حملة تمديد رئاسة «السيسي».. بين الإفلاس السياسي والانهيار الاقتصادي

الثلاثاء 9 أغسطس 2016 08:08 ص

انطلقت في مصر حملة لجمع 40 مليون توقيع بهدف تمديد الفترة الرئاسية للرئيس «عبدالفتاح السيسي» إلى 8 سنوات بدلا من 4 سنوات، وهو ما أثار غضب عدد كبير من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن هذا لم يحدث في عصر «مبارك».

وبدأت الحملة مهمتها من صعيد مصر حيث استطاعت جمع ما يصل إلى 120 ألف توقيع حتى الآن، وفق تصريحات القائمين عليها.

وقال «ياسر التركي»، منسق الحملة في بيان له، إنه تم تشكيل مجلس إدارة للحملة للتنسيق مع كل محافظات مصر، والحصول على توقيع المصريين على هذه الاستمارات، وإعادة تجميعها بواسطة أعضاء الحملة المنتشرين في المحافظات المختلفة.

من جهته، أعرب الدكتور «عصام حجي» العالم في وكالة الفضاء «ناسا» عن رفضه للدعوات التي أطلقت لتمديد فترة «السيسي» الرئاسية لمدة 8 سنوات.

وقال في بيان له إن «المبادرة تتابع الأخبار المنتشرة في الصحف والمواقع عن وجود نية لدى مجموعة من الناس مدعومة بأجهزة في الدولة لتدشين حمله تستهدف جمع ملايين التوقيعات مفادها المطالبة بتمديد فترة الرئاسة لثماني سنوات بالمخالفة للدستور».

وأضاف: «إذا صدق ذلك فالمبادرة تعلن رفضها التام لتغييب الرأي العام ومحاولات البقاء دون انتخابات ورسم شعبية زائفة لرموز تخطتها طموحات المصريين في دولة تحارب الفقر والجهل والمرض».

وتابع: «ستقوم المبادرة بالتنسيق مع كل قوى التغيير بجمع توقيعات عن طريق هذه الصفحة وسيتم تحضير عريضة بذلك خلال الساعات المقبلة».

بدوره، سخر الإعلامي «باسم يوسف» من الحملة وقال في تغريدة عبر حسابه الشخصي في «تويتر»: «أحب أسجل تأييدي لهذه المبادرة العظيمة، وليه 8 سنين بس يا ريس ما أنت قاعد معانا.. ماهو بيتك».

وسخر الدكتور «محمد محسوب» وزير الشؤون القانونية الأسبق، من الحملة وقال عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك»: «ما يتم الآن من جمع توقيعات للتمديد يفضح ما يعرفه الجميع.. إن السيسي لن يتخلى عن سلطة لا بانتخابات 2018 ولا 2026».

وقال الصحفي «هيثم محمد»: «ما أعرفه أن من يريد الحكم فليذهب إلى صناديق الانتخابات.. أما حملات جمع التوقيعات لفرض واقع من مجموعة ما على الكل.. فهذا استهزاء بالمواطنين، ومن يثق في ذاته سواء كان رئيس أو غيره هايشتغل وهيكمل».

وقال الناشط «محمد شعبان»: «40 مليون بس.. ليه؟!! والمفترض مع الانجازات اللي شايفينها واللي لا ينكرها إلا جاحد يكونو وصلو 50 ع الأقل، والأمر الثاني: احنا نسيبنا بقي من قصة دولة القانون والديمقراطيات والتداول السلمي للسلطة ونمشيها مرة بلد توقيعات».

وقالت «سها الشيخ»: «ليه تعمل انتخابات في 2018 وانت تقدر تعمل «تمرد- تو»، تجيب لك 40 مليون توقيع، وتمد 8 سنين، من غير انتخابات ولا وجع دماغ؟».

احتراف الفشل

وكان «السيسي» انتقد ما وصفه بالتشكيك في كل إنجاز تحققه البلاد في المجالات المختلفة، وطلب من المصريين التبرع لاستكمال مشروع جامعة زويل الذي بدأه العالم المصري الراحل «أحمد زويل».

وخلال العامين الماضيين أغرقت السلطة المصريين بدعاية لما سمتها مشاريع قومية روجت لها باعتبارها ستنتشل البلاد من حالة التدهور الاقتصادي، لكن ما تحقق منها لم يؤت ثماره المرجوة، فضلا عن أخرى لم تنفذ من الأساس.

وبعد مضي عامين على ولاية «السيسي»، فوجئ المصريون بأنهم مطالبون بدفع فواتير تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كان أولها تخفيض الدعم بالموازنة المصرية على الوقود والسلع الغذائية وبنود أخرى بنحو 51 مليار جنيه (5.7 مليارات دولار).

