«إيكونوميست»: القمع الصارخ طريقة خطأ للتعامل مع «الإسلام السياسي»

السبت 26 أغسطس 2017 03:08 ص

استعرضت مجلة «إيكونوميست» في عددها الأخير مآلات ومستقبل حركة الإخوان المسلمين، تحت عنوان «الإخوان المسلمون في تراجع: القمع الصارخ هو الطريقة الخطأ للتعامل مع الإسلام السياسي».

وأوضحت المجلة أن «جماعات الإسلام السياسي قبل أقل من عقد كانت قوة لا يمكن تجاوزها في الشرق الأوسط، فمع انهيار الديكتاتوريين نتيجة للانتفاضات العربية عام 2011، حققت هذه الجماعات خاصة الإخوان المسلمين وتلك التي خرجت من ثوبها تأثيرا وسيطرة، فقد أصبح صندوق الاقتراع والمسجد مصدرا للسلطة بدلا من القصر والثكنات والشرطة السرية».

وأضافت: «في حطام العالم العربي اليوم يتصرف الكثيرون وكأن فكرة لعب الإسلاميين دورا ديمقراطيا مفيدا قد انتهت هي الأخرى، فالإسلاميون اليوم يتعرضون لقمع جديد من قبل الأنظمة الرجعية التي تواجه الجهادية العنيفة فيما ينظر إليهم الناخبون بعدما فشلوا في تحقيق آمالهم بعين الشك، وصار الكثير منهم منفيين فيما تواجه قطر التي تدعمهم حصارا اقتصاديا ودبلوماسيا من جيرانها العرب الذين دعمهم الرئيس دونالد ترامب».

وفي تعليقها على دور الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر في حث الحكومات الغربية على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، قالت المجلة: «عندما يقتل الجهاديون، كما فعلوا في إسبانيا الأسبوع الماضي، فهناك ما يغري للتعامل مع من يحاولون الوصول إلى السلطة باسم الإسلام على أنهم خطر، لكن القمع المفتوح لكل الإسلاميين هو أسوأ رد ممكن، وسيقود في النهاية إلى سخط أكبر واضطرابات وإرهاب جديدين».

وترى المجلة أن «الجماعات الإسلامية ليست واحدة فهي تتراوح من حركة النهضة التونسية، التي بات أفرادها يطلقون على أنفسهم الإسلاميون الديمقراطيون، إلى حركة حماس الفلسطينية التي أرسلت انتحاريين لتفجير أنفسهم في (إسرائيل)، ومن هنا فمن يقومون بقمع الإسلاميين يرتكبون ثلاثة أخطاء: فهم يزعمون أن الإسلاميين متشابهون ويقولون إنهم ليسوا ديمقراطيين في الجوهر ويعتقدون ثالثا أن الحل يكمن في حكم الرجل القوي. ولو بدأنا بالأول وهو الخلط بين جماعات الإسلام السياسي فإن نقادهم يقولون إنهم لا يختلفون إلا قليلا عن جماعات القاعدة وتنظيم الدولة، خاصة أنهم جميعا يريدون إحياء الخلافة وتطبيق الشريعة في ظلها، والخلاف بينهم هو في الوسائل والتوقيت، والأسوأ من كل هذا هو أن الإسلام السياسي يظل بوابة لجهاد العنف».

وتعتقد المجلة أن «الإخوان المسلمين هم الملامون على هذه الضبابية في التمييز، فقادتها عادة ما يدعون للأعنف باللغة الإنجليزية فيما يدعون للمقاومة بل والجهاد بالعربية في سوريا وفلسطين، كما أن بعض العنف الممارس ضد الحكومة المصرية يبدو وكأنه من فعل الراديكاليين في جماعة الإخوان المسلمين، فمن بين قادة الجهادية العالمية أفراد كانوا أعضاء في حركة الإخوان بمن فيهم أيمن الظواهري، زعيم القاعدة، ومع ذلك يظل وضع جماعات الإسلام السياسي والمتطرف في سلة واحدة فعلا تبسيطيا، فجهاد العنف يعتمد على عدد من المصادر لتبرير أفعاله الشنيعة وليس أقل منها السلفية الطهورية التي تمارس في السعودية والتي تتنافس مع الإخوان المسلمين، فعادة ما يمقت الجهاديون الإسلاميون المعتدلون الذين يركزون على العبادة والخدمات الإجتماعية والإنتخابات، ويعتقد الجهاديون أن القوانين الوضعية إهانة للقوانين الربانية».

وتعلق المجلة «أن التساوي بين الإسلاميين والجهاديين مثل أن تماثل بين الاشتراكيين الديمقراطيين والألوية الحمراء بسبب قراءتهم لكتب كارل ماركس».

