التاريخ «المخجل» للعاصمة البريطانية.. مدينة شكلت ملامحها أجور المومسات

الثلاثاء 22 أغسطس 2017 04:08 ص

كشف المؤرخ البريطاني «دان كروكشانك»، في كتاب له، جانبا من «التاريخ المخجل» للعاصمة البريطانية لندن، التي يعتبرها البعض رمزا للتحضر والرقي؛ إذ سلط الضوء على بيوت الدعارة، التي كانت تجارة رائجة في تلك المدينة خلال القرن الثامن عشر، حتى أنها لعبت دورا كبيرا في تشكيل ملامحها العمرانية الفخمة والأنيقة.

الكتاب حمل عنوان «التاريخ السري للندن.. كيف شكلت أجور الخطيئة ملامح العاصمة؟»، وصدر عن دار «راندوم هاوس» للطباعة والنشر في 688 صفحة.

وحسب عرض للكتاب في مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية، كان هناك مومس واحدة من بين كل 5 نساء في لندن خلال القرن الثامن عشر، والتي عرفت آنذاك باسم «لندن الجورجية».

وكانت «حديقة كوفنت» في لندن، التي باتت مقصدا سياحيا الآن، مركزا رائجا لتجارة الجنس؛ حيث ضمت المئات من بيوت الدعارة، التي كان يطلق عليها في حينها «بيوت القهوة».

وآنذاك، كانت ممارسة البغاء في الأماكن العامة أمرا شائعا، حتى أن علاج الأطفال من الأمراض التناسلية كان أمرا مألوفا.

ويقول مواطن ألماني، زار لندن، في ذلك الزمن، أن العاصمة البريطانية تجاوزت كل مدن العالم «في مدى الفجور والإدمان على البغاء».

وإبان ذلك، كان المجتمع الإنجليزي يشجع الرجال على ممارسة الجنس.

كما أدى التحيز ضد المرأة إلى حرمانها من تقلد جميع الوظائف باستثناء الوظائف الدنيا.

لكن البغاء وفر للنساء، آنذاك، الاستقلال المالي؛ إذ كان بإمكان الواحدة منهن أن تكسب في الشهر الواحد ما كان يحققه التاجر أو الكاتب من دخل خلال عام كامل.

ورغم ذلك، حالف الحظ، في ذلك الوقت، عدد قليل من النساء الجميلات والذكيات.

وعلى سبيل المثال، لا الحصر، تزوجت «لافينيا فنتون»، وهي طفلة كانت تعمل بالدعارة، دوقا.

غير أن مصير معظم البغايا كان المرض، واليأس، والوفاة المبكرة.

الجنس وعمران لندن

لكن تجارة الجنس تلك، على انحططاها الأخلاقي والديني، بدلت شكل لندن الجورجية، إذ شهدت المدينة طفرة في العمران على يد ملاك بيوت الدعارة الأغنياء، الذين بنوا الآلاف من الفيلات الأنيقة في مناطق «سوهو» و«مارليبون».

ويروي «دان كروكشانك»، في كتابه «مغامرات في العمارة»، القصة جيدا، مع العديد من الحكايات.

وقد سلط كتاب مثل «هنري فيلدينغ» و«صموئيل جونسون» الأضواء على محنة البغايا في لندن الجورجية.

وفي مسرحية «أوبرا المتسولين» لـ«جون غاي» عام 1728، تحضر تلك المحن، في سخرية لاذعة من طبقة الأرستقراطيين والسياسيين.

وقد افتتح في عام 1741 مستشفى «فوندلينغ توماس كورام» لرعاية الأطفال اللقطاء الذين كانوا نتاجا للبغاء، ولقى هذا المستشفى دعما كبيرا من أغنياء المجتمع.

وآنذاك، ساهم ذلك المستشفى في التخفيف من العار والعبء المادي الواقعين على المومسات، الذين حملن من زبائنهن؛ حيث قدم لهم مجانا خدمة الولادة، كما كان يقصده كل من يرغب في تبني أطفال.

وفي عام 1756، بدأت الحكومة في تقديم تمويل للمستشفى لرفع قدراته بشرط قبول جميع الأطفال دون سن الشهرين، دون أي أسئلة.

وكانت النتائج كارثية؛ إذ قامت الأمهات اليائسات في جميع أنحاء إنجلترا، وحتى من غير المومسات، بتسليم أطفالهن غير المرغوب فيهم لهذا المستشفى.

وتوفى نحو ثلاثة أرباع الأطفال الذين وصلوا إلى المستشفى وعددهم نحو 15 ألفا، قبل أن توقف الحكومة البريطانية دعمها له في عام 1760.

كذلك، حاولت «دار المجدالين» وهي مدرسة للمومسات أسسها تجار المدينة، إصلاح النساء، وإبعادهم عن طريق البغاء.

وكانت المقبولات منهن في المدرسة، تؤدي الصوات بانتظام، وتعمل من السادسة صباحا وحتى العاشرة ليلا، وتقول سجلات المدرسة إن نحو ثلثي النساء، الذين استقبلتهم، والبالغ عددهن 14000 امرأة، خلال الفترة من 1758 إلى 1916، تم بالفعل انتشالهن من براثن الخطيئة، وبتن نساء صالحات.

وفي السنوات التالية، أدى قلة الإقبال على البغاء في لندن، مثلما الحال في أماكن أخرى، إلى إضعافه في نهاية المطاف.

وترك الكاتب «كروكشانك» للقراء التفكير في سبب تراجع البغاء في العاصمة، بسؤال مفتوح يخيره بين سببين هما: انخفاض الطلب على البغاء، أو زيادة الفرص الاقتصادية للمرأة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بريطانيا لندن البغاء دان كروكشانك