«الغارديان»: السعودية تسعى لموطأ قدم في العراق من خلال «الإعمار»

الاثنين 21 أغسطس 2017 04:08 ص

تتفاوض العراق والسعودية على تشكيل تحالف جديد من شأنه أن يعطي الرياض دورا رائدا في إعادة إعمار البلدات والمدن التي مزقتها الحروب في العراق.

وقد تركزت الاجتماعات بين كبار المسؤولين من الجانبين على مدى الأشهر الستة الماضية على رعاية العراق بعيدا عن جارتها القوية والمنافس الإقليمي للسعودية، إيران، التي ازداد نفوذها في العراق بشكل حاد منذ الإطاحة بنظام «صدام حسين» عام 2003.

وكان ينظر إلى العراق والمملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة كنظامين متعارضين في المنطقة، لكن زيارة رجل الدين الشيعي العراقي «مقتدى الصدر» إلى الرياض الأسبوع الماضي، والزيارة التي تبعتها إلى الإمارات العربية المتحدة، قد عززت من العلاقات التي تحسنت بالفعل من خلال الزيارات المتبادلة بين مسؤولين رفيعي المستوى من البلدين.

ويؤكد وصول «الصدر»، وهو بطل قصة الحرب الطائفية التي دمرت العراق في الفترة من 2004 إلى 2008، والذي له روابط دائمة مع إيران، على مستوى جديد من المشاركة قد يمنح الرياض دورا هاما في إعادة إعمار المدن ذات الأغلبية السنية في الموصل والفلوجة والرمادي وتكريت.

وقال وزير الدولة السعودي السابق «سعد الجبري» إن «هذه الزيارة كانت خطوة مهمة لضمان عودة العراق إلى الحظيرة العربية ودعمها من قبل شركاء ودودين. ويتطلب هذا الحد من محاولات طهران المستمرة للسيطرة على العراق ونشر الطائفية. ومن شأن وجود تعاون أوسع بين الرياض وبغداد أن يقود الطريق لتعزيز الدعم الإقليمي للعراق، وخاصة من دول الخليج. ويعد هذا ضروريا بعد استعادة الموصل من تنظيم «الدولة الإسلامية»، في حين تتطلع العراق نحو إعادة إعمار البلاد».

وقد تحملت المناطق السنية في العراق وطأة الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم ««الدولة الإسلامية»»، التي استمرت 3 أعوام، والتي حققت نجاحا كبيرا. ولم يعد تنظيم «الدولة الإسلامية» يسيطر على أي مدينة. وتقتصر سيطرته على سلسلة من البلدات في الشمال الغربي وفي أنحاء محافظة الأنبار.

ويعتقد أن إعادة إعمار العراق والمدن السنية الأربع ستتكلف أكثر من 100 مليار دولار، فضلا عن 3 محافظات سنية، هي محور آمال المصالحة الوطنية في بلد أكثر من ثلثي سكانها من الشيعة.

وبينما تتحرك العراق نحو الانتخابات الوطنية مطلع العام المقبل، قال كل من رئيس الوزراء «حيدر العبادي» و«الصدر» إن إعادة إدماج، الذين فقدوا الامتيازات والمكانة بعد سقوط «صدام»، يجب أن يكون محور خطط إعادة الإعمار.

وقال «الجبري»: «من الجدير بالذكر أيضا أن زيارة الصدر كان لها جانب عملي، وأدت إلى بعض الفوائد المباشرة من إعادة فتح المعابر الحدودية ودعم النازحين داخليا إلى إمكانية تعيين سفير جديد وفتح قنصلية في النجف». وأضاف: «وهذه دلائل واضحة على أن هناك رغبة ملموسة في إعادة إقامة علاقة استراتيجية بين البلدين تقوم على المنفعة المتبادلة».

وفي بغداد، حيث كانت المواقف تجاه السعودية معادية بشكل علني ​​طوال الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية»، فقد خفت مؤخرا الخطاب الذي يلقي باللوم على الرياض في إنتاج الجهاديين.

وقال «عبدالباري الزيباري»، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي: «تنمو العلاقات الآن أكثر من أى وقت مضى، ويرجع ذلك إلى الإدارة الأمريكية الجديدة التي تساعد السعودية والخليج في إعادة بناء علاقاتها مع بقية المنطقة. ونحن نرحب بأي تمويل أجنبي أو إقليمي. وستكون هذه خطوة ذكية حقا من قبل الدول العربية والأجنبية».

بعد قطيعة طويلة

ولم تتبادل بغداد والرياض السفراء لمدة 25 عاما، قبل عودة المبعوث السعودي عام 2015، الأمر الذي أدى إلى سلسلة من الادعاءات المزعومة حول مسؤولية الحرب العراقية والفوضى الإقليمية. إلا أن «العبادي» والرئيس العراقي «فؤاد معصوم» قد زارا الرياض العام الماضي، وسافر وزير الخارجية السعودي إلى بغداد كذلك.

وقال «إحسان الشمري»، رئيس مركز الفكر السياسي في بغداد: «هذه بداية جديدة، صفحة جديدة من العلاقات السعودية العراقية. لقد كانت العلاقات مضطربة وحادة في الماضي، وخصوصا خلال حكم (رئيس الوزراء السابق) المالكي. والآن، بعد أن وجد السعوديون شخصية سياسية غير طائفية في حيدر العبادي، هم على استعداد للعمل معا. ولم تعد تركز على الصدع الشيعي السني. وعلاوة على ذلك، تريد العراق العودة إلى الحظيرة العربية، والمملكة هي النافذة التي تطل على العالم العربي».

وأضاف: «ويعد هذا التمويل الآن لإعادة إعمار البلاد عملا حسن النية، وطريقه لإظهار التضامن مع العراقيين، الذين يدركون أننا نمر بأوقات اقتصادية صعبة».

ويرى كبار المسؤولين في الرياض، التي وضعت لنفسها أجندة طموحة للإصلاح الاقتصادي والثقافي، فرصة في إعادة إعمار المناطق السنية في العراق كجزء من التحركات الأوسع لكبح إيران وتأكيد قوة المملكة ما بعد تنظيم «الدولة الإسلامية».

وقال «الجبري» إن «الوضع في العراق يهم المنطقة بأسرها، من الناحية الأمنية والاقتصادية والسياسية». وأضاف: «لذلك من الطبيعي أن تسعى القيادة السعودية إلى إيجاد سبل للسياسة الخارجية لدعم العراق في هذه اللحظة الحرجة. وتعد هذه الزيارة خطوة واضحة في هذا الاتجاه. ومقتدى الصدر زعيم محترم له تأثير كبير. وهو يدرك أن مستقبل العراق يكمن في العالم العربي، وقد أعرب مرارا عن قلقه إزاء تأثير إيران المتزايد في العراق».

وأكمل: «ستحتاج العراق بالتأكيد إلى دعم إقليمي ودولي كبير في ملف إعادة الإعمار، وخصوصا لمدن مثل الموصل والفلوجة والرمادي. وانطلاقا من السياسة الخارجية السعودية وأهمية العلاقات السعودية العراقية التاريخية، لن أكون مندهشا لرؤية استثمار سعودي كبير في جهود إعادة الإعمار، بالإضافة إلى القيادة الإقليمية والدولية في هذه القضية».

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

السعودية العراق إيران مقتدى الصدر