ذوو القربى أولى بالنحر عند متطلعي الانتساب لـ«الدولة الإسلامية»

السبت 25 يونيو 2016 01:06 ص

تحول حديث الرسول «الأقربون أولى بالمعروف»، عند متطلعي الانتساب إلى تنظيم «الدولة الإسلامية»، إلى جعلهم أولى بالنحر والطعن والضرب بالرصاص.

فأمس، شهد الخليج، حادثتين لقتل ذوي القربى، لجناه، يشتبه في اعتناقهم أفكارا متشددة، تنفيذا لتعليمات سابقة لتنظيم «الدولة الإسلامية».

الأولى في السعودية، حيث استيقظت الرياض على جريمة إرهابية مفجعة، هزت المجتمع السعودي، نفذها التوأمان «خالد» و«صالح»، ابنا «إبراهيم بن علي العريني»، إذ أقدما على قتل والدتهما (67 عاماً) طعناً بساطور وسكاكين حادة، ومحاولة قتل والدهما (73 عاماً)، وشقيقهما سليمان (22 عاماً)، بطعنات عدة، أدخلا على إثرها قسم العناية المركزة في أحد المستشفيات.

تفاصيل الجريمة المفجعة شهدها حي الحمراء، شرق الرياض، فجر الجمعة، حيث بدأت باستدراج التوأمين والدتهما إلى غرفة المخزن، إذ وجها إليها طعنات عدة بساطور وسكاكين حادة حتى فارقت الحياة، ثم توجها إلى والدهما وشقيقهما، كلٍّ على حدة، ليقوما بمباغتة والدهما بطعنات عدة، ثم اللحاق بشقيقهما سليمان وطعنه، ثم غادرا المنزل واستوليا على سيارة أحد المقيمين بالقوة وهربا.

غير أن الجهات الأمنية تمكنت من القبض عليهما في مركز الدلم بمحافظة الخرج (جنوب الرياض)، وما تزال التحقيقات جارية للكشف عن ملابسات هذه الجريمة الشنعاء، بحسب المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء «منصور التركي».

ووفق شهادات أحد سكان الحي، «علي العقيل»، فإن التوأمين كانا قليلي الاختلاط مع أقرانهما، حتى من أبناء الحي أو زملاء الدراسة، ولم يُشاهدا بشكل مستمر في المسجد أو مع أبناء الحي بشكل عام، مؤكداً أن الحادثة بمثابة الفاجعة، التي أصابت جميع سكان الحي، وخصوصاً أن الجناة فيها من أبنائه.

وأعلنت الداخلية بحسب بيان لها، ثبوت اعتناق مرتكبي الجريمة «خالد» و«صالح» المنهج التكفيري، بحسب صحيفة «الحياة».

أما إمام جامع الحي «عثمان المنيعي»، فغرد عبر حسابه في «تويتر» واصفاً الفتيين: «أنا إمام مسجدهم، ولكم أن تتخيلوا أنهم لا يشهدون الصلاة معنا، ووالدهم أول من يدخل المسجد، ووالدتهم صلت التراويح معنا».

وفي تغريدة أخرى قال: «والله إن قلبي يتقطع ألماً وحرقة على جارنا الشيخ الصالح، وتلك المسنة التي تربي طفليها ثم يكونوا داعشيين يقتلون والديهم».

وتزامنا مع فاجعة السعودية، كانت هناك حادثة أخرى في الكويت، حيث نحر مواطن كويتي في العشرينات من عمره، أخاه.

وبحسب التحقيقات، فقد واتهم الجاني شقيقه المجني عليه بـ«الإلحاد»، مبررا أن ما دفعه لارتكاب جريمته هو أن شقيقه «لم يكن يؤدي الصلوات، ولا يبالي بالصوم»، وذلك حسب ما ذكرت صحيفة «الأنباء» الكويتية.

وأشارت الداخلية في بيان أمس إلى أن أحداث الجريمة وقعت في منطقة مبارك العبدالله فجر الجمعة، وأفضت إلى مقتل شاب عثر عليه والداه منحوراً في ديوانية منزلهما، حيث أبلغا أجهزة الأمن، مضيفة أن الأجهزة المختصة عاينت الموقع ورفعت الأدلة وعملت على تحريرها.

