استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«الأسد» ورقة مساومة لإيران في سوريا

الخميس 13 أغسطس 2015 05:08 ص

بعد الاتفاق على صفقة نووية أولية مع إيران، سيكون الملف السوري هو الملف الدولي التالي الذي تفاوض عليه طهران. ليس مردّ ذلك أن إيران تمضي على طريق تحقيق النصر في سوريا، بل لأن التطوّرات الأخيرة في سوريا أجبرت إيران على تغيير حساباتها في شأن دورها في الصراع. فبدلاً من الدعم غير المحدود للنظام السوري، أصبح هدف تدخّل إيران في سوريا اليوم هو التمسك بالرئيس السوري «بشار الأسد» فقط لاستخدامه كورقة مساومة في المفاوضات الدولية لإيجاد تسوية للصراع.

جاء تغيير إيران لاستراتيجيتها في سوريا كنتيجة مؤلمة لحساباتها الخاطئة في التعاطي مع الصراع الذي بدأ قبل وقت طويل من تحوّل الانتفاضة السورية إلى حرب أهلية. فإيران اعتقدت أن في وسعها توجيه الانتفاضة في سوريا لمصلحتها الخاصة، وأن مساعدة النظام في سحق ما كانت آنذاك انتفاضة سلمية، ستكون مهمة سريعة وسهلة من شأنها الإبقاء على الوضع القائم. ولكن الانتفاضة السورية تطورت إلى صراع مرير تلقّى الجيش السوري فيه ضربات كبيرة من المعارضة السورية المسلّحة المعتدلة، وكذلك من مجموعات جهادية لا تُعدّ ولا تُحصى.

وبالتالي، أصبحت إيران تشعر بالقلق في شأن بقاء نظام «الأسد»، ليس لأن دمشق كانت حليفاً سياسياً لطهران في «محور المقاومة» ضدّ (إسرائيل) وحسب، بل أيضاً بسبب علاقتها مع «حزب الله»، الذي ينقل الأسلحة التي تزوّده بها إيران إلى لبنان عبر سوريا. وبما أن الحزب يبني قوته السياسية في لبنان على أساس امتلاك الأسلحة التي يخيف بها معارضيه السياسيين اللبنانيين، فقد استدعته طهران للقتال في سوريا لدعم نظام «الأسد». جرى ذلك في البداية عبر إرسال مستشارين عسكريين مخضرمين من الحزب إلى سوريا. ولكن مع تنامي الصراع من حيث طوله وشدّته، تغيّر التكتيك ليتحوّل إلى إرسال قادة وقوات في «حزب الله». كما أرسلت إيران مستشارين من «الحرس الثوري» وأنشأت ميليشيات سورية محليّة (قوات الدفاع الوطني) لمساعدة الجيش السوري.

ولكن في حين نجح هذا الدعم لفترة من الوقت، قابلته زيادة الدعم للمجموعات الجهادية من مختلف الجهات المانحة. بدأت الانتصارات المتتالية لـ«حزب الله» وإيران بالتلاشي عندما ضخّ الطرفان المزيد من الموارد البشرية والمادية في الصراع السوري. فما كان قد بدأ كتدخّل قصير الأمد تحوّل إلى معركة وجودية لـ«حزب الله»، وبالتالي لنفوذ إيران في بلاد الشام.

أدّى صعود تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سوريا، والتقدم الذي أحرزه لاحقاً في العراق، إلى خلق مشكلة أخرى لإيران. في البداية، كانت المجموعات الجهادية السنّية الصغيرة في سوريا مفيدة لاستراتيجية إيران لأنها «أثبتت» أن الأسد لم يكن يقمع انتفاضةً سلمية، بل يحمي سوريا في مواجهة تهديد التطرّف العنيف. ولكن عندما تحوّلت الساحة الجهادية إلى ساحة تهيمن عليها أغنى منظمة إرهابية في العالم، مع تقدّم تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق، وجدت إيران نفسها في مواجهة تهديد وجودي محتمل يزحف نحو حدودها.

كانت العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها لتخصيب اليورانيوم قد أضعفت اقتصادها بالفعل، كما تسبّب دعمها لأنشطة «حزب الله» في كلٍّ من لبنان وسوريا بضغوط مالية كبيرة على طهران، غير أن الجبهات الجديدة في العراق كانت تتطلّب تكريس المزيد من الموارد لحماية المصالح الإيرانية. ونتيجةً لذلك، تعرّضت إيران إلى مزيدٍ من الضغط عندما بدأت برعاية الميليشيات الشيعية في العراق لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وبدعوة «حزب الله» وقوات النخبة في «الحرس الثوري» إلى وقف تيار «الجهادية التكفيرية» في البلاد. وجدت إيران نفسها تخوض معركتين ضخمتين دفعة واحدة، وكانت بحاجة إلى اتّخاذ قرار في شأن المحافظة على مواردها. ولأن إيران محاصرة في العراق أكثر مما هي عليه في سوريا، اختارت إعطاء الأولوية إلى العراق. على سبيل المثال، تم استدعاء اللواء العراقي «لواء أبوالفضل العباس» من دمشق إلى العراق فور استيلاء تنظيم «داعش» على الموصل.

