تصاعد الاغتيالات بين رموز التيار السلفي يجدد الشكوك حول أجندة الإمارات في جنوب اليمن

الاثنين 25 يوليو 2016 07:07 ص

بعد انخفاض نسبي لحوادث الاغتيال خلال الأشهر الأخيرة، عاد شبح الاغتيالات مجدداً في مدينة عدن ومدن أخرى جنوبي اليمن، مستهدفة بشكل أساسي الدعاة السلفيين، حيث شهدت محافظتا عدن ولحج عملية اغتيال ومحاولتين أخريين فشلتا استهدفت جميعها دعاة وخطباء جوامع سلفيين.

وأوضحت مصادر محلية في عدن، أن إمام مسجد الحسني في محافظة لحج، شمال عدن، الشيخ «بشار السلفي»، أُصيب بجروح بين المتوسطة إلى خطيرة، نُقل على أثرها إلى عدن للعلاج، جراء محاولة اغتيال نفّذها مجهولون.

وجاءت العملية بعد ساعات فقط، منقوات محاولة اغتيال تعرض لها، إمام جامع الفاروق، في منطقة دار سعد، شمال عدن، عائد خطيب، ونتج عن العملية إصابته إصابة حرجة.

ووقعت العمليتان، بعد حادثة اغتيال إمام وخطيب مسجد الرحمن، «عبد الرحمن الزهري»، فجر الجمعة، بالقرب من منزله في مديرية المنصورة.

 و«الزهري» من الدعاة السلفيين المعروفين في عدن. كما اغتيل، يوم الخميس، قيادي سلفي آخر في المقاومة الشعبية بعدن، وهو فائز الضبياني، وذلك بواسطة عُبوة ناسفة زُرعت في سيارته.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال «الزهري» والمحاولتين اللتين استهدفتا عائد خطيب في عدن والسلفي في لحج ، لكن تنظيم “الدولة الإسلامية» تبنى عملية اغتيال الضبياني، وبرّر سبب اغتياله بأنه “عميل للتحالف، في إشارة إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

ويشير مصدر سلفي لصحيفة العربي الجديد إلى أن معظم الشخصيات السلفية المستهدفة، تنتمي للتيار الدعوي، الذي يرفض الدخول في العمل السياسي ويشدد على طاعة ولي الأمر. وأغلبهم كذلك من خريجي المدارس السلفية المعروفة لهذا التيار. وأبرزها معهد دماج الذي كان في محافظة صعدة، وأغلقه الحوثيون بعد حرب وحصار للسلفيين في المنطقة استمرا أشهراً، انتهى بنزوح السلفيين في يناير/كانون الثاني 2014.

دور السلفيين

وأدى السلفيون عموماً دوراً بارزاً في المواجهات مع الحوثيين، وأنصار الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في عدن، بين شهري مارس/آذار ويوليو/تموز 2015.

وكان لهذا الأمر بصمته بعد الحرب، من خلال وزير الدولة المثير للجدل، هاني بن بريك، وتياره الذي أسس ما يُعرف بقوات الحزام الأمني، المسؤولة عن تأمين مداخل عدن، وتدعمها الإمارات، بوصفها الدولة التي تسلمت الترتيبات السياسية والأمنية في المحافظات الجنوبية عقب تحريرها من الانقلابيين.

وتفيد بعض المصادر السلفية بأن الشخصيات المستهدفة من الاغتيالات ليست من المرتبطين ببن بريك، بل إن بعضها على خلاف معه.

من جهته، اعتبر الناشط السلفي، «يوسف الشبيلي»، أن مخطط تصفية علماء ورجال الدعوة السلفية في المحافظات الجنوبية لليمن، يهدف لإفراغ الساحة منهم وإفساح المجال للدعوات التي وُصفت بالمنفتحة، والتي لا ترفع للمخالفات الدينية رأساً. بالإضافة إلى دفع السلفيين إلى حمل السلاح كي يتم حشرهم في زاوية الإرهاب، ثم تتم محاربتهم».

