«ديلي تليغراف»: صناعة النفط الصخري لن تتحطم وأسعار النفط ستعاود الارتفاع

الثلاثاء 26 يناير 2016 12:01 ص

لعله من المهم أن نبدأ بالإشارة إلى أن صناديق الاحتياطي ومجموعات الأسهم الخاصة في الولايات المتحدة مسلحة بمبالغ تصل إلى 60 مليار دولار من السيولة الجاهزة لاقتناص الأصول المفلسة للحفر الصخري في الولايات المتحدة، وسوف يضمن ذلك أن إنتاج النفط الصخري الأمريكي سوف يبدأ في الانتعاش مرة أخرى وبشكل سريع بمجرد أن تبدأ الأسعار في التعافي.

وقال «دانيال يرغين»، مؤسس IHS كامبريدج لأبحاث الطاقة، إنه من المستحيل بالنسبة إلى «أوبك» ضرب صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة، على الرغم من حرب الاستنزاف القائمة، حتى وإن كانت تريد ذلك فعليا. وحتى إذا نجحت في إسقاط عدد من صغار المنتجين «frackers» خلال الأشهر المقبلة.

وقال «يرغين» إن المجموعات التي تمتلك محافظ عميقة مثل بلاكستون وكارلايل سوف تستولي على البنية التحتية في اللحظة التي تصبح فيما هذه الأصول رخيصة بما فيه الكفاية وسوف تحتفظ بها لحين حدوث تحولات في دورة النفط.

«يمكن أن تتغير الإدارات، ويمكن حتى للشركات نفسها أن تتغير لكن الموارد والأصول سوف تظل موجودة»، وفقا لتأكيدات «يرغين» لصحيفة «ديلي تليغراف». المجهول الكبير هو مدى الوقت الذي يمكن أن تستغرقه الصناعة كي تنتعش مرة أخرى بعد أن يتم مسح تخمة المعروض العالمي. ربما يستغرق الأمر حتى النصف الثاني من العام لكنه سوف يكون بكل تأكيد أسرع من النفط التقليدي.

«الأمر يستهلك 10 مليارات دولار إضافة إلى ما بين 5 إلى 10 سنوات من أجل تشغيل مشروع للمياه العميقة ولكنه يستغرق 10 ملايين دولار فقط للتنقيب عن الصخر الزيتي»، وفقا لتصريحاته إلى منتدى دافوس الاقتصادي العالمي.

في هذه الأثناء، فإن تراجع أسعار النفط يدفع الدول المصدرة في أتون أزمات اجتماعية واقتصادية عنيفة. «فنزويلا تقترب كثيرا من الهاوية. يبدو أنها قد انكسرت تماما»، وفقا لـ«يرغين».

وقال رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» في دافوس إن بلاه تبيع النفط هند سعر 22 دولارا للبرميل، ونصف هذا المبلغ يذهب كتكلفة للإنتاج. وأضاف بالتأكيد: «لنكون صادقين فإنه من المستحيل إدارة البلاد على هذا النحو. من الصعب بناء الجيش وتوفير فرص عمل والحفاظ على الاقتصاد في مثل هذه الأجواء».

وهذا يعقد إلى حد كبير المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» التي تدخل الآن منعطفا خطيرا بعد الاستيلاء على مدينة الرمادي من قبل القوات الحكومية. وحذر «العبادي» من أن «الدولة الإسلامية» لا تزال تمثلا خطرا كبيرا للغاية على الرغم من كونها تعاني أزمة مالية سوف تؤثر في قدرتها على دفع أجور مقاتليها.

تمتلك شركات النفط الكبرى مثل إكسون موبيل مبالغ طائلة في احتياطياتها على الرغم من أن عملاق الكيماويات السعودي «سابك» يقوم بالفعل بقضم أصول الصخر الزيتي الأمريكية من خلال المشاريع المشتركة.

أكثر مرونة

ويقول السيد «يرغين»، مؤلف كتاب «الجائزة: ملحمة السعي من أجل النفط والمال والسلطة»، والذي يعد أحد كبار محللي الطاقة في العالم، أن شركات الصخر الزيتي قد خاضت المعركة بضراوة أكثر مما كان متوقعا منها في باديء الأمر. وقد بدأت في الاستسلام فقط الآن مع الانخفاض الضاري في أسعار النفط بعد مرور 15 شهرا من بداية حملة المملكة العربية السعودية ودول الخليج من أجل لإغراق السوق العالمية بهدف القضاء على المنافسين.