وأوضح البيان أن رجال المباحث لاحظوا وجود بعض الجروح في مناطق متفرقة من جسم أخ القتيل، مضيفاً أنه عند سؤاله عن سبب الجروح أفاد بأنه سقط من دراجته النارية، غير أنه بتكثيف التحقيق معه أقر أنه من أقدم على قتل أخيه بتوجيه طعنات عدة قاتلة له، ثم نحره بسكين أخفاها في منطقة صحراوية، وعثر عليها محروقة مع بعض الممتلكات تخص القتيل.

حوادث متكررة

وعلى رغم أن جريمة المملكة لم تكن الأولى في تاريخ التنظيم، فإنها كانت الأكثر دموية، نظراً إلى استهداف الجناة أسرتهم بالكامل، ابتداء بوالدتهم المسنة، بعد استدراجها في مستودع المنزل، ثم والدهم، وأخيراً شقيقهم الأكبر.

وجاءت مع قرينتها في الكويت، هاتين الجريمتين، لتواصل سلسلة سجلها متشددون مع ذوي القربى من أهلهم، متبنين فكر تنظيم «الدولة الإسلامية»، رغبة في تصدر صفوف التنظيم في مناطق سيطرته.

فشرارة مسلسل الغدر بذوي القربى، بدأت بعد قتل «جراح الأنصاري» سوري الجنسية، والده نحراً بتهمة «الردة»، ما جعله يتقدم قيادياً في صفوف التنظيم، ليكون أحد كبار قادتها، مسطرا خطوط تبناها مراهقون تعاطفوا مع التنظيم، ليختاروا منازلهم والطرق السريعة مسرحاً لتلك الجرائم، وأقاربهم ضحايا لها.

ففي 14 من يوليو/ تموز 2015، بادر مطلوب أمني بإطلاق النار على والده وهو يكبّر، خلال عملية دهم أحد المنازل التي كان يتحصن بها، وذلك في محافظة خميس مشيط (جنوب السعودية).

وبعد هذا الحادث بيومين، والذي تزامن مع مطلع شهر رمضان العام الماضي، أقدم مراهق على قتل خاله، الذي يعيش في كنفه مع والدته، العقيد «راشد الصفيان» قبل الإفطار بأربع رصاصات و10 طعنات، ثم فجّر نفسه بالقرب من نقطة تفتيش أمنية بمنطقة الرياض.

كما أقدم أيضاً شابان آخران على قتل ابن عمهما العسكري «مدوس العنزي»، الذي يسكن معهما في المنزل ذاته، بطلقة نارية في رأسه، بعد استدراجه في رحلة صيد برية بمدينة حائل شمال المملكة، وذلك في أول أيام عيد الأضحى الماضي في 24 سبتمبر/ أيلول 2015.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، قتل أحد عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» والدته أمام جمع من الناس في وسط مدينة الرقة في شمال سوريا بعدما طلبت منه التخلي عن التنظيم.

وامتداداً لتلك الجرائم، قُتل أيضاً الوكيل رقيب «بدر الرشيدي» أحد منسوبي قوة الطوارئ الخاصة بمنطقة القصيم على يد ستة من أبناء عمومته، بعد استدراجه على طريق الرياض - القصيم، أواخر فبراير/ شباط  الماضي.

تنظيم «الدولة الإسلامية» جعل من «دماء الأقارب» قرباناً، يهيئ المتعاطف لدخول دائرة التنظيم، وربما قيادتها، إذ قدم تلك العقيدة على اللحاق بصفوفه في مناطق الصراع، ودعا التنظيم المتعاطفين معه إلى «البراءة من أهلهم وذويهم»، وذلك في إصدار مرئي للتنظيم ظهر في مارس/ آذار ٢٠١٥، أنتجه ما يسمى بـ«»المكتب الإعلامي لولاية بركة»، وجاء في المحاضرة الدعوية التي يرجح أن ملقيها سعودي الجنسية، دعوة للمناصرين «للبراء من أهلهم أولاً»، معتبرين أن ذلك من «المعروف» الذي جاء في القول المأثور «الأقربون أولى بالمعروف»، وقتلهم ثانياً، وتخصيص القتل للأهالي الموظفين في السلك العسكري!.

سيكولوجية المنضمين

«أحمد الموكلي» باحث في الشؤون الأمنية، قال إن تنظيم «الدولة الإسلامية» بحث في إدارة سلوك المتعاطفين والمنضمين إليها، ودرس بشكل جيد سيكولوجية الشباب وكيفية جذبهم إلى عالم التنظيم وإدارة سلوكهم.

وقال إنه «في مايو/ أيار 2015، نشر تنظيم داعش تسجيلاً مرئياً لبعض أعضائه وهم يطلبون من المنتمين والمؤيدين لتنظيمهم في المملكة، بأن يتبرؤوا من أقاربهم ومن ثم قتلهم بما في ذلك الوالدين».

