توفي القيادي البارز بجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر «فريد إسماعيل»، المحبوس علي ذمة عدة قضايا أمس الأربعاء، إثر تدهور حالته الصحية، ومنع وزارة الداخلية نقله لمكان علاج يناسب حالته الصحية المتدهورة.

وقال «محمد أبو هريرة»، عضو هيئة الدفاع عن متهمي جماعة «الإخوان»: «فريد إسماعيل كان يعاني منذ شهرين من تدهور كبير في صحته نتيجة مرضه بالكبد، وتم نقله للمستشفى منذ 48 ساعة، لكنه توفي اليوم (الأربعاء)».

وأضاف «أبو هريرة»: «وفاة فريد إسماعيل جاءت نتيجة سوء الرعاية الطبية داخل السجن، ومنع دخول الطعام والدواء»، معتبرا أن المادة 36 من قانون تنظيم السجون (المتعلقة بالإفراج الصحي) لم تطبق عليه».

وتقول هذه المادة، حسب «أبو هريرة»، كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالحظر أو يعجزه عجزا كليا، يعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه.

وكان نجل «فريد إسماعيل» قد ناشد المنظمات الحقوقية قبل أيام من وفاته التدخل لإنقاذ حياته، حيث أهملته سلطات الداخلية في حبسه الانفرادي حتى أصيب بجلطة في المخ، ونقلته فقط لمستشفى السجن الذي لا يتمتع بأي تجهيزات، ومن ثم لم يتم متباعة حالة الكبد أو إجراء أي تحاليل له. 

ووصف «محمد فريد» نجل القيادي الراحل، أم ما يحدث مع والده هو نوع من القتل العمد، بعد رفض السلطات إجراء أية فحوصات أو تحاليل، أو منح السجين رعاية صحية ملائمة لحالته.

من جانبها، قالت وزارة الداخلية المصرية: «مساء اليوم، تم إخطار قطاع مصلحة السجون من مستشفى المنيل الجامعي بوفاة السجين محمد فريد إسماعيل عبدالحليم خليل، 58 عاما، والذي يخضع للعلاج بالمستشفى لمعاناته من تليف كبدي والتهاب فيروسي (C)، وتوفى إثر إصابته بغيبوبة كبدية».

وكان «فريد إسماعيل» البالغ من العمر 58 عاما، يشغل منصب عضو المكتب التنفيذي لحزب «الحرية والعدالة» المنحل بقرار قضائي في أغسطس/آب الماضي، وأحد وجوه جماعة «الإخوان» في ميدان التحرير، بوسط القاهرة، إبان ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

وهو برلماني سابق، حيث انتخب في برلمان 2005، ثم برلمان الثورة عام 2001، وشغل منصب وكيل لجنة الأمن القومي.

واحتجز في سجن العقرب، جنوبي القاهرة، في أعقاب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، حيث اعتقل في سبتمبر/أيلول من نفس العام.

من جانبه قال محاميه «إسماعيل أبو بركة» إن «فريد» حكم عليه بالحبس 7 أعوام العام الماضي في قضية في محافظة الشرقية (دلتا النيل/شمالا)، متعلقة بارتكاب أعمال عنف وهي ما نعتبرها قضية سياسية.

وحول نية هيئة الدفاع التقدم ببلاغ حول واقعة وفاة «إسماعيل»، بسبب الإهمال الطبي، قال محام «فريد إسماعيل»: «هيئة الدفاع يهمها الآن إنهاء الإجراءات الخاصة بموافقة النيابة علي دفن الراحل أكثر من واقع حالة الإهمال الذي تعرض له».

في بيان له علي صفحته الرسمية علي موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، اعتبر «محمد منتصر»، المتحدث باسم جماعة «الإخوان المسلمين»، «إسماعيل» شهيدا، مضيفا: «تؤكد جماعة الإخوان المسلمين أن القصاص لروح المجاهد فريد إسماعيل سيظل أمانة معلقة في رقاب كل أبناء الجماعة والثوار».

وكان «إسماعيل» ينتظر، السبت المقبل، حكما في القضية المعروفة إعلاميا بالتخابر مع «حماس» وجهات أجنبية أخرى، والمتهم فيها الرئيس الأسبق «محمد مرسي»، وبوفاته تنقضي الدعوى الجنائية عنه.

الموت البطيء

وليست هذه الحالة الأولي التي تلقي فيها قيادات محبوسة تنتمي للمستويات العليا بجماعة «الإخوان» حتفها متأثرة بمرضها داخل السجون، إذ سبقها حالتان بارزتين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي هما وفاة «أبو بكر القاضي»، أحد قيادات «الإخوان» الذي كان محبوسا في سجن بمحافظة قنا، جنوبي البلاد، و«طارق الغندور»، الأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس (شرقي القاهرة)، الذي توفي داخل محبسه بالقاهرة.

وفي 27 سبتمبر/أيلول 2013، توفي «صفوت خليل» (57 عاما)، وهو من قيادات «الإخوان» المسلمين بالدقهلية (دلتا النيل)، بسجن المنصورة العمومي متأثرا بإصابته بمرض السرطان.

وفي هذه الحالات السابقة اتهمت جماعة «الإخوان» الداخلية بالإهمال الطبي، فيما نفت الداخلية وجود أية شبهة جنائية أو شبهة إهمال.

وعلق ناشطون حقوقيون في «الائتلاف العالمي للحريات والحقوق» على الحادث بقولهم: «إن الإهمال المتعمد في تقديم الرعاية الصحية للمعتقلين في السجون المصرية يرقى إلى درجة القتل العمد، والتصفية الجسدية لمعارضين سياسيين، وبالأخص أن الائتلاف العالمي سجل حالات مماثلة لحالة فريد إسماعيل، توفي فيها معتقلون سياسيون إثر منعهم من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة».

وكتب الدكتور «عمرو دراج» رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب «الحرية والعدالة» عبر «تويتر»: «أخي الحبيب #فريد_اسماعيل.. تقبلك الله في الشهداء.. عرفك الجميع خلوقا بساما تسير في حوائج الناس.. اليوم الذي سنقتص فيه ممن قتلك قريب بإذن الله».

وعلق المهندس «حاتم عزام» نائب رئيس حزب «الوسط» قائلا: «النائب د. فريد إسماعيل شهيد جديد من شهداء معركة الحرية في مصر.. ووفاته جريمة قتل جنائية ضد الإنسانية.. معتقل سياسي بسجن العقرب يعاني من مرض معلوم و يترك ليموت بعذاب مرضه دون تقديم أبسط حقوق معتقل و الذي تنص عليه كل القوانين المحلية و الولية.. إن وفاة النائب الدكتور فريد إسماعيل بسجن العقرب هي جريمة قتل جنائية مع سبق الإصرار  ونوع من أنواع التعذيب المفض للموت و الذي يعد جريمة ضد الإنسانية» .

«لقد زاملت النائب د. فريد إسماعيل في البرلمان و الجمعية التأسيسية للدستور، وأشهد أنني رأيت إنسانا في قمة الخلق و السماحة و الأخلاق.. رحم الله شهيد حريتنا الذي آلمنا فراقه وعزائنا أننا نحسبه شهيدا عند ربه و تعازينا لأهله و لن نترك من أجرموا في حقه هو و جميع إخواننا المصريين منذ ٢٥ يناير و إلي الآن حتي يحاسبوا».

وقال الكاتب الصحفي «وائل قنديل» أن من يمنع الدواء عن سجين ويرفض نقله للمستشفى فقد قتله مع سبق الإصرار، مؤكدا أن «فريد إسماعيل شهيد».