كما رأى أن «المخطط يهدف أيضاً لضرب السلفيين ببقية الجماعات الإسلامية، من خلال اتهام جماعات أخرى بالوقوف وراء تصفيتهم، وكذلك فصل سلفيي الجنوب عن سلفيي الشمال».

وكان مسلسل استهداف الدعاة السلفيين في عدن، قد بدأ في الأشهر الماضية، بعد أن شهدت المدينة العديد من الاغتيالات، أبرزها استهداف الشيخ سمحان عبدالعزيز، المعروف بـ”الشيخ راوي»، في يناير/كانون الثاني الماضي وكان عبدالعزيز أحد قادة المقاومة في منطقة البريقة.

كما اغتيل في فبراير/شباط الماضي، الشيخ «عبدالرحمن العدني»، وهو أيضاً من الدعاة السلفيين المعروفين في عدن.

وجاءت الحوادث الأخيرة في عدن، متزامنة مع عودة لافتة لملف الاغتيالات، حيث اغتيل، الأحد، شخص برصاص مجهولين بينما كان يقود سيارته، في مديرية الشيخ عثمان، فضلا عن محاولة اغتيال استهدفت محافظ عدن، عيدروس الزبيدي»، ومدير أمن المدينة شلال علي شائع (تبناها تنظيم القاعدة)، كما شهدت المدينة هجوماً بقنبلة يدوية ألقاها مجهولون في بوابة مطار عدن.

ورأى مراقبون أن هذه الاغتيالات تجدد الشكوك حول دور الإمارات في اليمن من خلال استهداف التجمع اليمني للإصلاح والتيار السلفي.

خطة الإمارات

وحمل نشطاء يمنيون شهر مايو/ أيار الماضي الإمارات مسؤولية مقتل «محمد بارحمة» أحد قيادات المقاومة بمحافظة شبوة تحت التعذيب بعد أن اعتقلته قواتها، في حادثة اعتبرت وقتها كاشفة لخطة الإمارات في مواجهة «التجمع اليمني للإصلاح» و«التيار السلفي» الموالي للمملكة، ومحاولاتها لتكوين جبهة دينية موالية لها.

 ومنذ أن أعلنت أبوظبي شهر أبريل/ نيسان الماضي شن حملة عسكرية ضد تنظيم القاعدة في حضرموت والمكلا، أصيبت المدينتان بفوضى أمنية عارمة وتغول قوات يمنية تم تدريبها وتأهيلها إماراتيا وتحمل عقيدة أبوظبي الأمنية التي تعادي كل تيارات الإسلام الوسطي بذريعة مكافحة تنظيم الدولة والقاعدة.

وشنت قوات إماراتية ويمنية دربتها الإمارات حملة اعتقالات واسعة، شملت علما سلفيين ووجهاء المدينة بزعم انتمائهم للقاعدة وقد تعرضوا للتنكيل والتعذيب ومنهم«بارحمة».

وطالت حملة الاعتقالات واسعة، قياداقت بارزة في التيار السلفي، بينها شخصيات دينية مؤثرة بذريعة مكافحة «الإرهاب»، أهمها الشيخ، «عبدالله اليزيدي»، أحد علماء حضرموت، ورئيس جمعية الإحسان السلفية، والداعية «أحمد بن علي برعود»، خطيب جامع الفرقان ببلدة الشحر، وخطيب إمام جامع القدس، «ناصر السعدي»، في نفس البلدة، وكذا اعتقال «محمد سعيد باصالح»، شيخ سلفي، في مدينة المكلا، وفي عدن، اعتقل الشيخ «خالد النجار» إمام وخطيب مسجد الدعوة بدار سعد في المدينة.

وتسلمت القوات الإماراتية المتواجدة في المكلا منذ طرد القاعدة نهاية أبريل/نيسان الماضي، بعض القيادات التي جرى اعتقالها من قوات الشرطة في المدينة، وهو الأمر الذي أماط اللثام عن الجهة التي تقف وراء تلك الحملة.

