هل تقف ذئاب «داعش» المستوحدة وراء اغتيال النائب العام المصري؟

الثلاثاء 30 يونيو 2015 01:06 ص

يعد اغتيال النائب العام «هشام بركات» صباح أمس الاثنين، العملية الأولى من نوعها التي تطال مسؤولا بارزا في النظام الجديد الذي جاء عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، والتساؤلات لا تنقطع عن صاحب المصلحة في قتله في هذا التوقيت؟ والتداعيات التي ستنتج عنها.

طرحت العملية علامات الاستفهام حول الخلل في خطة تأمين المستشار «هشام بركات»، وتؤكد أن العملية، شأن أي عملية كبري سابقة استهدفت النظلم، لم تكن وليدة الصدفة بل تمت وفق دراسة ومعلومات حصلت عليها جماعات مسلحة لا تزال مجهولة لتنفيذ مخططاتها.

ويستبعد غالبية المحليين والمراقبين في مصر احتمالات قيام جماعة مجهولة وضعيفة مثل (المقاومة الشعبية) بتنفيذ هذه العملية، لأسباب عديدة منها أن هذه الجماعة نفسها نفت ذلك لاحقا على حسابها على تويتر ونفت صلتها بالحساب المتواجد على فيس بوك (الذي أعلنت من خلاله مسؤوليتها)، والأهم أن هذه المجموعة ضعيفة مثل غيرها من عشرات المجموعات الحالية، ويقتصر دورها علي حرق بعض محولات الكهرباء الفرعية أو تفجير قنبلة بدائية في مناطق بعيدة، وسرعان ما يتم ضبط أعضاء هذه المجموعات بسهولة، بينما عملية بحجم قتل النائب العام المصري يظهر بوضوح أنها مخططة بدقة وبحرفية كما أن المتفجرات المستخدمة فيها كبيرة ما يشير لجهة منظمة.

ولأنه لا توجد جهة منظمة في مصر وقوية تستطيع القيام بمثل هذه العمليات النوعية سوي «أنصار بيت المقدس» في سيناء، أو جماعة «أجناد مصر» التي تنشط في القاهرة أيضا، فقد توجهت للأولى الانظار، خصوصا أنها بثت فيديو اغتيال 3 قضاة في سيناء قبل شهر كامل، عمدا قبل 24 ساعة من اغتيال النائب العام ما عده البعض وكأنه الضوء الأخضر للعملية.

حجم الانفجار الذي استهدف موكب النائب العام وأسلوب تنفيذه، أعادا إلى الأذهان مشهد محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق «محمد إبراهيم»، الذي تم استهداف موكبه بطريقة مشابهة في سبتمبر /أيلول عام 2013، وهي المحاولة التي نجا منها حينذاك، وأعلنت مسئوليتها عنها جماعة أنصار بيت المقدس.

كما أن النائب العام القتيل أحال في مارس/أذار الماضي أعضاء جدد قال إنهم من تنظيم «جند الله» للقضاء العسكرى، وذكر في التحقيقات أن «أبو مصعب القحطانى» قائد التنظيم بايع «داعش»، وخطط لاستهداف قطارات حربية وسجن الفيوم العمومى، ما يجعل للتنظيم خصومة معه خاصة أنه أيضا من حول 6 من أعضاء ما سمي (عرب شركس) للمحاكمة وقضت بإعدامهم ونفذ الحكم فيهم رغم أن الطعن عليه لا يزال منظورا أمام المحاكم، ورغم ثبوت أن بعض الضحايا كانوا قيد الاحتجاز أثناء وقوع الجرائم التي أعدموا بسببها.

وجاءت عملية اغتيال بركات بعد ساعات من إطلاق جماعة أنصار بيت المقدس (ولاية سيناء) فيديو بعنوان «تصفية القضاة»، يظهر عملية اغتيال ثلاثة قضاة وسائق السيارة التي كانت تقلهم في شمال سيناء يوم 16 مايو/أيار الماضي، بعد يوم واحد من إحالة أوراق الرئيس الأسبق «مرسي» وعدد من قيادات الإخوان لمفتي الجمهورية، تمهيدًا للحكم بإعدامهم في قضية اقتحام السجون، وزعم الفيديو الذي أظهر استهداف سيارة ميكروباص بالأسلحة الرشاشة أن المستهدفين كانوا خمسة قضاة.

ولم يقتصر فيديو «ولاية سيناء» على تصوير عملية اغتيال القضاة، ولكنه احتوى على رسالة انتقدت فيها المجموعة المسلحة تطبيق قوانين «وضعية» في مصر، كما استعرضت صورًا لعدد من القضاة المشهورين بإصدار أحكام الإعدام والسجن ضد قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، مع صور للحظات النطق ببراءة الرئيس الأسبق «حسني مبارك» من تهمة قتل الثوار، ليظهر أن القضاء يكيل بمكيالين.

وقد وصف التسجيل رموز القضاء المصري بأنهم «طغمة من الطغاة الذين خانوا عهد الله فحكموا بقوانين الكفر بين الناس وليتهم عدلوا بها، فبرئوا المجرمين وأطلقوا المفسدين وحاكموا المسلمين البريئين»، قبل أن يضيف التسجيل: «وتبعهم في هذا الغي كثير مما كانوا ينادون بتطبيق الشريعة زورا وبهتانا»، في إشارة لفترة حكم الرئيس الأسبق «مرسي».