«لقد أثبت الصخر الزيتي أنه أكثر مرونة بكثير مما كان الناس يعتقدون. كان من المتوقع أنه في حال انخفاض الأسعار إلى ما دون الـ70 دولارا فإن صناعة الحفر سوف تفلس. هم لم يلاحظوا أن صناعة الصخر متوسطة التكلفة وليست عالية التكلفة».

الآن، ورغم ذلك، فإن صغار المنتجين الأمريكيين يقعون في قلب العاصفة. نحو 45 شركة من شركات الصخر الزيتي المذكورة قد بدأت تتعثر أو تدخل في محادثات مع الدائنين. وسوف يتم تقرير مصير عدد أكبر من تلك الشركات خلال فصل الربيع عندما يقترب 300 ألف برميل يومي إضافي من النفط الإيراني من ضرب الأسواق العالمية المشبعة بالفعل.

تم استنزاف معظم تحوطات النفط الصخري في أسواق العقود الآجلة، وهي العقود التي أنقذت الصناعة خلال الأشهر الأولى من انخفاض الأسعار. وتشير تقديرات IHS»» أن التحوطات قد قامت بتغطية 28 من عقود الشراء خلال النصف الثاني من العام الماضي للشركات التي تغطيها. وسوف ينخفض هذا العدد إلى 11 عقدا فقط خلال عام 2016.

ولفترة طويلة، كان الفضل في نمو النفط الصخري يعزى إلى وفرة عقود الائتمان الرخيصة. وقد جاءت المقصلة حتى قبل قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة في ديسمبر/كانون الأول، تاركا صغار المنتجين يكافحون من أجل تجديد القروض.

تسعى البنوك إلى عدم دفع هؤلاء المنتجين تحت الحراسة، ولكنهم يقعون تحت ضغط أيضا. يخشى المنظمون من أن تكون القنبلة المالية القادمة آتية من صناعة الطاقة. وقد هدد مجلس الاحتياطي الاتحادي ومجموعة التأمين الفيدرالي الأمريكي بفرض قواعد أكثر صرامة على حجم الأصول اللازمة لتغطية قروض شركات الوقود الأحفوري.

ولكن حتى بفرض إفلاس عشرات الحفارين في الولايات المتحدة، فإن الصناعة ذاتها سوف تظل قائمة. وقد قامت النقلة النوعية في تكنولوجيا الحفر بتغيير هيكل التكلفة بشكل لا رجعة فيه. ارتفع الناتج كل عملية حفر بمعدل 4 أضعاف منذ العام 2009. وأصبح من الطبيعي الآن أن يتم حفر عدة آبار في نفس الموقع في نفس الموقع، ويظهر تحليل البيانات وجود قفزة كبيرة إلى الأمام على مستوى الناتج.

60 دولارا الآن تعادل 90 دولار قبل فترة. إذا تمكن سعر النفط من التعافي إلى مستوى ما بين 50 -60 دولارا فسوف يعود الإنتاج من جديد. ربما يكون حوض العصر البرمي هو ثاني أكبر حقل في العالم بعد حقل الغوار في السعودية.

تقليص الاستثمارات يهدد بثورة في الأسعار

وقال «تشو مين»، نائب مدير صندوق النقد الدولي، إن الصخر الزيتي الأمريكي قد غير تماما ميزان القوى في سوق النفط العالمي، ولا يوجد ما يمكن أن تفعله «أوبك» حيال ذلك.

وأضاف: «لقد أصبح الصخر الزيتي المنتج المرجح. فقدت أوبك قدرتها الاحتكارية بشكل واضح وصار بإمكانها فقط تحديد قاع السعر. بمجرد أن تتعافى الأسعار نسبيا فإن الصخر الزيتي سوف يتمكن من العودة مرة أخرى».

