حق عام»، وفق ما أعلنته الشرطة الإسرائيلية اليوم.

وطبقا للاتفاق الموقع، يقدم «هارو» للشرطة معلومات حول التهم المنسوبة لـ«نتنياهو» بشأن تلقيه هدايا من رجال أعمال، في «القضية 1000».

كما يشمل الاتفاق أيضا تقديم معلومات بشأن اللقاءات التي عقدها «نتنياهو» مع «أرنون موزيس»، ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، للحصول على تغطية صحفية أفضل مقابل تقديم مشروع قانون ضد صحيفة «إسرائيل اليوم» المنافسة، في «الملف 2000».

ومقابل ذلك، ينجو «هارو» من السجن، غير أنه سيواجه عقوبة بالعمل لفائدة المصلحة العامة لمدة 6 أشهر، ودفع غرامة مالية.

من شاهد على أسرار إلى شاهد إثبات

مع أن الشرطة الإسرائيلية أشارت، أمس، إلى أنها حصلت على قرار من محكمة الصلح الإسرائيلية بمدينة ريشون لتسيون، يحظر نشر تفاصيل المفاوضات الجارية مع «هارو»، إلا أن تصدر الملف واجهة الإعلام المحلي والدولي، منحه ثقلا يرجح مراقبون بأنه قد يعزز ارتداداته السياسية السلبية على «نتنياهو».

وبتوقيع الاتفاق، يضيق الخناق أكثر على رئيس الوزراء الإسرائيلي، فيما يحصل «هارو» على فرصة الإفلات من السجن، مقابل فضح أسرار رئيسه السابق، ويتحول بذلك من شاهد على أسرار الأخير إلى شاهد عليه.

ووفق الإعلام الإسرائيلي، فإن «هارو» كان مقربا جدا من «نتنياهو» خلال الفترة التي قالت الشرطة إنها شهدت حصول شبهات الفساد المذكورة بحق رئيس الوزراء.

واستنادا لـ«هارو»، كان بإمكان الشرطة الإسرائيلية أن تعلن أنها تشتبه رسميا بـ«نتنياهو» بالارتشاء والاحتيال وإساءة الائتمان، إلا أن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، «أفيحاي ماندلبليت»، اكتفى بالقول: «نحن نحرز تقدما (...) ونقوم بعملنا.. أعطونا بعض الوقت للعمل وسوف نصل إلى الحقيقة».

تصريحات تبدو خاضعة للعديد من الاعتبارات القانونية، ولما تفترضه التحقيقات من سرية، علاوة على الأبعاد السياسية للقضية، رغم أن الشبهات ضد «نتنياهو» تعززت، في أبريل/نيسان الماضي، إثر إدلاء الملياردير البريطاني «بويو زابلوفيتش»، بشهادته للشرطة الإسرائيلية، حول تقديمه هدايا لـ«نتنياهو» حين كان وزيرا للمالية.

من جانبه، سارع «نتنياهو» إلى نفي الاتهامات الموجهة إليه، إلا أن مراقبين إسرائيليين يجزمون بأنه بات -للمرة الأولى- في ورطة حقيقية قد تكلفه مستقبله السياسي.

فيما يرى آخرون أنه من المبكر الجزم بذلك، طالما أنه لا شيء يؤكد أن بحوزة «هاري» ما يثبت التهم على «نتنياهو»، ما قد يحوله في النهاية إلى متهم من جديد، ما يفتح أمام رئيس الوزراء أبواب الإفلات من الاتهامات الموجهة إليه.

  كلمات مفتاحية

إسرائيل نتنياهو آري هارو