استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قطر والسعوديون والحصار

السبت 26 أغسطس 2017 02:08 ص

يقيني بأن صانع القرار اليوم في المملكة العربية السعودية، وجمهور مستشارية بكل ثقافاتهم لا يعرفون خصوصية الشعب القطري ولا يعرفون العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وإن عرفوا فإن معرفتهم لا تتعدى تغريدات متناثرة لا سند لها، أو معلومات مختلقة لا واقع لها.

* * *

جمعتني ظروف الصدفة في مجلس صديق في الرياض في الربع الأول من تسعينيات القرن الماضي حضره كوكبة من الشخصيات بينهم صحفيون وأساتذة جامعات وتجار وآخرون. تبرع مضيفي بتعريفي بهم بعد انتهاء السهرة والعشاء الدسم، عتبت على صاحبي لما لم يعرفني عليهم سلفا حتى أحسب كلماتي وأحدد مواقفي كي لا يساء فهمي.

قال أردتك أن تأخذ حريتك في الحديث وأن يسمعوا منك لأني مقتنع بآرائك. كانت تلك الفترة العلاقات القطرية السعودية تمر بأزمة حدودية شائكة، ولم تكن الجزيرة الإخبارية قد ظهرت إلى الفضاء.

تحدثنا عن التعليم في الخليج العربي، والثقافة العربية، التي تكاد تضيع نتيجة لاختلال التركيبة السكانية وسيادة ثقافة ولغات العمالة غير العربية الوافدة إلى المنطقة. تحدثنا عن أنظمة الحكم وعرائض المطالبة بالإصلاح الشامل لأنظمة الحكم، قدمت إلى القيادة السياسية في السعودية وقطر والبحرين وعمان وكذلك الإمارات، وقلت في تعليقي على تلك الرسائل أنها ظاهرة سياسية محببة أن تكون العلاقة بين الحاكم والمحكوم مبنية على فكر واضح وأن يكون هناك تواصل علني بدلا من المنشورات السرية أو النميمة السياسية.

لم يكن في المجلس معارض لفكرة الرسائل إلى الحكام تطالب بالإصلاح. قال أحد الضيوف إنه على يقين بأن أصحاب القرار لم يطلعوا على القرارات ولا مضمونها وبالتالي تكون الرسائل غير مجدية، ولم يوافقه أحد على رأيه.

تحدثنا عن مشكلة الحدود بين دول مجلس التعاون في ذلك الوقت. البحرين وقطر بينهم خلاف حدودي، السعودية وقطر أيضا، الإمارات والسعودية وحتى الكويت والسعودية، وكانت الخلافات على أشدها وصل ببعضها إلى المواجهة المسلحة وسقوط قتلى وأسر مجندين كانوا يؤدون الخدمة دفاعا عن الوطن.

الخلاف البحريني القطري حُل عن طريق التحكيم الدولي، والخلاف السعودي القطري حل أيضًا بالتراضي بين الدولتين، أما خلاف الإمارات والسعودية فإنه مابرح معلقا يستدعي في مناسبات ويشتد الخلاف بينهما، النظامان السعودي والإماراتي لا يثق أحدهما في الآخر كما أشار أحد الباحثين في الشأن الخليجي.

تحدثنا عن مجلس التعاون الخليجي، وكان رأيي أنه وليد أزمة، وسيعيش في أزمة، لأن الحكام أعضاء المجلس ليسوا على قلب رجل واحد، وسينتهي مفعولة بأزمة و الله العليم متى تحدث الأزمة التي لن يكون مجلس التعاون بعدها كما كان المامول فيه عند التاسيس. وقد صدق حدسي اليوم.

* * *

سألني سائل في تلك الأمسية، ماهو الحال في قطر؟

قلت الحال في قطر في سباق مع الزمن نحو تطوير مؤسسات الدولة على كل الصعد، في المجال الاقتصادي كما تعلمون إنتاجها البترولي متواضع، لكن باطن الأرض واعد بثروة الغاز وفي سباق مع الزمن في الإسراع بإنتاجه، وهو حسب اعتقادي سيحدث نقلة نوعية في الحياة القطرية.