في الوقت نفسه، بدأت المملكة العربية السعودية تضيق ذرعاً بتصرّفات إيران في العالم العربي وكذلك بافتقار الغرب إلى استراتيجية لإنهاء الصراع السوري. راهنت الرياض على وجود إحباط مماثل لدى قطر وتركيا، وعمدت إلى زيادة الضغط على النظام السوري بعد التنسيق مع حلفائها، فبدأ النظام السوري و«حزب الله» يتكبّدان المزيد من الخسائر. وتفيد معلومات أن «حزب الله» خسر ربع قوات النخبة الخاصة لديه في الحرب السورية، في حين تقلّص عدد الجيش السوري إلى مجرّد نصف ما كان عليه قبل العام 2011. وبدأ النظام السوري والحزب في الاعتماد بشكلٍ متزايد على مقاتلين ومرتزقة عديمي الخبرة، يتم استقطابهم من بلدان خارجية مثل أفغانستان.

وبالتالي، تحوّلت استراتيجية «الأسد» في سوريا، بيد أن هذا التحوّل ليس في مصلحة إيران. فبدل محاولة الحفاظ على وجودٍ للجيش السوري في جميع المحافظات السورية تقريباً، يتراجع النظام الآن في العديد من المناطق التي يسيطر عليها المعارضون أو تنظيم «داعش»، ويركّز على إحكام سيطرته على معاقله في الساحل الغربي ودمشق. وتتمثّل حسابات «الأسد» في أنه إذا ما نجح «داعش»، في نهاية المطاف، في التغلّب على سائر المجموعات في سوريا، يستطيع أن يُظهر للمجتمع الدولي أن سوريا أمام خيارَين: إما نظامه أو تنظيم «داعش». ولكن كلّما قويت شوكة التنظيم في سوريا، استمر في تهديد المصالح الإيرانية في العراق.

نتيجةً لكل تلك التطوّرات، أدركت إيران أن الرهان على «الأسد» لكسب الحرب يعني الرهان على حصان خاسر. لذلك، غيّرت استراتيجيتها من الاستمرار في ضخّ الموارد في سوريا لدعم «الأسد»، إلى استراتيجية تتمثّل في مجرّد الحفاظ على النظام عبر استخدام الحد الأدنى من الموارد. وتصرّ طهران على عدم إرسال قوات إلى سوريا، كما أعادت توجيه رسائل للغرب والدول الإقليمية مفادها أنها مهتمة بعقد صفقة كبرى في شأن دور كلٍّ من هذه الدول في منطقة الشرق الأوسط، وأن الصفقة لن تشمل سورية وحسب، بل أيضاً ملفات أخرى مثل اليمن.

على رغم أن شكل هذه الصفقة الكبرى غير معروف حتى الآن، من المرجّح أن تشمل قبول إيران تشكيلَ حكومة انتقالية في سورية تحتفظ بعناصر من النظام الحالي، وتضمن امتيازات «حزب الله» الحالية. ولا تزال إيران تصرّ على ضرورة أن يؤدّي بشار الأسد دوراً في هذه الصفقة، بحجّة أن الانتخابات ستُجرى في نهاية المطاف، وبالتالي ستنتهي رئاسته بصورة طبيعية. مع ذلك، المقصود من ذلك هو استرضاء الأسد فقط بحيث تضمن إيران أن يحتفظ ببعض الأهمية، لأن إسقاطه الآن يعني خسارة فادحة لإيران.

بدلاً من ذلك، يعني التمسّك بالأسد بينما تُجرى المفاوضات في شأن تسوية الصراع السوري أن إيران يمكنها استخدامه كتضحية صغيرة مقابل تحقيق مكاسب أكبر تتمثّل في تشكيل حكومة تحظى بمباركة الغرب، وكذلك الجهات الفاعلة الإقليمية مثل السعودية، طالما أن هذه الحكومة تحافظ على مصالح إيران في بلاد الشام. ولذا، فقد «الأسد» مكانته كحليف لطهران وأصبح مجرد ورقة مساومة لإيران في سوريا.

* د. لينا الخطيب كاتبة لبنانية ومديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت

  كلمات مفتاحية

بشار الأسد إيران سوريا الاتفاق النووي المعارضة السورية النظام السوري

مصير الأسد بين السعودية وروسيا

«لوفيغارو»: حلفاء «الأسد» يشعرون أن ساعته اقتربت

«خاشقجي»: «الجبير» قدم أوضح تهديد سعودي لـ«الأسد»

السعودية: حل الأزمة السورية في «جنيف1» ورحيل «الأسد»

«أردوغان»: «بوتين» يتجه إلى التخلي عن حليفه «الأسد»

«الأسد» يتهم الغرب بالتعامل مع الإرهاب بنفاق ويشكر إيران و«حزب الله»

التزام الأطراف في اليوم الأول لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في 3 مناطق سورية

اللعبة الكبرى: كيف تمزق القوى الإقليمية سوريا؟

من يخسر لعبة الشرق الكبرى؟

لعبة الفرسان الثلاثة: «أردوغان» و«ظريف» و«الأسد»

وزير الخارجية الألماني: الأزمة السورية على مشارف «نقطة تحول»

ضباب الديبلوماسية في سوريا

مساعد وزير خارجية إيران: لا بديل عن «الأسد» لحل أزمة سوريا

هل تتبنى إيران نهجا جديدا أكثر اعتدالا في سوريا؟

«أردوغان»: إيران تتبع سياسة توسع فارسية ونريد منطقة آمنة بدعم خليجي في سوريا