«ذا ديبلومات»: لماذا تصعد السعودية هجومها ضد طالبان؟

السبت 9 سبتمبر 2017 08:09 ص

في 7 أغسطس/آب هذا العام، وصف الدبلوماسي السعودي الأبرز في أفغانستان، «مشاري الحربي»، طالبان بأنهم «إرهابيون مسلحون»، في مقابلة مع صحفيين أفغان. وعلى الرغم من أن تحالف طالبان مع إيران قد خلق توترات بين الرياض وطالبان في الأعوام الأخيرة، فاجأ الخطاب العدائي تجاه طالبان العديد من المراقبين، حيث اعترفت المملكة العربية السعودية بحركة طالبان كحكومة شرعية لأفغانستان خلال التسعينات، وكانت قد أعربت عن اهتمامها باستضافة مكتبا دبلوماسيا لطالبان عام 2011.

ويمكن تفسير الخطاب العدائي السعودي المتزايد تجاه طالبان باثنين من العوامل الرئيسية. أولا، يهدف خطاب الحكومة السعودية إلى ردع الجهات المانحة الخاصة في المملكة من تقديم المساعدات المالية لطالبان. ثانيا، تسعى المملكة من خلال رفع الغطاء الشرعي عن حركة طالبان ككيان سياسي إلى تقويض فعالية جهود الوساطة القطرية بين طالبان وكابول.

وقف التبرعات

وعلى الرغم من أن السعودية قد تخلت عن دعمها الدبلوماسي لطالبان في الأيام التي سبقت حرب أفغانستان عام 2001، إلا أن النظام الملكي السعودي استمر في السماح للمانحين من القطاع الخاص المقيمين في المملكة بمساعدة طالبان ماليا. ويأتي دعم السعودية لطالبان من خلال التبرعات المالية من رجال أعمال وهابيين بارزين ونخب سياسية، وتسهيل الرياض لجهود طالبان للحصول على عائدات الضرائب من العمال البشتون المقيمين في المملكة.

وقد ساعد الدعم المالي الذي تقدمه المملكة لحركة طالبان أيضا جهود باكستان الرامية إلى تعزيز القدرات العسكرية لطالبان، وساعد حركة طالبان في مواجهة تزايد النفوذ الإيراني في أفغانستان. وكما قال الأستاذ في جامعة جونز هوبكنز «فالي نصر» لصحيفة نيويورك تايمز، في ديسمبر/كانون الأول عام 2016 «ساعدت المساعدة المالية التي قدمتها السعودية لطالبان الرياض على إحياء الدور الدبلوماسي البارز في أفغانستان، والذي كانت قد اضطلعت به خلال الثمانينات، وتأمين بصمة أيديولوجية طويلة الأمد في أفغانستان من خلال انتشار المدارس الوهابية في جميع أنحاء البلد الذي مزقته الحرب».

وعلى الرغم من أن تطلعات المملكة للتأثير في أفغانستان لا تزال كما هي، إلا أن إدانة الرياض الأخيرة لطالبان تشير إلى أنها قد فقدت الثقة في قدرة طالبان على النهوض بالمصالح السعودية في أفغانستان. وقد دفعت تدفقات أسلحة إيران إلى متمردي طالبان، والتشجيع الخفي من قبل طهران لجهود طالبان في أفغانستان، صناع السياسة السعودية إلى استنتاج أن طالبان لم تعد شريكا يعتمد عليه بالنسبة للرياض من أجل التعاون في أفغانستان.

ولإثبات عدم رضاه عن سلوك طالبان، انتقد النظام الملكي السعودي صلة طالبان بـ«الجماعات الإرهابية»، وأدان تحالف إيران المتنامي مع طالبان. ويهدف خطاب الرياض المناهض لطالبان أيضا إلى ردع الجهات المانحة الخاصة الوهابية في المملكة عن تقديم المساعدة المالية لطالبان، وتشجيعهم على تحويل مواردهم نحو تعزيز تولي سلطة الرئيس الأفغاني أشرف غني.

