«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

الأربعاء 8 يوليو 2015 11:07 ص

في الوقت الذي يسابق فيه المفاوضون من الولايات المتحدة وأوروبا وإيران الزمن لإبرام صفقة من شأنها أن تحد من برنامج إيران النووي في مقابل وضع حد لفرض عقوبات اقتصادية قاسية، يقول محلل المجلس الأطلسي «بلال صعب» بأن ذلك بمفرده لن يجلب الأمن إلى المنطقة، كما لن يرضي ذلك (إسرائيل) أو نقاد إيران أصحاب الصوت العالي في الكابيتول هيل.

وفي 30 يونيو/حزيران، حيث لم يتبق سوى ساعات لإنهاء الوضع، قام المسؤولون في فيينا بتمديد المهلة التي حددوها لإجراء محادثات لمدة أسبوع آخر عندما أصبح من الواضح أن جميع الأطراف بحاجة إلى مزيد من الوقت. ولكن كما أوضح «صعب»، الزميل البارز في مركز سكوكروفت برنت بالمجلس الأطلسي فيما يتعلق بالأمن الدولي، «لم يتوقف العمل الشاق هنا، في واقع الأمر، قد بدأ من توه».

وفي 7 يوليو/تموز، نفس موعد اليوم النهائي الجديد المحدد (قبل تمديده أمس إلي 10 يوليو/تموز)، استضاف المجلس الأطلسي اجتماعا في واشنطن، قدم خلاله تقريره المكون من 30 صفحة، والذي جاء بعنوان «الاحتواء الجديد: نهج أمريكا في التغيير فيما يتعلق بالأمن في الشرق الأوسط».

ويقول التقرير إنه «لحماية الصفقة والاستفادة الكاملة من الفوائد المحتملة التي تشمل تخفيض جذري لخطر الأسلحة النووية المنتشرة في المنطقة، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى استراتيجية شاملة للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط».

وفي الوقت الذي يظهر فيه المفاوضون يتحركون ببطء نحو اتفاق، إلا إن «صعب» أعرب عن ثقته في أنه سيتم التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف.

«أعتقد أن هناك فرصة جيدة وسوف نرى صفقة نووية مع إيران تقضي بالحد بشكل فعال من برنامج طهران النووي على الأقل خلال عشر أو خمس عشرة سنة قادمة. ومع ذلك؛ فإن هذه النتيجة لن تزيل قدرات تخصيب اليورانيوم كما لن تهدئ المنطقة»، وأضاف: «البرنامج النووي الإيراني، من الناحية الاستراتيجية كما هو، ليس سوى جزء واحد فقط من اللغز الأمني في منطقة الشرق الأوسط».

ومع سيطرة «الدولة الاسلامية» حاليا على مساحات واسعة من العراق وسوريا، وتدبير هجمات إرهابية في ليبيا وتونس والمملكة العربية السعودية والكويت وحتى شبه جزيرة سيناء المصرية على بعد أميال من (إسرائيل)، فيمكننا القول إن التهديد «الإرهابي» في جميع أنحاء المنطقة في أعلى مستوياته منذ سنوات.

افتراضات أساسية

ولكي تتمكن الولايات المتحدة من «إخماد النيران في ذلك الجزء من العالم»، إذا جاز التعبير، تحدث «صعب» عن أربعة افتراضات رئيسية هي:

أولا: لن يتحقق أمن إقليمي دائم في الشرق الأوسط دون دفعة جدية من قبل الدول العربية لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية.

ثانيا: التغيير الحقيقي لا يمكن أن يحدث دون معالجة التحديات الأمنية الرئيسية التي تعاني منها المنطقة أولا، وهو في حد ذاته يؤدي إلى موقف نهايته سيئة مهما فعلت. وأضاف إنه في عالم مثالي، فإن الدول العربية يمكنها القيام بذلك على حد سواء في وقت واحد، ولكن المشكلة هي أنه ليست لديهم قدرة ومعرفة.

ثالثا: لا يمكن، كما لا يجب على، الولايات المتحدة أن تكون وكيلا ضاغطا من أجل التغيير في المنطقة. فالتغيير يجب أن يأتي دائما من الداخل.

أخيرا: لا يمكن للولايات المتحدة أن تحل التحديات الأمنية في المنطقة وحدها. ويجب أن تشمل هذه الجهود بجانب واشنطن شركاءها الإقليميين وحلفاءها العالميين.

«ما يتبع هذه الافتراضات الرئيسية الأربعة هو نهج الاحتواء الجديد لمنطقة الشرق الأوسط التي تسعى على وجه التحديد لإشراك أصحاب المصلحة الإقليمية في بنية أمنية إقليمية جديدة»؛ بحسب «صعب»، الذي أضاف أن «الهدف النهائي من هذه الاستراتيجية المعروفة باسم الاحتواء الجديد هو تمكين الفاعلين المحليين للخضوع لهذه الفترة من التغيير مع أقل قدر من الفوضى وعدم الاستقرار».

