هل يمكن أن يجدد التفاهم حول سوريا العلاقات بين مصر وإيران؟

الجمعة 2 أكتوبر 2015 12:10 م

نشرت صحيفة «المونيتور» تحليلا يتناول فرص تقارب العلاقات بين كل من القاهرة وطهران على خلفية مواقفهما المتشابهة بخصوص الملف السوري ورغبة كلا النظامين في بقاء الرئيس السوري «بشار الأسد».

ووفقا للصحيفة، تذهب العلاقات المصرية الإيرانية نحو مرحلة من الود بعد تعكر دام منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. ففي الوقت الذي لم يكن هناك بلد على استعداد لاستضافة شاه إيران المخلوع «محمد رضا بهلوي» فإن الرئيس المصري آنذاك أنور السادات قد فرش له  السجادة الحمراء. في نهاية المطاف، وبعد أشهر من السفر عبر المكسيك، وجزر البهاما والولايات المتحدة والمغرب، عاد الشاه في النهاية إلى مصر، حيث توفي. حدث ذلك على خلفية معارضة «آية الله روح الله الخميني» قائد نظام الثورة الإسلامية في طهران لإسرائيل في ذات الوقت الذي وقعت فيه مصر وإسرائيل اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر/ أيلول 1978.

ووفقا لما أورده التقرير فإن «مصر وإيران قد سلكتا الطريق الخطأ نحو التقارب منذ البداية». بالنظر إلى أن البلدين لم تحافظا تاريخيا علاقات اقتصادية كبيرة حتى في عصر الشاه، فإنه ليس من المستغرب أن العلاقات الثنائية قد صارت مظلمة في مواجهة التطورات الجديدة. العلاقة بين إيران ومصر شهدت تدهورا بشكل أكبر حين قامت إيران بتسمية أحد شوارعها باسم «خالد الإسلامبولي» الرجل الذي اغتال السادات. وفي الوقت نفسه، بدأ كلا الجانبين في إنتاج أفلام دعائية ضد الآخر. واستمر هذا الوضع القائم إبان رئاسة «حسني مبارك».

وأشارت الصحيفة إلى أنه مع اندلاع الربيع العربي، «كانت إيران تأمل أن ينجح الإسلاميون في مصر في الاستيلاء على السلطة حيث يتم فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية». ولم يتحقق هذا الهدف مطلقا. في عام 2012، «وضع الرئيس المصري محمد مرسي العديد من الشروط قبل السفر إلى طهران في أغسطس من ذلك العام»، حيث ألقى كلمة في حفل افتتاح القمة السنوية لدول عدم الانحياز. وقال مراقب دبلوماسي إيراني عالي المستوى شريطة عدم الكشف عن هويته «أخبرنا السيد مرسي أنه سيأتي إلى طهران فقط لبضع ساعات وأنه لن يبيت الليل هنا ولن يجتمع مع المرشد الأعلى» . في خطابه، قام «مرسي»، الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، بإغضاب مضيفيه الإيرانيين بانتقاد الحكومة السورية. كما انحاز إلى جانب الإمارات في قضية الجزر الثلاث المتنازع عليها. وهكذا، رغم أن طهران كانت حريصة على فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع القاهرة، فإن شيئا من هذا القبيل لم يتحقق تحت رئاسة «مرسي».

ووفقا للصحيفة فإنه مع سقوط «مرسي» وصعود الرئيس «عبد الفتاح السيسي»، توقع كثيرون أن «السياسة الخارجية المصرية سوف تعود إلى نظيرتها في عصر مبارك. ومع ذلك، هناك قضية جديدة رئيسية ينبغي أن توضع في الحسبان هذه الأيام وهي المتغيرات المتواصلة في سوريا. بعد الاستيلاء على السلطة، عرف السيسي جيدا أنه من أجل البقاء على قيد الحياة فإنه كان بحاجة إلى المساعدات المالية وهكذا، بدأ للبحث عن دعم من دول الخليج». وعلى ذلك، فإن «السيسي» يعارض الحركات الراديكالية الجديدة التي ظهرت في ظل الربيع العربي، وعلى عكس المملكة العربية السعودية أنه لا يرى أي استثناءات. وهكذا، يبدو «السيسي» قد تحول فعليا إلى أحد المؤيدين للرئيس السوري «بشار الأسد». وبالنظر إلى أن جميع الدول العربية تقريبا التي تسعى إلى إزالة «الأسد»، يبدو موقف «السيسي» داعما لموقف طهران. ومع ذلك، لم يتغير الكثير في العلاقات بين إيران ومصر.  ويرجع «قاسم مهبلي» المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط السبب في ذلك في حديثه إلى المونيتور بقوله: «عندما يتعلق الأمر بإيران، تبدو مصر حريصة على علاقاتها الخاصة مع الدول العربية في الخليج. مصر في حاجة إلى مساعدات مالية تحصل عليها من هذه الدول العربية. ولا ترغب في المجازفة بالإساءة إلى المملكة العربية السعودية .. إضافة إلى ذلك فإنها لن تتلقى فوائد سياسية أو اقتصادية كبرى من علاقاتها مع طهران».

