مصريون يروون قصص عودتهم من السعودية بعد فقدان وظائفهم

السبت 19 أغسطس 2017 05:08 ص

يترقب قطاع واسع من العمال المصريين المقيمين فى السعودية، قرار إنهاء خدماتهم بعد أن استغنت العديد من الشركات في المملكة عن عدد كبير من منتسبيها؛ منذ انخفاض إيرادات النفط، التي تمثل 80% من دخلها، فضلا عن رغبة الرياض إغلاق مناطق عمل مختلفة على الأجانب، في محاولة لخلق فرص عمل للشباب السعودي والحد من معدل البطالة بين مواطنيها.

وقال «عبد الله ربيع»، وهو مصري يعمل في السعودية، لموقع «ميدل إيست آي» البريطاني، «الفرق بين الحياة في القاهرة والحياة في الرياض مثل الفرق بين السماء والأرض من حيث النظافة والبنية التحتية في الشوارع والنظام».

و«ربيع» (27 عاما)، عاش في الرياض لثلاث سنوات تقريباً، وهو يعمل في الموارد البشرية، وقبل خمسة أشهر، وعندما كان يخطط لشراء سيارة جديدة بمبلغ 65,000 ريال سعودي «17,000 دولار»، استقبل خبر تسريحه من العمل، وتم منحه شهرين لمغادرة السعودية وتوديع أصدقائه.

ويشير «ربيع» إلى أن ذلك حدث وسط عملية «تخفيض الإنفاق» في الشركة التي بدأت تسريح الموظفين البالغ عددهم 2000 ليصل إلى 800 موظف هذا العام.

وحاول «ربيع»، وهو والد طفل يبلغ عاماً واحداً، أن يحيل كفالته إلى شركة أخرى في السعودية، ولكن الشركة رفضت بمقتضى نظام «الكفالة» النافذ على نطاق واسع في دول الخليج، والذي يتطلب من العمال الأجانب إما الحصول على موافقة صاحب العمل ليكون بإمكانهم تغيير الوظائف، أو مغادرة البلد.

ولم يكن من السهل على «ربيع» وأسرته الاستقرار من جديد في العاصمة الصاخبة القاهرة، حيث يقول: «كنت مستاءً للغاية، عدت إلى مصر حيث كنت أتعذب لأن أم الدنيا لم تعد كما كانت من قبل».

ولثلاثة أشهر، لم يتمكن «ربيع» من العثور على وظيفة براتب لائق. حيث تقدم لوظائف في أقسام الموارد البشرية بالعديد من الشركات وكان الراتب الذي عرضوه يتراوح بين 1200 و 1300 جنيه «67.5 دولار إلى 73.2 دولار» شهرياً.

بالإضافة إلى ذلك، كانت تلك الوظائف تبعد عن منزله مسافة تزيد عن 20 كيلومتراً، ما يعني مزيداً من النفقات بعد الارتفاع الأخير في أسعار البنزين بنسبة 50%.

وبالإضافة إلى نفقات الحياة الأساسية، وعمله في الخليج براتب يساوي على الأقل خمسة أضعاف متوسط الرواتب في مصر، تراكم على «ربيع» مبلغ كبير من الديون، هو الآن غير قادر على دفعه.

ورضي «ربيع»، الذي يشعر بالإحباط، بوظيفة ذات أجر منخفض، ولكنها على مسافة قريبة من منزله في ضاحية المعادي بالقاهرة.

ويتشابه حال «ربيع» مع «حسن مازورة» الذي يعيش الآن في محافظة الغربية مع زوجته، بعد أن كان يعمل فنياً في شركة سعودية في مدينة الدمام شرقي السعودية، وقد ظل يعمل هناك لست سنوات، قبل أن يتم تسريحه في مايو/أيار الماضي.

ويقول «مازورة» (35 عاما) إن التخفيضات المالية على المشاريع حدثت فجأةً بعد بدء الحملة العسكرية التي قادتها السعودية على اليمن عام 2015. وكان هو العام نفسه الذي سجلت فيه الحكومة السعودية عجزاً في الميزانية بلغ 98 مليار دولار، ما تسبب في تعليق أو إلغاء العديد من مشاريع البناء في المملكة».

ويضيف لموقع «ميدل إيست آي»: «كان هناك عجز في الميزانية لذا بدأوا في تسريح بعض العاملين، وواصل البعض الآخر العمل سبعة أو ثمانية أشهر بدون رواتب».

 ويتابع «عندما طالب هؤلاء العمال بأموالهم، كان المدراء يخبرونهم برفع شكوى إلى مكتب العمل، ولكن مكتب العمل لم يساعدهم إطلاقاً».

سبب الأزمة

يؤكد «عادل حميد يعقوب»، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، لموقع «ميدل إيست آي»، أنه «على الرغم من أن الحملة العسكرية على اليمن تمثل عبئاً مالياً، إلا أن العامل الرئيسي الذي يؤدي إلى هذه الأزمة في سوق العمل السعودي هو تراجع عائدات النفط».

ويشير أستاذ الاقتصاد إلى أن من الأسباب الرئيسية وراء عمليات التسريح الأخيرة في المملكة هي الخطوات التي اتخذتها السلطات مؤخرا لإغلاق مناطق العمل المختلفة على الأجانب، في محاولة لخلق فرص عمل للشباب السعودي والحد من معدل البطالة بين مواطنيها».

ووفقاً للبيانات الرسمية، ارتفعت معدلات البطالة في السعودية إلى 12.7% في الربع الأول من عام 2017، وتهدف خطة رؤية 2030 الصادرة العام الماضي إلى توفير مليون فرصة عمل جديدة للسعوديين في هذا القطاع بحلول عام 2020.

وتعرض رؤية السعودية لعام 2030 العديد من مشاريع البناء بالتعاون مع الشركات الأجنبية الضخمة.

مزايا العمالة المصرية

ويشير الخبير الاقتصاديّ «مدحت نافع» في حديث لموقع «المونيتور» إلى أن المصريين يمثلون أحد أعمدة سوق العمل السعوديّ، لافتاً إلى أنّ العديد منهم يمثّلون عمالة مدرّبة ذات كفاءة عالية وغير مرتفعة التكاليف يصعب الاستغناء عنها حتى في حال سعي المملكة إلى توطين الوظائف والاعتماد على السعوديّين للحد من البطالة بينهم.

وأضاف أن أعداد العاطلين في السعوديّة ليست كبيرة، وإذا تم توزيع نسبة صغيرة من وظائف الوافدين على السعوديّين سيكون ذلك كفيلاً بحلّ أيّ أزمة دون أن يتضرر سوق العمل المصري في السعودية تضررا ملحوظاً، على حد وصفه.

ووفقاً لآخر البيانات الرسمية، هناك أكثر من 10.1 مليون وافد أجنبي في المملكة العربية السعودية، من إجمالي السكان البالغ 30.8 مليون نسمة في عام 2014.

ووفقاً لوزارة العمل المصرية، شمل ذلك 2 مليون مصري عام 2016، تأثروا بشكل بالغ بموجة عمليات التسريح وإجراءات خفض الميزانية.

المصدر | ميدل إيست آى + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العمالة المصرية فىي السعودية العلاقات السعودية المصرية انهيار أسعار النفط توطين العمالة