وتحدث «صعب» مع «لاري لوكسنر»، وفيما يلي مقتطفات من مقابلتنا معه:

س: ما مدى أهمية أن تبرم جميع الأطراف المعنية اتفاقا نوويا مع ايران بحلول الموعد النهائي المعلن؟

«صعب»: تخط هذا الموعد النهائي يعطي مزيدا من الذخيرة لمعارضي الصفقة لاستمرار الطعن فيها ومهاجمتها. أنا أتحدث عن الناس في الكونجرس والجمهوريين. وكلما استمر ذلك لفترة أطول، كلما كان لديهم مزيد من الوقت لتسليط الضوء على عيوب هذه الصفقة.

س: إذن هل الصفقة على وشك أن نقوم بتوقيعها حقا، على الرغم من هذه العيوب، وهل نقول عليها إنها جيدة؟

«صعب»: يتعين علي أن أسمع حجة واحدة حول ماهية الصفقة الجيدة في نظر (إسرائيل) وأولئك الذين يعارضونها. بالنسبة لهم، فإن الصفقة الجيدة هي التي من شأنها أن تزيل تماما قدرات التخصيب النووية الإيرانية. وفي العالم الحقيقي هذا غير واقعي. لا يمكنك الإطاحة بالمعرفة النووية دون تكبد تكاليف لا تطاق. البرنامج النووي الإيراني معقد للغاية وعلى مستوى عالي، ومن المستحيل من الناحية المادية تدميره. وبإمكانه أن ينهض من تحت الرماد ويستأنف من جديد. وكما ذكرت آنفا، فقد فات الأوان لذلك، نظرا لحجم البنية التحتية النووية الإيرانية. الطريقة الوحيدة للقيام بذلك عمليا هو التوجه لتغيير النظام.

س: من وجهة نظر الولايات المتحدة، ما هو الجانب السلبي للاتفاق المقترح مع إيران؟

«صعب»: لم يقل أحد أن الأمور تسير في طريق صفقة مثالية. ولكنها ترسل رسالة إلى أولئك الذين يلتزمون بالقواعد، وهي دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج. الآن، فجأة يُسمح للإيرانيين بتخصيب اليورانيوم على أراضيها. قد يهدد السعوديون لبعض الوقت من أجل التوصل إلى برنامجهم. قد يكون هذا مجرد كلام ، ولكن هناك خطر من انتشار المواد النووية.

إنها ليست مجرد حقيقة إنه تم السماح للإيرانيين بالتخصيب على مستويات أدنى، لقد حصلوا على تذكرة مرور مجانا عن طريق هذه الإدارة ليكون لهم وجود مهيمن في المنطقة التي تعيش حالة من عدم الاستقرار. دعونا نكون صادقين، دول الخليج سوف تنخرط في سباق التسلح. وهذا الأمر سوف يزيد من خطر نشوب حرب إقليمية، وهذا خطر كبير قد ينتج عن هذه الصفقة، ما لم يكن هناك علاج جدي للتحديات الأمنية الأخرى التي تخلقها إيران في المنطقة. شبكة من الوكلاء والجهات الفاعلة غير الحكومية في كل مكان.

س: فما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لوقف تزايد النفوذ الإيراني في العالم العربي؟

«صعب»: لا يوجد هناك ما يمكن للولايات المتحدة القيام به مرة أخرى. أعتقد أن الأوان قد فات. للحد من هذا النوع من النفوذ، فأنت تسير للاستثمار أكثر من ذلك بكثير في وسائل غير متماثلة لمحاربتها، وعدم الاعتماد على الأجهزة الثقيلة والمزيد من القدرات في منطقة الخليج. وتتجه نظم كل المعدات العسكرية، المقاتلات الأسرع من الصوت وحاملات الطائرات والدفاع الصاروخي، نحو حرب علنية. الأشياء التي يمكن حقا أن تكشف عن التدخل الإيراني هي أمن الحدود، ونظم الاستطلاع على ارتفاعات عالية والتعاون الدولي.

س: إيران تهدد ليس فقط (إسرائيل) ولكن أيضا العديد من دول الخليج، بما فيها السعودية. هل تتوقع أن يكون هذا التهديد المشترك سببا لجلب هؤلاء الأعداء التقليديين معا؟

«صعب»: كان هناك اتجاه لزيادة التعاون الضمني بين الإسرائيليين ومجموعة من دول الخليج الأخرى، وتحديدا في دولة الإمارات العربية المتحدة. كل شيء يحدث وراء الأبواب المغلقة وبعيدا عن الرادار، لكنها وصلت الآن إلى أقوى لحظاتها. مجتمعات هذه الدول الخليجية ما زالت معادية لـ(إسرائيل) بشدة. لذلك فإن الدخول في علاقة تعاون حميمية مع الحكومة الإسرائيلية دون مباركة من السكان فإن ذلك سيكون تمهيدا للتمرد وذخيرة للتطرف والتجنيد لـ«الدولة الإسلامية».

