استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بن زايد ودحلان وغزة

السبت 19 أغسطس 2017 09:08 ص

الإمارات تورط السعودية والبحرين وتجر مصر وراءها وتفرض ما يسمى بالحصار على قطر. السعودية تريد عزل ايران، الامارات تريد القضاء على الاخوان لكن ليس كل الاخوان. الإمارات تتهم قطر بدعم الإخوان واحتضان قياداتهم، ولكنها في الوقت نفسه تدعم الإخوان في اليمن.

السعودية تتهم قطر بالتآمر مع ايران، ولكن حليفتها الإمارات مرتبطة بمصالح اقتصادية بعشرات مليارات الدولارات مع طهران، والسعودية والإمارات تتهمان قطر بدعم الإرهاب وتمويله. الإمارات حليفة السعودية تحتضن ابن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي يحارب تحالفهما في اليمن، لأسباب تتعلق بالاستثمار والمال. السعودية والإمارات، إرضاء لترامب وإسرائيل، تتهمان حماس بالإرهاب، الإمارات مع مصر تنسقان مع حماس في قطاع غزة وتعلنان عن تمويل مشاريع تنموية هناك في محاولة لتحلا محل قطر وايران. مصر تؤكد علنا دعم الشرعية الفلسطينية والسعودية كذلك، والإمارات تحارب السلطة عبر فلسطينيين قبلوا أن يكونوا أدوات بيدها. هذه هي الصورة كما أراها. قد تبدو وكأنها لغز وهي ليست كذلك، وتفسيرها أبسط مما يظن. 

محمد بن زايد الحاكم الفعلي في إمارة ابو ظبي، بعد ان جرّ وراءه السعودية والبحرين ومصر، وهو مسلح بمال وفير ودعم من واشنطن وتل أبيب، يعتقد خاطئا أن إمارته، بمالها وحجمها، يمكن ان تدخل نادي الكبار. 

قد يسأل سائل، هل ما تشهده المنطقة العربية، هو مخطط تآمري كبير تكون القضية الفلسطينية ضحيته المركزية، يجري بتسارع رسم بنوده او بالاحرى تنفيذها؟ أم أن هناك حالة من صحوة ضمير متأخرة عند بعض الدول. ومع ان حالة الصحوة قد لا تكون مستبعدة في حالة السعودية، التي اكتشفت توريط بن زايد لها، كما اكتشفت حسب التسريبات حجم الورطة التي وقعت فيها في اليمن، وهي بعد عامين ونصف العام من الحرب المكلفة من كل الجوانب، تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء الوجه، وهو ما كشفت عنه تسريبات لسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، تفيد بأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يريد الخروج من اليمن.

وحسب موقع «ميدل إيست آي» البريطاني فإنه وفق رسائل إلكترونية مسربة للسفير العتيبة، فإن بن سلمان اعترف للسفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل مارتن إنديك، وهو يهودي الديانة، وصهيوني الهوى، وكذلك مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، ستيفن هادلي برغبته في الخروج من اليمن. قبل شهر واحد من الأزمة مع قطر. وحسب التسريبات وفي رسائل إلكترونية متبادلة مع العتيبة، كشف إنديك عن رغبة بن سلمان في الخروج من اليمن. وقال: «كان محمد بن سلمان واضحا مع ستيفن هادلي ومعي، أنه يريد الخروج من اليمن». لكن ليست هناك ضمانات على الاطلاق لنجاح هذا التوجه. وقد تجد السعودية نفسها ونتيجة لسياسة بن سلمان، في ورطة جديدة وهذه المرة في العراق، في محاولة لمواجهة ايران في العراق، بدلا من المواجهة المباشرة، عبر التقرب من مكونات السياسة العراقية، وفتح قنصليات ومعابر (معبر عرعر) ودعوة مقتدى الصدر والعبادي والحكيم الى السعودية الخ. فهل ستنجح في العراق في ما فشلت فيه في اليمن؟ أم سينطبق عليها المثل القائل «لا طالت بلح الشام ولا عنب اليمن»؟

كل هذه التطورات أو معظمها في منطقتنا المنكوبة، في زمن عربي غابت فيه الزعامات الحقيقية، تسارعت بعد الزيارة المشؤومة التي أنعم بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب في اواخر مايو الماضي على النظام السعودي والقمم الثلاث في الرياض، التي تمخضت عن ثلاثة أمور، اولها صفقة العصر التي ستكلف حكومة الرياض أكثر من400 مليار دولار (الدولار يعادل3.75 ريال)، أي ما يساوي على الأقل1500 مليار ريال سعودي، وهذا المبلغ يعادل دخل السعودية من النفط للسنوات الخمس المقبلة. طبعا إذا ما أخذنا على محمل الجد كلام وزير المالية السعودي محمد الجدعان، الذي قال إن دخل السعودية السنوي من النفط يعادل 300 مليار ريال.

الأمر الثاني هو اقناع هذه الدول بضرورة الحل الاقليمي الذي سيعزز التعاون الاقتصادي والتجاري، لاسيما بين الدول الخليجية صاحبة المال والثروة، ودولة اسرائيل صاحبة التكنولوجبا، وفي هذا السياق، تطمح اسرائيل كما قال احد وزرائها قبل بضعة أيام، ان تصل الصادرات الاسرائيلية للدولة الخليجية الى45 مليار دولار. 

والأمر الثالث شيطنة القضية الفلسطينية عبر شيطنة حركة حماس واتهامها بالإرهاب، وشق الصفوف وتكريس الانقسام القائم بين الضفة وغزة والقضاء على حلم الدولة المستقلة، وللأسف عبر أياد فلسطينية. 

