«الجارديان»: السعودية وإيران تدشنان مستوى جديد من الخطاب العدائي

الجمعة 23 أكتوبر 2015 12:10 م

لا تزال الحرب الدعائية القائمة بين المملكة العربية السعودية وإيران، الغرماء التقليديين اللذان يقعان دوما على طرفي نقيض، والتي تعد من أكبر الأزمات في الشرق الأوسط حاليا، تزداد سخونة مع تبادل يومي للشتائم والإهانات بين الوزراء ووسائل الإعلام الحكومية.

في الأسبوع الماضي قامت شخصيات كبرى من كلا البلدين بالتورط في خرق الأعراف الدبلوماسية وهاجموا بعضهم البعض علنا. وقال «عادل الجبير»، وزير الخارجية السعودي يوم الاثنين إن إيران «تحتل أراضي عربية في سوريا» حيث أنها تدعم «بشار الأسد». في حين قام «حسين أمير عبد اللهيان» نائب وزير الخارجية الإيراني بالرد بالقول إن السعوديين ليسوا في أي موقف يسمح لهم بالشكوى في الوقت الذي يقومون فيه باحتلال اليمن، حيث تدعم طهران المتمردين الحوثيين.

إيران صعدت لهجتها المعادية للسعودية بعد مأساة الحج مؤخرا في مكة المكرمة، ولكن الهجوم كان قد بدأ فعليا مع الحملة التي تقودها السعودية في اليمن في مارس/ أذار والتي تنبأ قائد الحرس الثوري أنها ستتسبب في « انهيار بيت آل سعود .. على خطى إسرائيل الصهيونية».

وقد بدأت وسائل الإعلام التابعة للمملكة العربية السعودية في تسليط الضوء على الوضع في الأحواز (خوزستان أو عربستان) في جنوب غرب إيران. حيث يشكو المواطنون الناطقون باللغة العربية من التمييز وهو موضوع يثير بشكل واضح غضب طهران.

في أبريل/نيسان، قامت قناة الإخبارية، القناة الفضائية السعودية التي تديرها الدولة، ببث فيلم وثائقي يصف الأهواز بأنها «تقع تحت الاحتلال من قبل الدولة الفارسية». «خلف أحمد الحبتور»، وهو رجل أعمال إماراتي بارز، دعا إلى تحرير الأحواز العربي من سيطرة إيران». مستخدمو وسائل الإعلام الاجتماعي من السعوديين والإيرانيين يقومون بشكل روتيني بتشويه سمعة بعضهم البعض من خلال وسوم استفزازية. يقوم رجال الدين الإيرانيون بالتنديد بالمذهب الوهابي، بينما يقوم نظراؤهم الوهابيون يوصف الشيعة بالمشركين.

يعود العداء الإيراني السعودي إلى ثورة عام 1979 في إيران والدعم السعودي للعراق خلال حربها التي استمرت ثمان سنوات مع إيران. وقد تفاقم العداء بعد سقوط نظام «صدام حسين» في عام 2003، ومرة ​​أخرى خلال الربيع العربي حيث اكتسى التنافس الاستراتيجي بمسحة طائفية صريحة . السعوديون السنة يقومون بتشويه صورة الشيعة الإيرانيين والعكس بالعكس.

ولكن العداء المتبادل تصاعد بوجه حاد منذ حادثة وفاة 1949 حاجافي تدافع مكة المكرمة، ما يقرب من 500 منهم كانوا من الإيرانيين. قامت طهران بشن هجمات على السعودية لامست أوتارها الحساسة، بالتحديد الشرعية الإسلامية التي يدعيها آل سعود لأنفسهم حيث يلقب العاهل السعودي بخادم الحرمين الشريفين.

وترتبط الحرب الكلامية أيضا باتفاق يوليو/ تموز الماضي بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي ينظر إليه من قبل الإيرانيين على أنه تذكرة للخروج من العزلة الدولية، في حين ينظر إليه من قبل السعوديين على أنه امتياز متهور قصير النظر يقوم به رئيس أمريكي ضعيف. الرياض وحلفاؤها الخليجيون لا يملكون الجرأة مثل إسرائيل لمعارضة الصفقة بشكل مباشر ولكنهم في المقابل يركزون على قضايا غير نووية مثل دور إيران وراء الكواليس في اليمن والبحرين، فضلا عن مشاركتها الأكثر علنية في العراق وسوريا. خبراء مستقلين يشككون في الادعاءات السعودية حول قيامها بالإيقاع بإيرانيين ومقاتلين ينتمون لحزب الله يقومون بتقديم المشورة للمتمردين الحوثيين.

وسائل الإعلام الإيرانية تدين بدورها بانتظام ما يصفونه بالدعم السعودي لتنظيم القاعدة و«الدولة الإسلامية» وتستنكر «الحرب النفسية» التي يشنها السعوديون. السعوديون، في المقابل، يتهمون إيران ببيع الأكاذيب من خلال وسائل إعلامهم ومنافذهم في لبنان. وصف «الجبير» دور إيران في المنطقة بأنه «شائن» وأن الحرب في اليمن هي صراع بين الخير والشر.