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة الشرق الأوسط إيران الأمن الإقليمي الاتفاق النووي

واشنطن: تمديد مفاوضات النووي الإيراني حتى الجمعة

الاتفاق النووي .. ملامح الحلول الوسط بين واشنطن وطهران

«شاتام هاوس»: التوترات في الخليج تهدد بتعظيم فوائد الاتفاق النووي لإيران

«إسرائيل» تحذر «أوباما» من إمداد الخليج بسلاح «استراتيجي كاسر للتوازن»

سباق التسلح في الخليج .. من المستفيد؟

«الفيصل»: الاتفاق النووي مع إيران سيشعل المنطقة .. ومن حقنا امتلاك نفس القدرات

سباق التسلح بين دول الشرق الأوسط يهدد بتكريس مشاكله الأمنية

أنباء عن إمكانية تمديد المفاوضات النووية إلى 13 يوليو

«فورين أفيرز»: التداعيات المحتملة على الشرق الأوسط حال فشل مفاوضات إيران النووية

الاستراتيجية العسكرية الأمريكية .. المزيد من الحروب

نظرة أمريكية شديدة التفاؤل للشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي

جماعات موالية لإسرائيل في أمريكا تهاجم سريعا اتفاق إيران

الصفقة النووية الإيرانية: ما الذي تعنيه لدول المنطقة؟

«العطية»: عدم تنفيذ إيران للاتفاق «النووي» يمنح السعودية الحق في امتلاكه

ما الذي يقتلنا الآن ... البراميل الإيرانية أم قنبلتها النووية؟

«كاميرون»: أبعدنا إيران عن تصنيع أسلحة نووية ونعلم أنها تمول جماعات إرهابية

«معهد واشنطن»: لماذا ترفض إسرائيل صفقة إيران النووية؟

«ميدل إيست بريفينج»: السعودية تواجه خطر خسارة حلفائها السنة بعد الاتفاق النووي

«فورين بوليسي»: إعادة النظر في خريطة التحالفات الأمريكية حول العالم

كيف غيرت مهمة في جدة قبل 25 عاما شكل الشرق الأوسط؟

«سياتل تايمز»: إيران ثالث الهزائم الاستراتيجية الأمريكية بعد فيتنام والعراق

«أوباما»: على إيران والسعودية الاعتراف بأن العداء بينهما «أوهام زائفة»

خمسة دروس كبيرة من حرب الخليج الأولى

بعد الاتفاق النووي .. إيران تريد سوريا

إيران النووية ... ما الذي تغيّر؟

«إيهود باراك»: الجيش عرقل 3 خطط لضرب إيران

«أتلانتيك كاونسل»: 4 حجج تستخدمها إدارة «أوباما» لحسم التصويت للاتفاق النووي

الكنيست يتعهد بالتحقيق في تصريحات «باراك» عن ضرب إيران

«بروجيكت سينديكت»: أفول عهد «الثورة الإسلامية» وراء نجاح المفاوضات النووية

«الطاقة الذرية» تتلقى من إيران «قدرا كبيرا» من المعلومات عن ماضيها النووي

«ستراتفور»: لماذا تبدو صراعات الشرق الأوسط مرشحة للتصاعد بعد الاتفاق النووي؟

«بروكينجز»: هكذا يمكن للولايات المتحدة أن تجعل صفقة إيران أفضل

«فاينانشيال تايمز»: التكلفة الحقيقية للصفقة مع إيران

لعبة «كسر التوازن»: ما يحتاج الجيش الأمريكي إلى معرفته

إدارة أوباما.. وفقدان البوصلة !

«ناشيونال إنترست»: لماذا لا نتوقع تغيرا في سياسة إيران العدائية في الشرق الأوسط؟

«هنري كيسنجر»: الطريق نحو تفادي الانهيار في الشرق الأوسط

«ميدل إيست بريفينج»: الحاجة إلى سياسة جديدة لاحتواء إيران

«ميدل إيست بريفينج»: كيف يمكن لأمريكا والعرب احتواء إيران بعد الاتفاق النووي؟

«ستراتفور»: لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة مغادرة الشرق الأوسط؟

«و.س. جورنال»: لماذا يجب على أمريكا أن تدعم السعودية في مواجهة إيران؟

«فورين بوليسي»: لماذا ينبغي على واشنطن أن تكف عن العبث بالشرق الأوسط؟

مستقبل العلاقات الخليجية الأمريكية: ما الذي ينبغي على الإدارة الأمريكية المقبلة أن تفعله؟

ما هو الثمن الذي يجب أن تدفعه إيران نظير إنهاء عزلتها الدولية؟

لماذا يجب على الولايات المتحدة التدخل مجددا في الشرق الأوسط المضطرب؟

الوهم الأمريكي: حرب واشنطن الفاشلة من أجل الشرق الأوسط الكبير

هل يمكن استغلال الاتفاق النووي لـ«ترويض» النظام الإيراني؟

لماذا تفشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