ونقلت مصادر يمنية خاصة لـ«لخليج الجديد» أن الإمارات تنظم لقاءات فردية مع عدة رموز دينية بهدف بناء جبهة موالية لها، في مواجهة«القاعدة» و«التجمع اليمني للإصلاح» و«التيار السلفي الدعوي» الموالي للسعودية والمؤسسة الدينية في المملكة، حيث تعتبرهم جميعا خطرا واحدا لا يقل عن خطر الحوثيين. 

وكشفت المصادر أن مركزا للتحكم تديره أبوظبي من جزيرة سقطرة - على الأرجح - بدأ حملة لتتبع قيادات إسلامية سلفية موالية للمملكة بالإضافة إلى قيادات التجمع اليمني للإصلاح.

وكان ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» قد أعلن عن تخصيص 20 مليون دولار الأحد للمكلا وعدن لدعم الأجهزة الأمنية والمخابرات.

ونشبت خلافات حادة بين الرئيس «عبد ربه منصور هادي» وبين أبوظبي على خلفية الدور الذي تلعبه الأخيرة في اليمن والذي بات محط اتهام قطاعات واسعة من اليمنيين الذين يعتبرونه امتدادا للاحتلال الحوثي، على حد تعبيرهم، متوعدين بمقاومته كما قاموا التمرد الحوثي.

وأصدر تنظيم القاعدة في اليمن بيانا توعد الإمارات بالانتقام بسبب الحملة التي شنها على المنطقة ودفع التنظيم على الانسحاب منها، وفقا لبيان التنظيم.

وحمل إماراتيون مسؤولية هذا التهديد والاشتباك إلى ما أسماه ناشطون إلى المغامرات العسكرية في اليمن والتي تجاوزت الدور الذي منحه الإماراتيون غطاء شرعيا ما دام أنه كان يستهدف إعادة الشرعية ومواجهة أحد الأذرع الإيرانية.

وطالب نشطاء أن يقتصر الدعم الشعبي الإماراتي لمشاركة القوات الإماراتية في اليمن على دعم عاصفة الحزم وليس الانحراف بها لخوض معارك مفتوحة مع منظمات العنف والتطرف التي لا تكترث لدماء أبرياء، خاصة أن الرئيس «هادي» استنجد بدول الخليج ضد الانقلاب والتمرد وليس أي شيء آخر، حتى باتت الصحف العالمية تصف القوات الإماراتية في اليمن بأنها الحاكم الفعلي بعد تجاوز أدوارها.

ورأى نشطاء أن هذه السياسات إنما تؤدي إلى فقدان الإماراتيين للأمن والأمان سواء داخل الدولة أو خارجها، معتبرين أن مكافحة القاعدة وغيرها هو شأن يمني داخلي ليس للتحالف علاقة به.

وتسعى أبوظبي من هذا الدور المغلف بمحاربة القاعدة إلى تضييق الخناق والقضاء على رجال المقاومة المحسوبين على التجمع اليمني للإصلاح استباقا لأي دور لهم سياسي في اليمن خاصة بعد إظهار الرئيس «هادي» اعتماده على إصلاحيي اليمن بصورة كبيرة من خلال إقالة من يوصف رجل أبوظبي في اليمن «خالد بحاح» وتعيين المقرب من الإصلاح محسن الأحمر في المنصب الثاني في الدولة عسكريا ومدنيا.

  كلمات مفتاحية

اليمن السلفيين الإمارات السعودية

السعودية ودعم السلفية عالميا

مقتل قيادي في المقاومة اليمنية يكشف حرب الإمارات على «التيار السلفي» و«تجمع الإصلاح»

القوات الإماراتية تقود حملة اعتقالات واسعة للتيار السلفي في الجنوب اليمني

«مجتهد»: أبوظبي تتبنى الانفصاليين في جنوب اليمن وترفض تسليم أسلحة للمقاومة

مسؤولية السلفيين المعتدلين تجاه التطرف

اغتيال قيادي بارز في حزب «التجمع اليمني للإصلاح» شمالي البلاد

«مجتهد»: الإمارات تسيطر على منفذ الوديعة تمهيدا لفصل جنوب اليمن