والسؤال هو ما إذا كانت صناعة النفط الصخري سوف تصل إلى الحجم الكافي لتعويض النقص القادم في النفط نتيجة انهيار الاستثمارات العالمية. .«لقد كان هناك انخفاض بقيمة 1.8 تريليون دولار في الإنفاق المخطط له في الفترة بين عامي 2015 إلى 2020 مقارنة بما كان متوقعا في عام 2014» وفقا لـ«يرغين».

بعد لا يزال الطلب على النفط مرشحا للنمو. سوف يحتاج الاقتصاد العالمي إلى زيادة تقدر بـ7 ملايين برميل يوميا من النفط بحلول عام 2020. كما تعني معدلات النضوب في الحقول القائمة أننا سوف نكون بحاجة إلى 13 مليون برميل إضافية بحلول ذلك التاريخ.

وقد وردت تحذيرات على نطاق واسع من قبل بعض الشخصيات البارزة في صناعة الطاقة في دافوس. وقال «فاتح بيرول»، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن تعليق المشاريع الجديدة يهيئ المسرح نحو تقبل طفرة قوية في الأسعار.

وقد انخفضت الاستثمارات في الصناعة خلال العام الماضي، ويتوقع أن تواصل المزيد من الانخفاض هذا العام. «هذا أمر غير مسبوق. لم نر عامين على التوالي من تراجع الاستثمار. ليس الأمر على قبيل التضليل، ولكننا نجزم أن أي شخص يرى أن الأسعار قد صار هو الوضع الطبيعي لسوق النفط سوف يصاب بالدهشة».

وقد قال وزير النفط النيجيري، ورئيس أوبك المنتهية ولايته، «إيبي كاتشيكو»، إن الظروف قد باتت مهيأة لحدوث تقلبات كبيرة.

«خلاصة القول هو أن الاستثمار في الإنتاج لم يعد مهما بالنسبة إلى الكثيرين. وعند هذه النقطة فإننا في طريقنا إلى رؤية العديد من البراميل تترك السوق وفي نهاية المطاف فإن الأسعار سوف ترتفع بشكل جنوني من جديد».

وقال« كاتشيكو» إن «أوبك» تحتاج إلى اجتماع طارئ لإعادة بحث الغرض من المنظمة.

وقد أكدت المملكة العربية السعودية أنه لن يكون هناك أي اتفاق داخل أوبك على خفض الإنتاج بدون مشاركة روسيا في الأمر، وهو ما يبدو اتفاقا صعب المنال حيث إن الشركات الروسية مملوكة للمساهمين.

إلى جانب ذلك، فإن دول الخليج تبدو مقتنعة أن روسيا قد قامت بممارسة الخداع في المرة الأخيرة حين تم الاتفاق على تدابير مماثلة عام 1998.

وقال «يرغين» إن أولئك الذين يأملون في تعافي سريع من منظمة أوبك من المحتمل أن يصابوا بخيبة أمل. هذا سوف يحدث فقط إذا صارت الأزمة أسوأ من ذلك.

المصدر | ديلي تليغراف

  كلمات مفتاحية

السعودية النفط الصخري أسعار النفط أوبك حرب النفط النفط السعودي الخام الأمريكي وفرة المعروض

«فوربس»: حرب النفط السعودية الإيرانية

«الغارديان»: السعودية لم تحطم النفط الصخري واحتياطياتها لن تسعفها للأبد

النفط الصخري .. تطورات وتوقعات

السعودية تخطط لأسعار نفط منخفضة حتى عام 2018 كي تحطم صناعة النفط الصخري

«التليجراف»: السعودية قد تفلس قبل أن تستطيع لي ذراع صناعة النفط الأمريكية

السعودية تواصل تضييق الخناق على النفط الصخري الأمريكي

«ذي إيكونوميست»: تراجع أسعار النفط لم يكبح طفرة النفط الصخري

«البنك الدولي» يخفض توقعاته لسعر النفط في 2016

هبوط أسعار البترول .. هل سنتعلم الدرس؟

هل ينخفض النفط إلى مستويات أدنى؟

«نيويورك تايمز»: السعودية تواصل ضخ النفط رغم المخاطر الاقتصادية والسياسية

«هيس كورب»: السعودية وليس النفط الصخري الأمريكي هي المنتج المتأرجح في العالم