وكما أشار «السيسي» مرارا وتكرارا فإن مصر تعتبر أمن دول الخليج العربية جزءا من أمن أراضيها. وهكذا، فقد اعترفت بوضوح أن العلاقات بين مصر وإيران سوف تؤثر على دول الخليج العربية. «محمد سعيد إدريس»، رئيس قسم الدراسات العربية والإقليمية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومقره القاهرة، يعتقد خلاف ذلك. في معرض مناقشة أهمية إعادة تقييم العلاقات بين إيران ومصر، كتب «إدريس» أنه «إذا أرادت مصر أن تكون نشطة في قلب الشرق الأوسط كقوة إقليمية فإن التعاون مع طهران ينبغي أن يوضح على جدول أعمالها. هذا التعاون لا ينبغي أن يقتصر فقط على إيران ومصر، ولكن يجب أن يشمل قضايا مثل الأمن الإقليمي أيضا». ويبدو أن إيران تشارك هذا الاهتمام أيضا كما لوحظ في الآونة الأخيرة افتتاحية وزير الخارجية «محمد جواد ظريف»، التي نشرتها العددي من الصحف العربية.

وأشارت الصحيفة إلى مقال «إدريس» الذي جاء فيه قوله: «المشاركة الإيجابية في مصر في حل الأزمة الخطيرة في العالم العربي، وخصوصا سوريا، يمكن أن تكون بداية لعلاقات أفضل بين إيران ومصر على أساس التفاهم المتبادل. العلاقة بين القاهرة وطهران تحتاج إلى تطبيع، مما يعني أنه يجب أن تكون خالية من أي توتر لا لزوم له».

وفيما يبدو أن العدو المشترك في سوريا قد جلب «الأسد» و«السيسي» أقرب إلى بعضهما البعض. حيث إن كليهما يعادي الإخوان المسلمين والسلفيين المتشددين كما أن كليهما غير راض عن الربيع العربي. ونظرا لكون سوريا هي جزء مهم من استراتيجية إيران الإقليمية، يمكن تصور أنها ربما تكون بمثابة نقطة اتفاق بين طهران والقاهرة. يقول «غدير نصري»، وهو أستاذ في جامعة الخوارزمي والخبير في معهد للدراسات الاستراتيجية في طهران « يمكننا عرض العلاقات بين إيران ومصر من زاويتين. فمن ناحية، فإن إيران ليس لديها أي مشاكل على المدى الطويل مع المصريين العلمانيين من أمثال السيد السيسي . كما أن مصر لا يوجد بها طائفة شيعية وليست عضوا في محور الممانعة الذي يضم إيران والعراق وسوريا وحزب الله. من ناحية أخرى فإن السيسي يحتاج إلى المال. عندما تقمع المعارضين السياسيين، فإنك تفتقد إلى الدعم الداخلي وبالتالي يجب أن ننظر للأجانب للحصول على الدعم .الولايات المتحدة ليست خيارا قابلا للتطبيق، لأنه سيخلق أزمة شرعية للسيسي والأهم من ذلك أن واشنطن نفسها ليست مهتمة حاليا بوجود علاقات وثيقة مع مصر. بالتالي، المملكة العربية السعودية تصبح الخيار الوحيد القابل للتطبيق، إضافة لكون المملكة تشعر بالارتياح الآن بعد الإطاحة بمرسي. تحتاج مصر أن تختار بين علاقة منفعة مالية مع المملكة العربية السعودية وعلاقة أقل فائدة من الناحية الاقتصادية مع طهران، والتي سوف تغضب السعوديين. أعتقد أنه على المدى القصير على الأقل فإن واختيار السيد السيسي سيكون المملكة العربية السعوية».

وماذا عن العلاقات المصرية الإيرانية الأوسع وأي حوار محتمل حول سوريا؟ يقول «نصري» للمونيتور إن «إيران لديها عادة علاقات أقوى مع حكومات الشرق الأوسط العلمانية من نظيرتها الإسلامية. الحكومات الإسلامية، سواء كانت سنية او شيعية، تحمل أيودولوجيا بشكل طبيعي. وقد كان السيد مرسي أيدولوجيا، وكانت أيديولوجيته غير متوافقة مع أيديولوجية الجمهورية الإسلامية. لم يكن من الممكن تخيل أي علاقات بين إيران ومرسي، مع السيسي تبدو الأمور مختلفة».

هل يمكن أن يعمل «الأسد» بمثابة الجسر الذي يربط إيران ومصر؟ الجواب المباشر ربما يكون نعم ومع ذلك، فمن السذاجة الاعتقاد بأن سوريا وحدها كافية وحدها لتطبيع العلاقات المضطربة منذ فترة طويلة بين طهران والقاهرة.

 

 

  كلمات مفتاحية

مصر إيران السعودية بشار الأسد سوريا مرسي

هل تكسر زيارة «بن سلمان» للقاهرة «فتور» العلاقات السعودية المصرية؟

«خاشقجي»: مصر وإيران تشاركان في «التشويش الإعلامي» على العمليات في اليمن

«ميدل إيست آي»: بوادر التوتر تظهر في العلاقات السعودية المصرية

هل هناك ما هو أسوأ؟

خبراء: مصر تلتزم موقفا حذرا في مواجهة الأزمة بين السعودية وإيران

الاتفاق «المصري الإيراني» حول أزمة سوريا بداية التقارب المتأزم منذ ربع قرن

التحالف المصري العراقي.. رسائل «السيسي» و«الحكيم» إلى من وضد من؟!