تركيا وإيران.. المتنافسان التاريخيان في محاولة للتحالف

الأربعاء 23 أغسطس 2017 07:08 ص

قد يكون من الصعب فصل المهم عن غير المهم في أي يوم معين. لكن من خلال التفكير في ما حدث اليوم، يمكننا أن ننظر في ما يمكن أن يحدث غدا.

تجعل السياسة والحرب من الغرباء أصدقاء مقربين، كما قد يحدث مع إيران وتركيا. وتطرح الدولتان، اللتان تنافسا تاريخيا، خلافاتهما جانبا للتركيز على الأولويات المشتركة، وهي إدارة الحرب الأهلية السورية وإبطاء تقدم الأكراد نحو مزيد من الحكم الذاتي.

وزار وفد من المسؤولين العسكريين الإيرانيين، من بينهم قائد فيلق الحرس الثوري الإسلامي الجنرال «محمد حسين باقري»، تركيا الأسبوع الماضي، لمناقشة هذه القضايا. ويلقي الاجتماع، وهو الأول من نوعه بين إيران وتركيا منذ عام 1979، الضوء على فرص التعاون بين القوتين الإقليميتين. ومع ذلك، فإن المصالح المشتركة لن تأخذ علاقة الدولتين بعيدا. فهناك آراء متباينة حول كيفية إدارة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، من شأنها أن تخلق صراعا أكثر من الاتفاق بين إيران وتركيا على المدى الطويل.

ويعد الصراع في سوريا أولوية قصوى بالنسبة لإيران وتركيا على حد سواء. وقد يكون من المناسب أن يتوصل الطرفان إلى تفاهم حول شمال سوريا من شأنه أن يعالج شواغلهما الرئيسية في البلد الذي مزقته الحرب. وتهتم أنقرة في المقام الأول بتخفيض حيازات الأكراد الإقليمية على طول حدودها مع سوريا، في حين تريد طهران والقوى الموالية التي تدعمها التركيز على هزيمة المتمردين في محافظة إدلب. ومن خلال العمل معا، يمكن لإيران وتركيا تحقيق أهدافهما. غير أن تعاونهما قد يزيد من تدهور علاقاتهما المتوترة أصلا مع الولايات المتحدة. فبعد كل شيء، تشارك روسيا، المنافس الرئيسي لواشنطن على التأثير في الشرق الأوسط وخارجها، إيران وتركيا في المناقشات حول سوريا أيضا. وسيزور وزير الخارجية الروسي تركيا قريبا ليتابع العمليات في إدلب.

ومهما كان رأي الولايات المتحدة في هذا الترتيب، وعلى الرغم من ذلك، فمن غير المرجح أن يدوم التحالف المرتقب بين تركيا وإيران في سوريا طويلا. ومنذ فترة طويلة، كانت أنقرة وطهران على جانبي النزاع في الحرب الأهلية السورية. وكان الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» قد أعلن سريعا معارضته لحكومة الرئيس السوري «بشار الأسد»، في حين لا تزال إيران تسانده وتدعمه. وعلاوة على ذلك، لن تتغاضى تركيا عن نفوذ إيران المتزايد عبر حدودها في الأعوام المقبلة، مهما كانت الصفقات المؤقتة التي ترى أنها مناسبة لإبرامها مع منافستها التاريخية على المدى القصير. وفي الوقت نفسه، يعد الوضع في العراق أكثر هشاشة، فمن شأن الهجوم الوشيك في تلعفر أن يزيد من التوترات، وربما يسبب اشتباكات بين القوات المدعومة من تركيا والقوات المدعومة من إيران.

وفيما يتعلق بمسألة الحكم الذاتي الكردي، وبالمثل، دفعت المصالح المتداخلة بين تركيا وإيران نحو مواءمة نادرة بين البلدين. وتريد أنقرة وطهران وقف الاستفتاء المقبل على استقلال كردستان العراق (على الرغم من أن كل جانب يستفيد أيضا من علاقته مع الفصائل في حكومة إقليم كردستان). وبالنسبة لإيران وتركيا على حد سواء، فإن الاستفتاء يهدد بزعزعة الاستقرار الإقليمي، الهش بالفعل، وإثارة الاضطرابات بين سكانهما الأكراد. وعلاوة على ذلك، تشعر طهران بالقلق إزاء ما يعنيه استقلال كردستان العراق بالنسبة لمستقبل بغداد الاقتصادي والسياسي. ومع وضع هذه المخاوف في الاعتبار، قد تحاول تركيا وإيران التنسيق لوقف الاستفتاء. وفي الوقت نفسه، يعملان معا لبناء جدار على طول حدودهما المشتركة لمنع المسلحين الأكراد من العبور بينهما.

ومع ذلك، لن يكون أي من الطرفين مستعدا للتضحية بمصالحه في كردستان العراق لمساعدة الآخر على إبقاء سكانه الأكراد في وضع هادئ. وتقدر إيران علاقاتها السياسية والاقتصادية مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، كما تقيم تركيا علاقات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني. وإذا انضمت أنقرة وطهران للمعسكر المناهض للاستفتاء، فسوف يكونا حريصين على الحذر في تعاونهما، دون إخلال بعلاقاتهما بحلفائهما الأكراد.

وعلى الرغم من أن تركيا وإيران أبعد ما يكون عن الصداقة، فقد برهنا على استعداد عملي للعمل معا بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك على مر السنين. وقد سلط اجتماعهما التاريخي، هذا الأسبوع، الضوء على مجالين آخرين قد يكونا نطاقا للتعاون بين البلدين بشكل يفيد أنقرة وطهران على السواء. (وبينما تعمل المملكة العربية السعودية على زيادة مشاركتها في المنطقة لمواجهة المصالح الإيرانية وكذلك التركية، يمكن للطرفين إضافة مواجهة المملكة إلى قائمة الأشياء المشتركة بينهما). ولكن على المدى الطويل، سيجد المتنافسان أن الاختلافات بين أولوياتهما لا تزال تفوق بكثير أوجه التشابه.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

إيران تركيا الأكراد الشمال السوري