«داعش» تعود للقاهرة

ويقول «شريف محيي الدين»، الباحث في شئون مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان في المنظمة الحقوقية (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية)، إن: »عملية اغتيال بهذه الضخامة لا يمكن أن تنفذها مجموعات صغيرة حديثة العهد مثل "المقاومة الشعبية"، وأن مدى الانفجار وشدته وحجمه وتأثيره لا يمكن أن تنفذه مجموعات صغيرة الحجم وقليلة الخبرة«.

ويضيف: «أرجح أن تكون مجموعة أنصار بيت المقدس هي المسئولة عن مثل هذه العملية، فالأسلوب يشبه تماما أسلوب محاولة اغتيال إبراهيم»، و"هذه العملية تعني أن «أنصار بيت المقدس" ستعود بقوة لتنفيذ عمليات داخل القاهرة، بعد أن التزمت بشكل ضمني في الفترة الأخيرة بالتركيز على سيناء كمنطقة سيطرة ونفوذ».

وأضاف: «استتب الوضع الأمني في القاهرة خلال الستة الأشهر الأخيرة، ليس بسبب يقظة القوات الأمنية ولكن بسبب ابتعاد أنصار بيت المقدس عن العاصمة، في حين تعني عودتهم إليها بهذه القوة أنه من المتوقع تنفيذ عمليات مماثلة تجاه مسئولين قضائيين وأمنيين أكبر في الدولة».

ويتوقع «محيي» أن يتم التدرج في محاولات استهداف المسئولين، ويؤكد: «تستطيع أنصار بيت المقدس استهداف مسئولين أخطر ولكنهم يفضلون التدريج في عملياتهم».

الذئاب المستوحدة

وفي تقريرها الأخير عن «الإرهاب» في العالم لعام 2015، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن تنظيم «الدولة الاسلامية» استطاع هزيمة تنظيم القاعدة والتفوق عليه بتصدر الهجمات «الإرهابية»، بسبب «تكتيك جديد» هو استخدام أسلوب «الذئاب المستوحدة» ، الذي لا يعتمد على هجمات جماعية كما حدث في 11 سبتمبر/أيلول، وإنما بفرد واحد مقطوع الصلة عن الآخرين بما يصعب مهمة تتبع المسئولين عن الأحداث التي تقع.

و«الذئاب المستوحدة»، يقصد بهم الشباب الذين اعتنقوا أفكار التنظيم عبر مواقع التواصل، ويجري التقاطهم عبر ها وتدريبهم فرادي كي ينفذون عمليات  من دون أي صلة تنظيمية تربطهم بالتنظيم، وبعضهم يتحرك بناء على قناعة بما يطالبه قادة التنظيم من قتل للأجانب أو الشيعة، وهو ما حدث في عمليات قتل اليهود في فرنسا، والشيعة في مساجد السعودية والكويت، وعملية قتل السياح في تونس.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون قد جري استقطاب بعض هؤلاء (الذئاب المستوحدة) من الشباب الغاضب على ما يجري في مصر من قمع وقتل واعتقالات عبر  تنظيم ولاية سيناء، خصوصا مع انتشار جماعات محلية جديدة شبابية غاضبة تتبني العنف ولكن بإمكانيات محدودة وضعيفة أغلبها يضم أفرادا قلائل وغالبا ما تعلن الشرطة المصرية اعتقالهم عقب أي عملية.

ومالت لهذا الترجيح صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، بقولها إن مقتل النائب العام المصري، هشام بركات، بعد تفجير استهدف موكبه بسيارة مفخخة،«يبرز قدرة المتشددين المحليين على تنفيذ هجمات متطورة ضد كبار المسؤولين».

وأضافت أنه «على الرغم من عدم وضوح منفذ الهجوم، إلا أن هناك فصائل متمردة من بينها تنظيمات أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة نفذت تفجيرات وعمليات قتل في الفترة الماضية».

  كلمات مفتاحية

مصر اغتيال النائب العام هشام بركات ولاية سيناء

«القرضاوي» يدين اغتيال «النائب العام» .. ويتساءل: هل أغنى عنه منصبه؟

إخوان مصر يرفضون العنف ويحملون «سلطة الانقلاب» مسؤولية اغتيال النائب العام

مقتل النائب العام المصري متأثرا بإصابته في تفجير استهدف موكبه

«المونيتور»: هجمات «ولاية سيناء» تزداد شراسة .. وتدابير الجيش تفقده الظهير الشعبي

«الدولة الإسلامية» يحرض «ولاية سيناء» على تنفيذ عمليات ”جهادية“ في مصر

النائب العام المصري الجديد عمل قاضيا بمحكمة التمييز في قطر 6 سنوات

«الداخلية» المصرية: «الإخوان» و«حماس» وراء اغتيال النائب العام.. والحركة الفلسطينية تنفي

«الإخوان» لـ«السيسي»: لا للمصالحة وابحث عن قاتل النائب العام بين رجالك