قال مصدر مسؤول في الأمم المتحدة إن السعودية وحلفائها المسلمين مارسوا ضغوطا كبيرة على الأمين العام للأمم المتحدة، «بان كي مون»، لإزالة اسم «التحالف العربي» في اليمن، الذي تقوده المملكة، من القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال.
وأضاف المصدر لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية أن السعودية هددت بـ«قطيعة كاملة» في علاقاتها بالأمم المتحدة؛ ما أثار القلق حول مئات الملايين من الدولارات التي تقدمها السعودية لوكالات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.
وأوضح أنه «كان هناك مؤشرات، وليس تهديدا صريحا، على أن رجال الدين في السعودية يمكن أن يجتمعوا لإصدار فتوى تدين الأمم المتحدة، وتعتبرها ضد المسلمين».
ووصف المصدر الضغوط بأنها كانت «هائلة (...) وأكبر من أي شيء شاهدناه على الإطلاق»، مشيرا إلى أن الضغوط كانت عبر اتصالات هاتفية دبلوماسية وزيارات من دبلوماسيين إلى مقر الأمم المتحدة.
ويضم «التحالف العربي» إلى جانب المملكة كلا من الإمارات والبحرين والكويت وقطر ومصر والأردن والمغرب والسنغال والسودان.
وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن مصادر دبلوماسية عديدة، أمس، إن «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى» (أونروا) سوف تتضرر على نحو خاص لو أعيد إدراج «التحالف العربي» على القائمة السوداء.
والسعودية هي رابع أكبر مانح للأونروا بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وقدمت قرابة مئة مليون دولار للوكالة العام الماضي.
كما أن الكويت والإمارات، العضوين في «التحالف العربي، مانحتان كبيرتان للأونروا؛ إذ قدمتا للوكالة قرابة 50 مليون دولار في 2015.
والخميس الماضي، أصدر «بان كي مون» تقريرا صنف فيه «التحالف العربي» ضمن قائمة سوداء تتعلق بالدول والمنظمات التي تُمارس انتهاكات ضد الأطفال في مناطق النزاع.
وأشار التقرير المعني إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين قتلوا أو تعرضوا للإصابة في اليمن خلال العام 2015 إلى 1953، وهو ما يمثل نحو ستة أضعاف عددهم عام 2014. وذكر التقرير أن 60% من هؤلاء قتلوا أو أصيبوا في غارات جوية للتحالف العربي، و29% منهم بسبب القتال البري وهجمات الحوثيين.
من جهته، استنكر «التحالف العربي» الزج باسمه على هذه اللائحة.
ورفض المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي والمتحدث باسم «التحالف»، العميد ركن «أحمد عسيري»، في تصريحات صحفية، المساواة بين شرعية الحكومة اليمنية و«الميليشيات الانقلابية» التي «كانت سبباً رئيساً في ما جرى من عدم استقرار وفوضى في اليمن»، معتبرا أنه على «الأمم المتحدة ألا تستقي معلوماتها من مصادر مقربة من الميليشيات الحوثية؛ لأن هذا سيكون سبباً في تضليل التقارير الصادرة عنها».
ويوم الإثنين الماضي، انتقد سفير السعودية في الأمم المتحدة، «عبد الله المعلمي»، تقرير «بان»، وقال، في تصريحات صحفية، إن التقرير «مبالغ فيه بشدة»، وطالب بتصحيحه.
وتضمنت الشكاوى السعودية الرئيسية أن الأمم المتحدة لم تستند في تقريرها إلى معلومات من الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية كما اتهمت الرياض المنظمة الدولية بعدم التشاور مع «التحالف العربي».
وفي اليوم ذاته، رفعت الأمم المتحدة اسم «التحالف العربي» من القائمة السوداء في انتظار مراجعة مشتركة بين المنظمة والتحالف.
وردا على هذه مزاعم ممارسة السعودية تهديدات على الأمم المتحدة لرفع اسم «التحالف العربي» من قائمة منتهكي حقوق الأطفال، قال «المعلمي» إن المملكة لا تستخدم التهديدات ولا الترهيب وإنها ملتزمة جدا تجاه الأمم المتحدة.
ونفى السفير السعودي أي تهديد باحتمال إصدار فتوى ووصف الأمر بالسخيف والمشين، مضيفا أن الهدف من اجتماع هيئة كبار العلماء في السعودية هو إقرار وإصدار بيان يدين إدراج «التحالف العربي» في اليمن على القائمة السوداء، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.
وأمس الأربعاء، انتقد خطاب الموجه إلى «بان» من منظمات أبرزها «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» و«أوكسفام» الأمين العام للمنظمة الدولية الذي يمارس عمله في العام الأخير لولايته الثانية، وقال إنه انصاع للسعودية ولطخ إرثه.
وقالت المجموعة: «إذا رغب التحالف الذي تقوده السعودية في رفع اسمه من القائمة فعليه وقف قتل وتشويه الأطفال وقصف المدارس والمستشفيات في اليمن- وهي الانتهاكات التي بسببها أدرج بالقائمة». وجاء في خطاب المنظمات الحقوقية أن «الأدلة دامغة عن تورط التحالف بقيادة السعودية في انتهاكات صارخة ضد الأطفال في اليمن».