واعتبرت مسؤولة الملف المصري في منظمة «هيومن رايتس مونيتور»، «سلمى أشرف»، أن العام الثاني من رئاسة «السيسي» للبلاد شهد توحشا للدولة واستعداء للجميع دون استثناء، وأسوأ انتهاكات للحقوق والحريات في مصر.

وتزايدت شكوك «السيسي» في وسائل الإعلام الداعمة له بعد مرور عام على توليه السلطة، وذلك مع ظهور حالات تبرم لدى هذه الصحف والقنوات، وسماحها بظهور أصوات ناقدة له بعد أن وجدت نفسها تدفع ضريبة لم تكن تتوقعها من حريتها وحرية العاملين بها، وهي التي كانت تتوقع مكافأتها من النظام الجديد كما كان ملاكها يتوقعون مكافأتهم من النظام الجديد فإذا به يطالبهم بدفع تبرعات إجبارية ضخمة للصناديق التي أنشأها مثل صندوق «تحيا مصر».

وعدد القيادي في حركة «6 أبريل» الشبابية «شريف الروبي»، خطايا النظام التي تعجل بسقوطه قبل أن يتم عاميه الباقيين، ورصدها في الكذب والبيانات المغلوطة والخطابات العاطفية التي لم تعد تقنع أحدا، مع عودة الفساد والانتهاكات بشكل أكبر وأبشع مما كان، غير أن سقوط النظام لن يكون قريبا في تقدير «الروبي»، بالنظر إلى تفتت قوى الثورة وتصارعها.

وأفل عدد من أبرز داعمي «السيسي» خلال عامه الثاني من توليه منصب الرئاسة، كالوزيرين السابقين «أحمد الزند» و«صلاح هلال»، والإعلامي «توفيق عكاشة» وإعلاميين آخرين، بعد أن قرر النظام التخلص منهم وإخراجهم من المشهد السياسي.

وقال تقرير «بلومبرغ» الصادر حديثا إن مصر رابع أكبر مستورد للسلاح عالميا في 2015 بـ2.3 مليارات دولار، بعد ثلاث من أغنى دول العالم، وهي السعودية والهند وأستراليا، بينما كشف أحدث تقرير لـ«البنك المركزي المصري» أن حجم الدين العام المحلي تخطى 2.7 تريليون جنيه، بينما بلغ حجم الدين الخارجي 54 مليار دولار.

ووثق تقرير أصدره «مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب» ما وصفها بجرائم أمنية وانتهاكات لحقوق الإنسان وقعت خلال عامين من حكم «السيسي».

وعدد التقرير المئات من حالات القتل والوفاة في أماكن الاحتجاز، بالإضافة إلى حالات تعذيب فردي وجماعي، فضلا عن حالات الإهمال الطبي في أماكن الاعتقال.

واتهمت «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في بريطانيا أجهزة الأمن المصري بانتهاج عملية تصفية جسدية خارج إطار القانون بحق مواطنين مصريين، وتعاونها في ذلك الأجهزة القضائية التي ترسخ سياسة الإفلات من العقاب.

وتورطت مصر في أزمات إقليمية ودولية أدت بها إلى نتائج كارثية بالتوازي مع الأزمات الداخلية التي شهدتها البلاد على مختلف الأصعدة خلال عامين من حكم «السيسي».

ويعد ملف سد النهضة الإثيوبي أبرز الأزمات التي فشلت مصر في إدارتها خلال العامين الماضيين، فبدلا من أن تكرس دبلوماسية «السيسي» جهودها في الوصول إلى اتفاق مع أديس أبابا يحفظ حق القاهرة في حصتها من مياه النيل والتي ستنخفض بعد تشغيل السد، كانت الجهود تسير عكس الصالح المصري.

إضافة إلى قضية جزيرتي تيران وصنافير وأزمة الدولار وغيرها من الملفات الشائكة، الممنوعة من التداول في الإعلام المصري، ليس نتيجة الرقابة الذاتية فقط، بل نتيجة أوامر أمنية وسيادية مصرية.

ومع  حلول الذكرى الثانية لتولي «السيسي» رئاسة مصر، أعلنت وزارة الداخلية عن إنشاء سجن جديد يدعى «سجن العبور المركزي»، ليكون السجن الحادي عشر الذي يصدر قرار بإنشائه خلال ثلاثة أعوام، أي منذ استيلاء «السيسي» على السلطة يوم 30 يونيو/حزيران 2013 وإعلانه ما يسمى «خطة خارطة المستقبل».