ولتشجيع المستثمرين السعوديين على تقديم الدعم للحكومة الأفغانية، عقد العاهل السعودي «سلمان» اجتماعا ثنائيا مع غني في الرياض في 22 مايو/أيار. وأثنى غني خلال ذلك الاجتماع على دور المملكة كوسيط فعال محتمل بين كابول والجماعات المسلحة التي تسعى إلى عدم الاستقرار في أفغانستان. وكذلك اتفق الزعيمان على تخفيف القيود المفروضة على التأشيرات التي تعيق السفر بين البلدين، وتعهدت السعودية بقطع التمويل للحركات السياسية الأفغانية التي لها صلات إرهابية.

تقويض نفوذ قطر

وبالإضافة إلى معاقبة طالبان على شراكتها السرية مع إيران، تسعى السعودية من خلال إدانتها الأخيرة لطالبان إلى تقويض فعالية المبادرات الدبلوماسية القطرية في أفغانستان. ومنذ عام 2013، توسطت الحكومة القطرية في محادثات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان بهدف تعزيز الحل السياسي للصراع الأفغاني المستمر.

ونظرا لأن مشاركة الدوحة في أفغانستان قد زادت من مكانة قطر الدولية كوسيط دبلوماسي، سعت السعودية إلى الإضرار بسمعة قطر الدولية من خلال محاولة إثبات أن صلات طالبان مع قطر شكل من أشكال الإرهاب الذي ترعاه الدولة. وقال «الحربي» للصحفيين، في 7 أغسطس/آب، إن هناك أدلة دامغة على أن قطر تدعم بفاعلية نشاط طالبان المزعزع للاستقرار في أفغانستان. وكذلك ضغطت السعودية على حليفتها باكستان لكي تنأى بنفسها عن قطر من خلال تقليص دعمها العسكري لطالبان.

وعلى الرغم من أن مصداقية الإدانات السعودية لعلاقة طالبان بقطر قد قوضتها تصريحات المجاهد السابق «عبد الله أنس» بأن الرياض قد دعمت بحزم المبادرات الدبلوماسية القطرية تجاه طالبان قبل عام 2013، إلا أن الخطاب السعودي العدواني المناهض لطالبان يهدف إلى تسليط الضوء على التمييز بين سياساتها وسياسات الدوحة. وفي ظل علاقات طالبان مع مصر، والتوترات المتزايدة بين الإمارات العربية المتحدة في الأشهر الأخيرة، يساعد الموقف السعودي المناهض لطالبان الرياض على تعزيز تحالفاتها الإقليمية الحيوية وعزل جهود قطر في أفغانستان خارج التوافق الإقليمي في الشرق الأوسط.

وبالإضافة إلى ذلك، قد يساعد الخطاب السعودي المناهض لطالبان في إقناع الولايات المتحدة بالضغط على قطر بشأن علاقاتها مع طالبان. كما يهدف موقف السعودية المناهض لطالبان إلى إقناع واشنطن بأنها شريك الولايات المتحدة الأكثر ثقة في مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت الذي وقعت فيه الولايات المتحدة مذكرة تفاهم مع قطر حول مكافحة الإرهاب في يوليو/تموز، تأمل المملكة في أن تقنع إدانتها العدوانية لعلاقة طالبان بقطر الولايات المتحدة بتخفيض شراكتها الأمنية مع الدوحة، لصالح الحفاظ على علاقات إيجابية مع الرياض.

وعلى الرغم من أن قدرة السعودية على إنفاذ سياستها المناهضة لطالبان لا تزال غير واضحة، يجب أن ينظر إلى الخطاب العدائي السعودي تجاه طالبان على أنه انتقام مباشر من تعاون المنظمة مع إيران وقطر. وعبر تحويل خطاب المملكة المناهض لطالبان إلى إجراءات ملموسة، تأمل السعودية في تعزيز علاقتها مع كابول، وتقويض النفوذ الدبلوماسي لدولة قطر في أفغانستان، وتسليط الضوء على موثوقية الرياض كشريك لمكافحة الإرهاب لدى صناع القرار الأمريكيين.

المصدر | صامويل راماني + ذا ديبلومات

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران قطر طالبان أفغانستان