«الإسلاميون» والديموقراطية

أما عن الخطأ الثاني المتعلق بالديمقراطية فترى المجلة أن «المشكلة مع الإسلاميين هي تعاملهم مع الديمقراطية كمناورة»، مشيرة إلى الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» الذي وصفته أنه «كان أنموذجا إسلاميا فيما يتعلق بالتدين والإصلاح الليبرالي، لكنه اليوم قام بتطهير الأعداء الحقيقيين والمتخيلين، وأصبح أسوأ من الديكتاتوريين العرب الذين شجبهم مرة، مع أنه لا يزال ينتصر في الانتخابات، وفي مصر بدا محمد مرسي في حكمه القصير كأنه حاكم للإخوان فقط، وعينهم في كل مفاصل البيروقراطية ووضع نفسه فوق القانون ونفر منه الأحزاب الأخرى وجعل الناس يخرجون للتظاهر».

وترى أن نقاد «الإسلاميين» تعاملوا مع كل من «أردوغان» و«مرسي» والأخطاء التي ارتكباها كونهما إسلاميان، والحقيقة غيرذلك، فقد «قاما بمحاولة السيطرة على السلطة لمنع الدولة الأمنية من العودة، وفشل مرسي فيما نجح أردوغان».

وتضيف المجلة أن «الأمل يظل في تونس التي بدأت فيها الانتفاضات العربية، فقد تجنبت الحرب الأهلية في ليبيا وسيطرة الدولة الأمنية في كل من مصر والجزائر. وكان لدى النهضة الحس كي تتشارك بالسلطة مع أحزاب علمانية. وعرفت أن ديمقراطية هشة في حاجة إلى إجماع واسع. وفي المغرب تخلى الملك عن بعض سلطاته للبرلمان وسمح للإسلاميين بقيادة إئتلاف واسع. وفي الخطأ الثالث المتعلق بحكم الرجل القوي، فتعلق المجلة قائلة: إن الدول التي تفكر بالتعامل مع أخطاء الإسلاميين من خلال الاعتماد على الملكية المطلقة أو حكام مدى الحياة تتعامى عن سجلهم الواضح. فحكم اليد الحديدية للشاه في إيران الذي قاد للثورة عام 1979 وأخطاء صدام حسين في العراق وإلغاء الانتخابات في الجزائر عام 1992 وسحق بشار الأسد الانتفاضة السلمية في سوريا عام 2011 لم ينتج القمع إلا استقرارا هشا وفي أسوأ الحالات قاد إلى حرب أهلية. وعلى خلاف المستبدين في جنوب كوريا وتايوان فشل الديكتاتوريون في العالم العربي بتحقيق ازدهار دائم».

بين «مرسي» و «السيسي»

وتقول المجلة: «بعد أربعة أعوام على إطاحة مرسي فمن الصعب القول إنه كان أسوأ من عبدالفتاح السيسي، الجنرال الذي أطاحه. فالسيسي، الرئيس الحالي قام بأسوأ مجزرة في تاريخ مصر الحديث وقتل المئات من أنصار مرسي في القاهرة عام 2013. وأصبح البلد أكثر قمعا مما كان عليه في زمن مبارك. والتمرد مستمر في سيناء. وليست لدى السيسي أي فكرة حول كيفية خلق فرص عمل للشباب المصريين».

وتختم بالقول: إن «القمع وسوء الحكم يفتحان الباب للأزمة في الشرق الأوسط، ولن يتم التخلص منهما قريبا، ويظل الاستبداد طريقا مسدودا. فما الحل إذا؟ ففي وسط الخيارات السيئة لا مجال للعالم العربي إلا الانفتاح التدريجي للاقتصاد والسياسة والسماح للأيديولوجيات بالتنافس طالما نبذت العنف واحترمت القيم الديمقراطية، ويجب أن لا يستبعد الإسلاميون من المنافسة لأن الإسلام مركزي في المجتمعات الشرق أوسطية، ومع أن الإسلاميين يتسمون بالممارسات اللاليبرالية ولا يمكن اعتبارهم والحالة هذه المسيحيون الديمقراطيون للعالم العربي إلا أنهم عادة ما يتسمون بالبراغماتية ولا يمكن والحالة هذه تجاهلهم. فبدلا من سحقهم بطريقة توحدهم وتدفعهم للتشدد يجب العمل مع المعتدلين منهم ومطالبتهم بالإصلاح وقتال الخطيرين، وبهذه الطريقة يمكن أن يلعبوا دورالحاجز ضد الراديكاليين الجهاديين بدلا من أن يكونوا مفتاحا لهم».

  كلمات مفتاحية

الإسلاميون الإسلام السياسي قمع الإسلاميين السيسي مرسي