وخلال عامه الثاني في المنصب، شهدت مصر انتخاب برلمان جديد موال للرئيس، هو الأول منذ برلمان الثورة وانتخاب الرئيس المعزول «محمد مرسي» كأول رئيس مدني في تاريخ البلاد، كما شهد ملف الحريات السياسية والإعلامية تدهورا مستمرا مع استهداف الحكومة وأجهزتها الأمنية نقابة الصحفيين، إلى جانب تستر النظام على ملف الفساد الحكومي عبر عزل رئيس «الجهاز المركزي للمحاسبات» المستشار «هشام جنينة»، وملاحقته قضائيا.

ولا يزال الإعلام المصري يحتفل بالذكرى الأولى لإنشاء تفريعة جديدة لقناة السويس، وكأن شيئا لم يكن، إذ كان من المفترض أن تحقق عوائد بقيمة 100 مليار دولار سنويا، ولم يتحقق شيء من ذلك، بل على العكس انخفضت إيرادات القناة الإجمالية ولم تقف حتى عند مستوياتها السابقة.

وخلال كلمة بمناسبة مرور عام على افتتاح المشروع، قال «السيسي» إن من يتحدثون عن خسائر قناة السويس لا يعرفون كيف يتم التعامل مع إيرادها، واكتفى «السيسي» بهذه العبارة في خطابه، ولم يكشف في المقابل عن حقيقة إيرادات القناة أو خسائرها.

وجاء الاحتفال بالتفريعة الجديدة على وقع أرقام رسمية تؤكد تراجع إيرادات القناة، رغم تأكيدات سابقة من «السيسي» أن المشروع غطى تكاليفه في أيام قليلة.

واكتفى «السيسي» الذي كان قد اعترف مؤخرا بأن هدف المشروع هو رفع معنويات الشعب، بالتلاعب بالكلمات عندما تحدث عن أرباح المشروع، وتجاهل أن الإحصاءات الرسمية هي التي أكدت انخفاض إيرادات القناة منذ الأسابيع الأولى.

ولا تعد حملة التوقيعات الجديدة هي الأولى، حيث أطلقت نفس الحملة في العام الماضي من محافظة المنيا، وأعلنت آنذاك جمع 2 مليون توقيع لمد رئاسة «السيسي» إلى 8 سنوات.

وقال «ياسر التركي» مؤسس الحملة إن الهدف من جمع التوقيعات والمطالبة بمد الفترة الرئاسية لـ«السيسي» هو عدم تحميل موازنة الدولة أعباء جديدة من خلال انتخابات رئاسية جديدة، بالإضافة إلى استكمال الخطوات والطريق الذي رسمه «السيسي» سواء على الصعيد الدولي أو المحلى.

إلا أن الحملة لقيت استنكارا شديدا في الشارع المصري، ومطالبة بضرورة حل المشاكل التي انتخب من أجلها «السيسي»، وأن يوفر الحياة الكريمة للبسطاء ومحدودي الدخل وأن يوفر الأمن للمواطنين، بالإضافة إلى حل مشاكل ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز ومياه الشرب.

وانطلقت مطالبات بضرورة أن يكون للشعب حق تقرير مصير الرئيس سواء بالتمديد لفترة جديدة أو الرحيل وكل هذا تحت إشراف صندوق الانتخابات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي الرئاسة

«إيكونوميست»: تدمير مصر.. «السيسي» يؤجج الانتفاضة القادمة

أزمات «السيسي» وإدارته الفاشلة.. خارج التغطية الإعلامية وتحت هيمنة النظام

الأقباط لـ«السيسي»: أيّدناك وخدعتنا .. ونخشى خطرا طائفيا

تسريب وثيقة لمخابرات «السيسي» تكشف وسائل تخدير المصريين واحتواء غضبهم

«رويترز»: أفول نجم «السيسي» مع تراكم المشكلات في مصر

الاقتصاد المصري وتحديات الإصلاح

‏باحثة بمعهد «كارنيغي» تنصح «السيسي» بعدم الترشح للرئاسة عام 2018

الإماراتي «عبدالخالق عبدالله»: عواصم خليجية نصحت «السيسي» بعدم الترشح للرئاسة مجددا

«السيسي» يلوح بإجراءات صعبة لوقف تدهور الاقتصاد

«السيسي» يواصل سرقة الإنجازات ويفتتح مشروعا قام بتدشينه «مرسي»

الصين توقف منح تأشيرات للمصريين بطلب من القاهرة حتى انتهاء زيارة «السيسي»