الخلافات الحدودية مع دول الجوار في مراحلها النهائية للحل، في قطر قيادات شابة طموحة في داخل الأسرة الحاكمة تتطلع لأن تكون قطر محط أنظار العالم عن طريق الاهتمام بالسياسة الخارجية والعمل الدؤوب في مجال التنمية بكل أركانها والخروج بالعمل السياسي عن حدوده التقليدية فلا تبعية، ولا مساس بالسيادة الوطنية، ولا تدخل في الشؤون الداخلية، ولا استجابة للضغوط، ولا تفريط في مصلحة وطنية، ولا انزلاق في محاور.

قال آخر هناك خلافات كما نسمع في داخل الأسرة الحاكمة، قلت لا أعلم عن ذلك، والخلاف وارد كما هو الحال بين الأسر الحاكمة وغيرها، والأسرة الحاكمة في السعودية أيضًا بين أفرادها خلافات شديدة. وإن كان في قطر خلافات عائلية فإنها من أجل الإصلاح والبناء وليس غير ذلك. إنها أسرة مترابطة أكثر من أي أسرة حاكمة في دول الخليج العربية.

* * *

قلت في بداية حديثي إن الإخوان في السعودية لا يعرفون خصوصية الشعب القطري والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وفي ظلمة ليل، اتخذوا من المواقف ضد قطر حكومة وشعبا أقسى وأصعب المواقف.

إنها الحرب الاقتصادية والإعلامية على قطر بكل أبعادها، في اعتقادي، أن من فكر بهذه الواقعة أنه سيثير غضب الشعب القطري على قيادته ويتمرد على النظام كان على باطل، وقد اكتشفوا أن تلك الواقعة أدت إلى تماسك الجبهة الداخلية وازدادوا تشبثا بوحدتهم وحماية نظامهم السياسي.

الحاكم في قطر في صباه تعلم في مدارس عامة قطرية مع جميع طبقات أبناء الشعب القطري، جيل الأسرة الحاكمة الحالي كان في المدرسة وملاعب الرياضة والاحتفالات المجتمعية جنبا إلى جنب مع أبناء الشعب فهم يشعرون بأنهم أسرة واحدة لا حدود بينهم.

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومن قبله الأمير الوالد الشيخ حمد حفظه الله يزورون اليوم زملاءهم في زمن الدراسة في بيوتهم من وقت إلى آخر دون سابق ترتيب، يزورون أساتذتهم، مجالس الحكام مفتوحة في أيام معدودة لمن أراد الزيارة. هذه الألفة هذه الخصوصية التي لا يعرفها إلا القليل من الناس.

في الأسبوع الماضي، تناقلت وسائل الإعلام أن أحد أفراد الأسرة الحاكمة القطرية ذهب إلى السعودية كما قالت وسائل الإعلام في تلك الديار، ليقوم بالتوسط لدى الملك سلمان آل سعود ليطلب منه فتح الحدود البرية للحجاج القطريين، وأن الملك استجاب لوساطته، وبقية القصة معروفة.

كان الهدف من ذلك هو خلق شخصية من العائلة وتلميعها ليستطيعوا استخدامها كيفما يشاؤون لتهديد الحكم القائم، واكتشفوا بأنهم بعملهم ذلك زادوا الترابط في بيت الحكم، والشيخ المراهن عليه، هو في آخر قائمة العائلة الحاكمة في قطر.

آخر القول: إنهم لا يعرفون خصوصية المجتمع القطري، راهنوا بأن الحصار سيسقط النظام وفشلوا، راهنوا على خلق بديل من العائلة وتلميعه إعلاميا وفشلوا. راهنوا على إقناع العالم بأن قطر تمول الإرهاب والإرهابيين فلم يصدقهم العالم.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

قطر السعودية مجلس التعاون الخليجي الأزمة الخليجية حصار قطر خصوصية الشعب القطري