وأضاف: «من اطلع على هذا المشهد لم يكن يساوره الشك حينها أن الدعوات والمطالبات التي حملها أولئك في المقطع المرئي هي فعلاً تنم عن جهل بالدِّين، وأنهم يخوضون في ما لا يعلمون، بل أن ما جاء على لسانهم لن يجد آذاناً صاغية، لأن العقل والقلب لا يقبلان ذلك، لكن بعد حادثة قتل (داعشيين) توأم والدتهم وإصابة بقية أفراد أسرتهما يضع كثير من علامات الاستفهام، ويجعلنا نتساءل؛ ما القوة الخارقة والمؤثرة التي يمتلكها التنظيم، حتى يصبح مؤثراً بهذا الشكل؟»

وتابع الباحث في الشؤون الأمنية: «لا شك في أن الدول الإسلامية، وقبله القاعدة، درسا جيداً سكيولوجية أهدافهما، وعرفا كيف يجترونهم إلى عالمهما، وإدارة سلوكهم، إذ ركز هذا التنظيم على أركان رئيسة تمثلت بالفتوى، ولي أعناق النصوص ليستبيح دماء المسلمين بما في ذلك الأقارب، وهو ما كرره التنظيم وشدد عليه في إصدارته المتنوعة وخطابات قادته».

وضرب المثل بـ«أبو محمد العدناني» المتحدث باسم التنظيم، والشعارات البراقة التي أهمها إقامة دولة «الخلافة الإسلامية» التي روج لها التنظيم، وحقق جزءاً من هذا الحلم حين سيطر على مساحات كبيرة في سوريا والعراق، ما أشعر المترددين من المتعاطفين مع هذا التنظيم بتصديق إدعاءات ومزاعم قادته نحو تحقيق دولة الخلافة.

استنكار واسع

وشهدت هذه الجريمة، استنكار واسع على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حيث طالب مغردون بإيقاع أشد العقوبات على الجناة، وتشديد الرقابة على الخطب الدعوية، والمناهج الدراسية، إضافة إلى المواقع الإلكترونية المحرضة، والتي تستهدف الشباب والمراهقين.

وشهد موقع التواصل الاجتماعي، تعبيرات ساخطة وتغريدات مستنكرة للجريمة الدموية، التي ارتكبها شابان في مقتبل العمر، إضافة إلى تحذيرات واسعة من الانقياد لتلك الأفكار الضالة، وتشديد الرقابة على الأبناء.

الحادثة السعودية التي حصلت بـ«وسومها» المختلفة على «التوجه الشعبي» الأعلى في «تويتر» تفاعل معها الدعاة والأكاديميون والمغردون الشباب، كما دان عدد من مسؤولي الدول الخليجية والعربية الحادثة.

ودعا عدد من المغردين إلى التعاون مع رجال الأمن، لتجنب مثل هذه الحوادث مستقبلاً، وذلك بالإبلاغ عن الأقارب المتعاطفين مع التنظيمات الإرهابية والأعمال المُشتبه بها، عبر خدمة الرقم المجاني والبريد الإلكتروني والفاكس، التي أعلنت وزارة الداخلية تفعيلها أخيراً، ودعت إلى «عدم التردد في الإبلاغ حتى لو كان اشتباهاً أو شكاً».

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية النحر ذوي القربي السعودية الكويت

‏الكويتي ناحر شقيقه مبررا جريمته: «لم يكن يؤدي الصلوات ولا يبالي بالصوم»

الرياض .. شابان ينتميان لـ«الدولة الإسلامية» يقتلان والدتهما ويصيبان والدهما

«ولاية سيناء» يبث الإصدار الثاني من «صولة الأنصار» ويتوعد «السيسي» بالذبح

«حزب الله» يذبح 4 من «لواء الأنفال» سلموا أنفسهم للدفاع الوطني السوري

قيادي في القاعدة باليمن ينتقد الذبح بوصفه مناقضا للإسلام

سجن سعودي 11 عاما لتأييده «الدولة الإسلامية» وتهديد رجال الأمن

الحرس العائلي!

لبناني ينحر زوجته لرفضها تنفيذ عملية انتحارية بسوريا

«عشريني يقتل والدته» وسم مستنكر للجريمة وشارح لطرق الدفاع على النفس

تحت تأثير المخدرات.. سعودي ينحر والده السبعيني بآلة حادة