وحقيقة ان يقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ويقول، إن حماس إرهابية، وهذه تصريحات لم تكن حتى وقت قريب امرا مألوفا في السياسة السعودية، بل خارج سياقها، وردد هذه التهم غير مرة أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، ولا تفسير لهذا التغير المفاجئ وفق التعابير السياسية، سوى أنه يأتي في إطار مخطط أوسع، هو الحل الاقليمي. ولا ننسى ايضا موقف عراب العلاقات الإماراتية الاسرائيلية سفير ابو ظبي في واشنطن يوسف العتيبة، الذي انضم إلى الجوقة وراح يكيل الاتهامات.

والشيء بالشيء يذكر، فقد كشف «ميدل إيست آي» أيضا عن آخر رسائل إلكترونية مسربة عن العتيبة، تكشف سعيه للاتصال بالجنرال الإسرائيلي عوزي روبين، الملقب بـ«أبو منظومة الدفاع الصاروخية» الإسرائيلية المعروفة بالقبة الحديدية، عبر محلل سياسي في واشنطن مؤيد لإسرائيل. والعذر الاقبح من الذنب أن العتيبة كان غرضه تقييم الأضرار الناجمة عن حرب الأيام الثمانية التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2012.

وقدم العتيبة رجل محمد بن زايد في واشنطن، إلى عوزي روبين، روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لأحد مراكز البحث والتفكير المؤيدة لإسرائيل في واشنطن. واقترح في 19 ديسمبر 2012، على العتيبة لقاء روبين.

وفي غضون ثلاثة أيام، كان روبن والعتيبة يتبادلان الرسائل الإلكترونية بشكل مباشر، ولكن لم يتضح ما إذا كانا قد التقيا بالفعل، إلا أن رسائل البريد الإلكتروني المسربة، التي حصلت عليها مجموعة القرصنة المعروفة «غلوبال ليكس»، تظهر تنامي العلاقات العسكرية والدبلوماسية بين الإمارة الخليجية وإسرائيل. 

محمد بن زايد يضرب بسيف اسرائيل التي توفر له الحماية الأمنية، وهو يسعى لتقديم الخدمات اليها عبر تحقيق المصالحة الإقليمية في إطار شرق أوسطي جديد، ويقلب الطاولة لصالح حليفه محمد دحلان، على الرئيس عباس الذي لا يزال يتمسك بالمبادرة العربية لإنهاء الصراع، ويطالب بتطبيقها من ألفها الى يائها وليس العكس.

وأخيرا فان الشيء الأكيد ان تحركات محمد بن زايد ونشاطاته الاخيرة المحمومة في القاهرة، ليست لمساعدة أهل غزة، فأهل غزة محاصرون منذ11 عاما ولم نر دورا لدولة محمد بن زايد في رفع المعاناة عنهم، الغرض من هذه التحركات تنفيذ أجندات اخرى. لكن هل يعتقد أنه قادر على تمريرها بـ15مليون دولار في الشهر وهو ليس كافيا لتغطية فاتورة الكهرباء لشهر واحد؟

وهل حقا يظن محمد بن زايد انه قادر على شراء ضمائر أهل غزة بحفنة من الدولارات؟

11 عاما بالتمام والكمال وهذا الشعب يعاني من حصار اسرائيل والنظام المصري، ودولة الإمارات تعزز العلاقات مع دولة الاحتلال.

11 عاما تعرض أهل غزة خلالها لثلاث حروب، قدموا فيها آلاف الشهداء وعشرات الاف الجرحى، ولم يرفعوا الرايات البيضاء، هذا الشعب لن يشارك في القضاء على الحلم الفلسطيني من اجل15 مليون دولار في الشهر، اي ما يعادل 7.5 دولار لكل غزي، ليست كافية لشراء كيلوغرام من اللحم.

محمد بن زايد يريد شراء موطئ قدم لجماعته، يستطيعون من خلاله العمل بحرية، كخطوة اولى نحو عودة محمد دحلان، الى القطاع «ظافرا مظفرا» ولو لبضع ساعات او ربما ايام، حسبما تسمح له أعماله التجارية و«وقته الثمين» وأيضا رجال أمنه، تلتقط له الصور وهو رافع «شارة النصر» تيمنا بـ«القائد الرمز»، وهذا ما اراد ويريده لا حبا بغزة والغزيين، بل نكاية بمحمود عباس ولا أحد غيره فهو الذي أخرجه من المعادلة الفلسطينية وقضى على مستقبل سياسي كان يحلم به.

وهذا ما يجعلنا نلوم حركة حماس على وجه الخصوص على هذه الخطوة غير الموفقة وغير المبررة، بأي شكل من الاشكال.

فاذا كانت قادرة على رأب الصدع مع دحلان، وبينها وبينه ما صنع الحداد، أليس من الاولى بها تحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام، ولم الشمل الفلسطيني وتوحيد الجهود، والا تضع دوما العقدة في المنشار، وتأتي على نفسها، أم تراها تسير على مبدأ عدو عدوي صديقي.

* علي الصالح كاتب فلسطيني

  كلمات مفتاحية

محمد بن زايد محمد دحلان غزة الإمارات السعودية البحرين حصار قطر ايران دعم الإخوان دونالد ترامب إسرائيل يوسف العتيبة السلطة الفلسطينية إمارة ابوظبي شيطنة القضية الفلسطينية