في الصيف الماضي، أعلنت الرياض خططا لإطلاق خدمة التلفزيون باللغة الفارسية لمواجهة بث الدعاية الإيرانية باللغة العربية من خلال قناة العالم التي تدعي أنها مستهدفة من قبل السعوديين.

الدعاية والدبلوماسية يمكنهما التعايش معا. في وقت سابق من هذا الشهر قام وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف» بمغازلة السعوديين من خلال مجموعة من المقابلات الإعلامية بالقول: « نحن والعرب في المنطقة في سفينة واحدة، إذا غرقت فسوف نغرق جميعا ولن يكون بإمكان أحد إنقاذنا. آمل أن أصدقاءنا العرب سوف يولون اهتماما لهذا المبدأ وأن يعلموا أن مستقبلنا واحد وأن إيران تعمل معهم من أجل الوصول إلى واحة الاستقرار». ولكن نداء «ظريف» تم تجاهله لأن السعوديين كانوا يستمعون إلى أصوات إيرانية أخرى أقل نعومة في ذات التوقيت.

«تصاعد التوتر يمكن أن يؤدي في النهاية إلى قيام السعودية باستبعاد الإيرانيين من موسم الحج»، وفقا لما حذر منه المحلل «عباس أصلاني». «هذا يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف أن كلا البلدين سوف يجدان نفسيهما غارقين أكثر من أي وقت مضى في التوتر والمزيد من الصراعات بالوكالة والنتيجة النهائية هي منطقة أكثر تقلبا».

لفترة من الوقت كانت هناك توقعات بأن الأمور قد تتحسن في عهد الرئيس «حسن روحاني»، الذي حل محل «أحمدي نجاد» في العام الماضي. كان هناك سابقة في ذوبان الجليد بين البلدين حين جاء الإصلاحي «أحمدي نجاد» إلى رأس السلطة في طهران.

«العلاقات السعودية الإيرانية هي على نفس الدرجة من السوء الذي طالما كانت عليه»، وفقا للمؤرخ «على الأنصاري» من جامعة سانت أندروز. «كنا نأمل أنه في ظل روحاني قد يكون هناك نوع من الانفراج مع السعوديين. ولكن جعلت الدينامية الإقليمية الأمر مستحيلا. لا أعتقد أنه سيتم حلها في أي وقت قريب».

من خلال تصعيد قضية الأحواز، وفقا للأنصاري، فإن السعودية تعود إلى ما فعله «صدام حسين» في الثمانينيات. إنها تسعى بالتأكيد إلى تأجيج التوترات القومية في إيران. ليس المقصود هنا البعد الطائفي إنما البعد العربي الفارسي. شارك كلا الجانبين في دورة متهورة من العداء المتبادل. اأإيرانيون يخلطون بين السعوديين و«الدولة الإسلامية» كما أنهم يخلطون أيضا بين السعوديين والأمريكيين. إنهم يعيشون في نظرية مؤامرة كبيرة ولذا فإن الوضع خطير جدا.

 

  كلمات مفتاحية

إيران السعودية اليمن سوريا الأحواز الدولة الإسلامية العلاقات السعودية الإيرانية

الإعلام السعودي يدخل المعركة مع إيران

«النفيسي» يعلن اعترافه بـ«الأحواز» كدولة عربية

الحرب الكلامية تتصاعد بين السعودية وإيران

«فورين بوليسي»: الأهداف المتعارضة في اليمن بين السعودية وإيران والولايات المتحدة

«الأحواز»: القصة الكاملة لمعاناة إقليم عربي في قلب بلاد فارس

إيران .. الاتفاق النووي ومستقبل الأمن الإقليمي

نظرة في جذور الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران

أنباء عن مفاوضات سرية بين السعودية وإيران برعاية عمانية في مسقط

إيران تعلن بدء حوار مع السعودية.. والرياض تعين سفيرا جديدا لها لدى طهران

«فاينانشيال تايمز»: إيران تشكل تحديا اقتصاديا للمملكة العربية السعودية

وزير كويتي: لا نقود وساطة بين ⁧‫السعودية‬⁩ وإيران‬⁩

«فورين أفيرز»: كيف يمكن تجنب نشوب حرب بين السعودية وإيران؟

خبير إسرائيلي: السعودية تحاصر الاقتصاد الإيراني ودبي منسجمة مع خطط الرياض

«بروكنغز»: التداعيات السياسية للتحول الاقتصادي في السعودية وإيران

كيف يؤثر الصراع السعودي الإيراني على «أوبك»؟

«نيويورك تايمز»: الطور الجديد في الحرب السعودية الإيرانية

«فورين بوليسي»: الاتفاق النووي تسبب في تصعيد الحرب السعودية ضد إيران

«ناشيونال إنترست»: لماذا تفشل السعودية في حروبها بالوكالة ضد إيران؟

«ميدل إيست بريفينغ»: الصراع العربي الإيراني والاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط

«فورين بوليسي»: السعودية تضعف نفسها وتقوي إيران

«الجبير يلتقي ظريف».. ومغردون: كيل بمكيالين

أفريقيا.. ساحة مشتعلة للتنافس السعودي - الإيراني